تضررت دول الخليج العربي، من هبوط أسعار النفط، مما دفعها إلى الاتفاق على إجراء واحد من أكبر التغييرات في سياستها الضريبية، وهي فرض ضريبة "القيمة المضافة" بواقع 5% في 2018. وبدأت كل من السعودية والإمارات في تطبيق ضريبة "القيمة المضافة" أول يناير من عام 2018، وفرضتا 5% على غالبية البضائع والخدمات، وكان هدف البلدين من تطبيق منظومة "القيمة المضافة" زيادة العائدات ومواجهة انخفاض أسعار النفط. وستشمل ضريبة "القيمة المضافة" في كلا البلدين البنزين والديزل، والغذاء والملابس، وفواتير الخدمات "المياه والكهرباء"، وبعض العمليات المصرفية، وبيع وتأجير العقارات التجارية، واستئجار الشقق والفنادق والاستراحات، والرعاية الصحية الخاصة والتعليم الخاص، وخدمات الاتصالات والتسوق الإلكتروني. إلا أن بعض الخدمات أغفيت تمامًا من ضريبة "القيمة المضافة" مثل العلاج الطبي، والخدمات المالية، والنقل العام، كما لا توجد نية لإدخال ضريبة الدخل، كما أن أرباح المواطنين تقدر بنسبة صفر. وسبقت البحرين في تطبيق ضريبة "القيمة المضافة" على التبغ ومشتقاته، والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة بنسبة 100%، كما تشمل إنتاج السلع الانتقائية واستيرادها والإفراج عنها من المناطق الحرة وتخزينها. جدير بالذكر، أن صندوق النقد الدولي، طلب من دول الخليج تنويع مصادر دخلها بعيدًا عن احتياطيات النفط، لهذا اتخذت الدولتان خطوات لتعزيز الإيرادات الحكومية المالية. وفرضت السعودية الضرائب على التبغ والمشروبات الغازية، كما خفضت بعض الإعانات المقدمة إلى السكان المحليين، أما الإمارات تم رفع رسوم الطرق وإدخال ضريبة سياحية. وتتجه بعض دول الخليج لفرض ضريبة القيمة المضافة مثل "البحرين والكويت وعُمان وقطر"، بالرغم من أن البعض أجل تنفيذ المنظومة حتى عام 2019. وعن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول الخليج، قال محمد سعيد، خبير الاقتصاد وأسواق المال، إن الالتزامات الضريبية في الخليج مسالة جديدة على سياستها المالية، وتغيرًا في أداء اقتصادياتها. وأضاف "كان من الضروري حدوث تغيرات في سياسات هذه الدول والتزاماتها نحو المواطن على أثر حدوث عجز في ميزانيات بعض الدول لأول مرة، وبالرغم من أن هذه الدول مازالت تحتفظ باحتياطي نقدي كبير، إلا أنها بدأت تتخذ إجراءات تتناسب مع هذا التغير". وكانت الدول الخليجية التي تعتمد على البترول كمصدر شبه وحيد لإيرادات الدولة، أصيبت بتراجع شديد بسبب تراجع أسعار النفط بشكل كبير، بخلاف تكبد هذه الدول لتكاليف باهظة من جراء الحراك السياسي بالمنطقة، وما نتج عنه من مواجهات عسكرية في بعض بؤر الصراع في المنطقة. وتابع: "شهدت التحركات الاقتصادية لهذه الدول محاولات لتنويع مصادر الدخل، كما شهدت مؤخرًا مزيدًا من تحميل المواطن لجانب كبير من العبء؛ حيث الزيادة الكبيرة في أسعار الوقود". وزاد: "كما اتجهت بعض الدول إلى فرض التزامات ضريبية بدأت بالوافدين، ثم ارتفعت لتشمل كافة التعاملات التجارية؛ من خلال فرض ضريبة القيمة المضافة". وأشار إلى أن هذا التوجه يعد ضروريًا في هذه المرحلة لإيقاف نزيف العجز الذي بدأت الموازنات في مواجهته، وحتى يعتاد المواطن على نمط مختلف من المعيشة يتناسب مع الظروف الاقتصادية الحالية. فيما أوضح نادي عزام، خبير الاقتصاد وأسواق المال، أن ضريبة "القيمة المضافة" عبارة عن إضافة ضريبة على كل مرحلة تصنيع حتى الوصول للمنتج النهائي، لافتا إلى أن دول الخليج لجأت لهذا الطريق لإيجاد مصدر دخل لدعم موازناتها المالية بديلًا عن الاعتماد الكلي على النفط، ولمواجهة تقلب أسعاره. ولفت إلى أن مصر لجأت لتطبيق نظام ضريبة "القيمة المضافة"؛ نظرًا لوجود عجز في الميزانية، فهي تبحث أيضًا عن مصدر جديد لدخول الأموال، وتنويع مصادر الدخل لتنفيذ خطط التنمية. وأكد أن تجربة تطبيق دول الخليج لمنظومة ضريبة القيمة المضافة ستنجح فهي مطبقة بمعظم دول العالم؛ لدعم الموازنات التخطيطية وتحقيق التنمية الشاملة لاقتصاديات هذه الدول، وإيجاد بدائل أخرى للمصادر المالية، والاستغناء في 2030 عن الاعتماد الكلي على البترول، وهي بداية لتجهيز المجتمع للمشاركة مع الدولة في تحمل المسئولية، والاستغناء عن البترول كمصدر أساسي وأوحد للدخل في دول الخليج العربي.