خاضت النيابة العامة العام الماضي تحقيقات موسعة بقضايا كبرى، كانت أشبه بالمعارك أو المغامرات التي كشفت النقاب عن قضايا إرهاب وفساد مالي، إلى جانب وقائع إهمال أخرى وجرائم حصدت أرواحا وخلفت مصابين. فعلى مدى اثنى عشر شهرًا ماضية، كان هناك العديد من القرارات العاجلة للنائب العام، المستشار نبيل أحمد صادق، فى قضايا شائكة، تصرفت النيابة فيها، وأخرى ما زالت قيد التحقيق، لحين تقديم الجناة بها للعدالة. وقد أشرف على التحقيقات المحامون العموم للنيابات، وجرت التحقيقات فى القضايا الكبرى التى تمس الأمن القومى بنيابة أمن الدولة، تحت إشراف المستشار خالد ضياء، المحامى العام الأول لنيابات أمن الدولة، كما جرت التحقيقات بجرائم المال العام، بإشراف المستشار محمد البرلسى، المحامى العام الأول لنيابات الأموال العامة، وأشرف على تحقيقات الجرائم الاقتصادية المستشار محمد فودة، المحامى العام الأول لنيابة الشئون المالية والتجارية، ومحامون عموم آخرون بالنيابات الكلية. إرهاب شهد العام الماضي قرارات مهمة من النائب العام في مواجهة قضايا وحوادث الإرهاب، داخليا وخارجيا، ففي الداخل، تستكمل النيابة العامة تحقيقاتها الموسعة، إلى جانب القرارات المهمة التي أصدرتها في حادث مسجد الروضة ببئر العبد، الذي وقع أواخر الشهر الماضي، وخلف 310 شهداء ونحو 130 مصابًا، عقب أن توصلت التحقيقات الأولية للتصور النهائي لكيفية ارتكاب للحادث، وأمرت النيابة بسرعة ضبط الجناة، وكذلك الحال بشأن حادث الواحات الإرهابي، الذي وقع منتصف شهر نوفمبر الماضي، وراح ضحيته عدد من ضباط وأفراد الشرطة ، وحبست نيابة أمن الدولة العليا خمسة عشر متهما توصلت التحقيقات إلى ضلوعهم في الحادث، وإلى جانب هذا أحال النائب العام في الشهر نفسه عشرة متهمين إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ، في قضية اشتهرت باسم "داعش ليبيا"، لاتهامهم بتأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية تعتنق أفكار "داعش" التكفيرية. مسجد الروضة حادث الواحات
وفى فبراير الماضي، كلف المستشار "صادق" جميع النيابات المختصة بعمل تحقيقات مكبرة مع مدرجين علي قوائم الكيانات الإرهابية، للتحقيق معهم في الاتهامات المنسوبة إليهم بتمويل جماعة الإخوان ودعمها، على خلفية حكم الجنايات بإدراج نحو 1500 شخصية على قوائم الإرهاب ثلاث سنوات، بينهم الرئيس المعزول محمد مرسى، ورجل الأعمال صفوان ثابت، وقيادات وعناصر من الإخوان. محمد مرسي العميد عادل رجائي وكشف أمر الإحالة المعد من النائب العام، فى يناير الماضي، عن واحدة من أكبر القضايا التي تمت إحالتها للنيابة العسكرية، المعروفة باسم "حركة حسم"، والمتهم فيها 304 متهمين، مضبوط منهم 144 متهما، وجميعهم محبوسون على ذمة القضية، بينهم القيادي الإخوانى محمد على بشر، الذى اتهمته التحقيقات بأنه مارس نشاطه من داخل السجن، ونسبت التحقيقات لهم ارتكاب العديد من الوقائع الإرهابية ومحاولات الاغتيال. كما أحال النائب العام، فى منتصف نوفمبر الماضي، القيادي الإخوانى حسن مالك، ونجله، وعبد الرحمن سعودي، و21 متهما آخرين إلى المحاكمة، لاتهامهم بتولي قيادة بجماعة الإخوان، والانضمام إليها، وإمدادها بالأموال، لتحقيق أغراضها بتغيير نظام الحكم بالقوة، والاعتداء على رجال القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما والمنشآت العامة، والإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد، وشهد الشهر نفسه إحالة 9 متهمين من خلية إرهابية أطلقت على نفسها "لواء الثورة" للمحاكمة، بعدما نسبت التحقيقات لهم أنهم من عناصر جماعة الإخوان، ومتورطون في استهداف الشهيد عميد أركان حرب عادل رجائي. رشوة مجلس الدولة ريجيني وعلى المستوى الخارج، حبست النيابة العامة، أواخر نوفمبر الماضي، 29 متهما على ذمة التحقيقات التي تجري معهم، بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا، لاتهامهم وآخرون هاربون داخل البلاد وخارجها بالتخابر مع دولة تركيا، بقصد الإضرار بالبلاد، والانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمرير المكالمات الدولية بغير ترخيص، وغسل الأموال المتحصلة من تلك الجريمة، والاتجار في العملة بغير ترخيص. فساد مالي ونأتي إلى قضايا الفساد المالي التي تصدت لها النيابة العامة بقوة العام الماضي، وعلى رأسها قضية رشوة مالية بمجلس الدولة، التي كشفت التحقيقات النقاب عنها في فبراير الماضي، وتضمن أمر الإحالة ل"الجنايات" في القضية المتهم جمال اللبان، مدير إدارة المشتريات والتوريدات بالمجلس وآخرين، نسبت النيابة لهم تهم تقاضي وطلب رشاوى، تمثلت في مبالغ مالية وفوائد غير مادية علي سبيل الرشوة، مقابل أداء عمل من أعمال الوظيفة. واستكمالا للكشف عن قضايا الفساد المالي والرشوة أيضا، أحالت النيابة في مايو الماضي طارق فراج محمود عبد الوهاب، مستشار وزير المالية لشئون الضرائب العقارية، ومحمود الفخر الرازي محمود بركة، رئيس مجلس إدارة شركة سياحية، وأمل عبد الوهاب حسن إبراهيم، مفتشة بالإدارة المركزية للتفتيش الضريبي بمصلحة الضرائب، والناصر جمال محمود بركة ، محاسب حر، إلى محكمة الجنايات، في قضية اتهامهم بطلب وتقاضي مبالغ على سبيل الرشوة. قناة الجزيرة حادث قطار الاسكندرية
كما قررت النيابة، في فبراير الماضي، حبس 9 متهمين في قضية تجارة سلاح ومخدرات كبرى، بينهم 3 ضباط وأمينا شرطة، أربعة أيام على ذمة التحقيق، حيث نسبت لهم التحقيقات تهمة الاتجار في السلاح والمخدرات. أما في شهر يناير الماضي، فقد أحالت النيابة المستشار السابق لوزير الصحة، وموظفا بمستشفي عين شمس التخصصي إلى محكمة الجنايات، لإدانتهما بقضية رشوة مالية. ملفات خارجية كما شهد العام الماضي مساعي للنيابة العامة بخصوص ملفات خارجية، كان أبرزها ملف مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجينى، واللقاءات التي دارت بشأن تلك القضية، وما جرى بها من تبادل لنتائج التحقيقات بين الجانبين الإيطالي والمصري. بينما لا يقل ملف استرداد الأموال أهمية، لما عقد فيه من اجتماعات ومؤتمرات عدة ما بين الجانبين السويسري والمصري، إلى جانب إصدار النائب العام قرارا، مطلع يوليو الماضي، بإجراء تحقيق بشأن واقعة مقتل المواطنة المصرية نبرا حسنين، بمقاطعة فيرفاكس فى ولاية فرجينيا بالولايات المتحدةالأمريكية، فجر يوم 18 يونيو الماضي. وعقد النائب العام الشهر الماضي اجتماعا لجمعية النواب العموم الأفارقة، لمحاربة الجريمة العابرة للحدود، وتمويل الكيانات الإرهابية، وجرائم غسل الأموال الدولية. إهمال وعن التحقيقات والقضايا الشائكة التي خاضتها النيابة العامة العام الماضي، كانت هناك تحقيقات متعلقة بوقائع إهمال، وجاء في مقدمتها الحادث المروع لتصادم قطارين على خط القاهرة - الإسكندرية، الذي راح ضحيته 44 قتيلا، إلى جانب 236 مصابا، وانتهت التحقيقات في أكتوبر من العام الماضي إلى إحالة ستة مسئولين بالسكك الحديدية إلى المحاكمة الجنائية العاجلة. ومن بين قضايا الإهمال الكبرى العام الماضي، قرار الإحالة الصادر فى يوليو الماضي، إلى ما انتهت إليه التحقيقات، التي أجرتها النيابة العامة بشأن واقعة انقطاع التيار الكهربائي عن مبني الركاب "3" بمطار القاهرة الدولي، بحبس أحد عشر متهما من العاملين بمطار القاهرة الدولي من مسئولي صيانة الكهرباء نتيجة الإهمال. وبشأن التحقيقات المهمة فى جرائم كبرى، صدر قرار من النائب العام، المستشار نبيل أحمد صادق، مطلع يوليو، بإحالة 41 متهما بقضية الاتجار فى الأعضاء البشرية، حيث نسبت التحقيقات للمتهمين تهم التربح والرشوة وغسل الأموال واستغلال الوظيفة وإحداث عاهات مستديمة بالمجني عليهم، وكان من بين المتهمين المحبوسين أطباء وممرضون، وكذا سمسارة عرب من دول عربية. كما وافق المستشار "صادق"، منتصف أكتوبر، على إحالة ناصر الخليفى، رئيس مجلس إدارة شركة "بي إن" الإعلامية، والممثل القانوني، والرئيس التنفيذي للشركة، إلى محكمة جنح القاهرة الاقتصادية، وذلك لمخالفة الشركة بشكل متعدد ومستمر أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية. التفتيش على السجون وكان من بين القرارات المفاجئة للنائب العام، قرار إجراء تفتيش مفاجئ، أكتوبر الماضى، علي نحو خمسة وعشرين سجنا بمناطق مختلفة فى مصر، واستعمال أعضاء النيابة العامة للسلطات المخولة لهم بتفتيش السجون والأقسام، لتوفير جميع الحقوق والضمانات للمسجونين والمحبوسين احتياطيا، وفقا لما كفله الدستور والقانون.