بعض الأحداث تكشف عن ان المعدن المصرى الأصيل مهما اعتلاه من صدأ يظهر جوهره الوطنى كامنا ينتظر ما يطلقه .. استوقفنى الغضب والرفض الشعبى على ممثل أساء للشباب بما قدمه من نماذج مؤسفة وخارجة عن القانون، ثم أراد أن يخرج على إجماع الضمير والوعى الشعبى ضد التطبيع مع الكيان الصهيونى بكل ما ارتكب من جرائم وسفك للدماء وعدم احترام جميع الاتفاقيات الدولية فوجد من الرفض والإدانة والغضب ما أكد أن الضمير الوطنى فى جموع المصريين يكمن ولا يموت أبدا .. وهو نفس ما وجدته فى مردود كتاباتى عن نضالنا ومقاومتنا للاستعمار ولمن يريدون إحياء رموزه وتاريخه الأسود أو إنكاره والدفاع عنه! فى نوفمبر وديسمبر اعتدت الكتابة عن وقائع موثقة من أعظم وقائع هذا التاريخ وهى معركة ونصر 1956، وترحيبا بما كتبت الأسبوع الماضى تواصل معى رموز من هذا النصر ومن ورثة الكرامة والوطنية من هؤلاء الأبطال ومن بينهم .د. حسنى غندر الذى حكى كيف كانت فرق الصاعقة تتسلل من المطرية لتوجه ضربات موجعه للإنجليز والفرنسيين وكان من بينهم النقيب جلال هريدى الذى أصبح فيما بعد قائدا للصاعقة .. وعلى مواقع التواصل كتب شباب بورسعيد ى وأصدقاء من شمال إفريقيا ورموز مصرية محترمة يحبون نضال وأبطال 1956. وكان الترحيب بما كتبته عن بعض وقائع العدوان والنصر الأسبوع الماضى لا يقل عما سبق ان كتبته عن الحملة الشعبية التى قامت بها أعداد كبيرة من أبناء بورسعيد لرفض رمز من أسوأ رموز الحقبة الاستعمارية لمصر ولمنطقة القناة ولإعادة وضع تمثال ديليسبس فى مدخل القناة، وهو ما استجابت له الإدارة الوطنية المصرية لقناة السويس ونقلته ليوضع فى متحف القناة بالإسماعيلية وهو ما كانت تطالب به الحملة الشعبية، فلا أحد يريد أن يغير التاريخ ولا يوجد أيضا صاحب كرامة وطنية يقبل أن يهان تاريخ بلاده ودماء شهدائه، ويقبل أن يوضع على مدخل قناته تمثال لمن ارتكب واحدة من اكبر جرائم السخرة فى التاريخ . وقد كتب لى تعليقا أيضا على ما كتبت الأسبوع الماضى مجموعة من الشباب ال بورسعيد ى المتحمس لخدمة مدينته وفى مقدمتهم رشا حمودة عما تقوم به الشركة الوطنية لإدارة قناة السويس بقيادة الفريق أسامه ربيع يشيدون بما حدث لإحياء المنطقة الاقتصادية شمال شرق القناة فى بورسعيد وشمال غرب خليج السويس والإعداد لبناء برج أيقونى ضخم فى مدخل القناة يعتليه مقر إدارة القناة بعد إخلاء القبة القديمة التى كانت مقرا للإدارة الفرنسية وتسلمتها وزارة الآثار لتحويلها الى متحف وكما عرفت ان فكرة البرج الأيقونى تعود الى خمسة عشر عاما ولكبير مرشدى القناة فى ذلك الوقت القبطان هشام النعمانى ومن خلال مسابقة رسمية أقيمت بتكليف من الفريق أسامة ربيع لتنفيذ المشروع، حيث فاز مجموعة من أبناء بورسعيد وتم تكليف القبطان النعمانى بعد تكريمه بمتابعة التنفيذ ابتداء من نوفمبر الحالى .. وسيتم أيضا إضافة مشروع سياحى جديد لمدخل القناة يكون رمزا متميزا لها ولكفاح أبنائها فى حفرها وللنضال والمقاومة الباسلة لأبناء بورسعيد 1956 لعدم احتلالها مرة أخري، كما رسموا وكشفت أوراقهم!! وجاءتنى تساؤلات من الشباب عن محاولات إسناد تنفيذ هذه المشروعات إلى شركات استثماريه غريبة عن المدينه؟! مما يدفعنا للتساؤل حول حقيقة ذلك، خاصة أن هذه المشروعات تقدم لها مبدعون من أبناء بورسعيد ومن خلال نقابة المهندسين؟! الاشارة إلى الإعداد لوضع برج أيقونى على مدخل القناة يجعلنى أدعو إدارتها الوطنية الى عرض ماكيتات ورسوم توضيحية للمشروع بعد اكتماله وبيان كيف سنحقق به جميع الأفكار التى ننشدها من بنائه ليطلع عليه أبناء بورسعيد وجميع المصريين الذين يريدون رمزا يخلد شهداء حفر قناتهم، ويرفضون أن يقف على مدخلها ما يمجد الاستعمار وجرائمه ورموزه. تصادف فى نوفمبر أيضا إعلان احتفال الأممالمتحدة باليوم العالمى للتسامح !! لا أعرف التسامح مع من .. هل مع من قتلوا وأهدروا دماء ملايين من الشعوب خاصة فى قاراتنا السمراء، أو مع الجرائم والمذابح التى ارتكبها من يعلنون أنفسهم الآن قلاعا للحرية؟! أو مع من هدموا دولا عربية كبرى بادعاء وجود أسلحة دمار شامل ثم اعترفوا بأنهم كانوا يعرفون بعدم وجودها بعد أن أسقطوا الدول ودمروا تراثها الإنسانى والحضاري، وهل يصح طى هذه الصفحات السوداء دون تقديم ما يثبت اعترافهم الصادق بما ارتكبوا من خطايا ورد بعض ما سلب ونهب من أموالها وثرواتها ويعلنون فى وثيقة عالمية اعترافهم بالتراجع والندم على جرائمهم القديمة والحديثة، وبما يقدم ضمانات بعدم المساس بأمن واستقرار واستقلال الشعوب وبذكر من يدعمون الدفاع عن الحريات الآن تضع أمامى وثائق مقاومة عدوان 1956 كيف اغتال رصاص الضباط والجنود الفرنسيين الشهيدين الصغيرين حسن حمودة ورمضان السيد وكانت جريمتهما قيادة مظاهرة والهتاف لمصر وإسقاط العدوان، وعند تقاطع شارعى محمد على وسعد زغلول اقتحمت المظاهرة الضخمة التى تجمعت حول البطلين دورية فرنسية طعن أحد جنودها البطل رمضان بسلاح بندقيته فى رقبته، ولما سقط البطل حسن من فوق أكتافه استقرت فى قلبه رصاصات مسدس ضابط فرنسى وتحكى موسوعة بورسعيد أيضا بين أهم الجرائم التى ارتكبها الضباط والجنود الفرنسيون أثناء العدوان اغتيال الشهي د جواد حسنى الذى بعد مقاومة ظن الفرنسيون أنها لفرقة بأكملها قبضوا عليه بعد ان أصابوه فى كتفه وفى نادى بورفؤاد الرياضى الذى حولوه إلى معتقل للأسرى ووضعوه منفردا فى غرفة صغيرة تحت سلم النادى وواصلوا ضربه وهو ينزف لإجباره على الاعتراف على زملائه، ونزيف دمائه ملأ جدران الحجرة بوقائع التعذيب موقع قائد فدائى كتيبة كلية الحقوق جامعة القاهرة ولما فشلوا فى الحصول على اعتراف واحد منه ادعوا إطلاق سراحه ليطلقوا الرصاص على ظهره! أرجو ألا يكون الضابط الفرنسى وهو يقتل البطل الشاب قد ردد شعار الثورة الفرنسية حرية .. إخاء .. مساواة! وإذا كان فى العمر بقيه فسأقدم بمشيئة الله فى مقال قادم بعض رموز وأبطال المقاومة الذين قاموا بحماية استقلال بلدهم وأهدوها نصر 23 ديسمبر 1956.