انعقد أمس الأحد، الصالون الأول لمجلة "البيت" الصادرة عن مؤسسة الأهرام، تحت عنوان "شانت أفيديسيان.. أيقونة مصرية"، بحضور عدد من الفنانين والكتاب والأكاديميين. وخصصت المجلة جلسة صالونها الأول لمناقشة حياة وأعمال الفنان المصري من أصل أرميني، شانت أفيديسيان (1951-2018)، والذي احتلت إحدى لوحاته غلاف عدد ديسمبر من المجلة. وشانت أفديسيان فنان مصري من أصول أرمينية، ولد في صعيد مصر، وعرف بهويته البصرية المتفردة والتي استخدمها لتخليد شخصيات أيقونية مصرية في لوحاته كأم كلثوم وسعاد حسني، وعبدالحليم حافظ، والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ويوسف وهبي وأسمهان. وعبرت سوسن مراد عز العرب، رئيسة تحرير مجلة البيت عن تقديرها الشديد لأعمال أفيديسيان الذي "تشعرك أعماله بحميمية تجعلك قريبًا من الفنان وكأنك وتعرفه جيدًا"، مضيفة أن أعماله جعلتنا نرى الدنيا بعين مختلفة، وخاصة حين رسم فنانين وشخصيات محبوبة لدينا، بأسلوبه الذي جعلنا نراهم في ضوء آخر. وكشفت عن أن لوحة أفيديسيان لسعاد حسني، والتي كانت وجه المجلة لعدد ديسمبر، هي من مقتنيات الدكتور محمد أبو الغار، الذي يعد أحد أبرز مقتني الأعمال الفنية في مصر. وقالت إن صالون مجلة البيت سيعقد بصفة شهرية، ليكون منصة للتحاور حول الإبداع في المجالات المختلفة، حيث نناقش موضوعًا مختلفًا كل شهر يلمس قضايا الإبداع في مصر، مشيرة إلى أن الصالون يتطلع إلى أن يكون منصة للتحدث بحرية وموضوعية في الوقت ذاته. من جانبه قال الكاتب الصحفي بالأهرام، سيد محمود، إن شانت كان عظيمًا على المستوى الإنساني والفني، إذ كان شخصًا متسامحًا منذ أول لقاء بينهما، وكسر هيبة الفنان الكبير، وتحدث ببساطة شديدة وحكي عن معاناته في حياته. وقال إن شانت لم يكن متعاليًا على فكرة الفنان التجاري، وأن تصوره عن اللوحة هو أنه في لحظة معينة تتجاوز اللوحة وظيفتها الفنية وتنتقل إلى حيز تجاري. وأضاف أن شانت أخبره أنه تعلم على فنان يدعى جسور، كان يرسم أفيشات الأفلام بسينمات الدرجة الثالثة، وأنه هو الفنان الحقيقي. وقال محمود، إنه تقابل مع شانت في السنوات الأخيرة، والتي كان منعزلاً فيها عن العالم عدة مرات، وأن حواراتهما لم تكن أبدًا للنشر إذ لم يرد شانت كسر عزلته وكان رافضًا مجرد التفكير في الأمر. وأضاف أن ما خلص إليه من تلك الحوارات أن شانت كانت دائمًا مهمومًا بهويته وبسؤال "كيف أقدم نفسي إلى هذا البلد"، فطوال الوقت كان يجيب عن هويته. وعن المصادر الأساسية في تكوين تصوراته البصرية قال محمود، إن شانت المولود في الصعيد، والذي قضي قسطًا من حياته ببولاق الدكرور استقى الكثير من تصوراته البصرية من الخط العربي الموجود بمسجد بولاق أبو العلا، والذي يضم عددًا مهولاً من لوحات الخط العربي. وأشار إلى أن شانت كان يرى نفسه دائمًا كفنان شعبي، رغم كونه غير مشهور، بمعنى أن يستقي تصوراته من مفردات عامية وشعبية، كما كان ينظر إلى نفسه كرسام مناظر وكان يقول بعد الثورة وانتشار فن الجرافيتي بشكل واسع إنه رسام جرافيتي قبل رسم الجرافيتي، وكان يقصد في الحقيقة من ذلك التواضع والإشارة إلى التشابه بين أسلوب لوحاته ورسومات الجرافيتي على الحوائط. وقال إنه كان يعتقد دومًا أن هناك شخصيتان يمكنهما أن يكونا رموزًا قومية، وهما أم كلثوم وبعدالناصر، وقد وجد شانت في صورة أم كلثوم هويته. وأشار محمود إلى تأثر شانت بفن الخيامية، إذ كان حرفيو الخيامية هم من علموه ترصيع اللوحات، وكان يزورهم ويعمل معهم، ومن هنا أتي تأثره بالتطريز والكولاج. وبحسب محمود فإن شانت لم يضايقه وجود من قلدوا أو حاكوا أسلوبه، إذ كان يري أن كل شخص مؤثر هو صاحب أثر، وأي قيمة لفنان تأتي ممن جاءوا بعده، و"كلما وجدت نفسك في لوحة لفنان آخر فإن ذلك نوع من الاعتراف بتأثيرك". من جانبه قال الدكتور هيثم نوار، الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ورئيس قسم التصوير بالجامعة، إن شانت أفيديسيان من الفنانين الذين تندرج أعمالهم تحت نطاق التصميم الجرافيكي، إذ يستخدم الكثير من أساليب ومعالجات الجرافيك في أعماله، إذ أن الطريقة التي يعالج بها اللوحة والسطح معالجة جرافيكية بحتة. وعرضت نادين عبدالغفار صاحبة دي إيجيبت، رسالتين للصالون من روز عيسى، وكيلة أعمال شانت بلندن، وسلمي توقان، قيمة فنون الشرق الأوسط والمعاصرة بمتحف فيكتوريا وألبرت بلندن، وأشادت روز بأعمال شانت وأشارت إلى تقديره للعمارة الإسلامية، وأعربت سلمى توقان عن سعي متحف فيكتوريا وألبرت إلى ضم مجموعة من أعماله. من جانبه قال المصور الفوتوغرافي، عماد عبدالهادي، إن اختيار مجلة البيت للوحة فنية لتكون غلافها لأول مرة منذ صدورها كان خطوة جريئة لتكريم فنان كبير. وقال إنه بحث عن لوحات غير معروفة لشانت أفيديسيان لتكون غلافًا للمجلة وبحث لدي الكثير من المقتنين لكنه وجود ضالته بمحض الصدفة لدى الدكتور محمد أبو الغار الذي يملك لوحته لسعاد حسني. . . . .