يشارك في معرض الخرطوم الدولي للكتاب في دورته الثالثة عشرة هذا العام، 100 ناشر مصري، بجانب قطاعات وزارة الثقافة المصرية، وهي نسبة تقترب من ال50% من نسبة الناشرين المشاركين في معرض الخرطوم الذي يشارك فيه حوالي 278 ناشرا سودانيا وعربيا. مشاركة المائة ناشر في معرض الخرطوم للكتاب، تأتي بعد مباحثات من الجانب المصري والسوداني، لحل أزمة الناشرين المصريين وخفض سعر المتر في المعرض البالغ 120 يورو، في حين أنه في العام الماضي كانت قيمته تبلغ 80 يورو، ولم يكن قد تم تعويم للجنيه السوداني العام الماضي مثلما هو الآن، إلا أن الإدارة السودانية لم تستجب لمطالب الناشرين المصريين، وقررت فقط تحصيل رسوم الاشتراك في المعرض، بسعر البنك السوداني وليس بسعر السوق. في حواره ل"بوابة الأهرام"، على هامش معرض الخرطوم للكتاب، يتحدث الناشر عادل المصري، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، حول أهمية معرض الخرطوم الدولي للكتاب، للناشر المصري، والقارئ السوداني، والعلاقات المصرية السودانية الثقافية، إذ يقول: "مشاركة 100 ناشر في معرض الخرطوم للكتاب، بجانب قطاعات وزارة الثقافة، تؤكد على وجود تواصل ثقافي ممتد بين الثقافتين المصرية والسودانية، مثلما يجمعنا شريان النيل، كما تؤكد أن المزاج القرائي للقارئ السوداني متماثل جدًا مع المزاج المصري، لذلك فإن الكتب المصرية تلقى رواجًا كبيرًا في السودان". ورأى رئيس اتحاد الناشرين المصريين أن السوق السوداني متعطش للكتاب المصري، "لذلك فإن الناشر المصري يهتم بالمشاركة في معرض الخرطوم، لأنه امتداد لمعرض القاهرة للكتاب". لكن ثمة تحديا كبيرا يواجه الناشر المصري في معرض الخرطوم – كما يستعرضه "المصري"- ويتمثل في سعر العملة، موضحًا أن "الظروف الاقتصادية السيئة تقف عائقًا أمام الناشر المصري لبيع الكتاب بسعره الطبيعي، لذلك يحاول الاتحاد إيجاد حلول أخرى لحل أزمة ارتفاع سعر الكتاب، وانخفاض القوة الشرائية للمواطن العربي عامة، عن طريق تنازل الناشرين عن جزء من الربح". وأضاف: "اتفقت مع الناشرين المصريين على ضرورة ألا نعود بالكتب إلى مصر مرة أخرى، وكذلك ضرورة نشر ثقافتنا هنا في السودان، لذلك فإن الناشر المصري يحاول أن يتعاون مع مديري المعارض لتأجيل الدفع، وتخفيض سعر الكتاب لجذب القارئ السوداني، أي نبيع بأسعار جملة للقارئ العادي". وفكرة وجود معرض مربح، "لم تعد موجودة الآن، بعد التدهور الاقتصادي في كثير من الدول العربية"، لأن الكتاب، في رأي المصري، ليس في أولوية المواطن العربي، إذ إن الكتاب أول ما يضحي به المواطن من قائمة الأولويات في ظل الظرف الاقتصادي السييء، إذ يقول "كنا نقول إن معرض الرياض والشارقة من أهم المعارض المربحة للناشر، نظرًا للقوة الشرائية الكبرى، وكذلك مصر عام 2010 قبل الثورة، والسنة قبل الماضية (2015) اقترب الناشرون المصريون من تحقيق ربح مقارب لأرباح ما قبل الثورة، لكن الآن الظروف اختلفت تمامًا، فلا توجد أية قاعدة للمعارض المربحة". وفيما يتعلق بموضوع الكتب المزورة التي تم التحفظ عليها في معرض الخرطوم، أوضح المصري أنه "قد تم الإتفاق مع إدارة معرض الخرطوم على القيام بحملة من المصنفات على الكتب المزورة بالتعاون مع عضو مجلس إدارة اتحاد الناشرين المصريين، رئيس لجنة المعارض، ومعه ناشران من أعضاء اللجنة"، موضحًأ أنه كان موجودًا بنفسه مع مدير المعرض صباح أمس، مع وجود الناشرين كجهة خبرة في كشف الكتب المزورة، و"تم تفقد كامل أجنحة المعرض، وتم ضبط مجموعة من الكتب المصرية المزورة لدى بعض المكتبات السودانية مشحونة لهم من مصر، كما أقروا، من خلال تجار سور الأزبكية منهم كتب الشروق وأطلس وبعض دور النشر، كما تم التحفظ على الكتب وجار التحقيق معهم، أغلقت الأجنحة ومُنع اشتراكهم العام القادم". وتحدث رئيس اتحاد الناشرين عن دور إدارة المصنفات الفنية والأدبية بمعرض الخرطوم للكتاب، مشيرًا إلى أن هذه اللجنة "ينحصر دورها في البحث عن الكتب التي تتعدى على حقوق الملكية الفكرية للأدباء والناشرين، وكذلك الكتب التي تتعارض مع العادات والتقاليد والأعراف الدينية للدولة"، مضيفًا أن "لكل بلد خصوصيتها ووجهة نظرها الخاصة في ما يتعلق بحرية النشر، وإتاحة الكتب للجمهور". ويرى المصري أنه "لا داعي للحديث عن الحرية المطلقة في العالم العربي، لأنها غير موجودة من الأساس، فمثلًا في مصر لدينا جهاز رقابة على المطبوعات، يعرض عليه كل الكتب الأجنبية التي تدخل مصر، صحيح ليس لدنيا رقابة مسبقة، وحرية النشر وحرية الإبداع في مصر كبيرة جدًا إذا قارناها بالدول العربية، لكن أيضًا يحق لأي شخص أن يشكو كتابًا يخالف الدين الإسلامي أو يدعو إلى الإلحاد أو الإرهاب، في وزرة الثقافة". وفي رأيه الشخصي، يتصور أن "أشكال الرقابة ستنتهي عاجلًا أم آجلًا، لأن الكتاب الذي لن يجده القارئ في المكتبة سيجده على الإنترنت، ذلك الفضاء المفتوح"، وختم حديثه ل"بوابة الأهرام": "يجب أن نتعلم أن نكون رقباء على ذاتنا، كذلك يجب أن تتجه الجهات المعنية بالثقافة، وتهتم بصناعة الوعي، حتى لا يؤثر أحد على عقول شبابنا، فحيلة المنع والمصادرة لن تجدي نفعًا مع شبابنا، ومنع الكتاب يفيده ويروج له ولا يضره".