سببت استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري حالة من الجدل السياسي في الأوساط العربية، من جهة أن الحدث يمثل استدارة لبنانية خطيرة بشأن الأوضاع بالمنطقة. حديث الرجل عن إيران خلال بيان استقالته، يؤكد أن هناك شيئا مهما يتم التحضير له بشأن لبنان - لاسيما - أن الاستقالة جاءت بالتزامن مع حراك دولي تقوده الولاياتالمتحدة الأمركية ضد إيران وحزب الله على خلفية التورط في سوريا، بالإضافة إلى جدلية وضع حزب الله في لبنان بعد الأحداث الأخيرة في جرود عرسال والتي انتهت بهزيمة داعش وجبهة النصرة لصالح الدولة اللبنانية وكان لحزب الله دور كبير فيها، وهو ما أعطى انطباعًا بتزايد نفوذ الحزب على حساب الجيش اللبناني. على أية حال فإن الموقف من إيران وحزب الله كان جوهر الاستقالة التي أعلنها الحريري من خلال تليفزيون العربية التابع للسعودية ، وهي محطة الحريري الأخيرة قبل إعلانه الاستقالة ، بما يوحى أن الرياض ضالعة بشكل أو بآخر في هذا الحدث على خلفية الموقف من إيران وحزب الله ، حيث تتهمها الرياض بالتدخل في الشئون الداخلية للبلاد خصوصا الخليجية منها. يقول الإعلامي اللبناني ربيع بركات : استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة، فضلًا عن لهجة إعلان الاستقالة وتوقيتها ومكان الإعلان، لا يمكن فهمها إِلَّا من زاوية أن "شيئًا كبيرًا يُحضّر للبنان". وأضاف أن هذا "الشيء الكبير" يتراوح بين تصعيد ضغوط سعوديّة متدحرجة توازيًا مع العقوبات الأمريكية الجديدة على "حزب الله" ، والتي تؤثر على مجمل قطاعات الاقتصاد اللبناني بالمناسبة، وبين دخول إسرائيلي فعليٍ ومباشر على الخط توازيًا مع رفع مستوى التصعيد الكلامي للمسئولين الإسرائيليين. وبين الحدّين هذين ثمة مساحة رمادية عريضة للعمل الأمني ذي الاستهدافات الموضعية. وتابع: الكابح الأكبر للاحتمال الأسوأ، أي شنّ حرب إسرائيلية على لبنان، يتمثّل برغبة روسيا باستتباب الأمر في سوريا وجوارها تمهيدًا لمرحلة "إعادة البناء". أما الداخل اللبناني فيصدر عنه ما يزيد من هذه الإمكانية، لا ما يقلِّص منها. حين يقول الحريري إن الأجواء في لبنان شبيهة بتلك اللاحقة لاغتيال الراحل رفيق الحريري مطلع العام 2005، علينا أن نتذكّر ما حصل بعد ذلك بعام وبضعة أشهر، في تموز 2006، وأن نُبقي هذا السيناريو ببالنا كاحتمال جدّي. رئيس مجلة مختارات ايرانية الدكتور محمد عباس ناجي قال: إن استقالة الحريري لا تعتبر حدثا داخليا لبنانيا، ففي هذا التوقيت تمثل خطوة معناها الوحيد أن الصراع على لبنان سيتصاعد خلال المرحلة القادمة، بالتوازي مع التطورات الميدانية في سوريا، حيث يستعد النظام وحزب الله وحلفاؤهما لمعركة الرقة، في ظل مساعي إيران لتأكيد نفوذها في مواجهة ترامب وخصومها الإقليميين، أى أن لبنانوسوريا ستكون في مقدمة محاور الصراع المحموم بين طهران وواشنطن خلال المرحلة القادمة. الخبير بالشأن الإيراني مصطفى اللباد، قال إن استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، هي تصعيد ضد إيران وحزب الله، لكن المراهنة على إخراج حزب الله من الحكومة تمهيدا لتدويل الأزمة وعزل الحزب غير ممكنة نظرا لتوازنات القوى اللبنانية. الباحث في العلاقات الدولية محمد حامد يرى أن استقالة سعد الحريري في الذكري الأولي لتولي الجنرال عون بعد صفقة تاريخية مكنته من الحكم ، تأتي هذه الاستقالة في ظل إعادة تموضع سعودي في مواجهة إيران ، بالتزامن مع تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الدور الايراني في المنطقة ليل نهار.