نجحت البورصة المصرية في إنهاء النصف الأول من العام 2012، على مكاسب قوية رغم الاضطربات السياسية، وجاء في مقدمتها المؤشر الرئيسي الذي قفز بنحو 30 % من قيمته ( بما يعادل 1087 نقطة)، ليُنهي النصف الأول عند مستوى 4709 نقطة، قياساً بإغلاقه نهاية عام 2011 عند 3622 نقطة.وعلى نفس المنوال ارتفع المؤشر السبعيني الذي يقيس أداء الأسهم الصغيرة والمتوسطة وبنسبة بلغت 1 % عند 422 نقطة، ليغلق مؤشر المائة - الأوسع نطاقاً- عند 729 نقطة مرتفعا بنسبة 13 % خلال الستة أشهر. وكانت البورصة المصرية خسرت خلال العام 2011 ما يقارب 50 %، نتيجة سلسلة من الأحداث والاضطرابات السياسية، لتبدأ العام الجديد على ارتفاعات قوية استمرت حتى نهاية شهر فبراير ليقفز المؤشر آنذاك بمقدار 50 % متجاوزا حاجز 5400 نقطة، ومن ثم تراجع بشكل تدريجي، حتى عاد للارتفاع قبيل عدة جلسات من مستوى 4 آلاف نقطة مع انتهاء الانتخابات الرئاسية والتي أضاف على أثرها ما يناهز 700 نقطة. وارتفعت معظم الأسهم المتداولة بالبورصة خلال النصف الأول، كان أبرزها أسهم رجال الأعمال ذوات الصلة بالنظام السابق، وأبرزها أسهم حديد عز المرتفعة بأكثر من 80 %، معوضة بذلك جميع الخسائر التي منيت بها خلال عام 2011 والتي تجاوزت آنذاك ال 80 %، وعلق محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار علي أداء البورصة المصرية خلال النصف الأول لعام 2012 قائلا إن هذه الفترة كانت تمتاز بحساسية شديدة فالضغوط كانت كبيرة خصوصا و أنها جاءت في أوضاع استثنائية في ضوء الأوضاع السياسية الداخلية متزامنة مع أزمة اقتصادية عالمية مما عمق من آثارها و هو امر يجب التكاتف فية لرفع حجم التداولات و تحقيق الاستقرار للمنظومة الاستثمارية . أضاف أن مؤشرات الأداء لحركة صفقات السوق تشير إلى أن القوي البيعية كانت حاضرة طوال فترة التداول وسط غياب القوي الشرائية و الاكتفاء بمشتريات انتقائية ضعيفة نتيجة الوضع السياسي كما أن السيطرة الأقوى لازالت لنقص السيولة و الترقب الحذر للمستثمرين . وأوضح أن الأحداث السياسية والاقتصادية المحلية لعبت دور البطولة في أداء بالسوق خلال الفترة و هو ما يستلزم تفعيل أدوات لتنشيط السيولة و الإسراع بتفعيل عدد من التعديلات في منظومة التداولات لاستيعاب و معالجة سلبيات الوضع الحالي مؤكدا علي أن الأوضاع السياسية و الضغوط علي البناء الاقتصادي يمثل ضغطا إضافيا علي تحركات البورصة المصرية . وأشار عادل إلي أن الحذر والخوف لدى المتعاملين أدى لزيادة الضغوط علي السيولة كما أن المتعاملين يغيرون مراكزهم المالية ويتنقلون بين أنواع مختلفة من الأسهم مع تطلعهم للامام مع اقتراب المرحلة الانتقالية للوضع السياسي من نهايتها . وأكد علي ضرورة حدوث تغييرات تعمل على ضخ سيولة من جديد بالسوق فالفترة القادمة تستلزم توجية رسائل تطمينية مع صياغة مناخ استثماري شبة طبيعي بالبورصة المصرية و تشديد الرقابة قدر الإمكان مع حماية التداولات من أي مخاطر بالإضافة إلي العمل علي الترويج للبورصة علي كافة الأصعدة و المستويات . وأوضح نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار أن الأمر يستلزم الآن الإسراع في المنهج الإصلاحي للبورصة المصرية لمعالجة الأوضاع و المشكلات الحالية حتي لا يزيد آثارها السلبي في أي مراحل قادمة و لكي تكون البورصة مؤهلة للاستفادة من أي دفعة إيجابية منتظرة مع دخول عمليات الإصلاح السياسي و الأمني حيز التنفيذ . قال عادل إن مما يمكن ملاحظته خلال النصف الأول من العام إن قابلية المستثمرين لازالت عند مستويات ايجابية فنحن نلاحظ وجود القليل من متصيّدي الصفقات لكن المستثمرين بشكل عام في حالة من الترقب في الوقت الراهن ، لكن هناك أسبابا كثيرة تدعو إلى التفاؤل علي رأسها التحسن النسبي على الصعيد الاقتصادي وقيمة الأسهم الجيّدة علي المستوي المالي . وتوقع عادل انخفاض مخاطرة العوامل السياسية بعد تسليم السلطة للرئيس محمد مرسي مما يؤهل السوق لبدء التعافي و استرداد سيولته مشيرا إلي أن التعرف على سياسات الحكومة المقبلة بعد الانتخابات لا يختلف عن أهمية وجود الرئيس عند اتخاذ القرار الاستثماري. وأوضح أن الأوضاع بالبورصة المصرية مرتبطة بالسياسة الآن و الاستقرار هو ما سيعيد السيولة مرة أخرى للسوق و أضاف قائلا "إذا اصبح لدينا مجلس شعب وحكومة ورئيس منتخب واحترام للمؤسسات القضائية والعسكرية سيتوفر حينها المناخ المناسب للاستثمار فالمستثمرين لابد أن يتأكدوا من النمو الاقتصادي وتوافر الفرص الاستثمارية والتحرك نحو الديمقراطية حتى يعودون مرة أخرى للاستثمار في السوق " . من جانبها طالبت الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار بضرورة تشديد الرقابة علي التداولات خلال عام 2012 بالاضافة إلي العمل علي سرعة إصدار ضوابط تخارج كبار المساهمين من السوق المصري و صياغة ضوابط أكثر تشددا لتعاملات صناديق الافشور في السوق المصري و اصدار اللائحة التنفيذية الجديدة لصناديق الاستثمار المصرية لتسهيل و تطوير نظم تأسيسها و عملها في مصر . و تري الجمعية أنه مع استقرار الأوضاع السياسية المتوقع فإنه يفترض أن يعكس أداء السوق الأداء المالي للشركات وقوة تصنيفها الائتماني والفوائض المالية التي تتميز بها ميزانيتها و بما يتماشي مع متغيرات الوضع الاقتصادي و السياسي المصري خلال هذه المرحلة . و أضافت الجمعية في تقرير لها أنه نتيجة الكشف عن هياكل ملكية الشركات خلال الفترة الماضية فقد تم رصد العديد من حالات الاستحواذ علي حصص من أسهم الشركات المتداولة بنسب تتراوح ما بين 5% و 30% و تتوقع استمرار هذا الصفقات خلال عام 2012 في ضوء تطورات الأوضاع الاقتصادية و السياسية . تؤكد الجمعية علي أن مؤشرات السوق لاتزال فى انتظار قوى شرائية فعالة مصاحبة بحجم تنفيذ مرتفع حتى تعاود التماسك خاصة و أن القوي البيعية داخل البورصة قد غلب عليها الضعف مما يعني أنه يمكن تحجيم آثارها في حالة ظهور سيولة استثمارية جديدة .