قبل توصل العالم الفرنسي لويس باستور للقاح مرض السعار ، الذي كان ينتقل من خلال فيروسات عضة الكلب، وكان يتسبب في ترك المصابين - الذين يتم وصفهم بالمكلوبين-، في غرف مظلمة لاتدخلها الشمس، يقدم له الطعام من خلال فتحة الباب حتي الموت، وكانت هذه هي الطريقة المتبعة لإتقاء شر الذي أصابه السعار . أرق داء الكلب البشرية بأسرها في القرن التاسع عشر، فالضحايا كانوا يتساقطون من كافة أنحاء العالم، وتواكب ذلك مع وجود عدة أمراض وأوبئة تنتقل من خلال الحيوان للإنسان، مما جعل الأداة الوحيدة للسيطرة على ذلك هي صيد الكلاب والتخلص منها ، فيما انتشرت في مصر مهنة "السماوي" الذي كان يمتاز بمميزات خاصة للتخلص من الكلاب الضالة. يقول المؤرخ والأثري فرنسيس أمين ل"بوابة الأهرام " إن السماوي كان يمارس مهنته في الليل، لذلك كان عليه أن يراعي الدقة في توجيه السم للكلاب والتخلص منها، وأكد أمين أن المهنة في البداية كانت وزارة الداخلية هي المنوطة بها، بينما كان علي الصحف أن تنشر قائمة أسبوعية وشهرية، بإحصائيات الكلاب الضالة التي تم التخلص منها، في ظل الاعتقاد أنها تسبب العدوي بالعديد من الأمراض والأوبئة بالإضافة ل داء الكلب المميت. استمر الوضع كذلك حتي حاول العالم الفرنسي لويس باستور إجراء تجربة بعد تمكنه من السيطرة علي كوليرا الدجاج وتوصله لحلول للجمرة الخبيثة، وحمي النفاس، وكانت تجربته الأولي للقاح على مريضين أصيبا ب داء الكلب ، إلا أن تجربته فشلت عقب وفاة المريضين، وكانت تجربته تعتمد علي عزل الفيروس المسبب ل داء الكلب ، حيث أقدم باستور على حقنه لأحد الأرانب قبل أن يعيد عزله مرة ثانية، وعاود التجربة مرات عديدة، واتجه لاستخدامه في إنتاج اللقاح. في 6 يوليو من عام 1885م أي منذ 125 سنة، كان لويس باستر مجبرا علي إجراء تجربة ثانية باستخدام الأرانب أيضا، بعد قيام والدة طفل باستعطافه لإنقاذ طفلها الذي يبلغ من العمر 9 سنوات، بعد أن قام كلب بعضه 14 مرة في جسده، ورغم تخوّف لويس باستور من إمكانية فشل التجربة ووفاة الطفل، إلا أن العالم الفرنسي استسلم أمام إصرار والدة الطفل المصاب، ووافق على تقديم تطعيم داء الكلب للطفل، حيث قام بحقنه عدة مرات علي مستوي الجلد يوميا، ولم تظهر عليه أعراض السعار ، وبعد مرور 10 أيام شفي الطفل تماما ليشيع اللقاح في العالم، بل وتطالب به الدول التي كانت معدلات الإصابات بها مرتفعة مثل مصر. يذكر أن لويس باستور (1822- 1895م )هو أحد مؤسسي علم الأحياء الدقيقة في الطب وقد أخذ شهرة عالمية بسبب معالجته للحليب والنبيذ لعدم تسببها في المرض وهو مايعرف بنظام البسترة ، وساهمت اكتشافاته في تخفيض عدد وفيات حمي النفاس في النساء، وقد كان بارعاً في الرسم والتصوير، بالإضافة للأبحاث الطبية التي خدمت البشرية. بعد نجاح التجربة ب 4 سنوات، تحديدا عام 1889م، طالبت الصحف المصرية باستيراد لقاح داء الكلب الذي توصل له لويس باستر للمستشفيات العمومية، وذلك بسبب واقعة حدثت مع أحد الشباب بمدينة طنطا، حيث أقدم أهل الشاب على الاتجاه به للمستشفي، وقامت إدارة المستشفي بوضعه في غرفة منفردة، ظل بها المريض يهذي بكلمات غير مفهومة حتي الموت، وقالت الصحف المصرية التي رصدت أول مكلوب في مستشفي عمومي بمصر، إن مائتي جنيه قادرة علي إنشاء مستشفي لإنقاذ المكلوبين، ولا يلزم لها سوي طبيب أو مساعد أو مساعدين لمعالجة المكلوبين أسوة بجزيرة مالطة. يقول فرنسيس أمين، إن الحكومة المصرية كانت مجبرة علي عمل لائحة تنشر في الوقائع الحكومية تعرف باسم لائحة الكلب وهي لتوقيع الغرامات علي كل صاحب كلب لايضع في فمه الكمامة أو الطوق، مضيفاً أن عشرينات القرن الماضي شهدت وضع قسم بالقصر العيني لعلاج المكلوبين قبل إنشاء مستشفي متكامل في ثلاثينيات القرن الماضي، يعرف بمستشفي الكلب، والذي كان يعالج ما يقرب من 10 آلاف مصاب، كما انتشرت هواية تربية الكلاب الأليفة والاعتناء بها. مرض السعار في مصر والعالم مرض السعار في مصر والعالم مرض السعار في مصر والعالم