بدءا من 1 إبريل المقبل، يفترض أن يدخل حيز التنفيذ، القانون الذي وقعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتم نشره بالجريدة الرسمية، ويفرض رسما إلزاميا بنسبة 2% مقابل الإقامة في الفنادق بعموم الأناضول، يأتي هذا في وقت لم تستعد السياحة أصلا عافيتها، خاصة مع مقاطعة بلدان خليجية نافذة، وتحذيرات تطلقها بين الحين والآخر بلدان أوروبية لمواطنيها بعدم السفر إلى الأراضي التركية، تأتي في مقدمتها ألمانيا التي سبق وعبرت أكثر من مرة عن خشيتها اعتقال رعاياها بتهم سياسية ملفقة. وكان رئيس اتحاد أصحاب الفنادق الأتراك عثمان هايك، قد أكد أن النفقات التي سيتبكدها السائح حتما سترتفع، وبالتالي قد يعيد خططه وربما يقوم بإلغاء رحلته مفضلا وجهات أخرى، المعنيين بالأمر أبدوا بدورهم امتعاضهم من ذلك الأجراء الذي وصفوه بالعشوائي، لكن لم يستمع المشرعون لهم. غير أن مصائب قوم عن قوم فوائدُ، إذ نقلت صحيفة زمان قبل أسبوعين عن رئيس لجنة المنتجعات والمصحات ببرلمان القرم الروسي أليكسي تشيرنياك، قوله إن فرض ضريبة على السائحين الأجانب ب تركيا ، سيؤثر إيجابا على القدرة التنافسية للمنتجعات في القرم الروسية. وأضاف: "سيقوم أصحاب الفنادق في تركيا بتضمين هذه الضريبة بسعر الرحلة السياحية أي أن التكلفة سوف تزداد في المقابل ستتسع الفجوة بين أسعارنا المنخفضة وأسعارهم المرتفعة، وهذا أفضل بالنسبة شبه جزيرة القرم". ولأن السياحة واحدة من أهم مصادر العملة الصعبة، فعوائدها المنكمشة أثرت بالسلب على احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي ، وفي مسعى معتاد ومتكرر لحماية الليرة المنهكة منذ أكثر من 18 شهرا، وحتى لا يلتهمها الدولار الذي يصر على تجاوز سعره سقف الست الليرات كان ولابد، أن تعطي حكومة العدالة والتنمية التي يقودها أردوغان تعليماتها الحاسمة إلى البنك المركزي الذي فقد استقلاله، لوقف هذا التقهقر، فطبقا للأرقام والمعطيات الصادرة عن الأخير واستنادا لمحللين اقتصاديين فثمة تدخلات سرية حدثت للسيطرة على سعر الصرف أكبر مما كان متوقعا بكثير. وليس مصادفة، أن شهدت الاحتياطيات في البنوك تراجعا بنحو 4 مليارات و240 مليون دولار خلال ثلاثة أيام فقط في محاولة منها لوقف تدهور الليرة، وبحسب البيانات المنشورة على الموقع الرسمي للبنك المركزي فإن إجمالا العملات الأجنبية للبنك بلغت 37 مليارا و128 مليون دولار أمريكي يوم الخميس الماضي، غير أن هذا الرقم تغير بعد ثلاثة أيام وأمس الأول الثلاثاء أصبح 32 مليارا و998 مليون دولار. ووفقا لما ذكرته وكالة بلومبيرج فالتوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة، أدت إلى ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة التركية، الذي وصل إلى 5.95 ليرة، ثم ارتفع يوم 7 يناير الجاري إلى 5.99 ليرة وكشفت تقارير قيام البنوك الحكومية التركية بيع ما بين مليار ومليار ونصف المليار دولار في الأسواق، للحيلولة دون تخطي الدولار حاجز 6 ليرات. لكل هذا واستندادا لأطروحات متخصصة فالأتراك أصحبوا تُساورهم الشكوك بشأن مزاعم حكومتهم بأن الاقتصاد بدأ يميل إلى الازدهار والتعافي بيد أنهم صاروا أكثر تشاؤما بشأن المستقبل، وبينما حقق المصدرون أقصى استفادة ممكنة من انخفاض سعر الليرة، وجدوا أنفسهم الفئة الأكثر تضررا من موجة غلاء نتجت عن ارتفاع معدلات التضخم الذي عاد مجددا إلى خانة العشرات، ما حد من قدرتهم الشرائية بصورة ملحوظة ولعل تراجع انتاج ومبيعات السيارات على نحوٍ كبير، خير مثال على ما يعانية السوق وإحجام المستهلكين عن الإنفاق. في ظل هذا المأزق الذي يعيشه صانع القرار، أعلن صندوق الثروة السيادي الذي يترأسه هو ومعه نائبه وصهره وزير المالية والخزانة بيرات البيراك، إنه سيسيطر على شركات التأمين ومعاشات التقاعد المملوكة لبنوك الدولة بزعم زيادة قدرتها التنافسية العالمية، في حين ستزداد صعوبات الاقتراض من الخارج. وبحسب ما ذكره في وقت سابق المدير السابق لبلومبيرج في تركيا ، تتوقع تقارير دولية، أنّ الاقتصاد التركي مُقبل على مرحلة لا تقل صعوبة لما تكبده خلال عامي 2018 و2019 ولاسيما بسبب عدم تعافيه الكافي من مرحلة الركود واستمرار ارتفاع التضخم، ومُغادرة المستثمرين للأسواق نتيجة تخوفهم من عدم الاستقرار الذي يجتاحها.