العيادات الطبية تحولت الي الباب الملكي لترويج الأدوية المهربة مجهولة الهوية من خلال قيام الأطباء ببيعها للمرضي دون ضابط أو رابط بحجة أنها أدوية حديثة وحقيقة الأمر أنها مهربة وغير مصرح بتداولها داخل مصر أو أنها منتهية الصلاحية. الأطباء وصفوا الذين يقومون ببيع الأدوية في عياداتهم بأنهم أصحاب نزعة شيطانية يسعون الي الربح دون أي مراعاة للآداب المهنية المتعارف عليها ولا يهمهم من قريب أو بعيد الاضرار التي تلحق بالمرضي من جراء استخدام هذه الأدوية. قالوا ان المنشطات الجنسية وأدوية التجميل والتخسيس هي الأكثر انتشاراً سواء في المناطق الراقية أو الشعبية مع اختلاف نوعية الدواء المتداول في كل منطقة. في نقابة الأطباء أعلنوا ان الظاهرة انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة مع انتشار الفوضي في كل مكان خاصة في ظل اقتصار دور وزارة الصحة علي منح تراخيص افتتاح العيادات فقط دون اجراء التفتيش المطلوب فيما بعد مؤكدين ان المحاكمة الجنائية في انتظار المخالفين اذا تعرض المريض للخطر. وفي نقابة الصيادلة أكدوا ان هذه الأدوية بها سم قاتل ومعظمها منتهي الصلاحية وأنهم سوف يلاحقون من يرتكب هذا السلوك بابلاغ الجهات المسئولة ومنها مصلحة الضرائب للتعامل مع هذه التجارة المحرمة. * د. مجدي عبدالحق- عضو مجلس نقابة الأطباء سابقاً قال ان هذه الظاهرة تفشت في السنوات الأخيرة في ظل حالة انحدار القيم والجشع والفوضي التي تضرب أركان المجتمع ورغم ذلك فالنقابة تقف مكتوفة الأيدي لأنها ليست جهة ضبط ولكنها تبلغ الجهات الحكومية المسئولة اذا تلقت بلاغاً بذلك من أحد المواطنين. أضاف المشكلة ان وزارة الصحة تمنح التراخيص فقط للعيادات الخاصة لمزاولة نشاطها وينتهي الأمر دون اجراء التفتيش والمراقبة الدائمة وتقتصر مراقبتها علي أداء المستشفيات الحكومية فقط. أوضح ان الظاهرة منتشرة سواء في الأحياء الشعبية والراقية علي حد سواء مع بعض الاختلافات البسيطة ففي الاحياء الراقية يعتمدون علي تهريب الأدوية من الخارج دون ان يتم التصريح بها واختبارها وتسجيلها في الداخل بينما في الأحياء الشعبية يقومون في بعض الاحيان بإعداد تركيبات خاصة تحت مسمي أنها تركيبات طبيعية لا تحتوي علي مواد كيمائية. أشار الي أنه في حالة تلقي شكوي من أحد المواطنين فإن النقابة تقوم بتحويل الطبيب المشكو في حقه الي لجنة التحقيق واذا ثبت أنه مدان بالفعل يتم تحويله إلي لجنة آداب المهنة لتطبق عليه العقوبات التأديبية التي تبدأ من الإنذار ولفت النظر ومروراً بالإيقاف لفترة زمنية محددة وانتهاء بشطب اسمه من سجلات النقابة اذا كانت المخالفة جسيمة واذا ترتب عليها حدوث مكروه للمريض كالوفاة أو الإصابة بعاهة مستديمة فإنه في هذه الحالة يتم تحويل الطبيب الي النيابة المختصة كقضية جنائية. أشار الي أن الحالة الوحيدة المسموح فيها بتداول الأدوية داخل العيادات هي ان يقوم الطبيب بمنح العينات المجانية التي يحصل عليها من الشركات المنتجة الي المرضي البسطاء بشرط عدم تلقي أي مقابل عن ذلك. أشكال عديدة * د. سمير عنتر- نائب مدير مستشفي حميات امبابة يصف من يقدم علي هذا التصرف بأنه يمتلك نزعة شيطانية لأنه يقوم بالاتجار في الأدوية داخل العيادات الخاصة ليس من أجل المساهمة في شفاء المريض ولكن كنوع من السعي الي تحقيق المزيد من الارباح المادية حتي لو كان ذلك علي حساب الاخلاق والاعراف الطبية التي تمنع تماماً اتجار الاطباء في الادوية كما تمنع في المقابل الصيدلي من تشخيص المرض. أوضح ان ظاهرة اتجار الاطباء في الأدوية لها أشكال عديدة ومتنوعة بدأت بالمستشفيات الصغيرة التي تقوم بإنشاء صيدليات بها وتحصل علي الدواء من شركات الادوية بأسعار خاصة مخفضة ثم تعيد بيعه للمرضي بأسعار مرتفعة والاخطر ان هناك بعض الأطباء الذين يستولون علي الأدوية من المستشفيات التي يعملون بها بطريقة ما خاصة الأدوية المتعلقة بالأمراض النفسية ويقومون ببيعها في عياداتهم الخاصة أو ما يطلقون عليه مراكز طبية بل ان البعض من الممكن ان يقوم ببيع أدوية منتهية الصلاحية أو حتي أدوية لا تتناسب مع الحالة المرضية التي يعاني منها الشخص. أشار الي ان المريض هو الضحية في هذه الحالة حيث لا يستطيع أن يرفض شراء الدواء من العيادة لأن الطبيب يوهمه ان حالته تستعدي ذلك وهو بالتأكيد غير خبير من الناحية الطبية حتي يستطيع الرفض. يؤكد ان من يمارسون هذا العمل معروفون بالاسم لجميع الجهات الرقابية سواء كانوا أطباء كباراً أو صغاراً وهو ما يستدعي زيادة الرقابة علي العيادات أوالمراكز الطبية الصغيرة حتي نقضي علي هذه النوعية من التجارة حفاظاً علي حق المريض وشرف وقدسية المهنة واذا كنا نطالب بتحقيق معايير الجودة الطبية فمن باب أولي ان نمنع هذه التجارة حتي يحصل المريض علي حقوقه والتي يجهل الكثير منها بسب باختلاط الحابل بالنابل في المنظومة الطبية ووجود الكثير من السلبيات وعلي رأسها اشتغال بعض الاطباء بالاتجار في الأدوية. ظاهرة مرفوضة * د. عادل الركيب- أستاذ الباطنة وأمراض الكبد بطب الأزهر يؤكد ان هذه الظاهرة مرفوضة مهنياً وأخلاقياً وأدبياً فالطبيب مسئوليته الأولي والأساسية الكشف عن المريض وتحديد الداء ووصف الدواء وليس له أي علاقة من قريب أو بعيد بتوفير الدواء للمريض فهذا حق أصيل للصيدلي. طالب في نفس الوقت بالتفرقة بين سلوكين الأول العينات الطبية المجانية المخفضة التي توزعها شركات الأدوية علي الاطباء والمدون عليها عينة طبية مجانية أو العبوات الكاملة التي تقوم أيضاً الشركات بتوزيعه علي الاطباء كنوع من التعريف بالدواء ويقوم الطبيب بمنحه بعض المرضي من غير القادرين بدون أي مقابل والنوع الثاني قيام بعض الاطباء ببيع الدواء علي سبيل التجارة ورغبة في تحقيق مكاسب مادية علي حساب شرف المهنة فهذا مرفوض تماماً. يؤكد ان مواجهة هذه الظاهرة غير الاخلاقية يكون بالرقابة الصارمة علي العيادات الطبية ووجود عقوبات رادعة وحاسمة علي من يثبت مخالفته للاعراف الطبية وممارسته لهذا العمل تصل الي المنع النهائي من ممارسة المهنة. مكونات الدواء * د. عبدالوهاب الدسوقي- استشاري أمراض القلب- قال ان مجرد بيع الدواء داخل العيادات يثير شكوكاً عديدة فالمكان الطبيعي للدواء هو الصيدليات بعد فحصه بواسطة معامل الرقابة الدوائية وعلي يد المتخصصين والكارثة ان الطبيب الذي يبيع الدواء لا يستطيع التأكد من مكونات أي دواء أو حجم المادة الفعالة فيه مما يشكل خطورة اذا استخدمه المريض. أشار إلي ان الأدوية الأكثر انتشاراً داخل العيادات هي المنشطات الجنسية علي الرغم من خطورة استخدامها لأنها قد تسبب هبوطاً في القلب والدورة الدموية أو تؤثر علي الجهاز العصبي وبالفعل يأتي الينا الكثير من المرضي نتيجة الاستعمال لهذه الأدوية في العيادات الطبية. طالب بإحكام الاجراءات الخاصة باستيراد الأدوية لأن هذه الخطوة قد تتم بواسطة المكاتب العلمية وليس شركات الدواء فقط ولذلك قد نجد أنواعاً يتم تصنيعها في دول شرق اسيا وهذه الدول تحديداً لا يجب الاستيراد للأدوية منها نظراً لأن هناك شركات عملاقة في هذه الدول بتجميع الأدوية التي انتهت صلاحيتها وتعيد تعبئتها من جديد وتصديرها للأسواق الخارجية. أشار إلي ضرورة اعداد حملات رقابية واسعة علي العيادات للكشف عن هذه المخالفات الجسيمة لحماية المرضي وحماية حقوق الدولة أيضاً في سداد الجمارك والضرائب التي تستحقها فهناك ملايين الجنيهات تضيع نتيجة تهريب الدواء. غياب التفتيش * د. محمد سعودي- وكيل نقابة الصيادلة قال ان الشكوي الأكثر من مراكز التخسيس والخصوبة وعيادات التجميل حيث يتم تداول الادوية غير المسجلة فيها بشكل كبير في ظل غياب التفتيش من وزارة الصحة واختفاء الضمير فالطبيب هنا هدفه الأول هو الثراء بأي ثمن. أضاف ان تداول الأدوية داخل العيادات يمثل مخالفة صريحة لكل القوانين الطبية والممارسات المهنية التي يجب ان تكون هي الفيصل في تقييم صحة السلوك من عدمه. قال ان المريض عليه ان يسأل نفسه سؤالا وهو منذ متي والطبيب يقوم بتوفير الدواء.. والاجابة المنطقية التي تمثل علامة استفهام كبري في نفس الوقت وهي ان هذا الدواء غير مسجل وغير مسعر وغير معروف الهوية وهذه كارثة وقد يخضع الطبيب من جانب بعض الموزعين الذين يروجون لأدوية منتهية الصلاحية بعد تغير العبوة القديمة للأدوية الفاسدة وهنا يمثل في حد ذاته كارثة. أوضح ان النقابة ستقوم ببحث الظاهرة مع شعبة الموزعين في الغرف التجارية التي تضم 140 شركة دولية ومحلية متعددة الجنسيات للبحث عن حل شافي للمشكلة وستقوم بإبلاغ الضرائب لأن الطبيب الذي يقوم ببيع الدواء لابد ان يسدد عنه الضرائب المستحقة. أنهي حديثه بتوجيه تحذير للمرضي مؤكداً ان الدواء الذي يباع في العيادات به سم قاتل ويجب عدم تناوله تحت أي ظرف من الظروف حتي لا نساعد هذه المافيا علي التوسع والانتشار.