ظهر يوم الخميس الماضي، حضرت أول مؤتمر صحفي عقده السفير الصيني الجديد بالقاهرة، "لياو ليتشيان"، ومن بين الموضوعات المهمة التي تطرق إليها السفير "لياو" بالشرح والتوضيح الخطة الصينية لتنمية منطقة شينجيانغ الويغورية، ذاتية الحكم، شمال غرب الصين، التي زرتها في شهر يناير الماضي، وكتبت - هنا في "بوابة الأهرام" - العديد من التقارير الميدانية عن تطورات الأوضاع الأمنية والمعيشية لجميع القوميات والأعراق والمعتقدات هناك. قال السفير "لياو ليتشيان" - في المؤتمر الصحفي - إن سفراء 37 دولة، معظمها أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، كمصر وباكستان والسعودية والجزائر، بالإضافة إلى دول أخرى، من قارات آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، أرسلوا خطابًا مشتركًا إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان والمفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة، أعربوا فيه عن تقييمهم "الإيجابي" للتطورات التي شهدتها حالة حقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ، والنتائج التي حققتها إزاء مكافحة الإرهاب والتطرف. وقال السفراء في رسالتهم: "لقد دعت الصين عددًا من الدبلوماسيين ومسئولي المنظمات الدولية والصحفيين لزيارة شينجيانغ، لكي يشهدوا التقدم الذي أحرزته قضية حقوق الإنسان، ونتائج مكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف هناك". وأكدوا أنهم رأوا وسمعوا في شينجيانغ ما يتناقض - تمامًا - مع ما ذكرته وسائل الإعلام الغربية، وحثوا "البلدان المعنية على الامتناع عن توجيه اتهامات للصين تفتقر إلى الأسس، وتستند إلى معلومات غير مؤكدة". في الوقت نفسه، نوه السفير الصيني "لياو ليتشيان" إلى أنه مع وجود التحدي الخطير المتمثل في مكافحة الإرهاب والتطرف، اتخذت الصين سلسلة من التدابير المضادة، كانت بينها إقامة مراكز تعليم وتدريب مهنية، ما جعل الوضع الأمني في شينجيانغ ينعكس تمامًا، وأن الأعوام الثلاثة الماضية لم تشهد وقوع أي هجمات إرهابية، مضيفًا أن الأهالي هناك يدعمون إجراءات الحكومة مع شعور قوي بالسعادة والرضا والأمن. أشار السفير لياو ليتشيان إلى كتاب أبيض أصدره مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني، يوضح أن منطقة شينجيانغ ظلت دومًا جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأن الويغور ليسوا أحفاد الأتراك، وأن شينجيانغ لم تكن أبدًا "تركستان الشرقية". والأمانة الصحفية تحتم نشر بعض مما جاء في الكتاب الأبيض الصيني، مع الالتزام بنشر أية حيثيات أو رؤى مخالفة تتوافر بخصوص القضية. بحسب الكتاب، فإنه منذ أسرة هان (206 ق.م-220م) وحتى أواسط وأواخر أسرة تشينغ (1644-1911)، كان يطلق رسميًا على المناطق الشاسعة في كل من شمال وجنوب جبال تيانشان في شينجيانغ اسم المناطق الغربية، وتم رسميًا اعتبار شينجيانغ ضمن الأراضي الصينية إبان أسرة هان. أوضح الكتاب أنه لطالما ظلت شينجيانغ جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأنه لم يطلق عليها أبدًا ما يسمى ب "تركستان الشرقية"، وأنه لا وجودَ أبداً لدولة عُرِفَت باسم "تركستان الشرقية". وقال الكتاب الأبيض إن قومية الويغور ظهرت خلال عملية طويلة من الهجرة والاندماج، مضيفًا أنها جزء من الأمة الصينية. وتابع: "منذ القرن الثامن عشر وحتى النصف الأول من القرن التاسع عشر، ومع قيام الغرب بالتمييز بين مختلف اللغات التركية، صاغ بعض العلماء والكُتّاب الأجانب مصطلح "تركستان" للإشارة إلى المنطقة الواقعة جنوبي جبال تيانشان وشمالي أفغانستان، التي تغطي المنطقة الممتدة من جنوبي شينجيانغ إلى وسط آسيا، وأطلقوا على المنطقتين على جانبي البامير ب "تركستان الغربية" و"تركستان الشرقية". وأضاف الكتاب الأبيض أنه وفي مطلع القرن العشرين، ومع ظهور"القومية التركية" و"القومية الإسلامية" في شينجيانغ، قام انفصاليون من داخل وخارج الصين بتَسييس المبدأ الجغرافي مُتلاعبين بمعانيه، وعملوا على تحريض المجموعات العرقية التي تتحدث اللغات التركية وتَدِينُ بالإسلام للانضمام إليهم في خلق الدولة الثيوقراطية ل "تركستان الشرقية". وأكد الكتاب الأبيض: "أن الدعوة لإقامة هذه الدولة المزعومة أصبحت أداة سياسية وبرنامجًاً للانفصاليين والقوى التي تحاول تقسيم الصين". ذكر الكتاب أنه في شينجيانغ، تتعايش الثقافات والأديان، وتوطدت الثقافات العرقية وتطورت في حضن الحضارة الصينية، وأن الإسلام ليس نظام اعتقاد أصلي لقومية الويغور، كما أنه ليس المعتقد الوحيد لهم، مشيرًا إلى أنه تجذر في الثقافة الصينية وتطور بشكل سليم. أكد الكتاب الأبيض أن تاريخ منطقة شينجيانغ الويغورية، يُظهر تعايشاً طويلاً لأديان متعددة فيها، مع غلبة واحد أو اثنين منها، وأن الهيكل الديني للمنطقة لطالما تميّز بالتمازج والتعايش. وأضاف أن الأديان المتعددة في شينجيانغ تشمل الإسلام والبوذية والطاوية والبروتستانتية والكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، كما أن لدى شينجيانغ 24800 مكان للنشاطات الدينية بما فيها المساجد والكنائس والمعابد البوذية والطاوية، يقوم عليها 29300 موظف ديني. وأشار الكتاب إلى أن الويغور ليسوا أحفاد الأتراك، ومنذ العصور الحديثة، وبدوافع خفية، وصف بعض أنصار القومية التركية جميع الناطقين باللغة التركية بأنهم "الأتراك". لكن الكتاب الأبيض يشير إلى أن الأسرة اللغوية والمجموعة العرقية مفهومان مختلفان بشكل أساسي. وذكر الكتاب أنه "في الصين، تضم المجموعات العرقية الناطقة باللغات التركية، الويغور والقازاق والقرغيز والأوزبيك والتتار واليوغور والسالار، وكل منهم له تاريخه الخاص وثقافته الفريدة"، مضيفًا "لا يمكن الإشارة إلى هؤلاء الناس بأنهم أتراك". وأضاف أن الثقافة الإسلامية الناشئة عن الحضارة العربية لم تبدأ في إحداث تأثير على ثقافات المجموعات العرقية في شينجيانغ إلا مع بداية القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، حين بدأ الإسلام الانتشار بالمنطقة. وقال الكتاب الأبيض: إنه ومنذ أكثر من ألفي سنة مضت، كانت شينجيانغ بوابة للحضارة الصينية للانفتاح على الغرب، وقاعدة مهمة للتبادل والاتصال الثقافيين بين الشرق والغرب. [email protected]