أصبح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أحد منابر تشخيص وتقديم العلاج، حيث تستطيع أن تتلقى التشخيص الطبي عبر رسالة على الموبايل أو على الإنترنت، الأمر الذي يمثل خطورة الاعتماد على التشخيص الطبي عن بعد، فهناك قلة من الأطباء اتجهوا في الآونة الأخيرة لتدشين صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتشخيص الحالة المرضية ووصف العلاج لها، وكذلك بيع وتداول الأدوية عبر الشبكة العنكبوتية، وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن معظم الأدوية التي يتم بيعها عبر المواقع الإلكترونية مزورة. وقد يلجأ البعض إلى البحث عن علاج عبر الإنترنت، أو تشخيض مرضي، وذلك لعدة أسباب منها عدم تحمل مشقة الانتظار بين المرضي أو الذهاب لعيادة الطبيب، أو ارتفاع أسعار الكشف لدى الأطباء في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. وأكد الخبراء والقائمون على المنظومة الطبية أن تقديم العلاج عبر الإنترنت وتشخيص الحالة المرضية، أمر خطير، خاصة أنه أصبح أمرا منتشرا في الآونة الأخيرة وأرجعوا ذلك إلى غياب الدور الرقابي وراء ظهور هذه الفئة. "بوابة الأهرام" تكشف العالم الافتراضي للعلاج عبر الإنترنت واستطلاع آراء المستخدمين والخبراء والمختصين حول انتشار هذه الظاهرة الإنترنت ليس بديلا عن الطبيب في البداية تقول دنيا محمود "ربة منزل" ل"بوابة الأهرام": ألجأ أحيانا إلى الاستشارات الطبية التي تكون عن طريق الإنترنت لكي أستفيد من المعلومات، ومعرفة الأمراض وكيفية الوقاية منها، ولكن في أحيان كثيرة نحتاج لوجود الطبيب لأن وجوده مهم بنسبة 100%. وتتفق نورهان حمدى "طالبة " مع الرأي السابق، مؤكدة أن الإنترنت أصبح بديلا عن الطبيب لأنه من الضروري جدا أن يتم التشخيص مباشرة من قبل الطبيب بكل دقة لمعرفة الحالة وعلاجها، في حين لا ألجأ إلى الاستشارة الطبية عن طريق الانترنت ولكن أقوم فقط بالإطلاع على بعض المشاكل الصحية التي نتعرض لها وكيفية علاجها، وبذلك يكون الانترنت دافعا للمعرفة والعلم، في حين أستفيد من المعلومات ولكن لا أعتمد عليها بشكل رئيسي. مناظرة المريض ويقول الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن تشخيص العلاج عبرالإنترنت خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مخالف لآداب المهنة وأصول ممارستها، حيث لا يجوز للطبيب تشخيص المرض أو وصف العلاج بدون مناظرة المريض، مشيرًا إلى أن هناك قلة من الأطباء قد تواطأوا في هذا الأمر. وأشار إلى أن وصف العلاج والحالة المرضية للمريض له ثلاث مراحل: المرحلة الأولى هي مناظرة المريض والكشف عليه، والمرحلة الثانية تشخيص المرض، والمرحلة الثالثة وصف العلاج المناسب للحالة طبقًا للمناظرة والكشف على المريض، محذرًا المواطنين من عدم الانسياق وراء تلك الصفحات والمواقع من الأدوية التي تُباع عبر الإنترنت أو القنوات الفضائية، حيث أنها مجهولة المصدر وقد تكون ضارة بصحة المريض، فالمكان الوحيد الرسمي لتداول وبيع الدواء هو "الصيدلية"، والدواء الرسمي الذي يباع بالصيدليات له إجراءات عديدة حتى يتم اعتماده، فيجب إثبات فاعليته عن طريق إجراءات علمية طويلة وتجارب عديدة حتى تثبت فاعليته وعدم ضرره، وبعد كل هذه الإجراءات يتم ترخيصه وبيعه داخل الصيدليات العامة بترخيص من وزارة الصحة ببيعه وتداوله واعتماده كدواء، أما أي شئ غير ذلك ويطلق عليه دواء فهو منتج مجهول وقد يكون ضرره أكبر من نفعه. العلاج الحر ولفت إلى أنه في حالة وجود شكوى ضد أي طبيب يقوم بالتشخيص عبر مواقع التواصل الإجتماعي أو عبر الإنترنت بدون كشف أو مناظرة المريض سوف يتم تحويله إلى لجنة آداب المهنة بالنقابة، لافتًا أن ما يحدث من تشخيص ووصف أو بيع العلاج عبر الإنترنت "أون لاين" لا يوجد بأي دولة بالعالم ولابد من الكشف على المريض. وشدد الطاهر، على ضرورة تفعيل دور "العلاج الحر" بوزارة الصحة لمتابعة هذه الظاهرة، ولو تقدم أي مواطن ببلاغ إلى نقابة الأطباء أو وزارة الصحة سوف يتم اتخاذ إجراءات فورية والتحقيق معه. أدوية أون لاين من جانبه، يوضح الدكتور وحيد عبد الصمد، عضو مجلس نقابة الصيادلة ورئيس لجنة تطوير مهنة الصيدلة، أن ظهور العلاج عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بدأ بالأدوية الطبيعية والأعشاب الطبية المصرح بها، حيث إن هناك قانونا صادرا عام 2016 بالسماح بترويج هذه المنتجات الصحية، وتشمل الدواء ومستلزمات الصحة العامة، أما الآن بدلا من بيع وتداول الأدوية الطبيعية والمكملات الغذائية والأعشاب الطبية حولوها إلى أقراص وكبسولات تباع على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وكذلك عبر الفضائيات، ويتم ترويجها على أنها منتج علاجي وليس غذائيا والتي لم يثبت علميًا استخدامها، الأمر الذي يعد مخالفا للقانون ولا ندري من سمح لمثل هؤلاء بالمتاجرة في ذلك وبيع الوهم للمواطنين. قائمة العطار وحذر "عبد الصمد" من خطورة شراء الأدوية التي يتم الإعلان عنها سواء عبر الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال الفضائيات، مشيرًا إلى أن الدواء العشبي أو الذي يباع عند العطار ويسمى "لستة العطار"، هي عبارة عن مجموعة من أعشاب معينة مثل "الحلبة، الكسبرة، الزنجبيل، مرمرية"، ولكن هنا يجب أن تتضافر جهود المحليات والصحة في مراقبة مثل هذه المحلات ذات الشهرة والتي يطلق عليها عطارة وصيدلية أعشاب طبية، حيث إن القانون 127 لسنة 1955 والذي ينص علي إنشاء صيدلية "أعشاب طبية" أوضح أن هناك أربع صيدليات فقط متخصصة في الأعشاب الطبية وبها "صيدلي" وتخضع هذه الصيدليات لرقابة وزارة الصحة وأي صيدلة يطلق عليها ذلك، بخلاف الصيدليات الأربع المذكورة لا يعتد بها لأنها غير قانونية وغير شرعية ومخالفة، ويجب غلقها فورًا واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، متسائلا: أين الأجهزة الرقابية حيال هؤلاء المدعين؟. الملكية الفكرية لجينات النباتات ولفت إلى أن العلماء بالخارج يأتون إلى الصحراء المصرية وسيناء لأخذ البذور والنباتات المصرية التي تنشأ في تلك البيئة الصحراوية ويقومون بتعديل وراثي عليها وتسجيلها بأسمائهم ثم بيعها، الأمر الذي يجب أن ننتبه إليه في استحداث قانون يحمي الملكية الفكرية للجينات المصرية، ومثال لذلك "اليابان"، حيث قامت بأخذ بذور الملوخية وقامت بتعديل وراثي عليها وتم استخراج أدوية شتى لأمراض الجهاز الهضمي والعظام. 77 ألف صيدلية وفي السياق ذاته، يضيف محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء أن هناك اتجاها لتجريم بيع وتداول الأدوية عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن تعدد التكنولوجيا وتطويرها خاصة في دول العالم الثالث، أدى إلى ظهور مثل هؤلاء الذين يقومون ببيع الدواء وكذلك التشخيص المرضي للحالات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات الإنترنت، مشددًا على ضرورة عدم الانسياق وراء هؤلاء المدعين وشراء الدواء من الصيدليات العامة، وذلك للاستفسار عن كل ما يتعلق بهذا الدواء سواء المادة الفعالة أو الجرعات، وكذلك يضمن حق المريض في الرجوع على الصيدلي إذا ثبت غش الدواء ومحاسبته ومعاقبته لكن عبر الإنترنت أو صفحات التواصل الاجتماعي يتم شراء شيء مجهول غير معروف مصدره فيمكن أن يكون من الأدوية المحظورة والتي ينتج عنها الإدمان على سبيل المثال، فالدواء لا يتم الإعلان عنه، وليس هناك شركات مصرية تقوم ببيع الدواء عبر الإنترنت وأي دواء يتم بيعه عبر الإنترنت ما هو إلا دواء غير شرعي مجهول المصدر. وأشار أن هناك 77 ألف صيدلية على مستوى الجمهورية يتم بها تداول الأدوية المصرح بها من وزارة الصحة، لافتًا إلى انتشار ظاهرة طبيب الفضائيات الذي يقوم بوصف الدواء على الهواء أو إعلانه عن منتج معين يستخدم للأمراض المزمنة، ولا ندري هل هو طبيب بالفعل ومن أين أتى بترخيص هذا الدواء وأين اختبره وما هي فاعليته، فالطبيب فقط هو من يقوم بوصف الدواء وتشخيص الحالة المرضية عن طريق مناظرة المريض وجها لوجه وليس عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي. وأوضح أن مصر بها 10 مليارات جنيه أدوية مهربة ومجهولة المصدر. توعية المواطن من جانبها، ترى النائبة إليزابيث شاكر، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن انتشار حالات تشخيص العلاج عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك شبكات الإنترنت جاء نتيجة صعوبة الوضع الصحي في مصر، وتردي الخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الكشف لدى الأطباء في العيادات الخاصة، الأمر الذي أدى إلى اللجوء عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية مقصدًا لتشخيص الحالات المرضية ووصف وشراء الأدوية دون رقابة من الأجهزة المعنية بالدولة، وهذا أمر خطير يدق ناقوس الخطر لما هو آت من إمكانية جعل هذه المواقع والصفحات بيع الأدوية المحظورة، مشددة على ضرورة توعية المواطن المصري وأن يكون مدركا لهذا الخطر ولا يتم شراء أو الأخذ بالتشخيص الإلكتروني دون الرجوع إلى طبيب ومناظرته على أرض الواقع وليس عبر عالم افتراضي.