أكد حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، في حواره مع "بوابة الأهرام" أن منظمات المجتمع المدنى تعمل بنشاط منذ اندلاع الثورة، وترصد كل انتهاكات حقوق الإنسان، لذلك تواجه حملات التشويه وهو ثمن انحيازها للضحايا ونقدها الدائم لأخطاء السلطة وانتهاكها لمبادئ حقوق الإنسان، كما رفض مشروع قانون العمل الأهلى الذى قدمته الحكومه معتبرًا أنه ينتمى لعصر الرئيس السابق فى طريقة صياغته ومن قدمه أيضًا. كيف ترى العمل الحقوقى خلال العام الأول للثورة ؟ اتسم الأداء الحقوقي منذ اندلاع الثورة بالعمل الدءوب لرصد الانتهاكات التي تمت أثناء الثورة من قتل وإصابة الثوار والتقدم بالبلاغات للنيابة مع التوثيق المهم، ومن يراجع ملف محاكمة مبارك يجد المذكرة المقدمة من المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ضمن الملف، وكذلك ال "سي دي" الذى يوثق للانتهاكات وإطلاق الرصاص، كما تابعت المنظمات نشاطها فى كل الأحداث التى أعقبت الثورة مثل أحداث مسرح البالون، وأحداث السفارة السعودية، ومديرية أمن الجيزة، ثم أحداث شارع محمد محمود وأخيرًا أحداث مجلس الوزراء، وشمل النشاط تقديم الدعم القانوني للنشطاء والدفاع عنهم أمام المحاكم والنيابات، بخلاف تبنى مطالب إلغاء الأحكام الصادرة عن محاكمات عسكرية، والتصدى للانتهاكات مثل كشوف العذرية وفضحها، فضلاً عن استمرار النشاط الخاصة بمكافحة الفساد ورفع القضايا أمام مجلس الدولة لاستعادة الأموال التى تم نهبها فى عهد مبارك عبر برنامج الخصخصة، فى الحقيقة منظمات حقوق الإنسان المصرية عملت بكل جهدها لصالح المواطن البسيط ورفضت من البداية تصنيف الضحايا إلى بلطجية وثوار وأصرت على أن يعامل الجميع معاملة واحدة كمواطنين مصريين ضحوا من أجل الوطن. هل حققت الثورة جزءًا من أهدافها؟ أهم الإنجازات هو إنهاء مشروع جمال مبارك فى الاستيلاء على السلطة، لكن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لاتزالت تحتاج إلى اهتمام كبير، والحد الأدنى والأقصى للأجور ومواجهة البطالة والحق فى الصحة كل هذه الحقوق فى حاجة ماسة للاهتمام. هل توافق على فكرة عدم السماح للمنظمات بتلقى أموال من الخارج والتى طرحها البعض؟ القانون فى مصر ينظم عملية تمويل المنظمات سواء الحقوقية أو التنموية وهى تلعب دورًا مهمًا فى مصر، وبالتالي المطلوب أن ينظم القانون هذا العمل فى ضوء معياري الشفافية والمحاسبة، وهذا يحدث فى كل دول العالم، فالمنظمات غير الحكومية تعمل بغرض لا يهدف إلى الربح، فهي سوف تتلقى التمويل لتنفيذ أهدافها ومشاريعها سواء كان التمويل داخليًا أو خارجيًا، المهم أن لا يساء استخدامه وأن يتم بشكل علني وأن تخطر الحكومة بالتمويل وأهدافه والجهة الممولة، والحقيقة التى يجب أن يعرفها الناس أن المبالغ الأكبر فى التمويل تذهب للمنظمات التى تعمل فى التنمية المستدامة والتى تقدم خدمات للمواطنين فى مجالات التعليم والصحة والتدريب، وأقل المبالغ تذهب للمنظمات التى تدافع عن حقوق الإنسان . وماذا عن مداهمة منظمات المجتمع المدنى فى نهاية العام؟ وهل للمجلس العسكرى دور فيه؟ أعتقد أن المنظمات تدفع ثمن مواقفها وانحيازها للضحايا واستمرار نقدها للسلطة الحاكمة، ونحن نقدر القوات المسلحة المصرية باعتبارها جيش الشعب المصري ومهمتها الدفاع عن الأرض والحدود المصرية، إلا أنه بعد الثورة تولى المجلس المسئولية السياسية وبالتالى فإن النقد الموجه هو بالتحديد ضد إساءة استخدام الصلاحيات التنفيذية، وبالفعل اعترف المجلس فى المرحلة الاولى بأن هناك أخطاء حدثت ثم أعلن أن الرصيد يسمح، وفعلاً تم قبول الاعتذار، لذلك كان الواجب من البداية أن لا تتم ذات الانتهاكات التى كانت تتم قبل الثورة، فنحن لن نصمت أمام أى انتهاك، وكل مانطلبه هو التحقيق فى هذه الوقائع ومحاسبة من ارتكبها، فلا يعقل أن يحاسب رموز النظام القديم على قتل وتصفية أعين الضحايا ثم نعيد نفس الانتهاكات. لماذا لا تقوم المنظمات الحقوقية بنقد تجاوزات حقوق الإنسان في الدول المانحة؟ المنظمات تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان فى المناطق الجغرافية التى تعمل فيها فالمنظمات المحلية تنتقد حقوق الإنسان فى النطاق المحلى والمنظمات الدولية تنتقد حقوق الإنسان فى النطاق الدولى، ومع ذلك كنا من المنظمات التى انتقدت ماحدث فى سجن أبو غريب فى العراق، وسجن جوانتانامو بل أنا شخصيا ترافعت عن أحد سجناء جوانتانامو وهو عادل الجزار وترافعت أيضا عن أحمد عجيزة وأدنت تعذيبه فى الطائرة وهو عائد إلى مصر من السويد ولدينا معاير موحدة . بوجهة نظرك هل سيشهد العمل الحقوقى مزيدًا من الاستقلال خلال الفترة القادمة؟ هذا ما نناضل من أجله ولذلك نحن أطلقنا حملة من أجل تعديل قانون الجمعيات الأهلية لكى نضمن استقلال المنظمات وحريتها. كيف ترى دور المجلس القومى لحقوق الإنسان خلال هذه الفترة وكذلك علاقته بالمنظمات غير الحكومية؟ المجلس القومي يلعب دورًا مهمًا ومتناميًا فى العمل الحقوقي وقد شهد هذا العام بعد الثورة تشكيل عدد من لجان بعثات تقصى الحقائق وحقق فى انتهاكات جسيمة وأصدر تقارير مهمة فى مجال حقوق الإنسان، وسجل لانتهاكات حقوق الإنسان وتظهر مدى الحيادية والاستقلال والانحياز لضحايا الانتهاكات، وهى تتعاون مع المنظمات بشكل جيد بالتحديد فى مجال الرقابة على الانتخابات وتعزيز مطالب المنظمات فى استخراج الكارنيهات وكذلك تلقى شكاوى المنظمات. هل ترى لمنظمات المجتمع المدنى دورًا فى قيام الثورة ؟ أظن أن المنظمات لعبت دورًا مهمًا فى كشف الانتهاكات قبل الثورة، مثل قضية خالد سعيد التى عملنا عليها لمدة عام، وكذلك كشف تزوير البرلمان فى انتخابات 2010 والدفاع عن الحركات الاحتجاجية، والدفاع عن حرية الصحافة والصحفيين، لكن يجب أن ننسب الفضل لأهله، من قام بالثورة والفضل فيها للحركات الاحتجاجية، كفاية والجمعية الوطنية للتغيير، وحركة 19 مارس، وأساتذة الجامعات والمناضلين فى النقابات العمالية والمهنية مثل المحامين، كل هذه الجهات ساهمت فى قيام الثورة وفى القلب منها كانت الحركة الحقوقية المصرية . وماذا عن العمل الحقوقى بعد الثورة؟ دورنا بعد الثورة هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان والمهم أن ندعم البنية التشريعية لكى تتفق مع معاير حقوق الإنسان والتأكد من تحقيق الثورة لأهدافها فى الحرية والكرامة الإنسانية، والتنسيق مهم جدا لا سيما وأن هناك استهدافًا للمنظمات لتشويهها فهناك ضرورة فى العمل معا وأن نعزز عملنا وأن نوسع من شبكة علاقاتنا مع الأحزاب والبرلمان لضمان تحقيق حماية أكبر لحقوق الإنسان . وماذا عن أداء الشرطة بعد الثورة ؟ أداء الشرطة يتطور ببطء شديد، لكن فى الفترة الأخيرة حدثت طفرة فى آدائه لا تنكر، المهم هو تحقيق المعادلة المهمة وهى تعزيز وحماية الأمن والممتلكات والمواطنين لكن فى سياق احترام حقوق الإنسان . كيف ترى أداء حكومة الجنزورى؟ حدد الدكتور الجنزورى هدفه فى بندين الأول الأمن والثانى الاقتصاد، وأرى أنه نجح جزئيًا فى الأمن، وهناك تقدم ملحوظ فى الاقتصاد، لاتزال الأوضاع تحتاج إلى جهود وإن كان التخفيض الذى تم فى نفقات الحكومة مهمًا ونحتاج إلى مزيد من التقشف فى النفقات الحكومية، أيضا هناك ضرورة لضمان الحصول على حقوق الدولة من رجال الأعمال الذين استولوا على أموال الدولة دون حق، مثل تسعير الأراضى التى تم الحصول عليها كأراضٍ زراعية ثم تحولت إلى استثمار عقارى. وماهى ملاحظتك على أداء المجلس العسكرى؟ أداء المجلس عليه ملاحظات كثيرة، يمكن إرجاعه لعدم تخصصه فى السياسة، لكن أظن أن أهم خطوة هى الإسراع فى نقل السلطة دون تسرع وبما يحفظ أركان الدولة. كيف تري سيطرة الإسلاميين علي البرلمان وتعاملهم مع ملف حقوق الإنسان ؟ أنا ممن يحترم إرادة الناخبين وما تنتهي إليه صناديق الانتخاب، المهم أن تكون الآلية الديمقراطية راسخة، ومن يأتى بالصندوق يذهب أيضا بالصندوق، وعلى الجميع احترام الدستور والقانون، وأيضا نريد ضمانات حقوق الإنسان فى الدستور مع التشديد على تجريم الانتهاكات المخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، لاسيما الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر، لذلك نحن حريصون على أن نكون جزءًامن عملية التشريع وصياغة الدستور، حتى ولو من خلال التشاور مع الأحزاب والقوى السياسية، وتقديم مقترحات وصياغات لضمان حقوق الإنسان فى النص وفى التطبيق. وماذا عن القانون الذى طرحته الحكومة بخصوص الجمعيات الأهلية؟ لقد رفضناه فهو قانون ينتمي إلى عصر مبارك حتى فيمن صاغه وقدمه للوزارة، ونحن بعد الثورة نريد قانون جديد يعزز الحرية وتسهيل عمل الجمعيات الأهلية وليس تعقيده، وقلنا نريد أن نتساوى مع الأحزاب السياسية وأن يكون التسجيل بالإخطار، وأن نتحرر من القيود الإدارية التي تتعامل معنا كأننا موظفين فى الدولة، وفى ذات الوقت قدمنا مقترح قانون الجمعيات، واتصلنا بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الإصلاح والتنمية، وحزب المصريين الأحرار، والتجمع، لتبنى المشروع فى البرلمان، وسوف نعمل لقاءات مع أعضاء فى البرلمان لتأييد هذا المشروع.