كانت سمية طارق، المعروفة إعلامياً باسم "فتاة المول"، تمارس حياتها بشكل طبيعي، قبل أن تفاجأ أثناء سيرها في الشارع، بالشخص المتهم بالتحرش بها منذ عامين، يقترب منها، ويتعدي عليها بسلاح أبيض، ليحدث بها إصابة، تشوه وجهها انتقاماً منها. "سمية" هي فتاة عشرينية، وقعت منذ عامين ضحية لواقعة تحرش، بأحد المولات الشهيرة؛ فوجئت بالماضي يطاردها، ويأبي أن يتركها تعيش في سلام، ليحدث بها إصابة بالوجه بطول 20سم، ويتركها تعيش بجرح نفسي، وخوف من المستقبل. ما حدث لفتاة المول، هو إنذار شديد اللهجة للضحايا، ولأي فتاة أو سيدة، قررت أن تتحدث وتواجه وتكشف واقعة التحرش بها، خوفاً من انتقام الجاني منها، أو مطاردته لها بوجهه القبيح. هذا بالرغم من نجاح إجراءات الدولة، والجهات الأمنية، في الحد من ظاهرة التحرش بشكل كبير، بفضل تغليظ عقوبة التحرش الجنسي، في قانون العقوبات، ونشر عناصر الشرطة النسائية، في أماكن الزحام والتجمعات، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، والمنظمات النسائية. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، بعد واقعة الاعتداء علي فتاة المول، من يحمي ضحايا التحرش من انتقام الجناة، وهل سيترك الضحايا بمفردهم يواجهون الجناة، الذي يعاني بعضهم من أمراض نفسية، ووطأة العقوبة التي تدفعهم للانتقام من الضحية. قانون لحماية الشهود والضحايا أكد عدد من القانونيين والحقوقيين، أن وجود قانون لحماية الشهود والضحايا، أصبح مطلبًا مهمًا وملحًا، لمنع تكرر حادث مثل حادث فتاة المول، مع تغليظ عقوبة التحرش. قال مجدي عبدالفتاح، المحامي مدير مركز البيت العربي، أن وجود قانون لحماية الضحايا والشهود، أصبح مطلبًا مهمًا، لمنع تكرر جريمة مثل الاعتداء علي "فتاة المول"، مشيراً إلي أن المراكز الحقوقية، تقدمت بأكثر من مشروع قانون، وطالبت بطرحه للحوار المجتمعي. وأضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن الجاني الذي اعتدى علي فتاة المول منذ عامين، تمت معاقبته بعقوبة مخففة، في واقعة التحرش والاعتداء في المرة الأولي منذ عامين، ولكن بعد الاعتداء عليها بسلاح أبيض، فستتم معاقبته طبقاً لقانون الجنايات. وأكد عبدالفتاح، أن وجود قانون رادع للتحرش، وحده لا يكفي لمنع تكرر مثل هذه الحوادث، وحماية النساء، ولكن يجب أن يكون هناك وعي مجتمعي، لحماية النساء والسيدات، وعدم معاملتهم علي أنهم مخلوق من الدرجة الثانية، وأنهم شريك أساسي في المجتمع. وقال عبدالله خليل، المحامي الباحث والمستشار الحقوقي المستقل بالأمم المتحدة، أن هناك حالة ملحة، لاستصدار قانون، حماية المبلغين والشهود والضحايا، بعد تكرر حوادث الاعتداء علي الضحايا والشهود، والتي كانت آخرهم الاعتداء علي "فتاة المول". وأضاف المستشار الحقوقى، في تصريحات ل "بوابة الأهرام"، أن هناك شهودًا من رجال الأمن، تعرضوا للتصفية والاغتيال، بسبب شهاداتهم في عدد من القضايا الإرهابية، وهو يتطلب الإسراع لاستصدار القانون، الذي يتيح حماية الضحايا وتعويضهم، عما تعرضوا له من اعتداء، هم وأسرهم. وأشار إلي أن منظمات المجتمع المدني، تقدمت بالقانون للحكومة لمناقشته، فيما قامت وزارة الداخلية بالتقدم بقانون مماثل، وكان الاعتراض علي قانون وزارة الداخلية، أن المنظمات الحقوقية، طالبت بأن الجهة التي تحمي الشهود، جهة مستقلة عن الوزارة. وأكد الباحث الحقوقي، أن عددًا كبيرًا من الدول الأوروبية والعربية، لديها جهات لحماية الشهود والضحايا من الاعتداء، مشيرا إلي وجود هذا القانون، هو جزء من تطبيق منظومة العدالة. المتهم في حادث فتاة المول "سيكوباتي" رأي خبراء علم النفس والاجتماع، أن المتهم في قضية "فتاة المول" شخص سيكوباتي، يعاني من اضطراب نفسي، ويجب محاكمته بعقوبة رادعة، مؤكدين أن "فتاة المول"، تعاني من حالة اكتئاب ويأس، وفقدان ثقة في المجتمع. وقال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن فتاة المول تعرضت للحظات صعبة للغاية، وهي تري الدماء تسيل من وجهها، بعد أن تعرضت للاعتداء بشكل مفاجئ أثناء سيرها في الشارع، وهو ما جعلها تشعر بالخوف في المستقبل، وتفقد الثقة في أي شيء، واكتئاب ويأس. وأضاف استشاري الطب النفسي، في تصريحات ل "بوابة الأهرام"، أن دولة مثل أمريكا، لديها شرطة متخصصة لحماية الشهود، في القضايا الكبرى، ولكن بعد انتهاء القضايا يتركون الضحايا بدون حماية، مؤكداً أن المتهم بالاعتداء علي "فتاة المول"، يصنف نفسيا بأنه شخصية "سيكوباتية" مضطرب نفسياً، وليس مريضاً نفسياً، وهو شخص سلبي، لم يفكر هو في البنت، عندما اعتدي عليها في الشارع، وشكلها أمام المجتمع والناس. وأضاف، أنه لا توجد لديه مشاعر، ليشعر بخطورة فعلته، وهو يدمر وجه الفتاة، ويحدث لها عاهة مستديمة، بالإضافة إلي أنه لديه سلبية ولا مبالاة بعواقب فعلته، ولا يحس بخطورة ما فعل. وأشار إلي أن الدولة، تبذل جهودًا كبيرة لمواجهة ظاهرة التحرش، بتغليظ العقوبات ومطاردة المتحرشين، ولكن المشكلة بعض الذين يعانون من اضطربات نفسية، ويرتكبون جرائم ضد النساء، ولا يرتدعون من هذه العقوبات. وأكدت الدكتورة هناء أبو شهدة، أستاذ علم النفس، أن واقعة الاعتداء علي الفتاة بتفصيلها، تكشف عن انهيار قيم المجتمع، لاسيما أن "فتاة المول"، بعد تعرضها للاعتداء، وقف المارة يشاهدونها، والدماء تنزف منها، ولم يطارد أحدهم الجاني، أو يحاول إسعافها. وأضافت أستاذ علم النفس، في تصريحات ل "بوابة الأهرام"، أن هذا الموقف، يكشف انهيار قيم المجتمع، وهو ما يتطلب إعادة بناء هذه القيم، مؤكدة أن سياج القيم، هو خط الدفاع الأول، الذي يمكن أن يحمي السيدات، من التحرش أو الاعتداء عليهن.