أكد عدد من الخبراء في مجال تصنيع الدواء، أن مصر تمتلك كل الإمكانيات الحقيقية، لإنشاء "هيئة عليا للدواء"، وتأسيس صناعة دواء وطنية، تساهم بنسبة كبيرة في السوق، لمواجهة أزمة الدواء في مصر، والمافيا التي تتحكم في المريض المصري، بممارسة احتكارية ورفع الأسعار. ووضع الخبراء عدة شروط، لتقدم قطاع تصنيع الدواء في مصر، أهمها تحديد جهة واحدة مسؤولية عن الدواء في مصر، تضم متخصصين عن الدواء، تعمل بخطة محكمة لتحقيق الأمن الدوائي في مصر، تحت مسمي "الهيئة العليا للدواء"، على غرار الدول الغربية والعربية. نقيب الصيادلة: طالبنا بإنشاء "الهيئة العليا للدواء" طالبت نقابة أكثر من مرة، بهيئة عليا لصناعة الدواء في مصر، على غرار هيئات الدواء في أمريكا وأوروبا وبعض الدول العربية، تكون مختصة عن ملف الدواء في مصر، بالإضافة لنائب لتعين نائب لوزير الصحة، يكون مسئول بشكل مباشر عن الدواء. قال الدكتور محيى عبيد نقيب الصيادلة، إن نقابة الصيادلة كهيئة استشارية، وضعت ملفا كاملا لمواجهة أزمة صناعة الدواء في مصر، وتقدمت به لمجلس النواب لدراسته، مشيرا إلى أنه لمواجهة أزمة الدواء، وبناء صناعة حقيقية، يجب إنشاء "الهيئة العليا للدواء" في مصر. وأضاف نقيب الصيادلة، في تصريحات ل "بوابة الأهرام"، أن النقابة وضعت تخطيطا كاملا للهيئة واختصاصاتها، بداية من استيراد المادة الفعالة، ودخولها لمرحلة التصنيع، ثم التوزيع والرقابة، ورصد احتياجات السوق من الدواء، بحسب إحصائيات الأمراض وعدد المرضى. وأشار إلى أن النقابة، دورها استشاري، لخدمة المريض المصري، وانطلاقاً من مسئوليتها عن أعضائها الصيادلة، الذين يدفعون ثمن أزمات الدواء المتكررة، وما يعانيه المريض المصري، بسبب نقص الدواء وارتفاع أسعاره، والعشوائية التي يدار بها ملف الدواء في مصر. وأكد نقيب الصيادلة، أن دولة مثل الأردن، تمتلك الآن صناعة حقيقة للدواء، وتصدر للخارج وتحتل مرتبة متقدمة عربياً، في حين أن صادرات مصر من الدواء، تصل ل 250 مليون دولار فقط، وهو ما يكشف حجم المشاكل التي يعاني منها قطاع الدواء. ولفت إلى أن الدولة المصرية، تمتلك كل المقومات، لإنشاء صناعة دواء وطنية، في حالة وضع خطة مدروسة لتصنيع الدواء، وحماية المريض المصري وقطاع الدواء، من المشاكل التي يعاني منها. الحق في الدواء: المريض المصري يواجه بمفرده الشركات الخاصة أكد المركز المصري للحق في الدواء، أن الدواء المصري، يواجه مشاكل حقيقة، أهما عدم تحديد المسؤوليات، ووجود هيئة مختصة عن الدواء في مصر، بالإضافة لترك الساحة للشركات الخاصة، وانسحاب شركات القطاع العام من السوق، هو ما أدى لمعاناة حقيقة يعيشها المريض المصري، الذي ترك وحيداً في مواجهة ارتفاع أسعار الدواء، وتلاعب الشركات بأزماته الصحية. قال محمود فؤاد، مدير المركز، إن ملف الدواء في مصر، ملف كارثي بالنسبة لوزارة الصحة، إحدى الجهات المسئولة عن الدواء في مصر، موضحاً أن أهم العقبات التي تواجه صناعة الدواء في مصر، هو عدم جهة محددة مسئولة عن الدواء. وأضاف في تصريحات ل "بوابة الأهرام"، أن كل الدول الغربية والعربية، يوجد لديها هيئة مختصة عن الدواء، مسئولة عن تسجيل العقار الطبي، ومتابعة تصنيعه، وطرحه وتوزيعه في الأسواق، ومراقبة بيعه ومعرفة عدد النواقص، أما في مصر فمسئولية الدواء، تقع في الأساس على وزارة الصحة، بالاشتراك مع وزارة الصناعة والتجارة، ووزارات وجهات أخري، وهو ما يؤدي لتخبط في اتخاذ القرارات، وأزمات حقيقة يدفع ثمنها المريض المصري. وأكد فؤاد، أن تسجيل الدواء وصناعته، يواجه مشاكل كبيرة جداً في مصر، أهمها تسجيل الدواء وتسعيرته، فخلال الفترة الأخيرة، تم اكتشاف 135نوع دواء جديد، سجل منهم في مصر 5 أنواع فقط، وذلك بسبب العراقيل التي توضع أمام عملية التسجيل، وهو ما يؤدي لهروب المستثمرين، هذا بالإضافة لتباين تسعيرة الدواء من شركة لشركة، لأسباب غير واضحة، كل ذلك يجعلنا نطالب بهيئة مستقلة مسئولة عن الدواء في مصر. وأشار مدير المركز المصري للحق في الدواء، إلى أن مصر، بها حوالي 58% من عدد السكان، يخضعون لمظلة التأمين الصحي، أما باقي فئات الشعب البسيط، من عمال وفلاحين، فلا يوجد لديهم تأمين صحي، وهو ما يجعلهم في مواجهة مباشرة، مع ارتفاع أسعار الدواء وأزماته، والممارسات الاحتكارية، التي تمارسها شركات القطاع الخاص، والتي تضغط على الحكومة ممثلة في وزارة الصحة، لرفع أسعار الدواء. ولفت إلى أن صناعة الدواء، كانت حتى عام 2002، تراعي المريض محدود الدخل، فكان 77% من الدواء، يتم تصنيعه في شركات القطاع العام، وهي شركات تمتاز بالجودة وعدم التلاعب في نسبة المادة الفعالة، وكانت معظم أدويتها أقل من 30 جنيهًا، أما ألان فتصل مساهمة هذا القطاع 13% فقط من سوق الدواء، فيما يسيطر القطاع الخاص علي السوق، مطالباً بعودة عمل هذه الشركات وتقويتها للقيام بدورها، في مواجهة مافيا صناعة الدواء. الاتحاد العالمي للصيادلة: مصر تمتلك كل المقومات لتصنيع الدواء قال الدكتور وائل علي علي، عضو المكتب التنفيذي، للاتحاد العالمي للصيادلة، التابع للأمم المتحدة، والمسئول عن الشرق الأوسط وإفريقيا، إن مصر تمتلك كل المقومات الحقيقية، لوجود صناعة دواء علي أعلي مستوي، تساهم في بنسبة كبيرة في التقدم الاقتصادي، لاسيما إن الإحصائيات عن مصر، تشير إلى أن ما يتم إنفاقه سنوياً علي الدواء، يصل لحوالي 77 مليار جنيه، وهو ما يجعل مصر سوق واعد في تجارة الدواء. وأكد أن دولة مثل الأردن، يوجد بها 5 مصانع فقط لصناعة الدواء، تحتل مكانة متقدمة في تصنيع الدواء عربياً، وتحقق مكاسب كبيرة من وراء هذه الصناعة، فيما تمتلك مصر 35 مصنع دواء، بها كوادر فنية وطبية علي مستولي عالي، ويمتلكون خبرات كبيرة في هذه الصناعة، ولكن تعاني من مشاكل متعددة في صناعة الدواء. وطالب عضو المكتب التنفيذي، التابع للأمم المتحدة، والمسئول عن الشرق الأوسط وإفريقيا، بتدخل الدولة لوضع خطة واضحة، تضعها هيئة مختصة عن الدواء، لتحقيق الأمن الدوائي المصري، حتى لا تتحكم إحدى الدول، بما تملكه من دواء في المريض المصري، لاسيما أن المادة الفعالة، لها أكثر من مصدر، ويمكن إقامة صناعة حقيقة للدواء، وتحقيق اكتفاء ذاتي، والتطور فيما بعد لتصنيع المواد الفعالة. ولفت إلى أن أزمات الدواء في مصر، هي أزمات مفتعلة، بسبب سياسة الشركات الخاصة، التي تسعي للتنافس والسيطرة على السوق، دون التفكير في المريض المصري، الذي يعاني بشدة بسبب نقص الدواء، وارتفاع أسعاره في الوقت الحالي.