قبيلة عربية تمتد أنسابها إلى الصحابي الجليل "الزبير بن العوام"، ابن عمة رسول الله، تعيش جنبًا إلى جنب مع قبيلة البشارية بالصحراء الشرقية في جنوب مصر ما بين محافظتي أسوانوالبحر الأحمر وتمتد حتى شمال شرق السودان.. إنها قبيلة "العبابدة".. "العبابدة" من القبائل، التي لا تزال مرتبطة بالعادات والتقاليد خلاف العديد من المدن، التي اندثرت فيها العادات، نتيجة للثقافات الخارجية الوافدة إليها.. ومن خلال جولة ميدانية ل"بوابة الأهرام" داخل قبيلة العبابدة تطرقت إلى العديد من المشاهد تسردها إليكم في تقريرها.. عندما تطأ قدماك القبيلة، تظهر لك ملامح أهلها الداكنة، فيقال لك، هذا "عبادي"، وهذا "بشايري" فتعي أنهم من القبائل العربية التي عاشت على مر عصور منذ القدم على طول خط البحر الأحمر. قبيلة العبابدة.. تميزت قديمًا، بالتجارة الحدودية، وذلك بالإضافة إلي النشاط الأساسي الرعي وتربية الجمال والصيد؛ حيث اعتمدت في حياتها على اتجاه الرياح والشمس، والتي كانت سببًا في تنقلهم الدائم من مكان إلى آخر للبحث عن الماء والمراعي.. يعيش البعض منهم في جنوب الصحراء الشرقية ما بين وادي النيل والبحر الأحمر وهم يتداخلون مع النوبيين بالقرب من وادي النيل. تناولت "بوابة الأهرام" خلال جولتها الميدانية للقبيلة، الحديث مع بعض من الأهالي.. البداية كانت مع أشرف مصطفي عبد الرسول، "37 عامًا"، الذي كشف العديد من الأسرار حول القبيلة، قائلًا: نحن قبيلة رعوية نعيش على الأمطار، وبفعل التغيرات المناخية، تراجع منسوب الأمطار مما أثر سلبًا على أعمالنا، لكن "الله" عز وجل، رزقنا بأمطار وسيول العام الماضي، أعادت للأرض ثرواتها، كما نرعى الإبل والأغنام، ونجمع الأعشاب الطبية في الصحراء، والصيد. ويتذكر أشرف، تاريخه الذي سرده له أجداده من قبل، قائلًا: كنا نسكن الجبال والوديان الصحراوية، ونتميز بتجارة الجمال الدولية بين مصر والسودان ونسافر بها 45 يومًا عبر الصحراء من السودان إلى مصر، وتتميز كل قبيلة من العبابدة والبشارية بصناعة "وسم" خاص بها، وهى عبارة عن قطعة حديدية تأخذ شكلًا معينًا وتحمى فى النار لتكوى بها رقبة الجمل كعلامة للتميز. جبالهم غنية ب" الميكا والسبار والذهب والفضة وغيرها من المعادن" ومنذ سنوات قريبة، كانت رزقهم الوحيد، وكانوا يستخرجون الذهب بالجرامات، ويبيعونه، ليوفروا قوت يومهم. حسب حديث "أشرف". ويكمل أشرف، أن مهنة الصيد تعتبر ذات أولوية بالنسبة إليهم، فأسماك البحر الأحمر ذات جودة عالية، لأنها تتغذى على الفوسفات الموجودة بالشعاب المرجانية، وبالتالي قيمتها الغذائية مرتفعة، نبيعها للتجار بالغردقة والقصير، وقد ارتفعت أسعارها بعد الارتفاع في أسعار المواد البترولية الفترة الماضية. ويشير، إلي اختلاف عادات الزواج على مر العصور، فقد كان قديمًا تستمر ليالي العرس ل7 أيام متواصلة، خلال الأيام القمرية للشهور العربية، حتى يحضرها "العبابدة من كل حدب، وكانت تبدأ ليالي العرس ب"الشيلة" حيث تحمل كل قبيلة أثناء سفرها، أمتعتها الشخصية، وهدايا الفرح، التي تتنوع بين روائح وحنة سودانية، كما كانت تذبح الشاة لمعازيم الفرح، تتخللهم مبارزات بالسيوف وسباقات هجن بالجمال ورمى الرماح، أما الآن فتستمر الأفراح لمدة 5 أيام فقط، وتقدم الهدايا التقليدية للأفراح المصرية. وفى ليالي السمر، والأفراح، يشارك أبناء العبابدة الأغاني والطرب والكف ويرقصون ال"تربلة" وهى عبارة عن رقصة بالسيف والدرع، كما توجد أيضًا "الدركة" وهي رقصة خاصة بالقبيلة. أما عن أشهر الأكلات، يقول أشرف، "السلات" وهى عبارة عن لحم مشوي على الزلط، ويتم إعداده بعد يجمع الحطب ويضعه تحت الزلط ويشعل النار حتى يسخن الزلط ويشوى اللحم، كما أن من أشهر المشروبات "الجَبَنة"، وهى القهوة وتحضر عن طريق وضع القلاية الفخارية ويوضع فيها البن الأخضر ثم توضع على الفحم حتى يتم تحميصه ويدق بالهون الفخارى، ثم يحضر الجنزبيل المطحون بالحبهان وتحضر بذلك الجبنة. ويروي محمود سالم، أحد شباب قبيلة العبابدة، عن إحدى الأزمات التي واجهت القبيلة من قبل، بأنه في إحدى الليالي، تعرض أحد الأكشاش للسرقة، فقام فرد من قبيلة العبابدة، باستحضار وظيفتهم المعهودة، في تقفي الأثر، وتمت إعادة المسروقات بعد ساعة ونصف الساعة من سرقتها، موضحًا أنه من خلال تتبع أثر الأقدام، يستطيعون معرفة ماهية الأشياء التى دبت على الأرض ونوعها سواء أكان بشرياً أو حيواناً أليفاً أو مفترساً، وما إذا كانت قدم "سيدة أم فتاة"، وإذا كانت حامل وفي أي شهر. "اقطع رأس رجل ولا تقطع رأس شجرة"، من المقولات الشهيرة التي يتداولها "العبابدة" كما يحكي لنا محمود، فالطبيعة لا يجوز المساس بها، وإذا تعدى أحد عليها بقطع شجرة، فيتعرض نفسه إلي عقاب شيخ القبيلة، ويوقع عليه كيفما يراه مناسبًا. في رحلاتنا المختلفة، نكتشف عوالم أخرى لها عادات وتقاليد تتشابه مع عاداتنا القديمة التي اندثرت في المدينة بفعل الثقافات الوافدة إلينا، وكلما تجولت أكثر سمعت لغات غريبة، ورقصات متنوعة، وأكلات صحية اختفت من مطابخنا العصرية. أفراح قبيلة العبابدة