شهد ترتيب مصر تحسنًا بمؤشر التنافسية العالمية خلال السنوات الخمس الماضية، إذ تحسن ترتيب البلاد من المرتبة 119 إلى 93 بتقرير العام الجاري 2019، وهو ما أرجعه خبراء الاقتصاد إلى انتهاج مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي عزز من حل مشكلات الاقتصاد ومعوقات جذب الاستثمار. ويعتمد ترتيب الدول على مؤشر التنافسية العالمية، الذي أطلقه المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2005، على جمع البيانات على المستوى المحلي في 12 فئة، والتي تعطي صورة شاملة عن القدرة التنافسية للدولة عند جمعها، وأظهر تقرير 2019 تحسنًا كبيرًا بترتيب مصر في عدد من المؤشرات الفرعية، منها استقرار الاقتصاد الكلي والنظام المالي وسوق العمل حجم السوق والبنية التحتية. وقال خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي انتهجته الدولة، هو كلمة السر في تحسن ترتيب مصر بمؤشرات التنافسية العالمية، موضحًا أن أفضل قرار في مسيرة الإصلاح الاقتصادي هو تعويم الجنيه واتخاذ الدولة قرار بعدم التدخل لتحديد سعر الجنيه أمام العملات الأخرى، وبمعنى أدق ترك سعر العملات لقوى العرض والطلب وعدم تحديد، فضلاً عن العمل على التشريعات الجاذبة للاستثمار وتوفيرها. أضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام" أن الاقتصاد المصري مر بفترة حرجة جدًا خلال الفترة ما بعد 25 يناير، وهو ما استدعى التدخل باتخاذ قرارات اقتصادية صعبة في فترة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأولى، لحل المشكلات التي كانت موجودة، منها وجود سوق موازية للدولار، صعوبة دخول الاستثمار نتيجة البيروقراطية، مشكلات في ملف السياحة، صعوبة تحويلات المصريين في الخارج، ترهل الجهاز الإداري للدولة، وبالتالي جاء تحرير سعر الصرف كبداية حقيقية لحل هذه المشاكل. أوضح أنه لو استمرت المضاربة على الدولار لحقق ارتفاعًا كبيرًا لا يمكن التنبؤ به، لأنه في ظل شح العملة وزيادة الطلب عليها فإن الارتفاعات كانت ستتوالي بدرجة كبيرة لولا خطوة تعويم الجنيه. أشار "الشافعي" إلى أن من أسباب تحسن تنافسية مصر، التأثيرات الإيجابية للتعويم علي القطاعات الاقتصادية المختلفة في الاستثمار سواء الأجنبي أو المحلي وأهمها القطاعات التي تسمى الحصان الرابح في جذب الاستثمار ومنها قطاع البتر وكيماويات وقطاع التعدين والمنتجات البترولية وكذا قطاع الاستثمار الصناعي ومعهم القطاع العقاري ثم القطاع السياحي وقطاع صناعات مواد البناء، وكل هذه القطاعات تطورت بصورة كبيرة مع توافر سيولة دولاريه لها. لفت إلى أن المستثمر يبحث عن بيئة ملائمة لضخ استثمار جديد أو توسعة استثماره الحالي، وهذا يرتبط بشكل مباشر بتوفير تمويل إضافي له، وهذا لم يكن متوفرا لولا تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، فتوسعات المشروعات القائمة أو عمل مشروعات جديدة، وكذلك يمكن أن ينعكس على قرارات دخول مستثمرين جدد من الخارج، وكل هذا ارتبط بملف "التعويم". أكد أنه من الأسباب التي تعزز من تنافسية مصر، ما أدى إليه تحرير سعر الصرف وتأثيره على الميزة التنافسية للصادرات التي ارتفعت من 17 مليار دولار 2016 إلي 25 مليار دولار 2018، فخفض العملة المحلية يعني أن تنافسية المنتج المصرى خارجيًا ترتفع ومن ثم يزيد الطلب عليها. نوه بأن هناك مؤشرات ينظر اليها المستثمر عند الدخول للسوق، منها الأداء الاقتصادي للدولة ككل وترتبط بعملية الاستقرار فى الوضع الاقتصادى وكذلك الاستقرار السياسى، ومدى تقلب معدل نمو الناتج المحلي ومعدل التضخم وسعر الصرف ومعدل العجز التجارى، نسبة الموازنة العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الدين العام للدولة، وتوافر النقد والتمويل، وحجم السوق واستقراره، وكل هذا تحسن بعد برنامج الإصلاح الاقتصادي والتعويم، وضع مصر على خريطة الاستثمار العالمية وعزز من تنافسية الاقتصاد. لفت إلى أن تحسن مؤشر سوق السلع، فالأسعار كان من الطبيعي أن ترتفع نتيجة تضاعف سعر الدولار ومن ثم زيادة كلفة الإنتاج، وكذلك نتيجة ارتفاع التضخم، لكن مؤشر التضخم انخفض ليقترب من 7%. ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي حسام الغايش، إن ترتيب مصر تحسن في تقرير مؤشر التنافسية العالمي من المركز 119 إلى 93 في الفترة من 2014 وحتى العام الجاري 2019، موضحًا أن برنامج الإصلاح الاقتصادي، يعد لاعبًا رئيسيًا في تحسن مؤشرات مصر بتقرير التنافسية، خاصة استقرار الاقتصاد الكلي والقطاع المالي وسوق العمل إذ تتراجع معدلات البطالة، وكذا مؤشر حجم السوق. أضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام" أن ارتفاع مصر بمؤشر التنافسية ولو بنحو طفيف، هو أمر إيجابي، لأنه يدل على استقرار الاقتصاد الكلي في مصر، وأن مؤشرات التنافسية في طور التحسن وتحقيق ترتيبات أفضل خلال السنوات المقبلة، لافتًا إلى أنه ينبغي على الحكومة أن تركز على عدد من المؤشرات لتحسينها، مثل مؤشر تكلفة بدء الأعمال، ومهارات التكنولوجيا، وسياسات التوظيف. أشار "الغايش" إلى أن هناك مؤشرات حققت نجاحات كبيرة في السوق، أبرزها، مؤشر العمالة الماهرة، والتدريب المهني، وسهولة تعيين الأجانب، والقطاع المالي، وسوق السلع، ما يعني توافر السلع في كل ومكان والحصول عليها بسهولة، بالإضافة إلى مؤشر النظام المالي، سواء القطاع المالي المصرفي أو غير المصرفي. لفت إلى أن تحسن مصر بمؤشر التنافسية، مؤشر إيجابي على حجم الاستثمارات التي ستدفق خلال الفترة المقبلة وكذا على جذب المستثمرين الأجانب والمؤسسات الاستثمارية حول العالم، إذ إن تحسن مؤشرات التنافسية يضمن للمستثمرين أنهم يعملون في بيئة استثمارية صالحة بشكل كبير. الخبير الاقتصادي حسام الغايش