قطاع شئون القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف الكويتية، جل اهتمامه هو كتاب الله عز وجل، حفظًا وتلاوةً وتجويدًا، بهدف تكوين أجيال من حفظة الذكر الحكيم من البنين والبنات، قادرين على تولي وظيفتي الإمامة والتدريس، والتعامل مع الحياة بالصورة الإيجابية المطلوبة، التي يحثنا عليها ديننا الحنيف بما يشتمل عليه من تعاليم وأخلاق سامية ووسطية إسلامية. على هامش فعاليات مسابقة موسكو الدولية للقرآن الكريم بروسيا الاتحادية، جمعتنا عدة مناقشات وزيارات، على رأسها زيارة للكرملين، مع ضيف شرف المسابقة القرآنية الروسية، الدكتور وليد عيسى الشعيب، وكيل وزارة الأوقاف لشئون القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بدولة الكويت الشقيقة، الذي تلقى أسئلة "بوابة الأهرام" في موسكو، وأجاب عنها من مكتبه بالكويت، حرصًا على توثيق إجاباته بالأرقام والتواريخ، فكان الحوار الآتي.. • ما أوجه التعاون مع وزارات الأوقاف في الدول العربية والإسلامية؟ التعاون والتنسيق بين وزارات الأوقاف والشئون الإسلامية، سواء على مستوى العالم العربي أم الإسلامي، أم على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، مستمر ومتواصل وينعقد بصفة دورية ومنتظمة للتشاور فيما يستجد من مسائل، والاتفاق إلى رأي موحد، وتجديد أساليب الدعوة الإسلامية لنشر وسطية ديننا الحنيف، ومنع الغلو والتطرف ومحاربة الأفكار الدخيلة على المجتمع الإسلامي، واتباع المنهج النبوي الصحيح. وقد أسهمت دولة الكويت بطرح رؤيتها الجديدة من خلال إصدارها "ميثاق المسجد"، وهو الوثيقة المنظمة لعمل الإمام والخطيب ليكون نواة العمل الإسلامي الموحد داخل بيوت الله، وينظم العلاقة فيما بين العاملين بالمساجد. • كيف تقومون على شئون القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الشقيقة الكويت؟ يعد قطاع شئون القرآن الكريم والدراسات الإسلامية إحدى الركائز التي تعتمد عليها وزارة الأوقاف الكويتية في تنشئة الأطفال تنشئة إسلامية سليمة، وتعليمهم مبادئ القراءة الصحيحة للقرآن الكريم؛ بما يسهل عليهم ترتيله وتجويده، ويساعدهم على حفظه في مراكز القارئ الصغير التي تعلم مبادئ قراءة النص القرآني باتباع منهج علمي وأكاديمي متخصص، وكذلك في حلقات تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في معظم المناطق وفي الكثير من المساجد بالكويت، ويسهم مركز القراءات القرآنية في تعليم من يتقنون القرآن الكريم حفظًا وتلاوةً القراءات العشر وعلم الرسم والضبط والفواصل والدراسات وغيرها من العلوم المرتبطة بكتاب الله. وكذلك لتزويد الشباب والدارسين بالقدر المناسب من الثقافة الإسلامية كتعلم قراءة القرآن الكريم تلاوة وحفظًا وتجويدًا، والفقه والسيرة وعلوم القرآن الكريم والتفسير، والعلوم المساندة لها كالنحو والصرف، فقد أنشئ 127 مركزًا متخصصًا، تحت اسم مركز "دور القرآن الكريم"، و"السراج المنير"، و"الأترجة" وهي المراكز التي ﺗﻌﺗﻣد ﻓﻲ أداء رﺳﺎﻟﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻔﯾظ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم وﺗﻌﻠﯾﻣﮫ وﺗﻼوﺗﮫ واﻟﺗﻣﻛن ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺟوﯾد واﻟﺗﻌﻣق ﻓﻲ دراﺳﺗﮭﺎ. وينقسم ﻧظﺎم اﻟدراﺳﺔ ﻓﻲ ﻣراﻛز الأﺗرﺟﺔ إﻠﻰ ﺛﻼثة ﻣﺳﺗوﯾﺎت (ﻣﺗﻣﯾزﯾن ﻓﺎﺋﻘﯾن ﻣﺟﺗﮭدﯾن): ﻧظﺎم اﻟﻣﺗﻣﯾزﯾن ﯾﺣﻔظ اﻟﻘرآن ﺧﻼل ﺳﻧﺗﯾن ﻣﻊ اﻟﺗﺟوﯾد واﻟﻣﺗﺷﺎﺑﮭﺎت ﺑرواﯾﺔ ﺣﻔص ﻋن ﻋﺎﺻم ﻋن طرﯾق اﻟﺷﺎطﺑﯾﺔ، ومستوى اﻟﻔﺎﺋﻘﯾن يتم فيه ﺣﻔظ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﺧﻼل 4 ﺳﻧوات ﻟلرواﯾﺔ نفسها، ﺑﯾﻧﻣﺎ نظام اﻟﻣﺟﺗﮭدﯾن ﯾتم فيه ﺣﻔظ ﺛﻼﺛﺔ أجزاء ﻛل ﺳﻧﺔ، وﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻣد إﻟﻰ ﻋﺷر ﺳﻧوات وﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟﻔﺎﺋﻘﯾن ﺑﻌد ﺳﻧﺗﯾن ﺑﺷرط ﺣﺻوﻟﮫ ﻋﻠﻰ نسبة 70%، وﻗد ﻻﻗت هذه اﻟﻣراﻛز اﺳﺗﺣﺳﺎنًا وﺷﮭدت إﻗﺑﺎلًا متزايدًا من الجمهور رﺟﺎلًا وﻧﺳﺎءً. وقد عاهدت نفسي، منذ أن شرُفت بتحمل مسئولية هذا القطاع المهم والحيوي الذي يرسي قيم الوسطية والأخلاق الإسلامية ويسهم في نشر الوعي الديني والثقافي ويعتني بالقرآن الكريم والسنة النبوية، على تفعيل كل الاختصاصات المرسومة له، فأُعيد تنظيم وحدات العمل به لتعم خدماته معظم المناطق الكويتية، وزيادة أعداد المستفيدين منها وتطويرها، فضلًا عن تنمية مهارات العاملين بتنظيم الدورات التدريبية والفنية لتطوير مهاراتهم، وتوحيد اختبارات القبول للعمل بأي من وظائف القطاع. وبحمد الله تعالى فقد نجم عن اتباع تلك السياسة ارتفاع في نسب الإقبال على حفظ القرآن الكريم ومدارسة علومه لدى كل الفئات، كما زادت أعداد مراكز تحفيظ القرآن الكريم لتصل إلى 77 مركزًا، ووصل أعداد خريجي تلك المراكز إلى 4700 حافظًا، وبلغ أعداد الخاتمين للقرآن الكريم كاملًا 1000 قارئ، علاوة على إنشاء 630 حلقة تحفيظ في المساجد، ووصل عدد المسجلين في مراكز التعليم وتحفيظ القرآن 27 ألف دارس، وتخرج في تحقيق وتوثيق الأسانيد 670 دارسًا، وكذلك ارتفع عدد الفائزين في المسابقات المحلية والدولية ليبلغوا 60 فائزًا، وغيرها من الإنجازات. • ماذا عن المجلس التأسيسي للمسابقات والجوائز القرآنية الدولية، وكيف جاءت فكرته؟ بدأت الفكرة بإنشاء مجلس تنفيذي لمسئولي المسابقات القرآنية الدولية، بعد أن عمَّت تلك المسابقات معظم الدول الإسلامية؛ وانطلاقًا من ضرورة إيجاد آلية واضحة لتحقيق التعاون والتكامل بين المؤسسات القرآنية، بالإضافة إلى ترشيح المتسابقين وشروط قبولهم، والتعاون بين تلك المؤسسات في مجال التحكيم، وضوابط الاختيار، وتوفير المعلومات والبيانات، تقدمت دولة الكويت بورقة عمل لإنشاء كيان جامع يضم في عضويته الدول التي تنظم المسابقات القرآنية الدولية، إلى الملتقي التنسيقي الأول للمسابقات القرآنية الدولية المنعقد بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في مايو2011، فوافق الملتقى على المشروع الكويتي بإنشاء المجلس التنفيذي لمسئولي المسابقات القرآنية الدولية، ثم عقد الملتقي اجتماعه الثاني بمدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2012، واعتمد الملتقى الثالث المنعقد بدولة الكويت في يونيو 2013 النظام الأساسي للمجلس التأسيسي للجوائز الدولية. وعقد المجلس التأسيسي للجوائز والمسابقات الدولية اجتماعه الأول بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في مايو 2014، ثم جرى تعديل مسماه ليصبح المجلس التنسيقي للجوائز والمسابقات القرآنية الدولية بالاجتماع الثاني المنعقد بدولة الكويت في مارس 2018، وبلغ عدد الدول المشاركة في المجلس حتى الآن 21 دولة، ويتكون المجلس من الأعضاء الذين يمثلون الجوائز والمسابقات الدولية للقرآن الكريم بواقع عضو واحد عن كل جائزة أو مسابقة يتم ترشيحه من قبل مؤسسته، ونائب عنه حال غيابه وعضو يمثل الهيئة العالمية للكتاب والسنة لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، وجرى اختيار دولة الكويت مقرًا دائمًا للمجلس. ويهدف المجلس إلى تنسيق الرؤى، وتوجيه وتطوير أنشطة وفعاليات الجوائز والمسابقات القرآنية، وتوفير المعلومات والبيانات عن المتسابقين الدوليين، وأعضاء هيئة التحكيم، وتقديم المشورة والمساعدة الفنية والإدارية اللازمة للنهوض بالمسابقات الدولية في مختلف المجالات. • ما أشكال الدعم المقدمة منكم للمسابقات القرآنية الدولية؟ يتمثل الدعم في تقديم تجربتنا الرائدة في تنظيم المسابقات القرآنية الدولية للدول المعنية، فضلًا عن تزويدها بالبيانات الدولية للمتسابقين وهيئات المحكمين، كما تقدم الوزارة الدعمين المادي والمعنوي للمتسابقين الكويتيين وتشجيعهم للاشتراك في المسابقات القرآنية الدولية؛ ليظل علم دولة الكويت خفاقًا في شتى المسابقات الدولية؛ حيث تشارك الكويت بوفد عن وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية يرافق المتسابقين الكويتيين الذين تمت الموافقة عليهم لتمثيل بلدهم. • أصبح يخرج من الكويت مشاهير القراء في العالم العربي والإسلامي، فكيف تستفيدون من هذا المنتج الوطني في خدمة الدين الحنيف؟ منحت الأممالمتحدة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه لقب قائد إنساني لجهود بلاده في المجال الإنساني، وتقديم المساعدات لجميع الدول العربية والإسلامية وغير الإسلامية، ومن ثم الدولة تجل وتحترم علماءها وقرائها ومشاهيرها من العلماء القرآنيين والحفظة، وترعاهم وتعتني بهم، ولا تتوانى الكويت عن الإشادة بالدور الوطني الذي يقدمه هؤلاء المشاهير لخدمة بلدهم في الخارج والداخل، وتصدير الوجه الصحيح لسماحة الإسلام. • وما مساعيكم لنشر القرآن الكريم في الدول ذات الأغلبية غير المسلمة؟ بالأمس القريب كانت الكويت عاصمة للشباب العربي لعام 2017، واُختيرت لتكون عاصمة الثقافة العربية لعام 2022، ومنذ القدم والكويت تقدم خدماتها وتعزز دورها الرائد لنشر القرآن الكريم؛ حيث تستضيف المراكز الثقافية الإسلامية، التابعة لقطاع شئون القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف الكويتية، في كل عام العديد من الطلبة المسلمين في الدول ذات الأقلية المسلمة، وتنظم لهم الدورات العلمية لتعليم اللغة العربية وقراءة القرآن الكريم تلاوةً وتجويدًا؛ ليكونوا دعاة ومصلحين في دولهم ومجتمعاتهم عند العودة إليها. وكذلك حملت جمعيات النفع العام الكويتية، ذات الطابع الإسلامي، على كاهلها الاعتناء بحفظة القرآن الكريم في الدول ذات الأقلية المسلمة، وخصوصًا إذا كانت منكوبة، وتسعى وزارة الأوقاف الكويتية، من خلال إدارة العلاقات الخارجية، إلى تقديم الدعم المالي والفني للحفظة في تلك الدول، والإشراف على مراكز تحفيظ القرآن الكريم وإنشائها والعناية بها ورعايتها وتشجيع غير المسلمين في تلك الدول على معرفة مبادئ الإسلام الصحيح وتعلمه وكيفية قراءة القرآن الكريم. • وما السبيل لاشتراك هؤلاء الحفظة في المسابقات القرآنية الدولية، إذا لم يكن لهم جهة رسمية يترشحون من خلالها؟ تشترط المسابقات القرآنية الدولية أن يجري ترشيح المتسابق الراغب في الاشتراك بالمسابقة من الدولة التي يمثلها، فضلًا عن توافر شرط السن، ونظرًا لأن هؤلاء الحفظة في دول دينها الرسمي غير الإسلام ولا ترشحهم دولهم للاشتراك بالمسابقة، فيجري قبولهم بناء على ترشيح الهيئة العالمية للكتاب والسنة بالمملكة العربية السعودية، وستعرض دولة الكويت في اجتماع المجلس التنسيقي للجوائز والمسابقات القرآنية الدولية المقبل - بإذن الله - اقتراحًا بإمكانية استثناء المشاركين من الأقليات المسلمة في الدول والمجتمعات غير الإسلامية من شرط السن الذي تشترطه بعض الجوائز الدولية. • كلمة توجهونها للشباب العربي والمسلم؟ أيها الشباب أنتم عصب هذه الأمة وسندها، وعليكم أن تقتدوا بسنة نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) وتتخذوا من شباب المسلمين الأوائل القدوة الحسنة بأن تتسلحوا بالقرآن الكريم وبالعلوم الشرعية، وتتفقهوا في الدين بالعلم الصحيح، والبعد عن الأفكار الدخيلة على مجتمعنا الإسلامي، واعلموا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، وأن الله ينصر من ينصره من عباده، فبكم ستنهض الأمة وتستيقظ. د. وليد الشعيب ود. روشان عباسوف ود. سعيد حارب أثناء قص شريط معرض إسلامي بموسكو محرر "بوابة الأهرام" مع الدكتور وليد عيسى الشعيب في موسكو