لم يحظ خبر موت الكاتب المكسيكي كارلوس فوونتيس بالاهتمام في الصحافة العربية على الرغم من المكانة الادبية الكبيرة التي يتمتع بها الكاتب عالميا، وبينما انشغل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " وتويتر " بشائعة تتعلق بموت الكاتب الكولومبي الأشهر جارسيا ماركيز لم يجد خبر موت فونتيس أي قدر من الاهتمام وهذه مفارقة عدها مدون ونشطاء اشارة الى طابع الواقعية السحرية الذي يتجلى في أدب امريكا اللاتينية و يعمق من هذه المفارقة أن اعمال فونتيس حظيت بترجمات عربية عديدة وفي مصر تحديدًا نشر له المشروع القومي للترجمة، ترجمة عربية متميزة لروايته " موت أرتيميو كروث " أنجزها المترجم القدير أحمد حسان كما ترجمت له سلسلة الجوائز رواية " كرسي النسر " التي ترجمت في سوريا بعنوان أخر هو " كرسي الرئاسة". مات فونتيس عن عمر يناهز الثالثة والثمانين بعد مشاكل صحية جراء إصابته بأمراض في القلب. وهو من مواليد في مدينة بنما سيتي لأبوين مكسيكيين، يعد أحد أبرز كتاب أمريكا اللاتينية وأكثرهم شعبية، حيث يعود إليه الفضل هو وأقرانه من عمالقة روائيي أمريكا اللاتينة في نقل أدبهم إلى العالمية . ورشح مرات عدة لنيل جائزة نوبل في الآدب، وعرف بانتقادته الحادة لسياسات الولاياتالمتحدة خاصة المتعلقة منها بالهجرة والتي تجسدت بشكل واضح في روايته المعروفة باسم "الحدود الكريستالية. وعلى الرغم من شهرته العالمية ظل أدب فوتيس أدب خاص بمعنى أنه لم يجد الذيوع الذي وجده أدب ماركيز الذي تحول إلى ظاهرة أدبية منذ فوزه بجائزة نوبل في حين لم يجد فونتيس الحظ نفسه إذ ظل مرشحا أبديا لهذه الجائزة التي أخطأت الوصول اليه . وهو خطأ ربما سبب له الكثير من المرارات لكنه تمكن من تجاوزه بفضل المكانة التي نالها على صعيد أمريكا اللاتينية كلها ، ففي المسكيك يعتبرونه رمزا قوميا منذ ان صدرت روايته الاولى "«المنطقة الأكثر شفافية» التي اكلمت هذا العام نصف قرن من عمرها ودخلت بصاحبها التاريخ الادبي من أوسع أبوابه لانها رواية مدينة تؤرخ لتحولات مرت بها مسكيبكو سيتي ويرى نقاد أنها تؤرخ ل «بداية عصر الرواية الحديثة في المكسيك»، وهي تطرح انتقادات مباشرة للإرث الذي خلفته الثورة المكسيكية (1919- 1917) وتعيد بناء الذاكرة الوطنية كما تؤرخ للحظة القطيعة مع الأدب التقليدي السابق». وكانت ناشرة الرواية طرحت طبعات شعبية من العمل لمناسبة مرور نصف قرن على نشره مشيرة الى الجرأة التي يتحلى بها هذا العمل الذي طرح على بساط البحث مسألة «العائلات المحمية والطبقات المقتدرة» في المكسيك، حيث يصار لأول مرة إلى الكتابة بأسلوب يقوم على اللهجة الشعبية التي تتكلمها مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية» في عاصمة البلاد. وفي الترجمة العربية لرواية " موت أرتيميوكروث " نشر أحمد حسان مقالا يعرف بأدب فونتيس مشيرًا إلى أن فونتيس ينتمي الى طائفة من الكتاب الذين خلقوا " الرواج " لأدب أمريكا اللاتينية وهو ضمن طائفة ضمت معه ماركيز وماريو فرجاس يوسا وخوليو كورتاثار ومن بين أعماله" الجرينجو العجوز وكريستوبال نوناتو "" علاوة على رائعته القصيرة " أورا " اضافة الى مجموعاته القصصية " الأيام الممتعة " ونشيد العميان وشجرة البرتقال " ونال العديد من الجوائز أبرزها جائزة ثربانتيس / نوبل الاسبانية عام 1987 وتمتع فونتيس في سنواته عمره الأولى بانتقالات من بين عديد من بلدان امريكا اللاتينية الى ا ن نال درجة الدكتوراة في جنيف وبفضل هذه الخبرة طوع الكثير من تراثه ووضعه في سياق التراث الانساني كما تأثر بالسينما تأثرا عميقا إلى حد وصف أعماله بأنها ذات بنية سينمائية في اعماقها ويرى البعض أن أدبه إجمالا هو إعادة بناء لذاكرة المسيك في استمراريته الزمنية بين مراحل تجمع اليوتبوبيا والملحمة والاسطورة ووفقا لهذا المفهوم لم ينظر للتاريخ باعتباره موضوعا للقداسة بقدر ما كان ساحة للاشتباك وطرح تصورات نقدية لإعادة بناء الماضي فكما يقول " عن طريق نقد الاسطورة نعيد تفعيل الماضي " كما اعتبر دائما أن المسكيك بلد اللحظة الراهنة، وفيه الغد دائما غير محتمل وخطر تماما ووفقا للمقدمة الملحقة بالترجمة العربية لرواية " موت أرتيميو كروث " فإن روايات فونتيس قدمت رواية اجتماعية بأفضل المعاني كما أنها قدمت تجديدًا لغويًا انطلق من وعي الكاتب بما يمكن تسميته باضفاء نزعة ثورية على اللغة فهو كان يؤكد دائما" استخدامنا الحقيقي للغة يخضعها لنزعة ثورية يومية تتمثل في وضع كل شيء موضع تساؤل".