قرار الطلاق ليس سهلا خصوصا مع وجود أطفال، ويجب على الزوجين مراعاة ذلك باستنفاد كل السبل قبل اتخاذ القرار لمراعاة نشأة الطفل فى أسرة متماسكة، ولكن أحيانا يكون القرار لمصلحة الطفل مع استحالة العِشْرة التى قد تؤثر بالسلب على الأطفال أكثر من أضرار الطلاق نفسه،وحينها يكون قرار الانفصال أفضل الحلول. وبصرف النظر عن أسباب الطلاق يكون الطفل هو الأهم فتحت أى ظرف يحتاج إلى الرعاية والاهتمام من الطرفين فى جو خال من الخلافات والمشاحنات وهذا يلقى المسؤلية على الأم والأب فى الانفصال، ليكون بشكل صحى لمراعاة نفسية الطفل أولا...كما أنه يفتح باب أمل لتجديد العلاقة مرة أخرى فى بعض الحالات. ولأننا لسنا فى المدينة الفاضلة تتحول أغلب العلاقات بعد الطلاق إلى عداء بين الطرفين، لكن هناك أيضا نسبة من الحالات التى تلجأ إلى الانفصال بشكل محترم، والأمر يتوقف على عدة عوامل منها نضج الطرفين والتكافؤ الفكرى والاجتماعى بينهما وإدراكهما أن الأطفال مسؤلية مشتركة يجب الحفاظ عليها تحت أى ظرف، وأن عليهما بعد الانفصال التواصل الدائم لمناقشة أمور أبنائهم والتعامل بشكل متحضر أمام أبنائهم لينشأوا بنفسية سوية. وقد ركزت العديد من الأعمال الدرامية فى الآونة الأخيرة على فكرة الانفصال الصحى مثل مسلسل «ونحب تانى ليه» ومسلسل «حكايات بنات» وكانت قصة «نور» فى مسلسل «حكايات بنات» خير مثال على ذلك، فالأب يحرص دائما على مناقشة أمور البنت مع الأم ويتعاملان كأصحاب أمامها ويحرصان على الخروج سويا معها مما يؤثر إيجابيا على نفسية ابنتهما. قصة نور لم تقتصر على الدراما، ففى الواقع كثير من الأمهات والآباء الذين رفعوا شعار«بعد الطلاق أصحاب لا أعداء». «مهمتنا لازم تكمل» ولدعم فكرة الانفصال الصحى من أجل الأطفال انطلقت مبادرة «مهمتنا لازم تكمل» وهى تهدف ليكون الطلاق بشكل صحى ومحترم وقائم على التفاهم بين الطرفين لضمان صحة نفسية وبدنية أفضل للأبناء. فتقول حبيبة جبر إحدى القائمات على المبادرة: إن الطلاق يؤثر سلبا بشكل كبير على الطفل فى حياته الاجتماعية فيجعله انطوائيا ويميل إلى الوحدة، وقد يتسبب فى جعل سلوكياته غير سوية ويضره نفسيا، بسبب التشتت بين الأم والأب، مما ينعكس سلبا على تحصيله الدراسى ولكن يمكن أن نحقق نفسية سليمة للطفل من خلال تحقيق الطلاق الصحى السليم وهو الخروج باحترام وأن يكون هناك تفاهم على طريقة تربية الطفل والحديث الدائم عن أى شىء يخصه وأن يكون هناك تواصل ودى بين الزوجين بعد الطلاق أمام الطفل. وتضيف: إننا لا نشجع فكرة الطلاق ولكننا نسعى فى حالة حدوثه، أن تكون الأولوية للأطفال لأنهم الأهم وأن يحدث الانفصال بأقل ضرر لهم دون إقحامهم فى أى خلافات، مؤكدة أن الانفصال الصحى قد لا يشعر الأبناء أصلا بالطلاق ويجعلهم متواصلين بشكل دائم مع الأب والأم ولكن هذا يعود إلى وعى وإدارك وإحساس الطرفين بالمسؤولية. الطلاق لا يعنى أنفصال الأبناء أغلب الآباء يعتبرون أن طلاق الأم هو طلاق أيضا لأبنائهم، وهو ما عانت منه الكثير من الأمهات وطالبن بأن يعلى الطرفان مصلحة الأطفال، فتقول صفية عبدالنبى مطلقة وأم لثلاثة أطفال :مهما حدث من خلاف بين الأب والأم فليس للأبناء أى ذنب.إن أبنائى لا يعرفون شكل والدهم فالطلاق وقع وهم فى سن صغيرة ولم يروه من حينها فنسوه بشكل تدريجي.وكلما كبروا أدركوا تقصيره الواضح تجاههم، ورغم أنه لم يتزوج أو ينجب مرة أخرى لم يحرص على رؤيتهم وأعتقد أن الخاسر الأكبر هو الأب لأنه محروم من رؤية أبنائه لكن هذا يلقى بمسؤلية أكبر على الأم لتقوم بالدورين معا. وتروى يمنى على منفصلة عن زوجها وأم لطفلين تجربتها «بعد الخلافات مع زوجى اخترت الانفصال دون طلاق رسمى للحفاظ على التواصل مع والد أولادى وكان قرارا مشتركا بيننا واتفقنا عليه..هو تزوج من أخرى، ولكنه يحرص دائما على التواصل مع أبنائه ويلتزم طلباتهم كافةً ورغم أن الكثيرين لم يؤيدوا قرارى بالانفصال دون طلاق رسمى لكن أراه أفضل حل لأولادى لأضمن تواصله معهم وتوفير احتياجاتهم». وترى يمنى أن التزام الأب تجاه أبنائه سواء فى الطلاق أو الانفصال يعود إلى شخصية الرجل فى الأساس فالشخص المسؤول الناضج يكون مسؤولا فى الطلاق أيضا، فهناك من يدرك أن أبناءه هم أبناؤه تحت أى ظرف وهناك من لا يدرك. أما رضوى عبدالله أم لطفلين فتقول: «أنا وزوجى انفصلنا بعد خمس سنوات زواجا وكان سبب الطلاق يتعلق باختلاف الطباع وعندما طلبت الطلاق كان عمر ابنتى الثانية بضعة شهور وبالفعل زوجى استجاب لرغبتى فى إنهاء العلاقة باحترام وكان دائم التواصل معى ومع أبنائى وبعد مرور عام شعرت بأنى كنت مخطئة فى قرارى .تعامله باحترام معى بعد الطلاق وحبه واهتمامه بأولادنا جعلنى أطلب منه العودة مرة أخرى؛ لأنى شعرت بالأمان معه حتى أثناء الطلاق وبالفعل رجعنا مرة أخرى وأصبحت علاقتنا أقوى».