يكتب : وسط عتمة النفق العميق لوباء كورونا الذى يواصل اجتياح العالم، هناك علامات مضيئة يمكن أن تحول تلك المحنة إلى فرصة لتجاوز الكثير من الأزمات، فمن كان يتصور أن الصين ترسل معونات طبية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتتبنى شعار «إننا أمواج فى بحر واحد»، ويتصل الرئيس الأمريكى ترامب بنظيره الصينى ويبحثان سبل المواجهة المشتركة لفيروس كورونا ، كما اتصل الرئيس الأمريكى بالرئيس الروسى بوتين وبحثا كيفية الخروج من حرب أسعار النفط، الذى تهاوى سعره من نحو 60 دولارا إلى أقل من 20 دولارا، ويهدد التوازن الاقتصادى العالمى، ويزيد من مشكلاته، بكل من روسيا والمملكة العربية السعودية ويغلق شركات النفط الصخرى فى الولاياتالمتحدة حيث تتخطى تكلفة إنتاجه السعر الحالى المنخفض للغاية، خصوصا مع تراجع الطلب على النفط بسبب تفشى وباء كورونا ، فانهارت الأسعار لتضر بجميع الأطراف، فالدول المنتجة ستخسر كثيرا نتيجة زيادة الإنتاج، بالإضافة إلى دول أخرى فى أشد الحاجة إلى سعر مرتفع للبترول مثل العراق والجزائر وفنزويلا ونيجيريا وغيرها من الدول الفقيرة المعتمدة على عائدات النفط بدرجة كبيرة .. من كان يتصور أن يتصل سمو الشيخ محمد بن زايد بالرئيس السورى بشار الأسد ويقول له إن سوريا لن تكون بمفردها فى مواجهة وباء كورونا ، فى خطوة كبيرة نحو رأب الصدع وإنعاش التضامن العربى الذى دفعنا ثمنا وتكلفة كبيرين من أجله، وظهرت الدول العربية مفككة ومتناحرة، ويسهل ابتزازها أو الضغط عليها والنيل من سيادتها،.. من كان يتخيل أن طائرات شحن عسكرية تابعة للمملكة العربية السعودية تلقى عبوات من الكمامات والمواد الطبية فوق الأراضى اليمنية التى يسيطر عليها الحوثيون رغم استمرار الأزمة والاشتباكات بين القوات اليمنية المدعومة من المملكة العربية السعودية وميليشيات الحوثيين التى تفتح جبهات جديدة للقتال رغم تفشى الوباء.. من كان يتخيل أن تتوجه إيران إلى السفارة السويسرية فى طهران وتعرض على السفارة التى تتولى رعاية المصالح الأمريكية تقديم كميات من جهاز إمكانية الفحص السريع للتعرف على المصابين بفيروس كورونا إلى الولاياتالمتحدة، رغم العداء الطويل المحتدم بين إيرانوالولاياتالمتحدة، حتى لو كانت مناورة شكلية، وفى المقابل قالت الولاياتالمتحدة إنها ستفرج عن بعض الأرصدة الإيرانية لشراء معدات طبية وتقديم معونات إضافية، ويطرح وزير الخارجية الأمريكى بومبيو مخرجا سلميا للأزمة فى فنزويلا، بعيدا عن التوتر العسكرى الذى خيم على الأجواء بين فنزويلاوالولاياتالمتحدة. هذه الومضات من الأمل تأتى فى وقت يتهدد العالم «فيروس» يمكن أن يصيب أعدادا هائلة من البشر، ولا يترك دولة إلا واقتحمها، ولن تقتصر الأضرار على الإصابات والأرواح، لأن دول العالم عندما تتجاوز أزمة فيروس كورونا ستجد نفسها أمام فاتورة اقتصادية ضخمة للغاية، ستزيد من أعباء الدول الغنية والفقيرة، وترفع معدل الديون، ويتراجع النمو الاقتصادى، وإذا لم تتكاتف دول العالم فى الخروج من الأزمة الاقتصادية، ووجهت مواردها نحو التنمية فإنها ستجد نفسها أمام أخطار اقتصادية وسياسية، ولهذا وجب عليها الحد من النزاعات الدولية، وإيجاد سبل كفيلة بحل المعضلات التى تجر العالم إلى سباق تسلح وحرب باردة مرشحة لمزيد من السخونة، ولا يمكن لدول العالم أن تتحمل أزمتى أعباء كورونا والاستمرار فى النزاعات الكثيرة حول العالم، لهذا فإن صوت العقل يجب أن يعلو لإنقاذ الجميع، وفى المقدمة البلدان العربية، التى يجب أن تعيد النظر فى سياساتها، وأن تسعى إلى حل مشكلاتها بعيدا عن الصراعات الدولية، وإعادة تفعيل الجامعة العربية أو إنشاء لجنة مختصة بحل الخلافات العربية – العربية، سواء فى إطار الجامعة العربية أو لجنة حكماء يمكن لمصر أن تكون محورها لاعتبارات كثيرة، أهمها أنها أول من نادى برأب الصدع العربى، ولم تتورط فى تلك الصراعات، وسعت إلى الحلول السلمية، بديلا عن النزاعات المسلحة التى استنزفت الدماء والأموال العربية. أمامنا فرصة قد لا تتكرر، فالولاياتالمتحدة ستكون منشغلة بمشكلاتها الداخلية والدولية وتوابع خسائرها من تفشى وباء كورونا والصعود الصينى السريع، ويمكننا استغلال هذه الفرصة فى إعادة التضامن العربى، والخروج من الاستقطابات الدولية أو التخفيف منها، فالعالم بعد كورونا لن يدور فى الفلك الأمريكى، وإن كانت الولاياتالمتحدة ستظل تلعب دورا رئيسيا، لكن العالم سيكون أكثر تنوعا، مع رأى عام دولى يريد الخروج من دوامة الصراعات الدولية، وتعزيز التضامن الدولى فى مواجهة الأوبئة وحماية البيئة والحد من مخاطر التغيرات المناخية، فشعوب العالم ستكون أكثر رغبة فى إحلال السلام والرخاء، وحل الصراعات بالطرق السلمية وعلى أسس جديدة أكثر عدالة. علينا اغتنام تلك الفرصة بألا نصبح ساحة للصراعات، بل ملتقى المصالح الدولية والإقليمية، فموقعنا وتاريخنا يؤكدان أننا كنا دائما مفتاح الحل أو بؤرة الصراعات، فلنكن مفتاح الحل وملتقى القوى الإقليمية والدولية، حيث تربطنا علاقات متميزة بكل من الولاياتالمتحدةوالصين وأوروبا وروسيا وهى التكتلات الرئيسية فى العالم، ويمكن أن يصبح العرب لو توحدوا أو تقاربوا القوة العالمية الخامسة. أما سيناريو احتدام الصراعات ومحاولة الخروج من محنة كورونا عبر الهيمنة والحروب والنفوذ فهو طريق وعر وخطير، لكنه ليس مستبعدا، وعلينا أن نقف ضد المضى فى هذا الطريق الشائك والمليء بالمرارة، وقبل كل شيء علينا تعزيز التضامن والتماسك الاجتماعى، وأن يعرف كل منا أن له دورا فى إنقاذ مصر من خلال إنقاذ نفسه وكل من يحيطون به، وأن نبحث عن آليات لاستمرار العمل والإنتاج فى ظل الإجراءات الوقائية، وأن يلعب رجال الأعمال الدور المتوقع منهم فى مثل تلك الظروف، وتغليب البعد الإنسانى والاجتماعى على تحقيق المكاسب، وعندئذ سيكون لمصر دور محورى فى التقارب العربى ليكون نقطة انطلاق نحو تعافى المنطقة، وتتأهب لمرحلة جديدة لها ملامح وموازين قوى مختلفة، نكون فيها رقما مؤثرا على الساحتين الإقليمية والدولية. إن العالم يتغير وعلينا أن نواكب هذه المتغيرات بأن نفهمها ونحدد مصالحنا، ونستغل الفرص التى تمنحها، وإذا كان الشرق بزعامة الصينوروسيا والهند وكوريا الجنوبية وغيرها من الاقتصادات الناشئة سوف يتعاظم دوره، فإننا نقع فى ملتقى الطرق بين الشرق والغرب، ويمكن أن نستفيد من هذا التنوع والشراكة العالمية، وإذا كان كورونا يترك جرحا ومصاعب، فإنه يفتح أيضا أبوابا جديدة لتجاوز المحنة الجديدة والأزمات القديمة، وأحيانا تكون الصدمات العالمية فرصة لإعادة النظر فى مسارات ليس من الحكمة الاستمرار فى السير فيها، فالعولمة أمر واقع لا يمكن وقف مساره، لكن يمكن التقليل من آثاره الجانبية الضارة، بتعزيز الدور الاجتماعى للدولة ومركزيتها وروح الجماعة، أما العودة إلى الانغلاق فقد أصبحت من التاريخ، وها هو كورونا يذكرنا أننا فى كوكب واحد، وما يحدث فى دولة ينتقل إلى بقية العالم، وأتمنى أن نعى درس كورونا وأن نبدأ فى بناء منظومة عالمية جديدة تأخر وقت إصلاحها. ----------------------------------------- الأوزون سلاح فعال ضد كورونا أرسل لى الخبير الدكتور على شمس الدين الرئيس الأسبق لجامعة بنها رؤية تبعث على التفاؤل فى مواجهة فيروس كورونا وغيره من الفيروسات والميكروبات باستخدام غاز الأوزون فى التعقيم والعلاج، يؤكد فيها أن الأوزون الغنى بالأكسجين جرى استخدامه فى معالجة مياه الشرب فى فرنسا، وأنه منشط للجهاز المناعى، وأفضل المطهرات الآمنة للأغذية، وجرى استخدامه بكفاءة فى التخلص من «فيروس سارس» القريب الشبه بفيروس كورونا ، باستغلال قدرته على تحطيم الغلاف الدهنى للفيروس، ليتفاعل مع البروتين الداخلى ويبطل مفعوله، وتجرى الأبحاث لاستخدامه فى علاج المصابين بفيروس كورونا فى كل من الصينوالولاياتالمتحدة، لكن هذه البحوث تحتاج إلى استكمال يتعلق بالآثار الجانبية والتركيزات الفعالة، ويؤكد خبيرنا الكبير إمكانية وسهولة استخدام الأوزون فى تعقيم المؤسسات الطبية والأماكن التى يمكن أن تكون ملوثة بالفيروس، والأكثر عرضة لنقل العدوى، ودور المسنين والمتعاملين مع المصابين، ويحتمل نظريا استخدام الأوزون فى العلاج عبر استنشاقه فى المراحل الأولى للإصابة، عندما يكون الفيروس مستقرا فى الحلق على الأقل، ولأن الأوزون سهل استخلاصه واستخدامه، فسيكون له الدور الأكثر أهمية فى مواجهة فيروس كورونا وغيره من الفيروسات والميكروبات.