الري: برنامج تأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه استثمار في الكوادر البشرية    استعدادا لامتحانات منتصف العام، انتظام التدريب العملي لطلاب علوم القاهرة الأهلية    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    "الشيوخ" يناقش تعديل قانوني الكهرباء ونقابة المهن الرياضية غدًا    سعر الدولار أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم السبت بالبنوك    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد في حدائق الاهرام    استمرار مبادرة "كلنا واحد" حتى نهاية ديسمبر لتوفير السلع بتخفيضات تصل ل 40%    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 20 ديسمبر 2025    الجيش الأمريكي ينشر مشاهد لضرباته ضد داعش في سوريا    إيران تعدم متهمًا بالتجسس لصالح إسرائيل    تشكيل ليفربول المتوقع أمام توتنهام في البريميرليج    موعد مباراة ريال مدريد وإشبيلية في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    محافظ المنيا يلتقي وزير الشباب والرياضة بديوان المحافظة    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    إخلاء سبيل طليقة إبراهيم سعيد بعد مشاجرة معه بفندق في القاهرة الجديدة    تجديد حبس عاطل بتهمة سرقة حقيبة موظف أثناء سيره في الشارع بمدينة نصر    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    تعرف على مواعيد قطارات أسوان اليوم السبت 20 ديسمبر 2025    رغم قلة أعمالها.. سمية الألفي اختارت أدوارًا صنعت اسمها    سمية الألفي تلحق بحبها الأول فاروق الفيشاوي إلى المثوى الأخير | صور    وفاة الفنانة سمية الألفي    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    موعد ومكان تشييع جنازة الفنانة سمية الألفي    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر رجب| اليوم    للنساء بعد انقطاع الطمث، تعرفي على أسرار الريجيم الناجح    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    سعر كرتونه البيض الابيض والأحمر اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    أسعار الأسماك اليوم السبت 20 ديسمبر في سوق العبور للجملة    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    الأمم المتحدة: خطر المجاعة يتراجع في غزة لكن الملايين لا يزالون يواجهون الجوع وسوء التغذية    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    د. خالد سعيد يكتب: ماذا وراء تحمّل إسرائيل تكلفة إزالة أنقاض غزة؟!    ستار بوست| أحمد العوضي يعلن ارتباطه رسميًا.. وحالة نجلاء بدر بعد التسمم    ماذا يحدث لأعراض نزلات البرد عند شرب عصير البرتقال؟    إرث اجتماعي يمتد لأجيال| مجالس الصلح العرفية.. العدالة خارج أسوار المحكمة    قتلوه يوم الاحتفال بخطوبته.. محمد دفع حياته ثمنًا لمحاولة منعهم بيع المخدرات    القوات الأمريكية تشن غارات على أكثر من 70 موقعا لداعش في سوريا    القبض على إبراهيم سعيد وطليقته بعد مشاجرة فى فندق بالتجمع    محاكمة 9 متهمين في قضية خلية البساتين.. اليوم    مصر للطيران تعتذر عن تأخر بعض الرحلات بسبب سوء الأحوال الجوية    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    موهبة الأهلي الجديدة: أشعر وكأنني أعيش حلما    تايكوندو مصر يواصل التألق في اليوم الثاني بدورة الألعاب الإفريقية للشباب    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    محمد معيط: أتمنى ألا تطول المعاناة من آثار اشتراطات صندوق النقد السلبية    السفارة المصرية في جيبوتي تنظم لقاء مع أعضاء الجالية    روبيو: أمريكا تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية    زينب العسال ل«العاشرة»: محمد جبريل لم يسع وراء الجوائز والكتابة كانت دواءه    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    التغذية بالحديد سر قوة الأطفال.. حملة توعوية لحماية الصغار من فقر الدم    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    حزب العدل يحذّر من محاولات الالتفاف على إرادة الناخبين خلال جولة الإعادة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.محمود الضبع يكتُب.. الغزو الثقافي وأدب الطفل
نشر في بوابة الأهرام يوم 30 - 05 - 2018

فرق بين أمة تنظر إلى ماضيها ولا تستطيع تجاوزه وبين أمة تنظر لمستقبلها وتبني حاضرها اعتمادًا على توقعاتها بشأن هذا المستقبل، فالمستقبل غدا علمًا شأنه شأن العلوم التي تحتكم إلى منهجيات واستراتيجيات علمية مقننة، وأصبحت ترسم له سيناريوهات تتحكم في توجهات الأمم ومصائرها، وتعد الطفولة هي الاهتمام الأكبر الذي تسعى الدول الواعية لتطبيق نتائج دراسات وعلوم المستقبل عليه، والتحكم في إعداده ليتمكن من التعامل مع ذلك المستقبل ومعطياته، وهو ما يتم تحقيقه الآن عبر وسائل عدة، منها التربية والمؤسسات التربوية، ومنها التحكم في صناعة مواكبة لمنجزات العصر والنتائج المستقبلية، ومنها توظيف الأدب بوصفه وسيطًا مثاليًا لتكوين وبناء ودعم الاتجاهات، وهي إحدى الدعائم الكبرى للتربية عامة (الاتجاهات – الميول – القيم – المعارف).
وكما يحمل هذا المستقبل ذلك التفاؤل، فإنه - من منطلق لا ورود بلا أشواك - يحمل كذلك المخاوف، ويضع أمام البشرية تحديات مهمة تقتضي ضرورة وسرعة التصدي لها، والأمم التي تستطيع وضع السيناريوهات المستقبلية لهذه التحديات هي التي ستمتلك مصيرها، وستضع نفسها في سياق الحضارة، حيث ينقسم العالم الآن إلى قسمين فقط بين القوة والضعف.
وأدب الأطفال بوصفه مدخلاً أساسيًا من مداخل بناء شخصية المستقبل (الطفل) ووسيطًا من وسائط التربية والتنشئة، فإنه يواجه تحديات على مستوى الشكل تتعلق بأساليب الكتابة والمتغيرات التي طرأت على وسائط تقديمها، وتحديات على مستوى المضمون تتمثل في طبيعة الموضوعات التي يتناولها، أو يجب أن يتناولها، وطبيعة المتغيرات المعاصرة التي طرأت على شخصية الطفل، والنتائج التي توصلت إليها العلوم بشأن مراحل نموه النفسي وذكاءاته المتعددة ونتائح تشريح المخ واستكشاف وظائف ومهام مراكزه، وغيرها من نتائج الأبحاث والعلوم المعاصرة والمعلوماتية والتكنولوجي، ويمكن رصد هذه التحديات التي تواجه أدب الأطفال، سواء على مستوى المنتج، أو على مستوى الكتابة وآليات البناء، ومنها :
1- تحدي الغزو الثقافي:
فقد تحول مفهوم الثقافة من المعرفة إلى الإنتاج، وتحول مفهوم التعليم في غاياته الكبرى من سعيه نحو المعرفة أو طلبه من أجل العمل، إلى كونه سببًا أساسيًا في أن نكون، وفي أن نتعرف كيف نتعايش مع الآخرين، فبدون الوعي الثقافي والقدرة على الإنتاج فلا وجود للإنسان بمفهوم الثقافة المعاصر.
هذا التحول في مفاهيم المعرفة وتأهيل الأطفال لاستيعابها والتعايش مع معطياتها ومستجداتها يمثل تحديًا ؛ إذ إن المعرفة العلمية أو الإنسانية التي يمكن تقديمها للأطفال اليوم هي في ذاتها متغيرة وقابلة للتطور في وقت قصير، ومن ثم يتشكل السؤال: ماذا يمكن أن يقدم للأطفال من معارف، والمعارف قابلة للتطوير والتطور في زمن قصير، ومنه على سبيل المثال المعرفة الخاصة بالكمبيوتر والهاتف المحمول ووسائل الاتصال، وما يشبهها من علوم قد تتغير نتائجها ومعطياتها بين تأليف أدب الأطفال والوقت المستغرق لطباعتها أو إنتاجها في وسيط ما.
ويرتبط بالتحدي الثقافي كذلك تحدي تحول أدوات ووسائل الثقافة من الشفاهية والكتابية إلى الصورة والحركة والمالتيميديا (الوسائط المتعددة من صوت ولون وحركة)، واعتماد على التكنولوجيا متقدمة الصنع، مما يتطلب التحول في طبيعة الكتابة للأطفال، ووسائل التقديم، وسرعة استيعاب القيم المعاصرة، والتغيرات التي طرأت على الحياة في وسائل التربية، وطبيعة العلاقات الإنسانية ذاتها، وإقامة جسور التواصل بين التراث والمعاصرة، فلم يعد الأطفال مثلاً كما كانوا في الماضي يخافون الآباء ويهربون من مواجهتهم، وإنما أصبح أطفال اليوم يحاورون آباءهم ويتجادلون معهم، وكثيرًا ما تكون لهم الغلبة في الرأي، لأنهم يتحدثون بمنطق مقنع اكتسبوه من مشاهدة وسائل الإعلام المعاصر، وبالتالي يصبح من الضروري أن يكون سلوك الأطفال أبطال الحكايات متشابهًا مع سلوكهم في الحياة ؛ إذ من المهم تحقق عنصر الإقناع الفني والواقعي في آن واحد.
2 - تحدي التحول من المعرفة إلى المعلوماتية:
المعرفة هي امتلاك المعلومات، أما المعلوماتية فهي فهم وإنتاج المعلومات لا بطرق لغوية بالمفهوم الكلاسيكي للغة، وإنما بطرق رمزية تعتمد على الأرقام والرموز، كما هي الحال مع لغات البرمجة في مجال الكمبيوتر مثلاً. لقد كانت المعرفة هي الكنز الذي تسعى الشعوب إلى امتلاكه والمحافظة عليه بوصفه سرًا من أسرارها، أما اليوم فغدت المعرفة ملكًا للجميع، يتم الكشف عنها بسهولة، ويتم تبادلها وانتقالها بسرعة وسهولة، فشعار عصرنا انتقال المال من يد القلة إلى المعرفة في يد الكثرة.
وقد تغيرت القوانين التي تحكم المعرفة ذاتها بفعل خضوعها للمعلوماتية، فأصبح القانون الحاكم ينص على أن أي معرفة علمية لاتخضع للمعالجة الآلية فلابد أن يكون مصيرها الزوال.
من جهة أخرى فإن المعلوماتية تسعى نحو التقريب بين المجالات المعرفية المتباعدة ودمج التخصصات المختلفة وتقليل الفجوات بين مختلف العلوم، بمعنى النظر إلى المعرفة الإنسانية بوصفها كلاً متكاملاً ووحدة واحدة، فأصبح في الإمكان التقريب بين حالات الإنسان المزاجية والنفسية وبين علوم البرمجة الصناعية ومنها البرمجة العصبية والبرمجة المخية وغيرها، وهو ما سيفضي في نهايته إلى تذويب ثقافات في ثنايا ثقافة واحدة مهيمنة.
من هنا يواجه أدب الأطفال تحديًا مهمًا يتمثل في إشكالية المعرفة التي يجب تقديمها للأطفال. ووسائط تقديم هذه المعرفة.. فهل يكفي تقديم المعلومات لهم، وإن كان الأمر كذلك فما طبيعة المعلومات التي يجب تقديمها؟ هل تلك المنتمية إلى التراث أم إلى المعاصرة أم إلى المستقبل؟ وهل تلك المرتبطة بالمعرفة بمفهومها المعاصر الذي يتغير يوما بعد يوم أم المرتبطة بمفهومها المستقبلي الزاحف نحونا بسرعة والمتمثل في المعلوماتية والثورة الرقمية؟
وسنستكمل في مقالة تالية التحديات الأخرى التي تواجه الطفل العربي والكتابة الأدبية له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.