أكثر المبادرات التي نشهدها غث، وقليلها ثمين وغالبا ما تتبناه مؤسسات الدولة المعنية بخدمة المواطن، وهذا أحد أدوار الحكومة الحريصة على رفاهية مواطنيها.. والغث نعلم قصته مع منظمات حقوق الإنسان الوهمية، وهي على كثرتها لم تقدم للإنسان شيئا يستفيد منه بل يغتني مؤسسوها من ورائها، والأمثلة ليست قليلة. وبين الثمين الحكومي وغث المتاجرين ب حقوق الإنسان ، تبنت مجموعة من الأشخاص مبادرة إنسانية تعود بالنفع على المواطن، إذ أطلقوا مبادرة الكد والسعاية وتتبناها مؤسسة فايدة للخدمات الإنسانية، التي تحمست لها الدكتورة إنجي فايد منذ ما يقرب العام، وبدأت بتقديم خدمات للمكفوفين ومنها المكتبة الناطقة بالتعاون مع مكتبات عامة كبرى.. ومبادرة «الكد والسعاية» هي ببساطة محاولة إنسانية لتكريم المرأة التي طلقها زوجها في سن كبيرة وليست حاضنة وبلا مأوي أو دخل أو أسرة تعيلها، بعد عشرة وكفاح مشترك داما عشرات السنين. المبادرة تعيد للأذهان قضية فيلم أريد حلا، وللأسف بعد كل هذه السنوات لم نجد حلا وكأننا نعيش في غابة يضيع فيها حق المرأة، ويستقوي فيها الرجل ويلقي بزوجته في غياهب الجب وقتما شاء، وكأننا قد تخلينا عن الإسلام. في حين أن الدين الحنيف كرم المرأة وأنصفها ورفع مكانتها بعدما كانت مظلومة في اليهودية والمسيحية و أيام الجاهلية بين العرب، وحسبما شرح الشيخ ابن باز مفتي السعودية الراحل، فالإسلام أعطى المرأة حقوقها ورفع شأنها، وأمر الزوج بالإنفاق عليها وحسن معاشرتها. لم يتوقف الإسلام عند حدود الأسرة، بل أمر الدولة الإسلامية أن تنصفها وأن تعطيها حقوقها، وأن تمنع العدوان عليها. تعتمد «الكد والسعاية» على قصة امرأة أنصفها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حينما اشتكت أهل زوجها المتوفي الذين استأثروا بميراثه بعدما ساعدته في تجارته بكدها ويدها، فأمر لها أمير المؤمنين بنصف ما ترك الزوج، ليصبح الحكم فتوى تبناه المذهب المالكي. مبادرة إنجي فايد لا تزال بذرة تحتاج إلى من يرويها ويرعاها في مؤسستي الأزهر الشريف والإفتاء، ومعهم رجال القانون والتشريع، فالمبادرة تعنى بالإنسان وتعيد له كرامته وآدميته.. رجلا كان أم امرأة. * نقلًا عن صحيفة الأهرام