جامعة الأزهر تدشن مبادرة «حروف من نور» للطلاب من أصحاب البصيرة (صور)    "الصناعة" تعلن عن مستجدات تطبيق دعم المستثمرين الصناعيين الخاص بالوزارة    مدبولي يستعرض جهود تحقيق التحول الرقمي والخدمات الحكومية خلال تفقده ل "Cairo ICT"    الإكوادور تجري استفتاء شعبيا يسمح بوجود قوات أجنبية على أراضيها لهذا السبب    خالد عبد العزيز وممدوح عيد يحضران عزاء محمد صبري    محمد صلاح ينافس حكيمي وأوسيمين على أفضل لاعب في أفريقيا    مصرع سيدة وإصابة شخصين إثر انقلاب سيارة على الطريق الدولي الساحلي بكفر الشيخ    يسرا تخطف الأنظار بحضورها البارز في مهرجان القاهرة السينمائي    عرض فيلم "خريطة رأس السنة " بالسينمات في هذا الموعد    السادات وأحمد رامى    هل التبسّم في الصلاة يبطلها؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الاستثمار: مصر تتطلع للتعاون مع تشاد في تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة    وزارة الرياضة تشيد بالثورة الإنشائية بمركز التنمية الشبابية بزايد    تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في واقعة اعتداء مدير مدرسة بالإسكندرية على طالب بالركل    بسبب وجبة الإفطار.. خلاف أسري يتحول إلى جريمة مروعة تهز حي أبو يوسف بالإسكندرية    القاهرة الإخبارية: إصابة 3 فلسطينيين برصاص الاحتلال في مخيم الفارعة جنوبي طوباس بالضفة الغربية    السودان.. نيران الحرب ومخاطر التقسيم!    ألبانيا ضد إنجلترا.. شوط سلبى بتصفيات كأس العالم    مصر تتجاوز مليار دولار في الأمن السيبراني وتستعد لقيادة الحماية الرقمية    اعرفى عدد الوجبات التى يحب أن يتناولها الأبناء يوميا    هاني تمام: برنامج دولة التلاوة أعاد الريادة لمصر وجمع المصريين حول القرآن    "علوم" القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "أنت أقوى من المخدرات" غدا الإثنين.    ما حكم الامتناع عن الإنفاق على الزوجة والأولاد؟.. أمينة الفتوى تجيب    هاني تمام: برنامج «دولة التلاوة» جمع المصريين حول كتاب الله    منتخب مصر بالقميص الأحمر والأسود أمام كاب فيردي غداً    لجنة التحقيق السورية في أحداث السويداء: أوقفنا عناصر من الدفاع والداخلية وأحيلوا للقضاء    حصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    طريقة عمل الدجاج المشوي المسحب بتتبيلة لا تقاوم    وزير الثقافة: المبنى الجديد لأكاديمية الفنون فرصة لتطوير مهارات الموهوبين    محافظ الجيزة: الشعار الجديد للمحافظة يجسد إرثها الحضاري والعلمي    تعليم دمياط يواصل لقاءات مبادرة صوتك مسموع    وزارة التعليم الفلسطينية تشكر مصر على استيعاب عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين    نجل محمد صبري: والدي لم يكن يعاني من أي أمراض.. وطريقة لعبه تشبهه في كل شئ    الأهلي يستعد لتجديد عقد أحمد عابدين حال عدم تلقي عرض من فاماليكاو البرتغالي    محافظ أسوان يستقبل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة    بعد 3 أسابيع.. مبيعات فيلم السادة الأفاضل تصل إلى 350 ألف تذكرة    انطلاق حملة التطعيم ضد الحصبة للأطفال حتى 12 سنة بأسوان.. صور    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    زراعة بنى سويف تعاين مزرعتى ماشية و4 للدواجن وتصدر 6 تراخيص لمحال أعلاف    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يمنع عبور شاحنات المساعدات المحملة بالخيام والبطاطين إلى غزة    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    منافسات التارجت سبرنت تشعل اليوم الحادي عشر ببطولة العالم للرماية    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم كلثوم .. وداليدا
نشر في بوابة الأهرام يوم 28 - 11 - 2020

يجمع بين أم كلثوم و داليدا أكثر مما قد يتبادر للذهن فور سماع اسميهما معا، ربما كان الأهم هو الحيوية والذوبان والاندماج مع كلمات الأغنية واللحن و عشق الغناء وبذل الجهد المتواصل للوصول للقمة وللحفاظ عليها، والاهتمام الفائق بفعل الجديد وعدم الاكتفاء بما "ثبت" نجاحه مع الجمهور وبكل ذلك تشابهت كثيرًا أم كلثوم و داليدا .
ويقال أن أم كلثوم قالت إنها ستعتزل الغناء إذا وجدت مقعدًا "واحدًا" خاليا بأي حفلة لها، ولم يحدث.
وعرف عن داليدا حرصها على الاحتفاظ بتألقها وتوهجها على المسرح، وكانت تبذل الجهد الشاق للحفاظ على لياقتها البدنية ولأداء رقصاتها التعبيرية المصاحبة لأغانيها.
عانت كل منهما ظروفا قاسية بالطفولة؛ ف أم كلثوم نشأت في أسرة فقيرة وغنت وهي طفلة وتعبت كثيرا حتى تعلمت الغناء وتجولت بمعظم أنحاء مصر وعندما كبرت تعلمت قراءة النوتة الموسيقية وأجادت التعامل مع الموسيقى وكانت أول مطربة تفعل ذلك، ولم تكتف باجادة الغناء.
أما داليدا فكابدت طفولة صعبة، حيث التنمر ومضايقات الأطفال لها لمشكلة ببصرها أثرت عليها نفسيا كثيرا وتألمت من قسوة والدها وعنفه مع أمها خاصة بعد تعرضه لاعتقال إثر اتهام ظالم وتمنت موته للخلاص من العذاب؛ وترك ذلك جرحًا نفسيًا داخلها استمر معها طوال حياتها.
ولكنها تمكنت من صنع مكانة عالمية لها بعد مغادرتها مصر وهي شابة واستطاعت نشر مفرداتها الغنائية الجديدة، وتمكنت من النجاح بفضل صدق أحاسيسها واندماجها عند الغناء وفازت بتجاوب رائع من الجمهور بأنحاء العالم..
تتشابه داليدا مع أم كلثوم بالحرص على العلاقة الجيدة بإخوتها وبمشاركتهم الحياة وذلك ذكاء يحسب لهما، فالاستعانة بالأسرة بالعمل ومنحهم أدوارا به فائدة للطرفين؛ فسيؤمن للأهل الدخل الجيد والحياة الطيبة، ويمنح النجم الأمان "والشبع" العائلي والدعم الصادق.
أما أوجه الخلاف؛ فأهمها أن أم كلثوم تنبهت مبكرا "لأهمية" تطوير نفسها وألا تصبح "مجرد" مطربة فاهتمت بتثقيف نفسها وتعلمت لغات أجنبية ودرست التاريخ، وأحاطت نفسها بأهم مثقفي عصرها، وحرصت على تعلم ما يصقل شخصيتها "ويوسع" اهتماماتها بالحياة، ويضاعف من خبراتها، فدعم ذلك ثقتها بنفسها وساعدها على حسن اختيار كلمات أغانيها وعلى الفوز بتعامل جيد مع أهم الملحنين، وعرف عنها الدقة البالغة بالغناء؛ حتى إنها بعد تسجيلها لقصيدة على أسطوانة تنبهت لخطأ بنطق كلمة "واحدة" فأعادت تسجيلها وتحملت نفقتها لتبدو بأفضل صورة وبلا أي أخطاء.
أما داليدا "فاكتفت" بالتعامل مع الفنانين؛ ولم تحاول تطوير شخصيتها، وكلنا نحتاج لذلك دوما، وإن لم نطور من أنفسنا فحتما سنتراجع.
حصرت داليدا نفسها "بدوامات" البحث عن الحب وجعلت ذلك قضيتها في الحياة، بالإضافة للتميز في الغناء، وتسبب ذلك في ايذائها كثيرًا؛ فقد تعرضت لتجارب عاطفية أسعدتها في بداية العلاقة، ثم ألحقت بها أضرارًا نفسية قاسية، وكانت تندفع عاطفيًا ربما "للهرب" من الجراح النفسية السابقة، "وأملًا" في علاجها وإقناع نفسها بأن الحياة يمكن أن تصبح وردية، وهو أمر غير واقعي، فلابد من تنوع الألوان بالحياة، ولا مفر من التماسك عند الأزمات، مع ضرورة مراجعة أنفسنا لمعرفة دورنا في صنعها، حتى ولو بالتسرع وسوء الاختيار فيمن "نسمح" لهم بالاقتراب منا عاطفيًا أو إنسانيًا.
وعلى الوجه الآخر ف أم كلثوم تعرضت أيضًا لخسائر عاطفية وإنسانية، شأن أي إنسان، فلا أحد محصن ضدهما مهما بلغت "يقظته" أو كبرت إرادته لتجنب ما يضره.
ولكن أم كلثوم استطاعت تجاوز ذلك لوعيها بأهمية المسارعة بالنهوض، ولأن العمر لن ينتظر المستسلمين "ولتعدد" اهتماماتها بالحياة؛ ولأنها صنعت لنفسها دوائر أوسع من دائرة المطربة أو الأنثى فقط؛ فقد اهتمت بمواكبة الأحداث الوطنية بمصر مبكرًا، فسعت للغناء للضباط المشاركين في حرب 48 لدعمهم، كما كان لها دور وطني عند حرب 56 بالغناء ولرفع الحالة المعنوية وتعافت سريعًا بعد صدمتها لهزيمة 1967، وسارعت بإقامة حفلات في مختلف أنحاء العالم لجمع الأموال لدعم مصر.
واهتمت أم كلثوم بفعل الخير، وشكلت جمعية خيرية باسمها، ولكن هناك روايات كثيرة عن تعمد إحدى الشخصيات المشهورة منع ظهور جمعية أم كلثوم الخيرية للنور آنذاك، ولكن ظهرت الجمعية للنور بعد وفاة أم كلثوم بنحو 21 عامًا تقريبًا.
تجاهلت داليدا أن الجمهور يعشق صوتها وأداءها الممتلئ بالصدق والتوهج، وركزت على جمالها ورشاقتها، وتسببت في إيذاء نفسها نفسيًا وصحيًا، فقد اضطربت في أواخر أعوام حياتها؛ خوفًا من كبر السن، وكانت تتناول الطعام ثم تتعمد القئ خوفا من زيادة الوزن، وهو ما فعلته الأميرة ديانا أيضًا، ونجت أم كلثوم منه فقد تيقنت أنها صنعت لنفسها "مكانة" متميزة لم تصل إليها مطربة من قبل وأن الجمهور يأتيها وسيأتي إليها دومًا ليستمتع بغنائها، وأنها غير مطالبة ببذل ما يفوق طاقتها لإرضاء الجمهور، ولا ندعو لزيادة الوزن بالطبع، ولكن نرفض الهوس بالشكل والسعي "المحموم" لإرضاء الناس وأن نكون أسرى للصور التي "يريدون" رؤيتنا بها، فذلك يتسبب في تراجع تقدير الذات ؛ وهو مفتاح جودة الحياة وتناقصه يؤذي نفسيًا ويضعف الطاقات ويلقي ظلالا سيئة على الصحة الجسدية، وقد يؤدي للاكتئاب وللنظرة السيئة للنفس ولتراجع الجدوى من الحياة عند التقدم في العمر؛ وكأننا سلعة انتهت صلاحيتها، فيعيش الإنسان حياة غير سعيدة أو يضطر للانتحار كما فعلت داليدا ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.