موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    نائب محافظ المركزي: ملتزمين بضمان استدامة السياسات النقدية الجاذبة للاستثمار    حزب الله: اغتيال القيادي أحمد محمود وهبي في غارة إسرائيلية    فلسطين.. 3 إصابات في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين وسط خان يونس    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    الأهلي ضد جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا.. الموعد والقنوات الناقلة والمعلق والتشكيل    «من خليفة إيهاب جلال إلى أين سمعتي».. القصة الكاملة لأزمة الإسماعيلي وحلمي طولان    «صاحب المعلومة الأدق».. لميس الحديدي تهنئ أحمد شوبير على التعاقد مع قناة الأهلي    عاجل - الأرصاد تعلن تحسن الطقس اليوم وانخفاض الحرارة    مبلغ مالي غير متوقع وزيارة من صديق قديم.. توقعات برج العقرب اليوم 21 سبتمبر 2024    بحضور وزير الثقافة.. تفاصيل انطلاق الملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة    وزير الخارجية: مصر تدعم الصومال لبناء القدرات الأمنية والعسكرية    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 21-9-2024.. آخر تحديث    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    توجيه هام من التعليم قبل ساعات من بدء الدراسة 2025 (أول يوم مدارس)    موعد مباراة مانشستر يونايتد ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لخوض كأس الأمم الإفريقية    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    قتل صديق عمره .. ذبحه ووضع الجثة داخل 3 أجولة وعاد يبحث مع أسرته عنه    أنتهاء أسطورة «ستورة» فى الصعيد .. هارب من قضايا شروع فى قتل وتجارة سلاح ومخدرات وسرقة بالإكراه    النيابة تعاين الزاوية التيجانية بعد أقوال ضحايا صلاح التيجانى    استدعاء والدة خديجة لسماع أقوالها في اتهام صلاح التيجاني بالتحرش بابنتها    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    عمرو سلامة: أداء «موريس» في «كاستنج» يبرز تميزه الجسدي    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    زاهي حواس: تمثال الملكة نفرتيتي خرج من مصر ب «التدليس»    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    «البوابة نيوز» تكشف حقيقة اقتحام مسجل خطر مبنى حي الدقي والاعتداء على رئيسه    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    نوران جوهر تتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش 2024    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت يتجاوز 3000 جنيه بسوق مواد البناء اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    عمرو أديب عن صلاح التيجاني: «مثقفين ورجال أعمال وفنانين مبيدخلوش الحمام غير لما يكلموا الشيخ» (فيديو)    عودة قوية لديمي مور بفيلم الرعب "The Substance" بعد غياب عن البطولات المطلقة    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    المخرج عمر عبد العزيز: «ليه أدفع فلوس وأنا بصور على النيل؟» (فيديو)    «التحالف الوطني» يواصل دعم الطلاب والأسر الأكثر احتياجا مع بداية العام الدراسي    وزير خارجية لبنان: نشكر مصر رئيسا وشعبا على دعم موقف لبنان خلال الأزمة الحالية    أهالى أبو الريش فى أسوان ينظمون وقفة احتجاجية ويطالبون بوقف محطة مياه القرية    «جنون الربح».. فضيحة كبرى تضرب مواقع التواصل الاجتماعي وتهدد الجميع (دراسة)    لأول مرة.. مستشفى قنا العام" يسجل "صفر" في قوائم انتظار القسطرة القلبية    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    الأهلي في السوبر الأفريقي.. 8 ألقاب وذكرى أليمة أمام الزمالك    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا حبيبي يا رسول الله
نشر في بوابة الأهرام يوم 31 - 10 - 2020

يا حبيبى يا رسول الله يا من قلت فى حديثك الشريف إن الزمان سيأتى بزمان يصبح المسلم اللائذ بدينه فيه كمن يقبض بيده على جمرة من نار.. هل هذا زماننا يا نبى الله الذى ندافع فيه ضد من يجترئ على مقامك؟!.. ضد من يتطاول على سيد المرسلين ورحمة العالمين.. يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون..
يا أحب خلق الله على الله يا من كتب اسمه على عرش الرحمن وأخذ الله الميثاق لنصرته على الأنبياء والمرسلين، وجاء وصفه فى التوراة وأودعت صفاته فى الإنجيل.. إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.. يا سيد أهل الأرض.. من أنا التى تزور الأراضى المقدسة ولا ترد ساحتك لتنال نفحة من رضاك.. لا كنت ولا كان لى طريق فأنت القائل: من لم يزرنى فقد جفاني.. طرت إليك.. للمدينة المنوّرة أرتوى بحرمك النبوي..
أصلى وأسلم فأشرف الخلق يرد السلام: ما من أحد يسلم علىّ إلا رد الله على روحى حتى أرد عليه السلام.. يا شفيعى شفاعة. يا حبيب الله ضارعة للمغفرة وأنت الرسول قد استغفرت للجميع.. فى حضرتك أهمس. أغض البصر فى مقام الهيبة كما أوصانا صديقك الصديق بألا ينبغى رفع الصوت على نبى حيا أو ميتا، ويلزم الأدب فى الوقوف والخشوع والسلام، كما كان يفعل بين يدى النبى حيا تأدبا لمن يحييه ربه ليرد السلام، وهو الذى قال عنه ربه «يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون»..
أصلى وأسلم وأخشع وأتأدب فكيف بالله يعلو الصوت وفى العيون مثوى محمد المختار أشرف الخلق سيد الورى .. النور المبين الأمين الأسوة الحسنة.. إذا ما كان فى الرحاب علو يأتى فليس يا صاحب الإحسان سوى ارتفاع جيشان الدموع، ولولا أن الموت حق، ولولا أنك نهيت عن البكاء لأنفدنا عليك ماء المقلتين.. يا من أنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضله عليك عظيما..
الأنبياء يصلون بين يدى الله تعالى حتى ينفخ فى الصور. الأنبياء يصلون ويحجون ويلبون، وقد سئل كيف يصلون ويلبون وهم أموات فى الدار الآخرة وليست دار عمل، فأتى الجواب أنهم كالشهداء، بل أفضل منهم، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.. يا سيد المرسلين جاوز الظالمون المدي.. أساليب التقريع للثقافات الإسلامية والتهكم على منزلتك السامية بحجة حرية الفِكر قد استصرخت حبك فى قلوبنا. فجرت ينابيع قدرك عندنا. أشعلت جذوة الذود عن مقامك بيننا.. جمعتنا. حركت محبتنا تجاهك، وكيف لا ننسى أحقادنا وصراعنا وشعثنا وننفض كسلنا للدفاع عن صورتك الحقيقية فى قلوبنا؟
المسجد النبوي الشريف
لقد حدثتنا بأن إسلامنا يعلمنا العدالة والموضوعية فى النظر إلى الآخرين، ولهذا فواجبنا تقديم حقائق الإسلام لشعوب الغرب ضحية الثقافة المغشوشة، والفكر العنصري، والزيف الإعلامى الذى يغترف فى عدائه للإسلام وتزييفه لحقيقته من مخزون الذاكرة الصليبية القديمة، لهذا وجب على المسلمين الاهتمام بتقديم حقيقة الإسلام لإنسان الغرب.. وجب الدفاع عن الرسول النبى بمعرفة الرسول الإنسان.. الذى قال فيه ربه: «طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى» الذى جاءه المولى القدير بالنصر الكبير: «إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا».. الرسول النبى الذى اكتفى بما قاله الوحى ردا على من أنكروا رسالته: «ويقول الذين كفروا لست مرسلا.. قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب»..
محمد صلى الله عليه وسلم الذى دعا إبراهيم الخليل ربه أن يرسله إلى أبنائه من بعده: «ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم».. الداعى بالحق للحق.. السراج المنير الذى سأله على بن أبى طالب رضى الله عنه عن سنته فقال: «المعرفة رأس مالى والعقل أصل ديني، والحب أساسى والشوق مركبى وذكر الله أنيسى والثقة كنزى والعجز فخرى والزهد حرفتي، واليقين قوتى والصدق شفيعى والطاعة حسبى والجهاد خلقي وقرة عينى الصلاة وثمرة فؤادي فى ذكره وغمى لأجل أمتى وشوقى إلى ربى».. المصطفى من سئلت السيدة عائشة عن خلقه فقالت: «كان خلقه القرآن» كان قرآنا يمشى على الأرض فالقرآن الذى أوحى إليه ضبط صوتنا «واغضض من صوتك» وضبط مشيتنا «ولا تمش فى الأرض مرحًا» وضبط نظراتنا «ولا تمدن عينيك» وضبط سمعنا «ولا تجسسوا» وضبط طعامنا «وكلوا واشربوا ولا تُسرفوا» وضبط ألفاظنا «وقولوا للناس حُسنا» وضبط مجالسنا «ولا يغتب بعضكم بعضا» وضبط أفكارنا «إن بعض الظن إثم» وضبط تصريحاتنا «ولا تقفُ - لا تتتبع ما ليس لك به علم» وعلمنا العفو والتسامح «فمن عفا وأصلح فأجره على الله».... قول الحق الخالد «وإنك لعلى خلق عظيم» تقول عنه عائشة: كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته مسحا نثنيه ثنيتين فينام عليه. فلما ثنيناه ليلة بأربع استيقظ فى الصباح فقال: ماذا فرشتم لي؟ فذكرنا له ذلك فقال: ردوه بحاله فإن وطأته منعتنى الليلة بصلاتي.. أكرم البشر على ربه الرسول الإنسان يصفه ابن أبى هالة ابن السيدة خديجة قبل زواجها من رسول الله بقوله: خافض الطرف. نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء.. يبدأ من يلقاه بالسلام، متواصل الحزن، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم فى غير حاجة..
كلماته لا تهين أحدا ولا تجافى إنسانا. يعظم أمر النعمة ولا يذم أى شيء يذوقه ولا يمدحه حتى لا يقال عنه إنه يفضل طعاما عن آخر فكل رزق من الله يستحق التعظيم.. لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها.. إذا تحدث أتم الكلمات حتى يفهمها من أمامه.. وكان لا يمل التأمل.. وليست له عادات مميزة تكون ضعفا له.. ولا ينطق إلا فى حق.. كلماته موجزة لا زيادة فيها ولا نقصان.. ويسأل الحسين رضى الله عنه والده عليا بن أبى طالب: كيف كان دخول رسول الله إلى أى مكان؟! وتأتى إجابة على بن أبى طالب: كان دخوله لنفسه مأذونا له.. بما معناه أنه إذا دخل مكانا فإن ما بداخل المكان يتكشف له قبل الدخول، فلا يدخل إلا إذا كان من بداخل المكان على استعداد للقاء من هو أحب إليهم من أنفسهم.. محمد أعرب العرب من أوتى جوامع الكلم الذى قال أنا قرشى واسترضعت فى بنى سعد بن بكر له من اللسان العربى أفصحه بالنشأة القرشية البدوية.. وخير من وصف جمال فصاحته فى نطقه وكلامه السيدة عائشة حين قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل، يحفظه من جلس إليه..
الرسول الكريم من نعرفه بالوصف خيرا من معرفتنا لبعض المخلدين بصورهم وتماثيلهم التى نقلت عنهم نقل المطابقة الظاهرة إلا أنها لا تحفظهم لنا كما حفظت الروايات المتواترة أوصاف النبى فى كل حالة من حالاته وكل لمحة من لمحاته، وخلاصة المحفوظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان نعم المسمى بالمختار إذا نظر إليه الناظر رأى رجلا أزهر اللون، عظيم الهامة، واسع الجبين، سبط الشعر، أزج الحاجبين بينهما عرق يدره الغضب، أدعج العينين فى كحل، أسيل الخد، ضليع الفم، غزير اللحية، جميل الجيد، عريض الصدر، واسع ما بين المنكبين، طويل الزندين، رحب الراحة، لا بالمشذب ولا بالقصير، مربوعا أو أطول من المربوع، معتدل الخلق متماسكا لا بالبدين ولا بالنحيل، وإذا أقبل يتحرك نظر إليه الناظر فرأى رجلا يصفه الأقدمون بأنه حى القلب ويصفه المحدثون بالحركة والحيوية. يمشى كأنما ينحدر من جبل، ويرفع قدمه فيرفعها تقلعا كأنما ينشط بجملة جسمه، ويلتفت فيلتفت كله، ويشير فيشير بكفه كلها، ويتحدث فيقارب يده اليمنى من اليسرى فى أثناء كلامه وهو على هذه الحركة الحية جم الحياء: أشد حياء من العذراء نضاح المحيا إذا كره شيئا عُرِف ذلك فى وجهه، وإذا رضى انطلقت أساريره وتبين رضاه. واقترن النشاط والحياء بالقوة. ويركب الفرس عاريا فيروضه على السير، ويداعب من يحب بالمسابقة فى العدو، وتجلت تلك الروح السمحة فى علاقته بكل الناس ترحم كل ضعف وتمتزج بكل شعور.. قال أنس بن مالك رضى الله عنه: دخل النبى صلى الله عليه وسلم على أمى فوجد أخى أبا عمير حزينا. فقال: يا أم سليم.. ما بال أبى عمير حزينا؟.. فقالت يا رسول الله مات نغيره.. وكانت تعنى طيرا كان يلعب به.. فقال صلى الله عليه وسلم: أبا عميرا.. ماذا فعل النغير؟.. وكان كلما رآه قال له ذلك، ومثل هذا عطفه على الضعف البشرى فى رجل مثل عبدالله الخمار الذى لقب بهذا اللقب لما اشتهر به من السكر والدعابة، فكان النبى صلى الله عليه وسلم يحده فى الخمر ولا يتمالك أن يضحك منه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محبا للدعابة قال لعمته صفية: لا تدخل الجنة عجوز!.. فبكت فقال وهو يضحك: الله تعالى يقول: إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ففهمت ما أراد وثابت للرجاء.
وطلب إليه بعضهم أن يحمله على بعير فوعده أن يحمله على ولد الناقة فقال: يا رسول الله!.. ما أصنع بولد الناقة؟.. فقال: هل تلد الإبل إلا النوق؟.. وكان صلى الله عليه وسلم يقول مداعبا لحاضنته السوداء أم أيمن وهى عجوز: غطى قناعك يا أم أيمن! وسمعها فى يوم حنين تنادى بلكنتها الأعجمية: سبت الله أقدامكم! بنطق الثاء سينا فلم تنسه الغزوة القائمة أن يصغى إليها ويداعبها بين نذر الحرب وصليل السيوف، وأقبل عليها يقول: اسكتى يا أم أيمن فإنك عسراء اللسان!فكانت هذه الدعابة فى ذلك الموقف المرهوب كأنها تربيت سيد الفصحاء على تلك اللكنة البريئة..
الرسول الإنسان.. يحبونه ويحبهم.. فيض إنسانية امتزجت طواعية وارتجالا بجميع خصاله وعلاقاته بالناس لاسيما الضعفاء فكان أحرص على جبر القلوب وتطييب الخواطر وتوخى المواساة و اجتناب الإساءة ، يتفقد أصحابه كبارا وصغارا ويسأل عنهم، ويتحدث إلى ذوى الأقدار وعامة الناس فلا يحسب صغيرهم أن أحدا أكرم عليه منه، ويتحدث إليه من شاء فلا يقطع عليه حديثه وإن طال، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهى به المجلس، ومن جالسه يصبر عليه حتى يكون هو المنصرف، وما أخذ أحد بيده فأرسلها حتى يكون الآخذ هو الذى يرسلها.. ومن سننه التى اتبعها وأوصى باتباعها أن يجيب دعوة من دعاه ولا يرد دعوة عبد ولا خادم ولا أمة ولا فقير، وفى ذلك يقول من وصاياه فى آداب الولائم: إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما بابا، فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا، وإن سبق أحدهما فأجب الذى سبق.. يبدأ من لقيه بالسلام ويمر بالصبيان فيقرئهم سلامه، وربما خفف صلاته إذا جاءه أحد وهو يصلي ليسأله عن حاجته ويلقاه بالتحية. يتقى الغضب جهده ويعالجه إذا أحسه بعلاج من الروح، فيقبل على الصلاة والتسبيح، أو بعلاج من الجسد، فيجلس إذا كان قائما ويضطجع إذا كان جالسا، ويأبى الحركة التى ينزع إليها وهو غضبان..
لا يجلس فى مكان ثابت وإنما فى المكان الذى ينتهى به بين الناس وذلك حتى لا تكون هناك لأى إنسان مكانة فى مقعد أو مجلس.. وكان فى آدابه الاجتماعية قدوة الرجل المهذب فى كل زمان، فلم يُر قط مادا رجليه بين أصحابه، ولم يكن ينفخ فى طعام ولا شراب ولا يتنفس فى إناء وإذا أخذه العطاس وضع يده أو ثوبه على فمه، وربما نهض بالليل فيستاك بالسواك.. وما خلف عهدا وفى ذلك ما قاله عنه عبدالله بن أبى الخمساء: بايعت صلى الله عليه وسلم بيعا قبل أن يبعث وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها مكانه فنسيت ثم ذكرت بعد ثلاث أيام فجئت فإذا هو مكانه فقال: يا فتى لقد شققت على أنا هنا منذ ثلاثة أنتظرك.. كان حبيب الله يكنى أصحابه ويدعوهم بأحب أسمائهم، وكان أكثر الناس تبسما، وكان به شفقة ورحمة ورأفة بجميع الخلق حتى إن الحق تبارك وتعالى قال فى شأنه: «لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم»، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: لا يبلغنى أحد منكم عن أصحابى شيئا فإنى أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر.. النبى صلى الله عليه وسلم الشديد التواضع: خرج مرة على أصحابه متوكئا على عصا فقاموا فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضا
وقال: إنما أنا عبدٌ يأكل كما يأكل العبد ويجلس كما يجلس العبد ويقول أبوهريرة: دخلت السوق مع النبى صلى الله عليه وسلم فاشترى سراويل وقال للوزان: زن وأرجح.. فوثب البائع إلى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلها فجذب يده وقال: هذا ماتفعله الأعاجم بملوكها ولست ملكا إنما أنا رجل منكم.. ثم أخذ السراويل فذهبت لأحملها فقال: صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله.. محمد الإنسان الذى وضعت له مارية القبطية ولدا فى السنة الثامنة للهجرة ففرح الرسول فرحا عظيما، لأنه رأى فيه عوضا عما فقده بموت أبنائه الذكور من خديجة فوهب جارية لأبى رافع الذى بشره بالمولود، ثم أعلن أن مولد الطفل من شأنه تحرير الأم، وحلق شعر المولود فى اليوم السابع، وختن، ثم نحر الرسول جملين، وتصدق على الفقراء، وجاءت المرضعات يتنافسن، كل تبغى شرف إرضاع ابن رسول الله الذى سمى إبراهيم، فأعطاه الرسول امرأة البراء بن أوس، ووهبها لذلك حديقة نخيل، فخرجت المرضعة بالوليد إلى بنى مازن، وكان الرسول كثيرا ما ينطلق إليها، ويدخل البيت فيأخذ ابنه بين ذراعيه، فلا يشبع من تقبيله وشمه، وازداد حبه لمارية القبطية فاغتاظت نساؤه وأضحى البيت يضج بالمشاجرات حتى ضاق بهن الرسول فاعتزل فى مشربة له يرقى إليها بسلم من جذوع النخيل ينام فيها على حصير وعلى رأس السلم غلام له يأتيه بالطعام ويحرس المشربة التى أوصد بابها دون أعز الصحابة، وفى اليوم التاسع والعشرين فكر فى حزن عمر وأبى بكر والدى حفصة وعائشة فاستردهما مع زوجاته، إلا أن فرحة الرسول التى صاحبت مجىء إبراهيم لم تدم طويلا، فقد فارق الطفل الحياة فى رجب سنة 9 ه، وسنه لا تزيد على سبعة عشر شهرا أمام عينى أبيه اللتين فاضتا بالدموع الغزيرة، ورأى عبدالرحمن بن عوف تلك الدموع، وتذكر منع الرسول الصياح وشق الجيوب ولطم الخدود فى حالة الحداد فقال: أو لم تكن نهيت عن البكاء؟، قال: البكاء من الرحمة والصراخ من الشيطان وهطلت الدموع الغزيرة مع قوله: تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، ولولا أنه وعد صادق، وموعد جامع، فإن الآخر منا يتبع الأول، لوجدنا عليك يا إبراهيم وَجْدا شديدا ما وجدناه.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. وغسلت زهيرة أم المرضع الجسم الصغير وحمله الفضل بين العباس، وأسامة بن زيد حتى مقبرة البقيع، وأنزلاه القبر..
فلما وارت الأرض ابنه الذى عقد عليه الآمال، وقف الرسول على قبر الصغير وصلى عليه، وقال: يا بنى قل: الله ربي، والإسلام ديني، ورسول الله أبي.. وبكى الناس للمشهد متألمين، وفجأة علت الوجوه بهتة كما احتجبت السماء الصافية بحجاب رمادى وبهتت الشمس، وتضاءل ضوؤها قليلا قليلا، على أنه لم تحجبها أدنى غمامة، واعترت الطبيعة كلها رعدة خفيفة ثلجية، كرعدة الحمى، فسارع الطير إلى أوكاره الليلية يحتمى بها صائحا جزعا، ثم انطفأت الأشعة الأخيرة التى لاتزال تضيء المكان بنور باهت مخيف، فأسدلت الظلمة ثوبها على الأرض فى وضح النهار بينما تلألأت نجوم مرتجفة فى كبد السماء.. وارتاع القوم اضطرابا، وتشتت شمل الناس فلم يدر أحد أى طريق يسلك فى انتظار وقوع الدمار الأعظم، إلا أن بعضهم وقد راعه وقوع ذلك الانقلاب الطبيعى وموت إبراهيم صاح: يا رسول الله!. إن عين الشمس قد غشيتها الدموع فاحتجبت تشاركك حزنك.. فاعتدل الرسول قائما متغلبا على آلامه ليعلن بصوت ثابت لا يتململ: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، فلا ينكسفان لموت أحد من عباده ولا لحياته..
محمد.. صلى الله عليه وسلم الذى لم يَجُد الدهر بمثله لم يستطع القول الحق إلا أن يضعه على رأس قائمة العظماء الذين أسهموا إسهاما وافرا فى بناء صرح الحضارة البشرية، ويذكر مايكل هارت المؤلف الإنجليزى للكتاب العالمى «العظماء مائة على رأسهم محمد» أن سبب اختياره أنه أتى بأوفى الأديان وأتمها وأكملها، واستطاع توحيد العرب بعد شتاتهم وأنشأ منهم أمة موحدة فتحت العالم المعروف يومئذ.. وشهد شاهد من أهلها.. قال برنارد شو الكاتب الإنجليزي: إن أوروبا الآن بدأت تحس بحكمته وبدأت تعشق دينه، كما أنها ستبريء العقيدة الإسلامية مما اتهمتها به من أراجيف وأكاذيب رجال أوروبا فى العصور الوسطي، وسيكون دين محمد هو النظام الذى يؤسس عليه دعائم السلام والسعادة، ويستند على فلسفته فى حل المعضلات وفك المشكلات ثم قال: وإن كثيرين من أبناء وطنى ومن الأوروبيين الآخرين يقدسون الإسلام، ولذلك يمكننى أن أؤكد نبوءتى فأقول: إن بوادر العصر الإسلامى الأوروبى قريبة لا محالة..
وأبدًا لم تكن نبوءة برنارد شو بعيدة عن الواقع فبعد وفاته فى عام 1950 لم يمض أكثر من 70 عامًا إلا وارتفع معدل الزيادة للمسلمين في أوروبا بنسبة 8٫1٪ في مقابل 1٫8٪ لبقية اتباع الأديان الأخرى مما ترتب عليه زيادة عدد المساجد في جنوب فرنسا على عدد الكنائس وبلغت نسبة الأطفال المسلمين إلى بقية الفرنسيين 20٪، وتصاعد هذا الرقم إلي 45٪ فى مدن مثل نيس ومارسى وباريس وعليه فسيكون من كل خمسة فرنسيين مسلم واحد بحلول عام 2025، مما يعنى أنه بعد 39 عامًا ستتحول فرنسا إلى «جمهورية فرنسا الإسلامية» وكما تتوقع مؤسسة مسيحية أمريكية جاء فى صرختها التحذيرية بناء على نتائج مراكز أبحاثها القائمة علي نظرية «أن أى حضارة لا يمكن أن تدوم لأكثر من 25 عامًا إذا لم يكن معدل تكاثرها السكانى أكثر من 2٫11٪ وهو ما لم تصل إليه كل الدول الغربية، فأعلاها فرنسا 1٫8٪، وأدناها إسبانيا 1٫1٪ وأى معدل أقل من 2٫11٪ يعنى انحدارًا في وجودها الحضارى والثقافى والنتيجة التى خلصت إليها تلك الدراسات: «كلما تقلص عدد السكان تقلصت معه الحضارة وهوت نحو المنحدر».. ومن هنا فقد تصاعد عدد السكان المسلمين فى بريطانيا خلال 30 عامًا من نحو 80 ألف مسلم إلى مليونين ونصف المليون أى نحو 30 ضعفًا، وفى هولندا 50٪ من المواليد مسلمون بما يعنى أنه خلال 15 سنة سيصبح نصف سكان هولندا مسلمين، وكانت حكومة ألمانيا أول من تحدث فى هذا الموضوع علانية حين أصدرت تصريحًا رسميًا قالت فيه إن «النقص فى التعداد السكانى لا يمكن الآن إيقافه، فقد خرج الأمر عن السيطرة، وستكون ألمانيا دولة إسلامية بحلول عام 2050» وفي أوروبا يبلغ عدد المسلمين الآن نحو 52 مليونا وسيصل هذا الرقم للضِعف خلال 20 عامًا فقط مما يعنى وصول عدد المسلمين إلي 104 ملايين وعلى ذلك إذا ما حافظ هذا الانتشار على معدله فسيكون الإسلام هو الدين المُسيطر على كوكب الأرض كما جاء فى تحذير المؤسسة الأمريكية.
وتأتى المستشرقة الألمانية العالمة الجليلة سيجريد هونكة فى عام 1960 لتكتب «شمس الله تسطع على الغرب» ليظل كتابها حتى الآن الأكثر توزيعا بجميع اللغات والذى جاء بين سطوره:.. واليوم، وبعد انصرام ألف ومائتى عام، لايزال الغرب متمسكًا بالحكايات المختلفة الخرافية التى كانت الجدات يروينها، حيث زعم مختلقوها أن الجيوش العربية بعد موت محمد نشرت الإسلام بالنار وبحد السيف البتار من الهند إلى المحيط الأطلنطي. ويلح الغرب على ذلك بكل السبل: بالكلمة المنطوقة أو المكتوبة، وفى الجرائد والمجلات، والكتب والنشرات، وفى الرأى العام، بل فى أحدث حملات الدعاية ضد الإسلام.. بينما الكلمة القرآنية الملزمة كما ترد فى الآية السادسة والخمسين بعد المائتين من سورة البقرة تقول: «لا إكراه فى الدين».. فلم يكن الهدف أو المغزى للفتوحات العربية نشر الدين الإسلامي، وإنما بسط سلطان الله فى أرضه، فكان للمسيحى أن يظل مسيحيًا، ولليهودى أن يظل يهوديا، كما كانوا من قبل. ولم يمنعهم أحد أن يؤدوا شعائر دينهم، ولم يكن أحد لينزل أذى أو ضررا بأحبارهم أو قساوستهم ومراجعهم، وبيعهم وصوامعهم وكنائسهم..
لقد كان أتباع الملل الأخرى هم الذين سعوا لاعتناق الإسلام والأخذ بحضارة الفاتحين، فاتخذوا أسماء عربية وثيابا عربية وعادات وتقاليد عربية، وتزوجوا على الطريقة العربية ونطقوا بالشهادتين.. لقد كانت الروعة الكامنة فى أسلوب الحياة العربية، والتمدن العربي، والسمو والمروءة والجمال، وباختصار: السحر الأصيل الذى تتميز به الحضارة العربية، بغض النظر عن الكرم العربى والتسامح وسماحة النفس.. كانت كلها قوة جذب لا تقاوم..
فى حجة الوداع دخل الرسول مكة فى وضح النهار، وأناخ ناقته أمام باب السلام وتطلع للبيت الحرام قائلا: اللهم زد هذا البيت تشريفا وتكريما وتعظيما ومهابة وبرا، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا، وبعد أن توضأ بدأ بالحجر الأسود فقبله بينما فاضت عيناه بالبكاء.. وفى اليوم الثامن من ذى الحجة قام الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وادي منى، حيث نصبت له خيمة من صوف فصلى هناك العصر والمغرب والعشاء، وفى اليوم التالى اعتلى ناقته القصواء وسار إلى جبل عرفات بعد صلاة الفجر فاحتشد الناس على سفوح الجبل الصخرية وفى السهل والشعاب المجاورة، فخطب فيهم الرسول من فوق ناقته التى قادها بنفسه إلى قمة الجبل، ووقف أسفل الرسول ربيعة بن أمية الذى كان يردد كلماته بصوته الجهورى أثناء فترات السكوت المتعمدة لهذا الغرض.. وأتت بداية الخطبة موجهة لكل الناس بقوله: يا أيها الناس. اسمعوا قولى فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا بهذا الموقف أبدا.. فى خطبته أوصى النبى صلى الله عليه وسلم بالنساء وحذر من الشيطان وعدد الشهور الهجرية ومنها أربعة حرم، وحرم الربا.. وختم خطبة الوداع بقوله: فاعقلوا أيها الناس قولي، فإنى قد بلغت، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا، أمرا بينا: كتاب الله وسنة رسوله..
أيها الناس، اسمعوا قولى واعقلوه. تعلمن: إن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمن أنفسكم.. اللهم هل بلغت؟!
فأجابه الحجيج بصوت واحد يفيض إخلاصا وإجلالا وإيمانا: اللهم نعم.. فقال الرسول: اللهم فاشهد..
يا حبيب الله البشير والنذير الذى أتى ليعلم الأخلاق فقد أدبه ربه فأحسن تأديبه ..
يقف على عرفات ملايين الحجاج عامًا من بعد عام رضى لهم ربهم الإسلام دينا يرفعون أيديهم للسماء يلبون، تتحرك أطراف ثيابهم البيضاء فوق الرءوس فيموج سطح الجبل المقدس بملايين الأجنحة الموشكة على الطيران بينما تردد الصحراء صيحة قوية ترتفع من جنبات الوادى واحدة.. الملايين يا سيدى يا رسول الله يضعون جانبا لغاتهم الخاصة ليتحدوا فى لغة واحدة.. لغة الكتاب.. لغة القرآن الكريم المتربع على عرش عالم إسلامى يمثل ربع سكان الأرض وطنا مترابط الأوصال سهل الاتصال تبلغ مساحته خمسة وثلاثين مليونا من الكيلومترات.. الكل يتآخى لغة وقلبا.. الكل يُسقط فروق الأجناس والدرجات والأحقاد مذهبية كانت أم سياسية.. تآخيا قلت عنه يا نبى المسلمين «مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»..
و..يسأل الشيخ الشعراوي رحمه الله عن رأيه فى كتاب أحد المستهزئين بالإسلام الذى كثر عنه الحديث فى التسعينيات فرد قائلا: لم اقرأه ولن أقرأه.
فقالوا: كيف وقد كثر الكلام عنه؟!
فقرأ عليهم الشعراوي قول الله تعالى في سورة النساء: «وقد نَزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا».. ولقد كان كُفار قريش يقولون قصائد تذم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكِرام ولم تصل لنا هذه القصائد لأن المسلمين لم يتناقلوها ولم يعيروها أي اهتمام فاندثرت.. ونحن علينا أن نهمل كل ما يسىء للرسول والإسلام حتى لا نساعد فى انتشاره، ومثال ذلك عندما قام سلمان رشدى بنشر كتابه «آيات شيطانية» وطعن فى القرآن لم يلتفت إليه أحد ولكن عندما أصدر آية الله الخمينى فتوى بإهدار دمه انطلقت الأقلام في بلدان كثيرة تضامنًا معه تحت شعار الدفاع عن حرية الرأى، وتسابق الآلاف لشراء الكتاب الذى قام الخمينى بدور الإعلان المجانى له.. فهل ستؤثر سطور فى كتاب أو رسم فى صحيفة تلقى بعد ساعات من صدورها فى صناديق المهملات.. هل ستؤثر فى الإسلام ونبيه الكريم وهناك مليار ونصف المليار إنسان فى العالم يُؤمنون به منذ قرون؟!!
اعملوا بوصية عُمر رضى الله عنه «اميتوا الباطل بالسكوت عنه ولا تثرثروا فيه فينتبه الشامتون» وقال الحق «فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين. إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلهًا آخر فسوف يعلمون ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين»..
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.