واجه الفيلم التسجيلي الذي يتناول حياة الراحل د.ثروت عكاشة مشكلة أثناء عرضه في حفل التأبين الذي أقيم له مساء اليوم بالمجلس الأعلي للثقافة، إذ اتضح أن به مشاكل في الصوت والصورة مما تسبب في عدم استكمال عرضه واستياء الحضور. والفيلم سيناريو مكاوي سعيد وإخراج سامي إدريس، وحضر الاحتفالية د. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة، ود. سعيد توفيق أمين المجلس الأعلي للثقافة، و د. أحمد عكاشة الطبيب النفسي وشقيق الراحل، والكاتب بهاء طاهر، والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، وعدد كبير من أصدقاء الراحل. وقال د. شاكر عبد الحميد أن عكاشة واحد من جيل البنائين العظام في الثقافة المصرية والعربية ودورة في مسيرة الثقافة أشبه بدور مختار في النحت وسيد درويش في الموسيقي فهو أسس مدرسة مهمة في الكتابة والتأريخ والفن هو رمز من رموز النهضة فيمزج بين القول والفعل ومساهماته المتميزة والمتنوعة نعجز عن حصرها، وكان متميز في التألف والترجمة والمشروعات الثقافية التي أنجزها وأحسن إنجازها فهو مثال فريد ونادر، فقد أنجز من حيث الكم والكيف الكثير من خلال التنوع والاضافة في الأفكار، وكان لديه رؤية وهدف ولديه الصبر والاجتهاد لمتابعة تلك الرؤية، فجهد وعمل ثروت لم يبدأ منذ ثورة يوليو بل من قبلها من خلال كتاباته التي تمثل البذرة الأولى. وعدد الوزير أعمال وإنجازات ثروت عكاشة، وأوضح أن أكاديمية الفنون الآن مستمره بما قدمه ثروت عكاشة لكنها تدهورت ووصلت لمرحلة من التراجع والبؤس فهناك معاهد تعاني من عدم وجود آلات موسيقية، وأنا أحاول أن أغير الوضع لكن الوضع سييء منذ زمن، وكتابات ثروت عكاشة يمكن أن نصنفها أقرب للنقد الثقافي، فكان يقدم رؤية بانورامية عميقة ومكثفة. وأوضح د. سعيد توفيق أن ثروت هو مهندس للثقافة المصرية بعد ثورة يوليو فهو من أنشأ صروح الثقافة الباقية حتي اليوم، وهو مؤسس لحرية الثقافة وتعدد روافدها في ظل نظام لا يخلو من الديكتاتورية لكنه حافظ علي استقلاليتها. وأضاف د. أحمد عكاشة أن الراحل كان ينظر للفن بطريقة متكاملة وكان يري أن الفن لا يمكن أن تدركه حاسة واحدة، وكل شيء كان يفعله يتميز بالدقة والانضباط، فالحياة العسكرية أثرت عليه بشدة، ولم يكن انطوائيا كما أشيع ولكنه كان وقته عزيز بالنسبه له، كان به شيء من الديكتاتورية فكان يقول النقد البناء مسموح وغير البناء غير مسموح. وأوضح الكاتب بهاء طاهر أن ثروت عكاشة يمثل النموذج الأنبل والأفضل لثورة 52 والمتابع لتاريخه سيكتشف انه دائما يعمل بعيدا عن الأضواء من أجل الثورة التي أمن بها، قبوله لمنصب وزير الثقافة كان بعد إلحاح من جمال عبد الناصر فلم تكن تعنيه المناصب أو الشهرة، وكل ما كان يعنيه الإنجاز وخدمة الثورة، وكان يؤمن أن هناك لمصر دور حضاري يجب أن تقوم به، فكان يسعى إلي العالمية فيما كان يقدمه في أعماله كمبدع أو كوزير للثقافة. وقال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي إن ثروت عكاشة فاز باحترام النخبة المثقفة من المصريين منذ أن وقف بجوار النخبة الديمقراطية في أزمة مارس 1959، الذي انقسم بها العسكريين من الرجوع للثكنات أو الاستمرار في إدارة البلاد، فانسحب وعمل علي كتاباته وأصبح وزير الثقافة، وحاول أن تكون الوزارة ملجأ لحرية التفكير والتعبير وأن لم ينجح دائما في صراعه مع وزير الإعلام الذي كان يحظى بتأييد النظام . وأقيمت عقب الاحتفالية وصلة عزف موسيقي من فناني الأوبرا المصرية.