لا شك أن جائحة كورونا كان لها العديد من الآثار السلبية من الناحية الصحية، لكن المفاجأة أن هذا الڤيروس اللعين كانت له آثار اجتماعية غير مرغوب فيها، فقد أشارت الإحصائيات إلى أن العزل المنزلي الذي فرضته معظم دول العالم للحد من انتشار الڤيروس تسبب في زيادة معدلات الخلافات الزوجية والعنف الأسري مما أدى إلى ازدياد ملحوظ في معدلات الطلاق عالميا. ذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن جائحة الڤيروس وجهت ضربة خطيرة للحياة الزوجية في معظم دول العالم، وكان قرار الإغلاق الذي اتخذته معظم دول العالم اختبارا قويا لعلاقة العديد من الأزواج بزوجاتهم، فالأزواج أصبحوا يقضون فترات أطول من المعتاد مع بعضهم البعض في المنزل، مما أدى إلى ظهور العديد من المشكلات الزوجية التى أدت بدورها في عدد غير قليل من الحالات إلى الطلاق. أظهرت الإحصاءات الأخيرة التي أجريت في بريطانيا زيادة في حالات الطلاق خلال الاثنى عشر شهرا الماضية والتي بلغت نسبتها 23%. وحذر المتخصصون من احتمال انتهاء المزيد من الزيجات في الفترة المقبلة بسبب الموجة الثانية من انتشار ڤيروس كورونا المستجد الذي تسبب في عودة الإغلاق مرة أخرى في كثير من الدول. وتعد هذه الزيادة في معدلات الطلاق في المملكة المتحدة هي الأكبر منذ بداية تسجيل أرقام حالات الطلاق للمرة الأولي في منتصف القرن التاسع عشر. وأظهرت أرقام وزارة العدل البريطانية أنه منذ بداية ظهور فيروس كورونا أواخر عام 2019 وقعت 112،284 حالة طلاق داخل المحاكم في إنجلترا وويلز، قبل الإصلاحات التي دعا إليها رئيس الوزراء البريطاني بوريس چونسون في قوانين الطلاق والتي ستجعل الانفصال أسهل وبالتالي ستؤدي إلى ارتفاع في معدلات الطلاق. وأشار المتخصصون إلى أن هذا الارتفاع في معدلات الطلاق بمقدار الربع تقريبا بسبب الإغلاق، من أكبر الارتفاعات على الإطلاق في بريطانيا. طلاق بعد ثلاثة أسابيع وقد أشارت الإحصاءات إلى أن معدلات الطلاق في الولاياتالمتحدةالأمريكية ارتفعت بنسبة 34 ٪ خلال جائحة كورونا ، وأن معظم حالات الطلاق تقع بعد ثلاثة أسابيع من الحجر الصحي، كما أشارت إلى تزايد حالات انفصال المتزوجين حديثا بنسبة 20 ٪. وأجبر انتشار الڤيروس منذ يناير الماضي وتنفيذ أوامر الإغلاق منذ شهر مارس الأزواج على مواجهة عدد كبير من التحديات الجديدة في حياتهم الزوجية والتي لم تتمكن العديد من الحالات من الصمود أمامها. وتوقع المحامون الأمريكيون الوصول إلى عدد قياسي من طلبات الطلاق لعدة أسباب من بينها الحجر الصحي، ورعاية الأطفال، والموارد المالية المتقلبة، ومعدلات البطالة المتزايدة، والحالة النفسية السيئة بسبب الخوف من المرض، وزيادة أعداد المتوفين بسبب الڤيروس. وأقر 31 % من الأزواج أن الحجر الصحي تسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها لعلاقاتهم الزوجية. ووفقا للبيانات التي رصدتها «Legal Templates»، فقد بلغت حالات الانفصال القانوني ذروتها في أمريكا في 13 من أبريل، أي بعد ثلاثة أسابيع تقريبا من تنفيذ معظم الولايات لأوامر الإغلاق، بعد أن نفذت غالبية الدول بروتوكول الحجر الصحي الرسمي في مارس. وتشير البيانات إلى أن معدلات الطلاق ارتفعت خلال الأشهر الأربعة الأولى من جائحة كورونا بشكل غير مسبوق مقارنة بالأعوام السابقة. وذكرت البيانات أن 20 % من المتزوجين في عام 2020 تقدموا بطلبات للطلاق، بينما كانت نسبة المتقدمين بطلبات طلاق في عام 2015، 6 % فقط. وكانت أكثر الولاياتالأمريكية التى وقعت بها حالات طلاق ولاية ميسيسيبي وأوكلاهوما وأركنساس وألاباما ولويزيانا. وأرجع المتخصصون سبب ارتفاع معدلات الطلاق إلى سيطرة حالة من الإحباط والتوتر على الأزواج، الأمر الذي جعل ردود أفعالهم السلبية تبدأ في الظهور. طلاق بسبب المكوث فى البيت وفي الصين أيضا لم تتأثر الأوضاع الصحية فقط بانتشار الڤيروس، لكن آثاره السلبية امتدت لتطال الحياة الاجتماعية حيث ازدادت حالات الطلاق في الصين خلال الأشهر الماضية بمعدل ملحوظ بعد أن أصبحت المشكلات الزوجية أكثر عمقا وتعقيدا. وقال لو شنجون، المسئول في مكتب مختص بالزواج بمدينة دازهو جنوب شرق الصين، إن حالات الطلاق بلغت 300 حالة من 24 من فبراير وحتى بداية شهر يونيو، وبالتالي يكون معدل الطلاق ارتفع مقارنة بالسنوات الماضية قبل انتشار الڤيروس. ولم يقتصر الأمر على هذه المدينةالصينية بل امتد إلى عدة مدن أخرى من بينها مدينة شيان، التي تقع في إقليم شانشي شمال الصين، والتي شهدت ارتفاعا مماثلا في معدلات الطلاق حيث بلغت أعداد طلبات الطلاق في يوم واحد فقط 14 طلبا. وبسبب ما شهدته مكاتب الزواج من إقبال كبير لإتمام إجراءات الطلاق في بعض الأقاليم الصينية الأخرى اضطر المسئولون إلى تحديد حد أقصى لتلقي طلبات الطلاق في اليوم الواحد للحد من إقبال الأزواج على الطلاق. وأشار شنجون إلى أن هذه الزيادة في معدلات التفكك الأسري والطلاق ترجع إلى قضاء الأزواج أوقاتا أطول داخل المنزل بسبب إجراءات العزل المنزلي، بالإضافة إلى القيود التي فرضتها السلطات على السفر والتنقل داخل المدن الكبرى المزدحمة بالسكان. الأمر الذي جعل الأسر تضطر إلى المكوث لفترات طويلة في المنازل فساعد ذلك على ظهور الخلافات بين الأزواج وزوجاتهم، بالإضافة إلى ظهور الكثير من المشكلات الاجتماعية الأخرى داخل الأسر. خلافات بلا حلول ارتفعت معدلات الطلاق في بلچيكا بعد تخفيف إجراءات العزل المنزلي نتيجة تراكم المشكلات الأسرية ونشوب الخلافات الزوجية طوال فترة الإغلاق. وورد في الإحصاءات أن معدلات الطلاق ارتفعت منذ النصف الثاني من شهر مايو الماضي، بعد تخفيف القيود التي فرضتها الدولة للحد من انتشار جائحة الڤيروس التاجي. وارتفعت حالات الطلاق بنسبة 25% في شهر مايو من العام الحالي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي قبل ظهور وباء كورونا المستجد، مما دعا البعض للتأكيد على أن حالات الطلاق سجلت معدلات قياسية في العديد من الدول الأوروبية. وللمرة الأولى منذ العديد من السنوات تسجل دولة ألمانيا زيادة كبيرة في معدلات الطلاق بقرارات قضائية حيث بلغت العام الحالي 149 ألف حالة طلاق، بزيادة قدرها نحو ألف حالة مقارنة بعام 2019. ويرى المتخصصون أن السبب يرجع إلى عدم قدرة الأزواج على اتخاذ قرارات مشتركة، أو إيجاد حلول لخلافاتهم أو إقامة تواصل جيد بينهم. ومن المتوقع أن يشهد المجتمع الألماني موجة ثانية من التفكك الأسري تزامنا مع الموجة الثانية من انتشار ڤيروس كورونا.