في مثل هذه الأيام منذ عام ونصف العام كان الزخم الثوري ما زال حاضرا في الميدان، شباب يترقبون أي حركة أو حتى سكنة في الميدان بعد 3 أيام من المواجهات الدامية مع قوات الأمن، وفوق رءوسهم تحلق طائرات عسكرية إما تأمينًا أو مراقبة، وعلى أطراف ميدان التحرير –أول قطعة يسيطر عليها الثوار- كان للثورة تماثيل تحميها تجمع حولها الثوار، وأصبحت بوابات لهذا الميدان أينما ذكر اسمها في إذاعة الميدان فهذا يعني أن هناك خطرا في هذا المكان. واليوم نحاول أن نعطي لتلك التماثيل حقها المهدر، ونعيد التعريف بها كحراس للميدان وربما حراس للثورة نفسها. ميدان الفريق عبد المنعم رياض تمثال الفريق عبد المنعم رياض يقع على أطراف ميدان التحرير وتحديدا في مدخله الشمالي وكان أحد أهم وربما أخطر مداخل الميدان في اعتصام ال 18 يوما بسبب اتساعه واتصاله بكل من كورنيش النيل وشارع الجلاء وكثير من الثوار كانوا يتفادون الدخول من هذا المدخل تحديدا نظرا للتدقيق الزائد الذي كان يمارسه أعضاء لجان الحماية الشعبية لمعرفة هوية الزوار. وقد جاء بناء هذا التمثال في هذا المكان تكريما لسيرة الفريق الشهيد عبد المنعم رياض قائد أركان الجيش المصري إبان حرب الاستنزاف والذي استشهد متأثرا بشظايا أحد قذائف العدو في عام 9 مارس 1969 بعد أن كان يرى أن قيادة الحروب من المكاتب المكيفة تضمن هزيمة فورية وسريعة وأن المكان الأصلح لأي قائد هو أرض المعركة. فمن هذا المدخل كان الاقتحام الرئيسي لميدان التحرير في موقعة الجمل الشهيرة التي انطلق فيها عشرات الجمال والبغال المحملة برجال مسلحين بالشوم والأسلحة البيضاء في معظمهم ورافعين صورا للرئيس المخلوع حسني مبارك، ومن هذا المدخل كانت المواجهات الأساسية بين قوات الجيش والمتظاهرين الأقباط في أحداث ماسبيرو الشهيرة. وقد تعرض التمثال لمحاولة إزالة من قبل 3 مجهولين بينهم مصري واثنين أجانب، كانوا في حالة سكر بين على ما يبدو وصعدوا على سلم خشبي لإسقاط التمثال وهرع الشباب لحمايته بكردون بشري من حوله. ومن هذا المدخل كانت تصل مسيرات العباسية ودار القضاء العالي، ومن هذا المدخل وصلت طليعة الدبابات التي وصلت إلى ميدان التحرير عصر يوم 28 يناير 2011. سيمون بوليفار وهو الميدان المجاور للسفارة الأمريكية بوسط القاهرة بحي جاردن سيتي يقف سيمون بوليفار على قاعدته الحجرية متكئا على سيفه باعتباره أحد قادة التحرير في أمريكا الجنوبية ورمزا للحرية على أحد مداخل ميدان الحرية. واسمه بالكامل سيمون خوسيه أنطونيو دي لا سانتيسيما ترينيداد بوليفار إي بالاسيوس وعلى اسمه سميت بوليفيا باسمها الحالي ولعب دورا كبير في تحرر عدد من دول أمريكا الجنوبية، وهو مؤسس كولومبيا الكبرى وساهم في تحرير عدد من دول أمريكا الجنوبية. وفي هذا المدخل من ناحية الكورنيش وبجوار السفارة الأمريكية كانت هذه المنطقة هي في الأغلب منطقة تجمع لسيارات الإسعاف تستقبل المصابين والجرحى القادمين من ميدان التحرير، وقد بات هو المتنفس الوحيد للسيارات التي لم تستطع دخول الميدان لاعتصام هنا أو أحداث جلل هناك. وفي ميدان سيمون بوليفار كان الاعتصام الأشهر لأقارب ومؤيدي الشيخ عمر عبد الرحمن المسجون في الولاياتالمتحدة حيث طلبت جهات حقوقية عديدة في مصر بالإفراج عنه من أجل كبر سنه متهمين وزارة الداخلية بالتقاعس عن حل مشكلته. طلعت حرب وهناك في منتصف شارع طلعت حرب، يقف تمثال مؤسس الاقتصاد المصري منتصف الميدان شاهدا على أحد أكثر بوابات الميدان غزارة في عدد الزائرين القادمين من وسط البلد، وأكثر مداخل الميدان الذي يحمل طابعًا سياسيا بالضرورة بسبب وجود مقر حزب الغد في مواجهته مباشرة. يقف طلعت حرب فوق هذه القاعدة الحجرية في شارع سليمان باشا الفرنساوي سابق كأحد حراس ميدان التحرير، وذلك تكريما له على دوره في تأسيس الاقتصاد المصري الحديث وتأسيسي أول بنك وطني برأس مال مصرية هو بنك مصر فضلا عن تأسيس أول استوديو وطني هو استوديو مصر. وفي بوابة طلعت حرب بالذات لا يمكن أن ننسى من يعرفون بالمنادين الذين كانوا يطوفون على الواقفين في طوابير الدخول يؤكدون "لا يسمح لرجال الشرطة بالدخول نظرا للعلاقة المتوترة بينهم وبين الشعب المصري". سعد زغلول في حراسة أسدي قصر النيل تمثال سعد زغلول يقف مرحبا بثوار الجيزة والمهندسين القادمين من أعلى جسر قصر النيل، والذي شهد بنفسه كيف تم رشق الثوار بقنابل الغاز ورشهم بخراطيم المياه من أعلى هذا الكوبري في واحدة من أشهر ملاحم الثورة. ففي عصر يوم 28 يناير وفي الوقت الذي بدا فيه أن جمعة الغضب قد فشلت فشلا ذريعا وصلت أعداد هائلة من المهندسين والجيزة قاصدة ميدان التحرير، فواجههم الأمن بعصبية واضحة، واستعمل كل أنواع القوة معهم لردهم ولكن دون فائدة، وبحضور هذا التمثال صلى المتظاهرون صلاة العصر فوق الكوبري رغم المياه والغازات المسيلة للدموع، وأمام هذا التمثال تراجع الأمن للمرة الأولى في هذا اليوم وسمح للمتظاهرين مرغما أن يدخلوا إلى الميدان. "لاظ أوغلي" عين الأمن الساهرة وهناك وعلى بعد عدة أمتار يقف تمثال لاظوغلي في حي عابدين يقف حارسا ولكن ليس لميدان التحرير بل لمدخل وزارة الداخلية بشارع نوبار حيث يرونه كثير من الثوار باعتباره رمزا للقمع والتجسس الذي مورس عليهم لسنوات من خلال مقر أمن الدولة الذي يقع على بعد عدة خطوات من التمثال. والمفارقة الغريبة في هذا التمثال أنه يعود لشخص من أيام محمد علي يدعى لاظ أوغلي كان "كاتخدة" محمد علي أي نائب محمد علي هو مؤسس أكبر جهاز أمني لحماية نظام الوالي في هذا الوقت وقد نحت تمثال لاظ أوغلي من صورة سقا حريم كان يشبهه تماما حيث كان لاظ أوغلي قد مات وقت نحت التمثال.