حديث الصور لا يحتاج عم محمد أن ينادى على بضاعته ليهل عليه الزبائن، فلا صوت يعلو فوق صوت " طشة" الطعمية وهي خارجة للتو من "طاسة" الزيت لتتجاوز سريعا أنوف العابرين وتستقر في قلوبهم، بصبر، يقف كل زبون وراء الآخر في يد كل منهم "قرطاس ورقي" لينتقي فيه من على "الشمعدان" المفروش بالبقدونس قطع "الكباب الشعبي"، يسرح في نور الشعلة الموقد تحت "الطاسة" وفي الخلفية موسيقى تعزفها تلك المفرمة التي تعد بالمزيد من العجينة الخضراء صانعة السعادة . طعمية " سخنة".. السعادة في رغيف]
في هذه اللحظة غالباً ما يكون الأمر محسوما.. إما رغيف بلدى مع باذنجان مخلل.. أو عيش "فينو" مع كيس من البطاطس المقلية، في كل الأحوال أكلة عظيمة لم يتوصل أحد لسر كل هذه السعادة التي تهبها لعشاقها.. طعمية " سخنة".. السعادة في رغيف] كل هذه الأسباب تفسر رنة الثقة التي تصدر عن شبكة القلية مرتين بيد عم محمد، مرة عندما يقلب الطعمية في "الطاسة" بعد أن تصبح نصف مستوية .. والأخرى بعد أن يصطادها جميعا ليصفيها من الزيت قدر الإمكان. اليوم، اضطرت الظروف عم محمد لارتداء الكمامة وغسيل يديه باستمرار أمام زبائنه، في قرية كفر الشيخ حسن بالبحيرة، ليؤكد لهم أن معشوقتهم لازالت على العهد ولن تنقل لهم أي عدوى. نقلا عن جريدة الأهرام