مع إعلان وزيرة الصحة، د. هالة زايد، فتح باب التسجيل "للأدوية المتماثلة" لنفس الدواء الواحد، يطرح تساؤلا: هل يضع القرار حدًا للممارسات الخاطئة تجاه المريض من بعض شركات الأدوية وتجاوزات بعض الأطباء؟ يقع المريض ضحية لبعض تجاوزات الأطباء والمنافسة الشرسة بين شركات الأدوية، التي تنافس على ترويج منتجاتها، بعد كتابة روشتة لأدوية معينة ذات علامة تجارية محددة، فضلا عن أنها غير متواجده بالسوق. "بوابة الأهرام"، تحقق في سبب كتابة الطبيب دواء غير موجود بالسوق، وسبب إصراره على علامة تجارية معينة، لتكتشف أن وراء هذا الإصرار صفقات غير مشروعة لبيع نوع معين من الدواء لتحقيق مكاسب لشركات الأدوية وللطبيب. هدايا للأطباء قال رئيس شعبة أصحاب الصيدليات بغرفة القاهرة التجارية، د. أمير هارون، إن هناك عددا من الأطباء يعقدون صفقات مع شركات الأدوية؛ لكتابة دواء معين في الروشتة لتسويقه وبيع أكبر كمية منه؛ نظير ذلك يحصلون على هدايا ومميزات من شركة الأدوية، "صاحبة الصفقة"، والتي تصل إلى السفر للخارج بحجة حضور ندوة علمية تعقدها الشركة المصنعة للأدوية، موضحا "بهذه الطريقة يجبر الصيدلي، على بيع صنف معين، على الرغم من وجود عدة أصناف بنفس المادة الفعالة". 12 مثيلا لنفس الدواء وأضاف أن هناك 12 مثيلا لكل دواء واحد، تحتوي على نفس المادة الفعالة، مع اختلاف الاسم التجاري، ولها نفس الأثر الطبي، ولذلك يتم مثل هذه الاتفاقات بين الأطباء وشركات الأدوية بسبب المنافسة بينهم. المريض والدواء المصري ضحايا شركات الأدوية العالمية وتابع: إن شركات الأدوية تعمل على ترويج منتجاتها من خلال تقديم مغريات للأطباء، "هدايا ونسب من الأرباح"؛ ليتحمل المريض نتيجة هذه الصفقات؛ والتي تظهر في إصرار الطبيب على صرف صنف معين من الدواء، ليبدأ المريض في رحلة البحث عنه، لافتا إلى أن "هناك أطباء يصرون على كتابة دواء معين؛ وذلك لعدم ثقتهم في الدواء المصري، على الرغم من أن الدواء المصري متوافر وذو كفاءة". الصيدلي طرف ثالث وأشار إلى أن الحل لإنهاء صفقات الأدوية بين الطبيب وشركات الأدوية، يكمن في إدخال الصيدلي كطرف ثالث لحماية المريض من هذه الصفقات؛ بمعنى أن مهمة الطبيب تقتصر في تشخيص المرض، وكتابة الاسم العلمي للدواء فقط؛ وبذلك يمنع المصالح الشخصية، موضحًا أن دور الصيدلي، يكمن في عرض الدواء المناسب، والذي يحمل نفس المادة الفعالة على المريض الذي بدوره أصبح طرفًا رابعًا في اختيار الدواء بالسعر الذي يتناسب مع إمكانياته المادية، وبذلك نقضي على "سبوبة الصفقات". ## وأكد أن دخول الصيدلي طرفًا ثالثًا، لن ينقل الصفقات من الطبيب إلى الصيدلي، الذي سيقتصر دوره على عرض الدواء الواحد بأسعاره المختلفة، وبنفس المادة العلمية فقط على المريض، الذي سيقوم باختيار الدواء بناء على إمكانياته المادية. عيادات تبيع الدواء ولفت إلى أن هناك وجهًا آخر لتجاوزات الأطباء، وهو بيع الأدوية في العيادات مثل أدوية متخصصة في علاجات حالات مرضية بعينها؛ والتي تعتبر من النواقص في الأدوية وتباع فقط في العيادات مثل الأمصال، وأدوية الأطفال، وأدوية السرطان، والتبويض، التي لم يرها الصيدلي أبدًا داخل الصيدليات، حيث تقوم شركات الأدوية ببيعها للطبيب البشري مباشرة بسعر بسيط جدا، وبدون موزع. وأشار إلى أن ذلك تجاوز لقانون مزاولة المهنة، والذي حدد سعر بيع يتضمن نسبة ربح "الصيدلي، والموزع"، وعلى الرغم من ذلك تتوجه شركات الأدوية، للطبيب مباشرة، وتتخطى كل هؤلاء الوسائط، وتتعامل معه وتعطيه الدواء بسعر التوريد. ## ولفت إلى أن الطبيب يربح مرتين عندما يبيع الأدوية النواقص غير المتوافرة بالسوق؛ والتي توزعها شركات الأدوية على العيادات المتخصصة؛ ومن الهدايا، منوها بأن ما يحدث من بيع الأدوية للمراكز والعيادات غير قانوني؛ لأن "القانون 127 لسنة 1955، قانون مزاولة المهنة" ينص على أنه "لا يباع أي دواء إلا داخل منشأة صيدلانية مرخصة". العلاج الحر وتساءل "هارون": "أين جهة العلاج الحر المنوطة بالتفتيش على هذه العيادات؟ في حين أن الصيدليات تتعرض للتفتيش دوريا من إدارات التفتيش، ولا يمكن لأي صيدلية العمل بدون ترخيص. أزمه مفتعلة قال عضو مجلس نقابة الصيادلة، د. جورج عطا الله، إن إصرار الطبيب البشري على كتابة دواء معين أسلوب خاطئ يجعل المريض يستشعر بوجود نواقص في الأدوية، مما يتسبب في حدوث أزمة مفتعلة، لذلك على الطبيب الاعتماد على المادة الفعالة في الدواء فقط وليس الاسم التجاري، وهو ما ينص عليه قانون مزاولة المهنة بمصر. وأشار إلى أن الدواء المحلي ممتاز والدليل على ذلك أن حملة الرئيس عبدالفتاح السيسي، للقضاء على فيروس "سي" تتم بأدوية مصرية، وتحقق نتائج شفاء أعلى من 90%، ولكن عددا من الأطباء يلجأون لكتابة الأدوية المستوردة على الرغم من أن الدواء المصري له نفس المادة الفعالة، وبسعر أقل. ## ولفت إلى أن الطبيب أثناء عمله بالمستشفيات الحكومية يكتب الدواء المحلي؛ لأن ذلك منصوص عليه في كشوف المستشفى الذي يعمل به، فضلا عن أن الأدوية مكتوبة في الكشوف باسم المادة الفعالة، وليست مكتوبة بالاسم التجاري. وعن اتهام الصيدلي بأنه يقدم أدوية بدون تشخيص الطبيب، قال: "من حق الصيدلي صرف بعض الأدوية البسيطة، التي تصرف بدون روشتة، مثل حالات الإنفلونزا، والأسهال، وذلك طبقا ل(otc)". الجهل بالمادة الفعالة واتهم الصيدلي ماهر نصيف - الذي يعمل بالمهنة منذ ما يزيد على 55 عاما - الطبيب المصري بالجهل بالمادة الفعالة، قائلا: إن "الطبيب يكتب الدواء، ولكنه يجهل المادة الفعالة للدواء من الأساس؛ وخاصة صغار الأطباء"، مضيفا "أنه في أمريكا لا يكتبون اسم الدواء، ولكن يكتفون بكتابة اسم المرض فقط، والتشخيص؛ وهنا الصيدلي يتولى تحديد اسم ونوع الدواء؛ لأن الصيدلي هو فقط من درس المادة الفعالة".
المادة الخام واحدة وشرح "نصيف"، طريقة توزيع المادة الخام على شركات الأدوية، قائلا: "يتم استيراد المادة الخام من الخارج، ثم يتم توزيعها على جميع شركات الأدوية المختلفة؛ لأنه لا يوجد تصنيع للمادة الخام للأدوية في مصر، فكل ما نصنعه هو التغليف والورقة الخارجية لعلبة الدواء فقط".
محاسبات ضريبية لم ينكر أمين صندوق نقابة الأطباء السابق، وأستاذ جراحة القلب بجامعة عين شمس، د. خالد سمير، ما يحدث من تجاوزات بعض الأطباء، قائلا: "بعض الأطباء تعقد صفقات مع شركات الأدوية، إلا أن هذا لا يحدث كثيرا؛ نتيجة صعوبة إثبات تسجيل خروج هذه الأموال في أوراق مسجلة بالطرق المحاسبية للضرائب؛ لأن شركات الأدوية غير مسموح لها بعمل ذلك". وأشار إلى أن شركات الأدوية الكبيرة لا تقدم على هذه الأفعال من هدايا ومنح أموال، لافتا إلى أن هناك شركات فاسدة تتحايل لإرسال الأطباء في رحلات اجتماعيه على هامش المؤتمرات؛ شريطة كتابة أدويتها في الروشتة. ## ولفت إلى أن شركات الأدوية تزيد نسبة الأدوية المجانية التي تمنح للصيدلي لبيعها لحسابة الخاص لتحفيزه على ترويج هذا الدواء، بخلاف أيضا ما تقدمه شركات الأدوية للصيدليات من هدايا مثل الإستاندات، لعرض المنتجات الطبية عليها، ومن خلال الديكورات، لعرض الأدوية وإكسسوارات الصيدليات. وأكد أن الصيدلي يتحكم في صرف الأدوية، وأن حوالي 70 إلى 80% من الأدوية تصرف دون علم الأطباء، حيث إن مصر من الدول القليلة في العالم التي تبيع الدواء بدون وصفة طبية موثقة، وهذا يؤدي لإهدار المليارات سنويا، كما أن هناك أدوية تصرف دون وجود سبب طبي حقيقي؛ مما يتسبب لتعرض المرضى للأذى نتيجة صرف أدوية لا تتناسب مع حالتهم الصحية؛ نظرًا لعدم تشخيص المرض وعدم وصف الدواء من قبل الطبيب، وهذا يشجع شركات الأدوية الاتجاه للصيادلة أكثر. تركيبة الدواء والبحث العلمي وطالب "سمير"، برصد الموضوع بشكل واقعي حول ما يتردد عن حصول الأطباء على أموال من شركات الأدوية مقابل ترشيح دواء معين، كما طالب بتفسير التركيبة السعرية للدواء؛ ووضع نسبة منه لتنمية البحوث العلمية، ونسبة تذهب للترويج عن هذا الدواء، فهناك حدود قانونية للإعلان عن هذه الأدوية، لافتا إلى أن طرق الإعلان تتم بطرق علمية ليس فيها مقابل مادي أو نسب، وليس بها نفقات ترفيهية. مقابل مادي أشار إلى أن ما يحدث في مصر من قيام بعض الشركات بدفع مقابل مادي أو عيني لبعض الأطباء حالة نادرة؛ وهو عمل مرفوض، لافتا إلى أن معظم الاتهامات للأطباء تصدر من شركات أدوية منافسة تحاول أن تحصل على جزء من المبيعات، لكن ليس لديها القدرات الترويجية المتاحة لشركات أخرى أو من أطباء منافسين أو من صيدليات لا توفر جميع أنواع الأدوية. وتوقع أن تزداد ظاهرة المنافسة والترويج والاتفاقات مع إعلان وزيرة الصحة، فتح باب التسجيل للأدوية المتماثلة بدون حد أقصى للعدد بعد أن كان هناك حد أقصى "12 مثيل لكل دواء"؛ حيث إنه من المنتظر ان تزداد حدة المنافسة بالسوق بين الكيانات الكبرى وخاصة المتعددة الجنسيات والشركات الأصغر، مضيفا "سنحتاج لعدة سنوات حتى ينضبط السوق. تصريح جديد لمزاولة المهنة ووضع "سمير"، روشتة لنقابة الأطباء، لإصلاح النظام الصحي تتبلور من خلال: التصريح بمزاولة المهنة يجدد كل 5 سنوات، على أن يكون التجديد بشرط الانتظام في تعليم طبي مستمر لعدد ساعات معينه كل عام، مضيفا "من المتوقع أن تتجه شركات الأدوية لدعم هذه الأنشطة العلمية؛ التي سيحتاجها الطبيب في تجديد الترخيص بديلا عن أي أنشطة أخرى. ## وكشف عن أنه لا توجد أي قوانين صريحه تمنع التلاعب في صفقات الأدوية إلا لائحة آداب المهنة؛ التي تحرم على الطبيب الحصول على أي مقابل مادي لتحويل حالات أو وصف أدوية أو فحوصات طبية. أما بالنسبة لقانون مزاولة المهنة للصيادلة، يمنع بيع الأدوية في أي مكان إلا الصيدليات، لكن الحالة الوحيدة التي يتم فيها بيع الأدوية في العيادة هي أن تكون العيادة بمنطقه نائية، ولا يوجد بها صيدليات على مسافة 5 كيلو متر من العيادة، وغير ذلك فإن القانون يعاقب أي طبيب يبيع أدوية في عيادته الخاصة.