أثار مشروع حزب "الحرية والعدالة" لتعديل قانون البنك المركزى والمصرفى والنقد ردود أفعال متباينة داخل القطاع المصرفي المصري، خاصًة المواد المتعلقة بتحديد الحد الأدنى لرأسمال المركزى ب 4 مليارات بدلًا من مليار جنيه، والبنوك بملياري بدلاً من 500 مليون جنيه، بجانب زيادة الحد الأدنى بفروع البنوك الأجنبية من 50 إلى 300 مليون دولار. وتضمن مشروع القانون تعديلات جوهرية فى 31 مادة من القانون 88 لعام 2003، تتعلق بتعيين محافظ البنك لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط وتعزيز مكانته ومعاملته كنائب رئيس وزراء، وتحصينه هو ونائبيه من الإقالة والعزل واشرافه على جميع البنوك العاملة بمصر، بجانب إضافة باب كامل ينظم عمل البنوك الاسلامية يضم 15 مادة. "بوابة الأهرام" التقت بالعديد من الخبراء المصرفيين واستطلعت آراءهم حول مشروع القانون، حيث يقول عمرو طنطاوي، مدير إدارة الفروع بأحد البنوك العاملة بالسوق المصرية، إن رفع الحد الأدنى لرأسمال البنوك أمر جيد حيث يزيد قوتها وثباتها، لكن يجب تطبيقه على فترات تدريجية وليس 6 أشهر فقط، كما ينص القانون، لإعطاء الفرضة لأي بنك يبلغ رأسماله 500 مليون جينه فرصة لتوفيق أوضاعه. وأكد طنطاوي عدم وجود ضرورة لرفع رأسمال البنك المركزي إلى 4 مليارات جنيه بدلاً من مليار حاليًا، مشيراً إلى أنه مملكوك للدولة، وبالتالي الحكومة ممثلة في وزارة المالية ستتحمل عبء تلك الزيادة التي تبلغ قيمتها 3 مليارات جنيه في ظل أوضاع صعبة تشهدها البلاد حاليًا، كما أن دور البنك المركزي يتعلق بإدارة السياسة النقدية والرقابة والإشراف ولايقوم بأدوار ائتمانية. وأوضح أن رفع رأسمال الفروع الأجنبية لا يحمل أهمية كبيرة نظراً لأننا نحصل على ضمانات من الفرع الأم، مما يعني أن القانون يطالب بضمانين، رافضًا استثناء البنوك الإسلامية و"المتخصصة" من التخلص من الأصول العينية خلال 5 سنوات، موضحًا أن ذلك البند مقبولاً بالنسبة للبنوك المتخصصة لأن طبيعة عملها تحتم إمكانية أن تؤول إليها أصول عينية كبيرة، أما استثناء البنوك الإسلامية فيحمل تمييزًا بدون مبرر. وقالت فائقة الرفاعي، وكيل البنك المركزي السابق، إنها من حيث المبدأ طالبت البنك المركزي بإعادة النظر في رأسمال البنوك وزيادتها، لكنها من المنطقي أن تكون الزيادة من 500 مليون جنيه إلى مليار جنيه وليس مليارين كما يطالب القانون، بجانب توفير نسبة لحقوق الملكية لكل بنك إلى إجمالي الدخل، بحيث تكون حقوق الملكية لاتقل عن 6% من إجمالي الأصول. وبينما لم تبد "فائفة" اعتراضها على زيادة رأسمال البنك المركزي ل 4 مليارات جنيه،، قالت إن زيادة رأسمال البنوك الأجنبية إلى 300 مليون دولار سيكون عبئاً عليها، خًاصة أننا أخذنا ضمانًا من المركز الأم للبنك بكافة التزامات الفروع، بجانب ضمان من البنك المركزي الذي يوجد عنده المركز الرئيسي أيضًا، مقترحة زيادتها إلى 150 مليون دولار. وأوضحت أن البنك المركزي يرى أن تكون فترة توفيق الأوضاع يجب أن تمتد إلى 3 سنوات، على عكس حزب "الحرية والعدالة" الذي يطالب بأن تكون 6 اشهر فقط، مشيرةً إلى أن 3 سنوات فترة طويلة وربما نحتاج خلالها لزيادة جديدة، والأفضل أن تكون الفترة عام واحد، مع النظر بمدها لبعض البنوك إلى عام ونصف بناءً على اعتبارات مقنعة تقدمها تلك البنوك لحين توفيق أوضاعها. ورفضت استثناء البنوك الإسلامية من التخلص من الأصول خلال 5 سنوات موضحة أن طريقة عملها وتمويلها للمشروعات تشابه تقريبًا البنوك التجارية لكن بمرجعية إسلامية، وبالتالي لا يجب أن تمتلك أصولا عينية لفترة طويلة، فلما الاستثناء؟. وأيدت خضوع صندوق تحديث البنوك لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات لأن الصندوق لتطوير بنوك القطاع العام وبالتالي هي أموال الشعب وهذا لا يعتبر تدخلاً في عمل البنك المركزي، إلا أن الرقابة يجب أن تكون موضوعية ودقيقة وسليمة، وتتم متابعتها من قبل البرلمان أيضًا، بمعنى أن يقدم الجهاز المركزي للمحاسبات نسخة من تقريره حول الصندوق إلى مجلس الشعب. وأكدت أن متطلبات مشروع القانون الجديد تتفق في عموميتها مع مقررات لجنة "بازل"، بل إن متطلبات الأخيرة أبعد بكثير من حيث توصايتها بحسب الإدارة في استخدام رؤوس الأموال، وليس زيادتها فقط. وقالت بسنت فهمي، مستشارة رئيس أحد البنوك الإسلامية الكبرى، إن القانون يتضمن العديد من النقاط الإيجابية فيما يتعلق بزيادة رؤوس الأموال البنوك، إلا أنه لم يتحدث عن أساليب تفعيله، وكيف يمكن مضاعفة رؤوس أموال البنوك 4 مرات خلال 6 أشهر؟. وأوضحت أن القانون عبارة عن "كلام عام" ولم يضع آلية للتنفيذ، كما أن حصول المحافظ ونوابه على الحصانة يخلق بابًا خلفيًا للفساد، مشيرة إلى أن توفير السيولة بالسوق "جيد"، ويمكن منح "البنوك" فترة انتقالية تتراوح بين 3 و5 سنوات. وحول الاتهامات الموجهة للقانون بمجاملة البنوك الإسلامية واستثنائها من شرط التخلص من الأصول العينية خلال 5 سنوات، قالت: إن تلك الاتهامات نابعة من عدم المعرفة بطبيعة عمل البنوك الإسلامية المتوافقة مع الشريعة، حيث تدخل في المشروعات بنظام المشاركة، وبالتالي تؤول إليها أصولاً كبيرة، ولا يمكن المطالبة بالتخلص منها. ورفض الدكتور فؤاد شاكر، الأمين العام السابق لاتحاد المصارف العربية، ما يتعلق برفع رأسمال البنوك، قائلاً: "هتجيب منين"، موضحًا أنها ستضطر لرفع رأسمالها مستقبلاً، لكي تتوافق مع مقررات لجنة بازل. وأشار إلى أن "البنوك" لا تستطيع رفع رأسمالها حاليًا، ولابد من تنشيط السوق، وأن تصبح جاذبة للاستثمار، فنحن نحتاج إلى عام أو اثنين لحين استقرار السوق. أما محمد أوزالب، رئيس مجلس إدارة أحد البنوك الخاصة، فاكتفي بالتأكيد على أن القانون لا يزال قيد النقاش ولم يتم إقراره بعد، وحينها يمكن الحديث عن مواده.