في الساعات الأولى من فجر اليوم الإثنين، ومع إشراقات العام الجديد، فقدت الصحافة المصرية والعربية، رائد من أعظم روادها، وصحفي سطر أسمه بحروف من ذهب في سجل صاحبة الجلالة، إذا استطاع خلال سنوات أن يصل بمؤسسة الأهرام، إلى قمة الصحافة في الشرق الأوسط، وينافس بها عالميا، وجعلها مؤسسة اقتصادية عملاقة تدر ربحًا وفيرًا عليها. إنه الكاتب الصحفي الكبير، إبراهيم نافع، رئيس مجلس إدارة الأهرام، ورئيس التحرير، ونقيب الصحفيين الأسبق، ورئيس اتحاد الصحفيين العرب لعدة دورات، رحل بعد صراعه طويل مع المرض، بإحدى مستشفيات دبي في الإمارات، عن عمر يناهز 84 عامًا. ميلاد نافع رحل الكاتب الكبير إبراهيم نافع، قبل أيام معدودة من ذكرى ميلاده، حيث ولد في 12 يناير سنة 1934 بمحافظة السويس، وحصل على ليسانس الحقوق عام 1956، من جامعة عين شمس، وعمل بعد تخرجه بوكالة رويترز، ثم محررا بالإذاعة، ثم محررا اقتصاديا بجريدة الجمهورية، ثم رئيسا لقسم الاقتصاد بجريدة الأهرام، فمساعدا لرئيس التحرير، فرئيسا لتحرير الأهرام، ورئيسا لمجلس إدارتها، خلفا للكاتب الكبير عبد الله عبد الباري. تاريخ نافع في رئاسة الأهرام وصل إبراهيم نافع، لمنصب رئيس التحرير رقم 12 في تاريخ الأهرام، في 10 ديسمبر 1979، ومنصب رئيس مجلس الإدارة رقم 7 فى16 إبريل عام 1984، وجمع بين رئاسة التحرير، ورئاسة مجلس الإدارة في الفترة 16 أبريل عام 1984 حتى 5 يوليو 2005، ليتسلم الراية منه الكاتب الكبير صلاح الغمري. خلال هذه الفترة، أضافت "الأهرام" إلى رصيدها 6 مجلات جديدة لتقديم خدمة متخصصة للقارئ المصري والعربي، و3 صحف أحداها مسائية، وثانية ناطقة باللغة الإنجليزية، وثالثة ناطقة بالفرنسية، وطبعتين للأهرام الأولى الطبعة الدولية في عام 1984، والثانية طبعة عربية في 2002، وتطبعان في نفس توقيت القاهرة بالدول العربية والأوروبية وأمريكاوكندا (الدولية توقفت إبان فترة وجود جماعة الإخوان في السلطة عام 2013)، لتكون في متناول الجاليات المصرية والعربية في نفس يوم صدور الأهرام، وبذلك ارتفع عدد إصدارات "الأهرام"، إلى 16 إصدارا صحفيًا منها 12 إصدارا صحفيا جديدا. كما وصل الأهرام مبكرا للإنترنت، وأطلق موقعا إلكترونيا للصحيفة اليومية عام 1998، أعقبه مواقع لغالبية إصداراته الصحفية قبل باقي الصحف المصرية، وأضحت "الأهرام"، إمبراطورية صحفية ضخمة على مستوى العالم. خلال هذه الفترة، أيضا شيد "الأهرام"، المزيد من المشروعات, وشيد مبنيين حديثين الأول لكي يستوعب الإصدارات الصحفية، والثاني ليضم إدارات الإعلانات والوكالات والمراكز المتخصصة، لتضاف إلى مبناه الرئيسي بشارع الجلاء في قلب القاهرة (الذي أسسه الأستاذ هيكل عام 1968)، بالإضافة إلى جامعة الأهرام الكندية، التي أنشئت في عام 2004، كمؤسسة تعليمية حديثة بمدينة السادس من أكتوبر، لإعداد خريجين على مستوى تعليمي عال. إبراهيم نافع وحرص "الأهرام"، خلال تولى إبراهيم نافع، على الانفتاح مجددا بعد فترة الأستاذ هيكل، على الخارج، وضرورة وجود "الأهرام" دوليا على مستوى العالم، فضلا عن زيادة التقارب مع الدول العربية اعتمادا على أن جريدة الأهرام هي "صحيفة كل العرب"، والتواصل مع الجاليات المصرية والعربية؛ لتقديم خدمات صحفية خاصة لقارئها من مراسليها، فأضاف إلى شبكة المكاتب والمراسلين في الخارج ، حيث أنشأ 16 مكتبا خارجيا للأهرام في عدد من الدول وعواصم العالم ضمت لندن، وواشنطن ونيويورك ومراسل في لوس أنجلوس، وباريس، وفيينا، وروما، وفرانكفورت، ثم برلين، وكندا، وجوهانسبرج، والمملكة العربية السعودية، وأنقرة، والمنامة، ودبى، وطوكيو، وبيروت، والجزائر, و ليبيا. وكانت تصدر عن مكاتب "الأهرام" في العواصم الرئيسية بالعالم صفحة أسبوعية في الطبعة الدولية عن الجاليات المصرية والعربية، وتنظم لقاءات وندوات مع المصريين والعرب في الخارج. كما أوفد 4 مراسلين في الدول العربية هم مراسل للأهرام في سوريا، والعراق، واليمن، والمغرب، فضلا عن اثنين من المراسلين المحليين استعان بهما "الأهرام" في الأردن، والسودان. 12 مجلة وجريدة جديدة حقق الكاتب الكبير إبراهيم نافع، لمؤسسة الأهرام الصحفية، قيمة مضافة بأكبر نقلة صحفية في سلسلة من إصدارات "الأهرام" المتنوعة من مجلات وصحف يومية وأسبوعية؛ وضمت "نصف الدنيا"، مجلة نسائية اجتماعية تصدر أسبوعية منذ 18 فبراير 1990، وتهتم بقضايا المرأة والأسرة والطفل، برئاسة تحرير سناء البيسي، و"الأهرام الرياضي"، مجلة رياضية فنية أسبوعية أسست في 3 يناير1990، وصدر عددها الأول في مارس عام 1990، برئاسة تحرير إبراهيم حجازي، و"الأهرام المسائي"، جريدة يومية مسائية لتزود القارىء بآخر الأنباء والموضوعات والأحداث، وتصدر يوميا منذ يناير 1991، وصدرت برئاسة تحرير مرسى عطا الله، و"الأهرام ويكلي"، وتصدر باللغة الإنجليزية، أسبوعيا كل يوم خميس، وتهتم بالقارئ الأجنبي الذي يقيم في مصر والخارج، وصدر عددها الأول في فبراير 1991، برئاسة تحرير الراحل حسنى جندي. إبراهيم نافع كما صدرت "علاء الدين"، مجلة للطفل أسبوعية، وتهتم بالتربية والعلوم والفنون والرسوم للطفل، وجاء عددها الأول في 15 يوليو 1993، برئاسة تحرير عزت السعدني، و"الأهرام إبدو"، جريدة أسبوعية سياسية ثقافية اقتصادية وفنية، ناطقة باللغة الفرنسية، تصدر كل أربعاء، منذ 14 سبتمبر 1994، وتوزع في 64 دولة ناطقة باللغة الفرنسية، برئاسة تحرير محمد سلماوي، و"الأهرام العربي"، مجلة سياسية متنوعة تهتم بالقضايا العربية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية، صدرت في 29 مارس 1997، برئاسة تحرير أسامة سرايا. وصدرت أيضا "البيت"، مجلة شهرية تهتم بالديكور والفنون المعمارية والتصميم، وأول مجلة متخصصة من نوعها، وصدرت منذ يوليو 2000، ويرأس تحريرها سيلفيا النقادي، و"لغة العصر"، مجلة متخصصة في الكمبيوتر والإنترنت والمعلومات الرقمية، وتوفر المحتوى المعرفي عنها، وصدرت في 5 يناير 2001، برئاسة تحرير محمد جمال غيطاس، و"الديمقراطية"، وهي مجلة سياسية فصلية تهتم بقضايا التحول الديمقراطي ونظم الحكم بالعالم، وتطوراتها السياسية والسياسات العامة، وصدر عددها الأول في عام 2001، برئاسة تحرير الدكتورة هالة مصطفى. إبراهيم نافع فضلا عن الطبعة الدولية للأهرام اليومي في عام 1984، التي تطبع يوميا في لندنوباريس، كما تم طباعتها في عام 1986 في نيويورك، ثم طبعت في عام 1994، بفرانكفورت بألمانيا، تلاها الطبعة العربية للأهرام اليومي، وصدرت في 18 أكتوبر 2002، وبدأت طباعتها في البحرين، وكتاب الأهرام الاقتصادي، وصدر شهريا في أول عدد في مارس 1988، ثم ملحق البورصة، مع مجلة الأهرام الاقتصادي، بالإضافة إلى إصدارات الأهرام التي صدرت من قبل في أعوام سابقة، وشملت 3 مجلات فقط هي مجلة الأهرام الاقتصادي، في ديسمبر عام 1950، ومجلة الشباب، التي تهتم بالشباب وعلوم المستقبل التي تصدر أول كل شهر منذ أغسطس 1977، ومجلة السياسة الدولية، وصدر عددها الأول في يوليو 1965، بالإضافة إلى التقرير الإستراتيجي لمركز الدراسات السياسية. 3 مراكز متخصصة ومكتبة علمية وناد للكتاب زادت المراكز المتخصصة في فترة تولي الأستاذ إبراهيم نافع، وأضيفت 3 مراكز جديدة هي مركز تاريخ الأهرام، وهو مركز بحثي متخصص، لنشر الوعي التاريخي الذي يصل الماضي بالحاضر، أسس في 4 أبريل 1992، برئاسة الدكتور يونان لبيب رزق، وأصدر صفحات متخصصة أسبوعية باسم الأهرام منذ نشأتها، والثاني معهد الأهرام الإقليمي للصحافة، أنشىء في عام 1993، وهو أول معهد تدريب إقليمي للصحفيين على المهارات المهنية الحديثة والتكنولوجية في الصحافة والإعلام، ويعقد دورات تدريبية للصحفيين بالأهرام والصحف المصرية والعربية والإفريقية، بالتعاون مع المؤسسات العربية والدولية، والثالثة وكالة الأهرام للخدمات الصحفية التي تأسست في 29 ديسمبر 1991، وبدأت عملها فعليا في 27 فبراير 1992، لتقديم خدمات للصحف المحلية والعربية والأجنبية، ومدها بالمواد الصحفية المتنوعة والمتخصصة برئاسة محمود مراد. كما أنشأ داخل وكالة الأهرام للتوزيع مكتبة الأهرام للبحث العلمي، والتي أنشئت في عام 1993، وتضم أحدث المراجع العلمية والعربية للتيسير على الباحثين وتقديم خدمات البحث العلمي بأسلوب علمي متطور، ومركز معلومات الكتاب العربي، لإعداد قوائم موضوعية بعناوين الكتب. كما أنشئ نادي الأهرام للكتاب، عام 1985، لخدمة القراء والباحثين في مصر والدول العربية لنشر المعرفة والثقافة، لكي تضاف إلى رصيد الأهرام خمسة مراكز أخرى هي: مركز الأهرام للميكروفيلم، والذي أنشىء عام 1961، ومركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الذي أنشئ عام 1968، ومركز الأهرام للإدارة والحاسبات الإلكترونية، الذي أنشئ عام 1968، كأول مركز متخصص في تقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات، ونوادي علوم الأهرام التي أسسها في الستينيات صلاح جلال، وفي قطاع التوزيع مركز الأهرام للترجمة والنشر في عام 1975. تحديثات في المطابع خلال هذه الفترة، أيضا أدخل الأهرام أحدث النظم التكنولوجية في طباعة الصحف وتجهيزات المطابع حتى استحوذت مطابع الأهرام، على طباعة نحو 90% من الصحف المصرية والكتب، ففي عام 1992 أدخل الأهرام، استخدام الحاسبات الصغيرة في تجهيزات الصفحات وجمع المادة الصحفية، ومونتاج الصفحات واستخراج الأفلام لطباعة صفحات الأهرام اليومي وإصدارته المختلفة كاملة، ونقلها على خطوط التليفون بعد أن أدخلت من قبل نظام الجمع التصويري في عام 1975، ونظام الأوفست عام 1981. كما تم تحديث المطابع الصحفية بالجلاء في إبريل 1999، بتركيب وحدات وماكينات طباعة جديدة، وبدأت في الطباعة الفعلية في أكتوبر 1999، وتعمل بأجهزة كمبيوتر في كافة مراحل الإنتاج بسرعة 170 ألف نسخة في الساعة لكل خط إنتاج، وضمت خمس وحدات للطباعة، كما أضافت مؤسسة الأهرام، نظام الإدخال كأول صحيفة بالشرق الأوسط لطباعة الملاحق والإنترنت، ويتم إدخالها مع الصحيفة أثناء عملية الطباعة، ثم أنشاء مطابع 6 أكتوبر، وتكلفت 270 مليون جنيه، وأقيمت على مساحة 38 ألف متر مربع، وبدأت أعمال التشييد في يناير 1994، وتشغيلها التجريبي في يوليو 1996، وبدأت عملها في أكتوبر 1996، وتستخدم أجهزة الكمبيوتر في كافة عمليات التشغيل بسرعة 80 ألف نسخة في الساعة لكل خط، وبدأت بعدد 3 خطوط إنتاج. وأقيمت مطابع الأهرام التجارية بقليوب، على أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا فن الطباعة، وتم تزويدها بأحدث المعدات والأجهزة والتجهيزات الفنية، وتطبع كافة إصدارات الأهرام الصحفية، والتجليد، والتغليف، والكتب المدرسية، والدوريات والمجلات الخاصة والأجندات والنتائج السنوية، وتضم ماكينات الأوفست، وماكينات الويب، والهايدربج وهاريس وكويزج. كما تم وتطوير مطابع الكورنيش لتضم معدات التجهيز والطباعة بالألوان وطباعة مطبوعات الوزارات والهيئات. 29 شركة تساهم فيها الأهرام كما تم في هذه الفترة أيضا وما تلاها التوسع في مشروعات شركة الأهرام للاستثمار التي تأسست عام 1980، لتصل إلى 29 شركة، وتنقسم مساهمات شركة الأهرام للاستثمار، إلى شركات مملوكة بالكامل لها وشركات تساهم بحصة فيها حاكمة أو تساهم بحصة غير حاكمة، وقسمت الأغراض الأساسية بها إلى شركات للطباعة، وشركات للمعلومات والدعاية، وشركات للتنمية السياحية، وشركات بمجالات أخرى، إلى جانب مطابع الأهرام التجارية. وشملت شركة الأهرام لمواد الدعاية، والشركة المتحدة للورق، وشركة الأهرام للوسائط المتعددة لصناعة الأقراص المدمجة، أسست عام 2001، وشركة الأهرام للسياحة، تأسست عام 2004، وشركة الأهرام لتجارة الأدوية والأجهزة الطبية، وشركة الأهرام للصناعات الإلكترونية، وشركة تلكوميديا للخدمات المعلوماتية، والشركة العالمية للتنمية السياحية بشرم الشيخ، وشركة سنترا للتكنولوجيا، وشركة الأهرام للفنادق، والشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول، وشركة خدمات التأمين والتوثيق لشبكات وتطبيقات الإنترنت بي تي تراست. كما شملت شركة كيما ألفين، والشركة الدولية لمشروعات طابا السياحية، والشركة المصرية لمحطات الركاب والجراجات المجمعة، وشركة أى تى للاستثمارات، الشركة المصرية للاستثمارات المتعددة، وشركة لورد للصناعات الدقيقة وشركة الشبة المصرية، وشركة ديوان للتكنولوجيا، وشركة الأهرام فيما وراء البحار، والبنك الوطني للتنمية، وشركة الأهرام باريس، وشركة الأهرام أمريكا، وشركة الأهرام كندا، وشركة الأهرام ألمانيا، فضلا عن تطوير شركة الأهرام للأقلام «سيسب»، التي أسست عام 1978 وتم تطوريها بعد. تاريخ طويل في النقابة تولى الكاتب الصحفي إبراهيم نافع، منصب نقيب الصحفيين ل6 دورات متتالية، استطاع خلالها تحقيق العديد من الإنجازات على رأسها تشييد المبنى الحالي، كما ترأس الاتحاد العام للصحفيين العرب، منذ عام 1996 حتى 2012. نافع وثورة 25 يناير بعد ثورة 25 يناير، غادر إبراهيم نافع، البلاد متوجها إلى باريس للعلاج، وإجراء فحوصات طبية، وذلك قبل صدور قرار من النائب العام، بمنعه من التصرف في أمواله العقارية والمنقولة والسائلة بصورة مؤقتة، وكذلك منعه من مغادرة البلاد، ووضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، لينتقل بعدها إلى دبي حيث وافته المنية هناك. كلماته الأخيرة قالت زوجة الكاتب الراحل، الإعلامية علا بركات، إن آخر الكلمات التي نطق بها قبل تدهور حالته الصحية وإجرائه العملية الجراحية، هي تمنيه العودة لمصر، وأن يعيش أيامه الأخيرة في بلده، مضيفة أن إبراهيم نافع، قال لها: "كده كفاية غربة.. أتمنى أن أعيش أيامي الأخيرة في بلدي". الأيام الأخيرة في حياته وكان "نافع"، قد دخل أمس الأول، العناية المركزة للمرة الثانية خلال أسبوع واحد، بعد مضاعفات ألمت به إثر إجراء عملية جراحية دقيقة منذ ثلاثة أسابيع تم خلالها استئصال 70% من البنكرياس، وإزالة الطحال بالكامل نتيجة ظهور ورم خبيث. وكان الراحل قد ساءت حالته الصحية بعد ظهور مياه على الرئة دخل على إثرها العناية المركزة؛ حيث تم سحب المياه وعاد بعدها معافى إلى غرفته مرة أخرى، ولكن حالته لم تستقر، فقد ظهرت بعض الالتهابات، وهو ما أدى لإعادته للعناية المركزة مرة أخرى.