عام 1866م وفي عهد الخديو إسماعيل انطلق أول برلمان في مصر، الذي عرف بمسمي "شوري القوانين" كما يطلق عليه في المراجع التاريخية، حيث تم اختيار 75 عضوًا ينتخبون لمدة ثلاث سنوات، يقوم بانتخابهم الأعيان، وكان من حظ محافظة دائرة قنا وإسنا آنذاك أن يتم اختيار عدد 3 نواب ضمتهم كتب التاريخ ومازالت منازلهم وقصورهم وخيامهم وأحفادهم موجودة وشاهدة على أول مجلس نيابي انطلق في مصر في القرن التاسع عشر. في ذات المكان الذي يطلق عليه "خيمة" في قرية حجازة بقوص تتواجد خيمة النائب علي إبراهيم عمدة حجازة بقوص جنوبي قنا بصعيد مصر، تلك الخيمة التي كانت مركزا للعمدية عام 1847م، وتتميز الخيمة بارتفاع قبوها الذي يصل إلى أكثر من 6 أمتار، والتي تجعلها تتميز بعدم اشتداد الحرارة صيفًا حيث هي مبنية بالطوب اللبن يطلق على القبو مسمى حاصل الذي يعني الغرفة. ومساحة القبو حوالي 9 أمتار عرض في 20 طول، أما مجمل الخيمة حوالي 700 متر، ورغم أن عوامل التعرية أدت لهدم أجزاء من المبنى الأصلي للخيمة إلا أنه باق على حاله، وذلك بفضل الأحفاد الذين ينظرون له أنه من تراث أجدادهم ويحافظون عليه. بعد سيطرة الخديو إسماعيل على وباء الكوليرا عام 1865م والذي قضى على 12 ألف مصري وأجنبي في مصر، تم التفكير في تأسيس أول مجلس نيابي، وكان من المعمول به أن يكون للقاهرة 3 أعضاء، وللإسكندرية عضوان، ولدمياط عضو واحد، ويقوم عمد البلاد ومشايخها بانتخاب ممثلي المديريات، بحيث ينتخب عضو أو إثنان عن كل قسم من أقسام المديريات حسب تعداد سكانه وكان نظام المجلس أن تكون دورة الاجتماع لمدة شهرين، من منتصف ديسمبر إلى منتصف فبراير، وقد اجتمع المجلس في دورته الأولى بالقلعة برئاسة إسماعيل باشا راغب. يقول علي حمادة وشهرته سامي أحد أحفاد أول برلماني في عهد الخديوي إسماعيل ل"بوابة الأهرام"، إن عمدة حجازة ينتهي نسبه للشيخ مبارك الحجازي وقد ولد عام 1816م وامتلك الكثير من الأراضي وكان نائبًا في أول مجلس نيابي واستمر بالمجلس حتى وفاته في عهد الخديو توفيق عام 1881م. ويؤكد المؤرخون أن نواب قنا وإسنا الذين تم اختيارهم في عهد الخديو إسماعيل هم كل من :عمر أفندى أبويحيى عمدة أبومناع بدشنا، محمد سحلى عمدة فرشوط، على إبراهيم عمدة حجازة بقوص وقد قرر الخديو إسماعيل عدم إعطاء مكافآت للنواب وألا يقل سن العضو عن خمسة وعشرين عامًا، ولم تصدر ضدهم أحكام جنائية أو أحكام بالإفلاس، أو الطرد من وظائفهم ويتصفون "بالرشد والكمال" ويجيدون القراءة والكتابة. أقر الخديو إسماعيل بدلات سفر النواب لمن يطلبها، ومعها وجبات الطعام الثلاث بسبب مشقة السفر التي كان يخوضها النواب لحضور جلسات مجلس شوري القوانين، وأغلبه سفر من خلال مراكب نهر النيل حيث لم تمتد خطوط السكك الحديدية آنذاك في قنا والأقصر وأسوان، وكذلك أسيوط وجرجا، حيث تم مد الخطوط السكك الحديدية في الصعيد، فيما بعد في عصر حفيده عباس حلمي الثاني. ويضيف أبو الحسن محمود من أقارب النائب ل"بوابة الأهرام "أنه في عهد الخديو إسماعيل تولى على إبراهيم منصب العمدية في قرية حجازة قبلى، وبعد ذلك منحه الخديو إسماعيل لقب البكوية وانتخب على بك إبراهيم على عبيد عمدة حجازة في مجلس شوري النواب بأول مجلس نيابي فى مصر، سنة 1866م، مؤكدًا أنه كان يسافر للقاهرة من خلال مراكب النيل والتي تطلق عليها ذهبيات حيث كان السفر يمتد لمدة يوم ونصف من قنا حتى القاهرة. وأوضح أبوالحسن أن عمدة حجازة بقوص مكث في المجلس حتى عام 1881م، في عهد الخديو توفيق وفى عام 1909حصل ابنه إبراهيم على إبراهيم على لقب البكاوية وأنتخب فى نفس العام نائبا للجمعية العمومية بالمجلس حتى عام 1913م، هذا بالإضافة إلى مجموعة من أحفاده دخلوا السباق الانتخابي في عهد الملكية وقبل وبعد ثورة يوليو المجيدة. فى 26 ديسمبر عام 1881 افتتح الخديو توفيق أعمال المجلس، وألقى خطبة الافتتاح أمام النواب، وأمر بتغيير اسم المجلس ليكون مجلس النواب المصري، بدلًا من مجلس شوري القوانين. كما أصدر تعديلات على النظام الأساسى للمجلس أهمها تحديد مدة عضوية النائب بخمس سنوات، ومدة الدورة ثلاثة أشهر فى العام، وتحديد عدد الأعضاء بثمانين عضوًا وأقر بمكافآت للنواب ورئيس المجلس. وسارت الأمور هادئة حتى دب الخلاف ما بين المجلس والنظارة بسبب تمسك النواب بحقهم في تقرير أبواب الميزانية، وازدادت الأزمة اشتعالًا بعد تدخل القنصل الإنجليزي ونظيره الفرنسي للحد من سلطات البرلمان، وانتهى الأمر بعدها باحتلال الإنجليز لمصر. وقرر الخديو توفيق إلغاء مجلس النواب على أن يستبدل به ثلاث هيئات وهي: مجالس المديريات، مجلس شوري القوانين، الجمعية العمومية. وفي شهر نوفمبر 1883 افتتح الخديوى المجلس الجديد والذى كان عدد أعضائه ثلاثين فقط منهم أربعة عشر عضوًا بالتعيين من بينهم رئيس المجلس وأحد الوكيلين، وستة عشر عضوًا بالانتخاب، وكانت هذه التعديلات التي تمت في عهد الخديو توفيق تقضي أن العضو المعين يظل شاغلًا لمقعده مدى الحياة ويتقاضى راتبًا سنويًا، أما العضو المنتخب فتسقط عضويته بعد مرور 6 سنوات. بعد كفاح الشعب المصري في ثورة 1919م تبلور الشكل البرلمانى المتعارف عليه ، فالبرلمان يتألف من حجرتين مجلس النواب ومجلس الشيوخ، أولهما يتألف من 264 عضوًا يتم اختيارهم عن طريق الانتخاب المباشر، ينوب كل نائب عن 60 ألفًا من مواطنى دائرته، أما مجلس الشيوخ فيتألف من 147 عضوًا يتم تعين خمس المجلس وينتخب الباقون بالانتخاب المباشر، وكانت مدة العضوية عشر سنوات يجدد نصفهم مرة كل خمس سنوات. ويوضح المؤرخ بحبح الحباظي مؤلف موسوعة "نواب البرلمان في الصعيد" أن أول مجلس شوري قوانين في عهد الخديو إسماعيل كان للأعيان والأغنياء فقط، مضيفًا أنه بعد حقب زمنية تغيرت المسميات في مجلس شورى النواب الذي أسسه الخديو إسماعيل سنة 1866م وإن كان أحفاد نواب أول برلمان يدخلون السباق الانتخابي حتى الآن في محافظات الصعيد، كما تغيرت القوانين كلها في المجالس النيابية من عصر لعصر في مصر. وقال بحبح الحباظي ل"بوابة الأهرام"، إن أسماء النواب الأوائل في عهد الخديوي إسماعيل منشورة في كتب التاريخ، مؤكدًا أن عددًا من المؤرخين يؤكدون أن الخديو إسماعيل لم يكن يريد حياة نيابية بالمعنى الحقيقي، وأنه أراد بتأسيس هذا المجلس أن يكون حائط صد أمام التدخلات الأوروبية المتزايدة في الشأن المصري، ولو صح هذا التفسير، فإنه لا ينتقص من دور إسماعيل في تأسيس البرلمان، حيث لجأ إلى البرلمان، وذهب إلى ممثلى الأمة المصرية ونوابها. أقدم الخيام الطينية لنواب الخديو إسماعيل بالصعيد أقدم الخيام الطينية لنواب الخديو إسماعيل بالصعيد أقدم الخيام الطينية لنواب الخديو إسماعيل بالصعيد الخديو إسماعيل .