ضوابط تلقي التبرعات في الدعاية الانتخاببة وفقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية    انتخابات النواب، تفاصيل مؤتمر جماهيري لدعم القائمة الوطنية بقطاع شرق الدلتا    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    وزير الري: تنفيذ 85% من مشروع المسار الناقل لمياه الصرف الزراعي للدلتا الجديد    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل ثلاثة فلسطينيين ويداهم عدة منازل بنابلس    اللجنة المصرية بغزة: استجابة فورية لدعم مخيمات النزوح مع دخول الشتاء    وزارة الدفاع الروسية تعلن إسقاط 64 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    هشام حنفي: محمد صبري عاشق للزمالك وعشرة 40 عاما    مواعيد مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    تواجد أمني بمحيط محكمة إيتاي البارود تزامنًا مع محاكمة المتهم بالتعدي على تلميذ دمنهور    الطقس اليوم السبت.. تفاصيل حالة الجو ودرجات الحرارة المتوقعة    نانسي عجرم: أنا مدرسة قديمة مع بناتي في التربية وأحب الأصول.. وحياء البنت من الأنوثة    مصطفى كامل يكشف تطورات الحالة الصحية للفنان أحمد سعد    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    وزير الصحة يستقبل وفد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية    إلى جانب القلب والسكري، دراسة حديثة تحذر من مرض قاتل بسبب السمنة    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الرئيس الأمريكي: الولايات المتحدة ستجرى تجارب نووية قريبًا جدًا    اليوم.. نظر محاكمة 56 متهما بخلية التجمع    محاكمة خادمة بتهمة سرقة مخدومتها بالنزهة.. اليوم    رفع أسعار كروت شحن المحمول| شعبة الاتصالات تكشف "حقيقة أم شائعة"    مواجهات مرتقبة ضمن التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 15 نوفمبر 2025    ضبط المتهم بصفع مهندس بالمعاش والتسبب في مصرعه بالهرم    الاتجار في أدوية التأمين الصحي «جريمة»    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة حلوان حول دور الرياضة في تعزيز الأمن القومي المصري    انفراد ل«آخرساعة» من قلب وادي السيليكون بأمريكا.. قناع ذكي يتحكم في أحلامك!    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    تفاصيل مشروعات السكنية والخدمية بحدائق أكتوبر    قتلى ومصابون باقتحام حافلة لمحطة ركاب في إستكهولم بالسويد (فيديو)    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    ترامب يعلن نيته اتخاذ إجراء قضائي ضد "بي بي سي" ويعلق على الرسوم الجمركية    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    استقرار سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري خلال تعاملات السبت 15 نوفمبر 2025    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    مستشار الرئيس الفلسطيني: الطريق نحو السلام الحقيقي يمر عبر إقامة الدولة الفلسطينية    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    مسئول أمريكي: نزيد الضغط على أطراف الحرب بالسودان نحو محادثات لوقف القتال    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    فرنسا: 5 منصات تجارية تبيع منتجات غير مشروعة    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    تصعيد جديد.. الصين تتوعد اليابان ب"هزيمة ساحقة" وتحذر مواطنيها من السفر    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    نانسي عجرم عن ماجد الكدواني: بيضحكنى ويبكينى فى نفس الوقت    شمال سيناء.. قوافل لطرق أبواب الناخبين    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    النصر يحسم لقب كأس السوبر للبوتشيا بجامعة المنوفية    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح الاقتصادي والمجتمع في تجربتي ناصر ومبارك (6)


د. حاتم عبدالمنعم أحمد
خلص المقال السابق إلى تأكيد كثير من علماء الاقتصاد على أن المؤشرات الاقتصادية منفردة لاتكفى لضمان نجاح التنمية، وتاريخ مصر الحديث، يؤكد ذلك بالرجوع لتجربتى ناصر ومبارك في التنمية؛ حيث تقاربت المؤشرات الاقتصادية المنفردة لحد كبير؛ حيث نجد أن معدل النمو الاقتصادى في الخمسينيات بلغ نحو 6%، ثم ارتفع في النصف الأول من الستينيات إلى 8%، وبلغ معدل النمو في العقد الأخير من حكم مبارك نحو 7%.
والمدهش في التجربتين هو الحس الشعبى أو رضا الشعب ففي حين وقف الشعب مع ناصر فى انتصاراته وحتى في الهزيمة، ثم في توديعه في أكبر جنازة شعبية نفس هذا الشعب خلع مبارك في انتفاضة شعبية كبيرة؛ مما يعكس أهمية الرضا الشعبى عن الإصلاح أو التنمية وهذا هو البعد الاجتماعى، وهو أهم أبعاد التنمية وأهم مؤشر لنجاح أي إصلاح أو أي نظام فبدون الرضا الشعبى أو البعد الاجتماعى لن يكون هناك تأييد أو دعم لأى إصلاح أو تنمية، وهذا هو مايسعى إليه التقييم البيئى الشامل.
وعند الرجوع لتجربتى ناصر ومبارك يتضح زيف كثير من أرقام أو معدلات النمو لتناولها جزءًا من الحقيقة أو جزءًا من الصورة وإخفاء أبعاد أخرى أكثر أهمية، ويمكن توضيح ذلك من خلال الآتى:
1- القروض؛ فقد حكم ناصر مصر نحو 18 عامًا، وكان الاقتصاد المصري مثل البقرة التي تحلب وتعيش لخدمة انجلترا - كما يقول الاقتصادى عبدالجليل العمري - لدرجة أخذ انجلترا ما تشاء من محاصيل أو خدمات باسم ديون لمصر، ولم تسدد بالطبع، وبلغ الدخل القومى لمصر قبل الثورة 50 مليون جنيه، وكان متوسط دخل الفرد سنويا 65 دولار شهريًا، ثم أصبح الدخل القومى عام 1965 خمسة مليارات دولار، وتضاعف بالتالى متوسط دخل الفرد، وكان الناتج المحلى لكوريا 3 مليارات دولار، وكان نموذج التنمية المصري الأفضل على مستوى العالم وهوالنموذج الذي سار عليه مهاتير محمد في مالزيا بعد ذلك.
واستطاع ناصر في فترة حكمه إحداث نهضة صناعية وزراعية كبرى؛ حيث أضاف مشروع السد العالي نحو 2 مليون فدان جديدة ووفر المياه للزراعة مرتين في العام مع زيادة انتاجية الفلاح 50% ونهضة صناعية كبرى من المحلة إلى أسوان إلى حلوان وشبرا ومعظم مدن الجمهورية ويقدر قيمة المصانع التي بنيت في عصر ناصر بنحو مائة مليار دولار، وكان إجمالى ديون مصر عند وفاة ناصر نحو700 مليون جنيه مصرى فقط، وكان عائد السد العالي وحده سنويا أكبر من هذا المبلغ، ويكفى ناصر أنه نجح في اعتماد مصر على المنتج المصري، وكانت مستلزمات كل بيت مصرى تعتمد على المنتج المصري فقط من تليفزيون إلى ثلاجة إلى بوتجاز إلى مروحة أو سيارة أو ملابس وغيره؛ مما ساعد على توفير فرص عمل لمعظم الشباب، وانخفضت البطالة، ونسبة التضخم لم تتعد 3%.
بينما ترك مبارك الحكم وديون مصر بلغت 35 مليار دولار على الرغم من إعفاء مصر من ديون أخرى بعد حرب تحرير الكويت، وبلغ الدين المحلى 1045 مليار جنيه مصرى، وبالطبع لم يضف مبارك صناعة جديدة؛ بل باع كثيرًا من مصانع الستينيات أو معظمها.
والمؤسف أن نظام المعاشات والتأمينات التي أنشأها ناصر تم في عصر مبارك الاستيلاء عليها بجانب بيع الأراضي للأجانب؛ مما يعنى في النهاية عدم وجود أي نمو حقيقى؛ بل تراجع شعر به الشعب بتلقايئة وبدون فلسفة المنظرين.
2- بالنسبة للاستثمار وصلت في عصر ناصر إلى 20%، وهي أعلى نسبة في هذا العصر، ولم يصل إليها عصر مبارك؛ برغم كل التنازلات التي قدمها للاستثمار، وبالنسبة للحفاظ على قيمة العملة فقد الجنيه في العصر الملكى 140% من قيمته؛ حيث كان سعر الدولار 14 قرشًا عام 1936، ثم وصل إلى 36 قرشًا عام 1951 وإلى 39 قرشًا عام 1973؛ أي لم يفقد في عصر ناصر سوى نحو 8% فقط، وكان سعره في بداية عصر مبارك 69 قرشًا، ثم وصل في نهاية عصره إلى نحو 580 قرشًا؛ أي فقد الجنيه نحو 850% من قيمته في عصر مبارك.
3- بالنسبة للخدمات؛ زاد عدد طلاب المدارس والجامعات بحو300% في عصر ناصر، وبنت مصر أكبر عدد من المدارس والجامعات والمستشفيات والوحدات الصحية، ووفرت خدمات تعليمية متميزة خرجت زويل ومجدى يعقوب والباز ومصطفى السيد.. وغيرهم، واستطاعت مصر في عصر ناصر وأثناء تولى الدكتور النبوى المهندس وزارة الصحة أن ترفع نسبة الاعتماد على الإنتاج المحلى من الأدوية من 15% إلى 85%، ثم رفعت الدولة يدها تدريجيا في عصري السادات ومبارك؛ مما أدى إلى الرجوع مرة أخرى إلى 15% إنتاج محلى من الأدوية، وتدهور كبير في مجال الخدمات بوجه عام، وخاصة في التعليم والصحة.
4- في مجال دور الدولة ومكانتها خارجيا؛ كانت مصر الناصرية تقود حركات تحرير أراضى وثروات العالم الثالث، ولها دور قيادي يفخر به أي مصرى، وكانت مصر واعية لأبعاد أمنها القومى من خلال نظم صديقة بداية من حدودها وأصدقاء يحكمون في ليبيا والسودان ومنظمة فتح في غزة، وعلاقات متميزة مع جميع الدول الإفريقية؛ خاصة دول حوض النيل وإثيوبيا؛ مما مكنها من زيادة حصة مصر بنحو 16% من نهر النيل، وللاسف ترك مبارك الحكم وحماس في غزة والبشير في السودان، وأهمل إفريقيا بوجه عام.
وداخليا كان للحكومة الدور الأكبر في الدخل القومى بنسبة 80%، ثم باع مبارك أنصبة الدولة التي تراجعت إلى 20%، وترك شبه دولة، كما قال الرئيس السيسي مؤخرًا، وهناك شهادة مهمة للاقتصادى جلال أمين أن أفضل نموذج للتنمية في مصر كان نموذج الستينيات.
الخلاصة؛ برغم تشابه بعض مؤشرات النمو في تجربتي ناصر ومبارك إلا أن الفروق شاسعة وجوهرية؛ لأن تجربة ناصر أنتجت دولة قوية قادرة على إشباع الاحتياجات الأساسية لشعبها؛ ولذلك نالت ثقة الشعب ورضاه عكس تجربة مبارك، ومن هنا أهمية التقييم البيئى الشامل بوجه عام، وأهمية البعد الاجتماعى المتمثل في الرضا الشعبى بوجه خاص.. والله الموفق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.