درجة حرارة الأرض تزداد 3 درجات فى 2100 .. والكمامات ستلتصق بنا من 2030 مساحات واسعة من الكوكب يهجرها البشر خلال 5 إلى 10 سنوات على الأكثر تكاليف ما سنأكله ستتضاعف – إذا ما وجدناه – وكثير من الأنشطة البشرية ستختفى كارثة المناخ تدفع الناس إلى الرياح وسيعيشون من جديد فى قبائل صغيرة تعانى من الحر فى وقت يذوب فيه الجليد شركات تأمين أمريكية أشهرت إفلاسها لعجزها عن تعويض ضحايا العواصف والأعاصير فوربس : صناعة الصيد البحرى ستخسر سنوياً 10 مليارات دولار بحلول 2050 صنوف البروتين الحيوانى ومنتجات الألبان ستتلاشى من موائدنا والوجبات الجاهزة ضحية الضرائب التباعد الاجتماعى سيستمر طوعاً ثم كرهاً خلال العقود الثلاثة المقبلة - لأن أمراض الجهاز التنفسى ستتكفل بتدميرنا!! الحكومات ستلجأ لحظر أى تكنولوجيا تستبدل العنصر البشرى فى الإنتاج تفادياً لاندلاع ثورات شعبية.. تتبنى الأفكار الماركسية ! تكنولوجيا 6G تستثمر الذكاء الاصطناعى بحيث تختفى الحدود الفاصلة بين العالمين المادى والسيبرانى! فيجويريس : لا توجد أى فرصة لوقف سخونة الأرض .. ونحن نمضى ببطء لكن بثقة تجاه الانقراض البشرى مليار و200 مليون نسمة سيتشردون بحلول 2050.. غالبيتهم من باكستان وإثيوبيا وإيران 2.6 مليار نسمة يعانون شح المياه بحلول 2040 سيرتفع عددهم إلى 5.4 مليار نسمة أى أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية لم يعد هناك أحد فى عالمنا اليوم بحاجة إلى تليسكوب للتجسس على المستقبل.. يكفى أن تفرك عينيك وتنظر جيداً إلى موضع قدميك، لترى بوضوح تام أدق تفاصيل العالم بعد 30 سنة. ولا يعنى هذا الكلام أن أوضاع العالم ستراوح مكانها، أو أن الجمود سيطال الملابسات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية التى تحيط بنا فى 2020.. لكن المقصود أن الجغرافيا التى نعيش عليها قد حسمت مستقبلنا، وحددت مواقع كل الفرص وكل المخاطر.. وقضت تماما على أى صلة تربطنا “بإمبراطورية الدهشة”! وكأى إمبراطورية فى التاريخ.. لم تنشأ الدهشة عن السطوة.. إنما بفعل الإذعان وكما زالت كل الإمبراطوريات فى القرون الغابرة.. انتهت دورة حياة الإذعان للابتكارات المدهشة، التى بدأت مع اختراع ماكينات الخياطة وانتهت باختراع الإنترنت، وبرغم أن كل ما تم اختراعه كان من رحم الاحتياج العسكري، أى كان تلبية لحاجتنا (للأمن).. فإن تطرفنا فى (تحويل الأفكار إلى وقائع) أفضى بنا إلى العكس، أى استبدال الوسائل بالغايات.. لدرجة استبدال ما هو افتراضى بما هو حقيقى، ما انتهى بنا إلى إنتاج البيانات عن أنفسنا وعن السلع والخدمات بأكثر من إنتاجنا لها، ثم تحويل هذه البيانات إلى (موارد) تفرض علينا إجراءات تلبى حاجتنا (للخوف).. وهى حاجة يتربح من ورائها من يتاجرون بالسلاح والمخدرات والعملات والمعادن والطاقة والأدوية.. لا من ينتجونها. سوق (الحاجة إلى الخوف) تأسس رسمياً ببداية هذا القرن، عندما سقطت السماء على برجى مركز التجارة العالمى فى مانهاتن بنيويورك فى 11 سبتمبر 2001، ومن يومها و(عولمة الخوف) هى المحرك الأساسى لسوق بيع السلع والخدمات وترويج منتجات الحريات المدنية والديمقراطية الليبرالية، وحتى الإرهاب والصراعات العسكرية من أجل الهيمنة على الموارد الطبيعية.. أى موارد (الجغرافيا) صاحبة النفوذ الوحيدة التى لا يمكن منازعتها.. أو حتى التفاوض معها.. والتى قررت أن ما ينتظرنا خلال 30 سنة مقبلة هو: الجوع والحرب والجفاف والغرق.. والفاشية أيضا. المثير بالفعل أن المماطلة قد باتت خياراً إستراتيجياً لعالم القرن الحادى والعشرين.. وكأننا نشترى الوقت لنلقيه فى البحر, فلا نحن ننتظر شيئاً بعينه، ولا نحن راضين عما وصلنا إليه، زواج الاتصالات بالمعلومات الذى بدأ فى سياق الحرب الباردة منتصف القرن الماضى بلغ مداه بالكامل، وبات يهدد الأمن القومى لكل دول العالم حرفياً، بينما تتلاشى فرص العمل والإنتاج والتنمية المستدامة لا ننتظر خلاصاً من أسر الإرهاب الرقمي. بينما ينكب العالم على ملاحقة سيول (الأوهام) التى تنهمر ليل نهار على منصات التواصل الاجتماعى فى الواقع الافتراضى.. لا يهتز لنا جفن بشأن (حقائق) التغير المناخى.. ذلك التغير الذى سيذهب بكل شيء.. بما فى ذلك آدميتنا ذاتها، وهو ما نراه اليوم رأى العين ينتظرنا بثبات فى 2050. مستقبل المخدرات الرقمية الحقيقة التى لا يمكن أن تخبرنا بها هواتفنا المحمولة التى (نظن) أننا نملكها، إن درجة حرارة هذا الكوكب آخذة بالارتفاع، وإنها ستزداد بنحو ثلاث درجات مئوية بحلول 2100.. وإننا بداية من 2030 سنواصل ارتداء الكمامات.. ليس اتقاءً لمزيد من فيروسات الكورونا، التى كممت أفواه العالم وحولتنا لكائنات بنصف وجه فى 2020.. وإنما تجنباً للتداعيات الكارثية لتلوث الهواء الحار على الجهاز التنفسى البشرى.. بعد أن تكون ثرواتنا السمكية والحيوانية قد نفق أغلبها.. مختنقا. فى 2050.. لن تختفى أعراض السعال البشرى الجاف فى أغلب جغرافيا العالم.. إذ لن يكون هناك موضع واحد فى البر أو البحر يلجأ الناس إليه بحثاً عن الهواء النقى، ونقصد بالنقى هنا نوعية الهواء الخالى من الفيروسات المحمولة، التى تتطاير من شرق العالم إلى غربه والعكس.. وكذا الخالى من الانبعاثات الحارة الخانقة.. وعوضاً عن أن يبدأ العالم يومه – كما اعتاد هذه الأيام – بالبحث عن الجديد والمثير والممتع على فيس بوك وتويتر وإنستجرام وتيك توك.. سيبدأ بالبحث عن (نوعية) الجو.. أسئلتنا ليست عن درجة الحرارة، وإنما درجة التلوث! وبحسب دراسة أسهم فى نشرها المنتدى الاقتصادى العالمى للباحثة كريستيانا فيجويريس فى مارس 2020 بعنوان ( المستقبل الذى نختاره) قالت : قد يبدو للناس ( فى 2050) أن الجو مشمس وصحو.. لكن الهواء الملوث ومستويات الأوزون السطحى المكثف سيجعل من الخروج للشوارع دون قناع مصمم خصيصا لهذه الحالات مخاطرة.. وهو قناع لن يقدر غالبية الناس على تحمل تكاليفه. بالمناسبة، هذه الباحثة هى الرئيس السابق لمؤتمر الأممالمتحدة للتغير المناخى، وهى للمفارقة صاحبة مؤسسة بحثية اسمها التجارى “شركة التفاؤل العالمى المحدودة”! بضاعتها إذن هى التفاؤل.. وإليكم العينة: لسوف تفقد دول جنوب شرق آسيا وإفريقيا الوسطى من الأرواح بسبب قذارة الهواء، ما هو أكثر من الأرواح التى ستزهق فى أوروبا والولاياتالمتحدة، ولن يعمل فى الخلاء إلا القليل من البشر، وحتى أولئك الذين يعملون داخل الأبنية سيعانون من تنفس هواء برائحة حامضية.. ولسوف تحمل الأمطار التلوث إلى الزراعات، مما سيؤثر بدوره على الإمدادات الغذائية. وكنتيجة لذلك ستنمو غالبية الزراعات تحت الصوبات لحمايتها من التلوث، وسيكون هذا هو الاتجاه السائد فى كل أشكال الزراعة.. وعلى مدار العقدين المقبلين ( أى حتى عام 2040) سترتفع درجات الحرارة فى بعض المناطق بصورة تخرج عن نطاق السيطرة، وسيتوقف المناخ عن امتصاص انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، بل سيقوم بردها إلينا.. لقد امتصت الغابات والمحيطات والنباتات والأشجار والتربة لعقود طوال نصف ثانى أوكسيد الكريون، ولأن الحرائق التهمت الكثير من الغابات فى العالم، يبدو أن مساحات واسعة من هذا الكوكب بفعل الحرارة ستخلو من القاطنين خلال 5 إلى 10 سنوات على الأكثر.. وبحلول العام 2100، فإن أستراليا وشمال إفريقيا وأجزاء واسعة من غرب الولاياتالمتحدة ستخلو من البشر! معنى الكلام، أن تكاليف ما سنأكله ستتضاعف – إذا ما وجدناه – وأن كثيراً من الأنشطة البشرية ستختفى بفعل ردع الطبيعة، لأى قرار تتخذه الكائنات الحية فى ممارسة وجودها الذى اعتادته لقرون، وأننا على مقربة سنوات نجد أنفسنا فيها وحدنا فى هذا العالم مع ثانى أكسيد الكربون وفقرنا وجوعنا وأمراضنا.. وبياناتنا الرقمية عن أسباب كل ذلك! ليس اكتشافاً أن العالم الرقمى الذى يعيش فى أذهاننا يخدعنا، وأنه محض صنف من المخدرات تنتجه شركات التكنولوجيا والاتصالات، لتستبدل ما هو افتراضى بالواقع الطبيعى.. للدرجة التى يصبح فيها محو بياناتنا الرقمية أعظم خطراً من محو بقائنا على الأرض، وتصبح سرقة معلوماتنا الشخصية لأغراض التجسس أو الترويج للسلع قضية تسمو فوق أى اعتبار لسرقة الجغرافيا ذاتها.. ويصبح معها انقطاع الإنترنت جريمة حرب، بينما انقطاع إمدادات الغذاء محض حادث طبيعى.. قضاء وقدرا! والسؤال: هل يمكن أن نتحرر من إدمان الوهم الرقمى بحلول 2050؟ وكيف سيتم ذلك؟ احتراق أصابع الرأسمالية سبق أن أقررت أن المستقبل تحت أقدامنا مباشرة.. أى فى الجغرافيا، هذا الشاهد الصامت الذى كان موجوداً منذ آلاف السنين، وسيظل موجوداً من بعدنا لآلاف أخرى، وإذا كانت جغرافيا المناخ قد حسمت قرارها بما يتعلق بسنة 2050 وأخبرتنا بعضاً من حقائق إعادة توزيع السكان على الأرض بسبب الحرارة والتلوث، فإن ما سيترتب على ذلك سيرسم لنا صورة أكثر عمقاً ودقة ووضوحاً. مقابل كارثة المناخ سيعتمد البشر أكثر على الرياح، وسيعيشون من جديد فى جماعات بشرية أقل حجماً.. قبائل صغيرة تعانى الحر، فى وقت يذوب فيه الجليد الذى كان يعكس ضوء الشمس وحرارتها، وتزداد فيه المحيطات قتامة من فرط امتصاصها لأكاسيد الكربون، فتمتص المزيد من الحرارة، بعد أن فقدت أكثر من 90 بالمائة من شعابها المرجانية حالياً، وحالياً أيضا، وفى القطبين الشمالى والجنوبى تزايدت بالفعل درجات الحرارة ما بين 6 إلى 8 درجات مئوية، وتتزايد ببطء فى كل يوم مناسيب ارتفاع ماء البحر، ما يهدد بالفعل وجود المدن الساحلية الحالية فى أغلب دول العالم، وتشهد حالياً بعض هذه المدن الساحلية فى بنجلاديش والمكسيك والولاياتالمتحدة، تضرراً فى بنيتها التحتية وفقداناً فى الأرواح والممتلكات، بسبب الأعاصير والعواصف المترتبة على ارتفاع حرارة سطح البحار والمحيطات، لكن الصورة التى لا يمكن تجاهلها، هى إعلان شركات التأمين عن إفلاسها، لعدم قدرتها على تعويض أصحاب البيوت المتضررة فى الولاياتالمتحدة ذاتها من جراء العواصف والأعاصير. الحرارة فى 2020 تنزف دماً ومالاً، فما الذى يمكن أن تنزفه أكثر فى 2050؟ على مدار العقد الماضى تشهد صناعة الصيد البحرى كوارث تنذر بانهيار تام فى الإمدادات بالأغذية البحرية، ففى دراسة صدرت فى 6 أكتوبر 2016 نشرتها مجلة فوربس قالت، إن صناعة الصيد البحرى ستخسر سنوياً 10 مليارات دولار لحساب التغير المناخى بحلول 2050.. وستواصل أسعار الغذاء بأنواعها ارتفاعاً، سيلتهم فى هذا التاريخ 30 بالمائة من ميزانيات الأسر.. ما سيدفع الناس حينها لزراعة ما يحتاجونه داخل بيوتهم ذاتها.. تلوث الهواء خارج البيوت سيحرمهم من الزراعة على الأسطح أو الشرفات، وعندما سنصل إلى منتصف القرن الحالى، لن نسأل عن سبب ارتفاع أسعار الغذاء، لأن تكاليف إنتاجه ستكون مبررة، الماء والتربة والوقت والجهد كل منها سيكلف الكثير، لهذا السبب ستتلاشى صنوف البروتين الحيوانى ومنتجات الألبان من وجباتنا، وربما تنجح التجارب التى تتم حالياً فى سويسرا، لإحلال بروتينات من الحشرات واليرقانات أو من بعض البدائل النباتية التى يمكن استخلاصها فى المنزل لدرجة لا تدفعنا لتذكر البروتين الحيوانى كما نعرفه، لكن المؤكد أن الأطفال الذين سيشبون عن الطوق فى 2050، لن يصدقوا أبداً أن آباءهم وأجدادهم كانوا يذبحون الطيور والحيوانات ليتغذوا على لحومها، لكنهم سيصدقون أن الأسماك - التى سيرونها تنمو فى أحواض مائية مكلفة تكنولوجياً فى بيوتهم - كانت ذات يوم كافية ومشبعة ورخيصة، وأن مهنة الصياد اختفت لعدم قدرة البشر على الإبحار فوق سطح الماء - لا تحته - من دون أسطوانات أكسجين.. ولأسباب تتعلق بمناخ العمل وقلة الحركة وندرة الموارد وزيادة الضرائب الحكومية على المبيعات..سيتوقف الناس عن تداول الأطعمة السريعة واللحوم المصنعة والحلويات، ما سيقلل بالقطع من انبعاثات الكربون، وسيزيد من فرص النجاة من أمراض القلب والسكر وضغط الدم وبعض أنواع السرطان.. وسيسهم التباعد الاجتماعى - الذى سيستمر طوعاً ثم كرهاً خلال العقود الثلاثة المقبلة - فى تقليل فرص الإصابة بالأوبئة الفيروسية على نحو ما شهد العالم فى وباء كورونا الذى اكتشف فى ديسمبر2019.. لكن ذلك لن يعنى أن الناس ستعيش حياة أطول.. لأن أمراض الجهاز التنفسى ستتكفل بالباقى من أعمارنا!! ندرة الغذاء وغلاء أسعاره مع تطور تكنولوجيا (الإنتاج الرقمي) ستضيف عنصراً خطيراً إلى الصورة : ستزيد البطالة.. ولأن البشر يستهلكون المعلومات فحسب، ولا يأكلون الأرقام ولا يلبسون البيانات ولا يقطنون ملفات الكمبيوتر.. ربما تلجأ الحكومات لفرض حظر على أى تكنولوجيا تستبدل العنصر البشرى فى العمل، تفادياً لاندلاع ثورات شعبية.. تتبنى الأفكار الماركسية. أورويل يبعث من جديد مليارات الدولارات التى تم سكبها فى تكنولوجيا الروبوتات لن تكون استثماراً ذا بال.. والسيناريو هو التالى: سيضطر الناس للعيش فى قبائل صغيرة داخل المدن والقرى.. سيتحول كل مبنى إلى خلية وفق عدد سكانه، وقد ينتظمون فى شبكات اجتماعية تضم عدة أبنية فى كل شارع، وسيخلقون تعاونيات يتبادلون من خلالها الكميات المتاحة من استنباط الغذاء ومقايضته (صنف مقابل صنف)، وسيتحصلون على الطاقة من الشمس مباشرة، وبالرغم من أن الروبوتات والطائرات المسيرة ستقوم بأعمال التوصيل وبعض الخدمات التى كان يقوم بها البشر خارج الأبنية فى المناخ الخالى من التلوث، فإن أسعارها لن تكون فى متناول الجميع، تماماً كالسيارات ذاتية القيادة التى تمت تجربتها وتطويرها منذ سنوات.. كلها ستخضع لاحتكارات كبرى، ومع تزايد معدلات الفقر قد يكون المورد الأعظم لأرباح هذه الاحتكارات، هو إمداد أجهزة المخابرات الحكومية بتحركات الناس وسكناتهم، وما يتداولون النقاش بشأنه – بعد أن هجروا ما كان يدعى فى زماننا بوسائل التواصل الاجتماعى بعد تهديدها لاعتبارات الأمن القومى للدول والمجتمعات، وبالتالى السلم الإقليمى والدولى – وهذه المعلومات ستكون مركزية فى الوقاية من الانتفاضات الجماهيرية (الحتمية) التى ستتحدى تلوث الهواء وتخاطر بالموت اختناقاً.. عوضاً عن الموت جوعا وقهرا! هذه الروبوتات التى تخطط بريطانيا لاستخدام 30 ألفا، منها كجنود فى الجيش الملكى بحلول 2030.. لن يكون لها أى مستقبل بحلول 2050.. والمشكلة الرئيسية الآن تتعلق بنوعية ( الطاقة) التى ستعمل بها هذه الروبوتات، ما توصل إليه الذكاء الطبيعى (لا الاصطناعي) يشير إلى طاقة بطاريات الليثيوم.. والليثيوم واحد من العناصر الأرضية النادرة السبعة عشر، التى قام ولا يزال يقوم بشأنها صراعات ما بين دول قارة أوروبا وأمريكا وبين الصين للاستحواذ عليها، والليثيوم بالذات استخداماته فى الصناعات التكنولوجية والعسكرية أمر بالغ الحيوية، والاعتماد على الطاقة الشمسية لتحريك الروبوتات، سيتمكن البشر من تحييده بسهولة، من خلال قطع الاتصال ما بين أشعة الشمس وألواح امتصاص الطاقة بها بحيل صغيرة وبسيطة، يتبقى شحنها بالماء ومن خلال عمود كهربى يتمم عملية إنتاج الهيدروجين اللازم للتشغبل، وهى طاقة تحتاج إلى خزان ضخم يجره الروبوت أثناء تحركه، بخلاف الليثيوم اللازم لإمداده بالكهرباء والبصمة الكربونية، التى ستجعل أداء هذه الآلات مثيرا للشفقة الآدمية. يتبقى غاز الميثان وهو ما سيوقع هذه الماكينات فى فخ تعقب الروائح، وكننيجة لذلك سيعرضها للإبادة خلال فض التظاهرات !! المشكلة الأخرى تتعلق بأخلاقيات الذكاء الاصطناعى، الذى يقوم على تقنيات (التعلم العميق)، الذى بدوره يدفع هذه الآلات للقيام بوظائف الآدميين.. إذ إن آلية التعلم العميق Deep Learning بلغت مدى يمكن هذه الآلات من التزييف العميق Deep Faking.. وهى مشكلات تقنية وقانونية لم يتم حسمها حتى وقت كتابة هذه السطور بنهاية ديسمبر 2020. لكن يظل الأخطر والأهم، هو تقنية الاتصالات التى ستعمل بها هذه الروبوتات، فهى ستعمل حتى تاريخ استخدام بريطانيا لها عسكريا، بداية من عام 2030 وفق تقنية 5G، وهو العام ذاته الذى سيشهد انطلاق تكنولوجيا 6G، وهى تقنية الاتصالات التى ستعمل وفقها كل شبكات الاتصال حتى 2050، وفى دراسة مطولة صدرت فى 30 نوفمبر الماضى بعنوان: «نحو اتصالات الجيل السادس اللاسلكية: الرؤية وتقنيات التمكين وتحولات الأبعاد الجديدة»، نشرت فى دورية ساينس شاينا للبروفيسور الصينى زياوهويو، وشارك فيها عدد كبير من الخبراء والباحثين، فإن تقنيات الجيل السادس تلبى أبعادا جديدة، منها التغطية الشاملة لكوكب الأرض، بحيث تختفى الحدود الفاصلة بين العالمين المادى والسيبرانى! هل ذهبنا بعيداً؟ لقد كان محور أغلبية الدراسات والأبحاث الأكاديمية المتعلقة بالتغير المناخى، منصباً لسنوات حول إنقاذ الأنواع الحية من النباتات والطيور والأسماك والحيوانات والحشرات، لكن بحلول 2020 اكتشف العلماء أن القضية باتت تتعلق بإنقاذ آدميتنا نحن. كريستيانا فيجويريس صاحبة شركة التفاؤل العالمى سالفة الذكر، تقول عن ذلك بالحرف: لا توجد أى فرصة لوقف سخونة كوكبنا، و لا شك فى أننا نمضى ببطء، لكن بثقة تجاه الانقراض البشرى، وليس ذلك لأن الجو يزداد حرارة فحسب، بل لأن ذوبان طبقات الجليد سيطلق أيضاً قدامى المايكروبات، التى لم يتعرض لها أبداً البشر فى أيامنا هذه، وبالتالى لا يحوزون أية مقاومة لها، الأسوأ أن أزمات الصحة العامة المتعلقة بمقاومة المضادات الحيوية تزداد حدة، لقد بات زوال الأنواع البشرية موضع نقاش متزايد، عدم اليقين الوحيد هو إلى أى مدى سنبقى، كم عدد الأجيال التى سترى ضوء النهار؟ وفى رصد للصورة الفوتوغرافية لعالمنا اليوم تقول: إن إنتاج الغذاء فى العالم يتأرجح بشدة من شهر لشهر ومن موسم لموسم بحسب المكان الذى تعيش فيه، مزيد من الناس يجوعون أكثر مما كان الوضع عليه.. المناطق المناخية تتزحزح، لدرجة أن مناطق جديدة باتت صالحة للزراعة كمنطقة آلاسكا، بينما جفت مناطق أخرى كالمكسيك وكاليفورنيا، ولا تزال مناطق أخرى غير مستقرة بسبب الحرارة المرتفعة، ناهيك عن الفيضانات وحرائق الغابات والأعاصير، وهذا يجعل إمدادات الغذاء عموما أمرا غير متوقع أو مضمون.. لكن الأمر المؤكد برغم ذلك أنك تملك الغذاء ما دمت تملك المال.. لقد تراجعت التجارة العالمية (فى الغذاء)، عندما توقفت بلدان كالصين عن التصدير وباتت تسعى للتحويط على مواردها، أن الكوارث والحروب تلوح بإعاقة طرق التجارة.. وطغيان “العرض والطلب”بات الآن أمراً لا يغتفر.. فبسبب ندرتها باتت الأغذية غالية الثمن، وانعدام المساواة فى الأجور كان موجودا باستمرار، لكنه لم يكن أبدا بهذه الحدة والخطورة، كل بلاد العالم تعانى جائحات سوء التغذية، وإعادة الإنتاج تباطأ بشكل إجمالى، لكنه يتباطأ بصورة حادة فى تلك الدول التى تعانى ندرة فى إنتاج الغذاء، معدلات وفيات الأطفال ترتفع للسماء والمساعدات الدولية، قد برهنت سياسيا على استحالة قدرتها على الدفاع فى ضوء الفقر الجماعى.. الدول التى لديها ما يكفى من طعام عقدت العزم على التحوط على ما لديها، والعجز عن الوصول للأغذية الرئيسية كالقمح والأرز، قاد لانهيارات اقتصادية وانتفاضات مدنية بأسرع مما كان يتخيل سابقا أكثر علماء الاجتماع تشاؤما، لقد حاول العلماء تطوير أنواع من الأغذية الرئيسية البديلة عن القمح والأرز يمكنها أن تصمد فى وجه الجفاف وارتفاع درجات الحرارة والملوحة، لكننا بدأنا متأخرا، الآن نحن ببساطة لا يوجد لدينا ما يكفى لإطعام سكان الأرض، وكنتيجة لذلك فإن انتفاضات الجياع والحروب الأهلية، تلقى بأكثر دول العالم هشاشة إلى نيران الأتون، بينما تسعى بلدان العالم المتطورة لإغلاق حدودها بوجه الهجرات الجماعية تشعر هى أيضا بوطأة التداعيات، البورصات تتخبط والعملات تتذبذب والاتحاد الأوروبى (انفرط عقده)، فكما التزم الاتحاد كدول بالحفاظ على الثروة والموارد داخل حدود كل منها، هم أيضا عازمون على أن يبقوا الناس خارج حدودهم، إن أغلب جيوش هذه الدول الآن تزيد من تسليح قوات حرس الحدود، والهدف هو الإغلاق التام لكنها لم تصل بعد للنجاح الكامل، فالشعوب اليائسة ستجد دائما لنفسها طريقا. الأجندة العلنية للجغرافيا وفى التاسع من شهر سبتمبر الماضى 2020 كانت هناك صورة أشد وضوحا لما أعدته لنا الجغرافيا فى 2050، إذ أصدر مركز للأبحاث متخصص فى رصد مؤشرات السلام والإرهاب فى العالم تقريرا أكد فيه، أن مليارا و200 مليون نسمة من سكان العالم سيتشردون بحلول منتصف هذا القرن.. غالبيتهم من باكستان وإثيوبيا وإيران – بالترتيب – ثم هايتى.. وأنه فى هذه الدول حتى أقل التهديدات البيئية والكوارث الطبيعية، يمكنها التسبب فى تشريد عدد ضخم من السكان بمقدوره التأثير على الأمن الإقليمى والدولى. وقال تقرير معهد الاقتصادات والسلام المعنون (سجل التهديدات البيئية)، الذى يبدو أنه سيظهر دوريا كل سنة، إنه على مدار العقد الماضى ازداد عدد الصراعات الدولية الموثقة ذات الصلة بشح المياه بنسبة 270 بالمائة، فمنذ عام 2000 وقعت أغلب هذه الصراعات فى اليمن والعراق، وهو ما أظهر الصلة ما بين ضغوط المياه الحادة وحالة السلم، كما أظهر مؤشر السلام العالمى لعام 2020 أن البلدين هما الأقل سلمية فى العالم، واليوم يعانى 2.6 مليار نسمة من ضغوط شح المياه المرتفعة أو الحادة، وبحلول 2040 سيرتفع عددهم إلى 5.4 مليار نسمة، أى أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية.. يقطن غالبيتهم فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا وجنوب غرب أوروبا، وأسوأ البلدان تأثرا سيكون لبنان وإسرائيل والعراق وسنغافورة، فيما ستتأثر بدرجة ما كل من الصينوالهند، وبالنظر إلى الصراعات السابقة المتعلقة بالمياه فإن هذا العنصر البيئى المترتب على ارتفاع درجة حرارة الأرض، سيقود للمزيد من التوترات وخفض الاستقرار العالمى. وفيما يتعلق بكوارث الجفاف وازدياد حدة العواصف يقول التقرير: إن الفيضانات كانت الكوارث الطبيعية الغالبة على العالم منذ 1990 وكان أبرزها ما وقع فى الصين 2010 ما أفضى لتشريد 15.2 مليون نسمة.. وهناك 19 دولة فى العالم يتهددها ارتفاع مستوى سطح البحر بالغرق، قد يتأثر ما لا يقل عن 10 بالمائة من سكانها بهذه الكارثة.. والتداعيات الأبرز ستكون على المناطق الساحلية المنخفضة فى الصين وبنجلاديش والهند وفيتنام وإندونيسيا وتايلاند على مدار العقود الثلاثة المقبلة، كما ستتهدد المدن ذات التعداد السكانى الضخم، كمدينة الإسكندرية فى مصر وأوساكا فى اليابان. وفيما يتعلق بانعدام الأمن الغذائى، قال التقرير إن الطلب على الغذاء سيتزايد بنسبة 50 بالمائة بحلول 2050 ما يعنى أنه من دون زيادة جوهرية فى المعروض، فإن مزيدا من البشر سيتعرضون لخطر الجوع، بينما يعانى 2 مليار نسمة حاليا من ضعف القدرة فى الحصول على الغذاء الكافى، فإن هذا الرقم قد يصل إلى 3.5 مليار نسمة بحلول 2050، وهو أمر سيؤثر بدوره على الاستقرار العالمى، إن الدول الخمس الأقل أمنا غذائيا فى عالم اليوم هى سيراليون وليبيريا والنيجر ومالاوى، حيث يعانى أكثر من نصف سكانها من عدم اليقين فى الوصول للغذاء الكافى لصحة أبدانهم، وقد رفعت جائحة كورونا من مستويات أزمتهم، وبالنظر لارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، فهناك احتمال كبير لانعدام الاستقرار الاجتماعى بفعل التغيرات البيئية فى المستقبل، وفى الدول ذات الدخول المرتفعة، تتنامى ظواهر قلة التغذية بمعدل عال قدره 2.7 بالمائة ما يعنى أن واحدا من بين كل 37 فردا لا يملك الطعام الكافى للأداء البدنى الطبيعى.. قلة التغذية فى البلدان النامية هو منتج أساسى للفقر، فدول مثل كولومبيا والمكسيك وسلوفاكيا هى الأعلى فى معدلاتها . أين إذن الحل؟.. هل هى المساعدات التنموية كما يقترح ستيف كيليليا مؤسس ومدير معهد الاقتصادات والسلام الصادر عنه هذا التقرير؟ من الممكن أن تستخدم المساعدات كآلية لبناء الاستقرار بمواجهة الصدمات البيئية - كما يقول التقرير - المتمثلة فى الجفاف وضغوط المياه وانعدام الأمن الغذائى فى الدول النامية، وقد تضاعفت المساعدات المتصلة بتأثيرات المناخ 34 مرة خلال 18 سنة الأخيرة.. من مليار دولار سنة 2000 إلى 34 مليار دولار عام 2018 أنفقت فى غالبيتها على دول الساحل الإفريقى وجنوب آسيا، وقد تلقت الهند المبلغ الأضخم من هذه المساعدات فى 2018 بقيمة 6.5 مليار دولار، وبالرغم من أهمية هذه الزيادات فإنها لن تكون كافية لما هو مطلوب لمعالجة ما سيستجد خلال 30 سنة المقبلة. فما الذى يمكن أن يصل إليه التحليل الجيوسياسى لهذه المعلومات؟ على الأقل فيما يتعلق بعالمنا العربى، فإن حربا وشيكة ستقع فى غضون سنوات قليلة فى المثلث الشرقى (إيران والعراق وتركيا)، إما بين الطرفين اللذين يملكان إمدادات المياه للعراق، أو بين الثلاثة على خلفية شح المياه، والأخطر: أن توقعات العلماء الإسرائيليين فيما يتعلق بعدم إمكان بقاء إسرائيل على قيد الحياة كدولة قبل بلوغ عامها المائة فى 2048 بسبب شح المياه وندرة الأراضى الصالحة للزراعة فى عالم، سيضن عليها بالمساعدات الغذائية - بما فى ذلك السودان وإثيوبيا - وجدت تأكيدات علمية إضافية راسخة، ما يعزز احتمال شنها حربا توسعية، تستهدف ابتلاع لبنان قبل هذا التاريخ فى خلال العقد المقبل على الأكثر، أى قبل أن ينظم لبنان – الذى تجاوز مئويته الأولى بالفعل - استفتاء بإشراف أممى على عودته لجسد الدولة السورية، تفاديا لنفس الأسباب التى تعيق اكتمال مئوية إسرائيل، وهذه التوقعات هى الجزء الأبرز من أجندة الجغرافيا السياسية لعام 2050 الذى يمكنكم ضبط ساعاتكم عليه! الفاشية الجديدة تلعب العناصر الجيوسياسية الدور الحاسم فى توقع صورة العالم فى منتصف القرن الحادى والعشرين، تفاصيلها وفرصها وتحدياتها، فكل ما هو (نفوذ) تمارسه عناصر الجغرافيا على البشر، يؤثر بشكل لا يقبل الجدل على حاضرهم ومستقبلهم، بدءاً من العلاقات المجتمعية إلى العلاقات الدولية وكل سياسة داخلية وخارجية للدول، هى إما بحافز أو برادع من جغرافيا المكان والمكانة، لذلك فإن استغراق العالم فى التواصل الاجتماعى فى ظل ارتفاع درجة حرارة الارض لن يدوم طويلا.. وأن اكتشاف التهديدات على السيادة الوطنية للدول من خلال عمليات التأثير الإستراتيجى التى تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعى، أفضت لتكريس مفهوم (السيادة الرقمية)، والأهم أن ما تحمله هذه الوسائل من منح وعطايا الإفلات من المسئولية الفردية.. ستقود العالم – فى ظل التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للتغيرات المناخية – إلى فقدان حقوق الانسان والديمقراطية.. الحريات المدنية كلها.. حرفيا. العالم الأمريكى الدكتور تيودور كراسيك، هو واحد من أبرز العلماء السياسيين فى مجال السياسات الدولية والأمن، نشر فى 26 أكتوبر الماضى مقالا بعنوان: نقصان المسئولية الفردية يغذى نشأة فاشية القرن الحادى والعشرين، قال فيه: لا ينبغى أن تكون الفاشية مشكلة فى القرن الحادى والعشرين، فهى نتاج عدة عوامل منها القضايا الاجتماعية والانقسامات الدينية والأحقاد السياسية والأعراض المرضية التى تطورت عبر السنين، فالولاياتالمتحدة وغيرها من بلدان العالم، ترى استخدام كلمة (فاشية) وهى تشيع فى مناحى الحياة عموما لا فى عالم السياسة فحسب.. والمجتمعات ذات التراث العنصرى والأكثر عرضة لها، تجد أن الفاشيين أقرب لتنظيم أنفسهم الآن.. إن استغلال وسائل التواصل الاجتماعى من قبل العديد من اللاعبين قد أوجد قاعدة لذلك، والأهم هو أن السلوك الفاشى يقوم على عناصر تشمل الانقسام والحكم المطلق والقمع السياسى.. والأهم: شيوع الكراهية. إن فهم الطريقة التى تبدأ بها الكراهية أمر مهم، البعض يفترض أن هناك مساحة من المفاهيم تؤسس لوطن أسطورى أو دولة إثنية، والفضاء السيبرانى بشكل مواضع لقاء لتشكيلات من الجماعات الثقافية المختلفة من اليمين واليسار.. وتمثل مفردات ( الحقيقة البديلة) محركا لأولئك الذين يتقبلون هذه المواد بوصفها الحق أو الصدق، إن الطريقة التى كانت تتواصل بها الفاشية فى القرن العشرين تختلف تماما عن واقع الفاشية اليوم، والواقع أن اتجاهات فاشية القرن الحادى والعشرين حول العالم باتت مزعجة.. إذ تقوم السوشيال ميديا بتضخيم هذه الاتجاهات والاتجاهات المضادة لها بسرعة فائقة فالعمل على تعميق الانقسامات بسرعة أكبر وتحدق الاستقطابات فى المجتمعات، وبالذات فى أوساط الشباب الذين ولدوا ببداية العام 2000، الذين هم بطريقهم لأن يكونوا قادة المستقبل، لكن مزيج التوجهات الفاشية والجائحات العالمية يقف حائلا دون وصولهم لمكان تحت الشمس، الكل بات فى خطر أن يتحول إلى متطرف، وتحديدا فاشيستى. ويمضى للقول: العقلية الفاشستية تعتمد على المراقبة والتجسس والتفاعل مع التجمعات المتطرفة، وهذه التهمة ( التطرف) تمضى فى الاتجاهين، فإذا ما اتهم أحد شخصا ما أنه متطرف فهو ذاته يدان بالتطرف، والإنترنت يتيح منتدى للاحتفاء بكراهية الجميع، إن الإرهاب والسلوك الميليشياوى والعنف ليس أساسه ألوان البشر، فهم كائنات آدمية، إذن المفقود هنا هو المسئولية الفردية. ما الذى يمكن أن نفهمه عن فاشية عالم 2050.. وهل هذا ما كنا حقا نسعى إليه؟ إن مزيج الفقر والجوع وارتفاع الحرارة وتلوث الهواء وغرق المدن وعولمة الخوف وتطور الاتصالات الرقمية، وفقدان الحريات السياسية بفعل الكراهية والقمع المتبادل لوجهات النظر والانقسامات الاجتماعية، وكلها كطبقات ترتبت وتراكمت على بعضها البعض، ترسم صورة لمستقبل دموى تتزايد فيه الصراعات المسلحة، فى وقت ستختفى فيه قواعد الاشتباك، بينما ستعمل شبكات الاتصال فى جيلها السادس على إخفاء الحدود بين ماهو رقمى وما هو مادى، نرى أن النفوذ النهائى للجغرافيا سيمهد العالم للتسليم بضرورة مراجعة كل شيء: الجوع والشبع، والطموح والطمع، الاحتياج والاكتفاء، والأهم: أن دما أكثر مما سكب فى القرن العشرين، ستمتصه الأراضى المقفرة والسماوات المسممة بالأكاسيد المحتبسة المرتدة إلينا، ما لم نحسم أمرنا فورا ببداية 2021، بإبطال الزواج الذى لم نكن طرفا فى عقده، بين انبعاثات الكربون واللامبالاة، وبين الاتصالات والمعلومات، فى جملة واحدة: البدء من جديد!