أسعار اللحوم اليوم الاثنين 27 -5-2024 في الدقهلية    بعد تراجعها أمس| تابع أسعار الحديد والأسمنت اليوم 27 مايو.. عز وصل لكام؟    الأرصاد تزف بشرى سارة عن حالة الطقس غدا    مجزرة رفح.. مقررة أممية: الإبادة الجماعية بغزة لن تنتهي دون ضغوط خارجية    الجزائر: نعتزم إعادة طرح ملف عضوية فلسطين أمام مجلس الأمن    مقتل وإصابة العشرات في 4 ولايات أمريكية جراء عواصف شديدة    الزمالك أمام الاتحاد وختام الدوري السعودي.. تعرف على مواعيد مباريات اليوم    500 ألف جنيه مكافأة لكل لاعب بالأهلي بعد التتويج بدورى أبطال أفريقيا للمرة ال 12    الاثنين 27 مايو 2024.. الدولار يسجل 47 جنيها للبيع في بداية تعاملات اليوم    فاتن حمامة تمثل باللغة العربية الفصحى أمام يوسف وهبي فى 7 صور نادرة    مصر تدين بأشد العبارات قصف إسرائيل المتعمد لخيام النازحين في رفح الفلسطينية    بيان رسمي.. البترول تكشف: هل سحبت إيني سفينة الحفر من حقل ظهر؟    وزير الري يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مركز التدريب الإقليمى وجامعة بنها    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الاتحاد السكندري بالدوري    ميناء دمياط توقع مذكرة تفاهم مع "علوم الملاحة" ببني سويف لتعزيز التعاون    طلاب الدبلومات الفنية يؤدون امتحان اللغة الفرنسية والحاسب الآلي بكفر الشيخ    500 متر من النيران.. حالتا اختناق في حريق مخزن خردة بإمبابة    "أوفر دوس" تكشف لغز جثة شاب في العجوزة    مواعيد قطارات عيد الأضحى المبارك على خطوط السكة الحديد .. تعرف عليها    عدا هذه السلعة.. هبوط حاد في أسعار السلع الأساسية اليوم 27-5-2024    جامعة القاهرة تحتضن ختام فعاليات مهرجان «إبداع 12»    مهرجان كان السينمائى 77 .. مصر تتصدر المشاركات العربية    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 27-5-2024 في البنوك    بعد قليل، نظر استئناف باقي المتهمين بقضية التوكيلات الشعبية المزورة    «كولر vs جوميز».. كيف ظهر الثنائي عقب التتويج الأفريقي؟    أول صورة لإحدى ضحاياه.. اعترافات جديدة صادمة ل"سفاح التجمع"    صباحك أوروبي.. موعد رحيل جوارديولا.. دياز مطلوب في إسبانيا.. وبديل كونتي    ستولتنبرج: الناتو يستعد للعب دورا أكبر بكثير في دعم أمن أوكرانيا    تعليق مفاجئ من وزير الكهرباء على تخفيف الأحمال    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 مايو    راهول كوهلي يكشف عن خضوعه لتجارب أداء فيلم The Fantastic Four    صحة الاسماعيلية تحيل عدداً من العاملين بوحدة أبو جريش للتحقيق ( صور)    هل حج الزوج من مال زوجته جائز؟.. دار الإفتاء تجيب (فيديو)    ميدو: دونجا لاعب متميز وسيكون له دور مع المنتخب في الوقت القادم    الأزهر للفتوى يوضح سِن الأضحية    هبوط فروزينوني.. وإنتر ينهي موسمه بالتعادل مع فيرونا في الدوري الإيطالي    إحباط مخطط تاجر أسلحة لغسل 31 مليون جنيه بأسيوط    كولر: التحضير لمواجهة الترجي كان صعبا.. ولم أكن أعرف أن كريم فؤاد يستطيع تعويض معلول    أهمية ممارسة الرياضة اليومية.. لجسم وعقل أقوى وصحة أفضل    موعد وقفة عرفات 2024.. متى يحل عيد الأضحى في مصر؟    شعبة الصيدليات: «زيادة أسعار الأدوية هتحصل هتحصل» (فيديو)    علي جمعة يوضح معنى العمرة وحكمها وشروط وجوبها: آثارها عظيمة    جيش الاحتلال يعلن اغتيال قياديين فى حركة حماس خلال هجوم على رفح الفلسطينية    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: عدم التصنيف القانوني للوافدين يمثل عبئا على الاقتصاد    «القاهرة الإخبارية»: دخول 123 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة من معبر كرم أبو سالم    قطاع المتاحف: طريقة عرض الآثار بمعارض الخارج تتم من خلال لجان مشتركة    خبيرة: اللاجئون يكلفون الدولة اقتصاديا ونحتاج قواعد بيانات لهم دقيقة ومحدثة    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    رئيس جامعة المنصورة: أجرينا 1100 عملية بمركز زراعة الكبد ونسبة النجاح تصل ل98%    ماكرون: لم يكن لدى أوروبا هذا العدد من الأعداء كما هو الحال الآن    أوراق مزورة.. نقابة المحامين تكشف سر تأجيل القيد بالفترة الحالية    مفاجأة..أطعمة تغنيك عن تناول البيض واللحوم للحصول على البروتين    تعرف على أسباب الإصابة بنزلات البرد المتكررة حتى في فصل الصيف    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    «شاب المصريين»: الرئيس السيسي أعاد الأمل لملايين المواطنين بالخارج بعد سنوات من التهميش    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن الروائي ل"ديفيد لودج"
نشر في بوابة الأهرام يوم 26 - 08 - 2017

عندما تقرأ هذا الكم المدهش، وهذا النوع الراقي من الكتب الذي ترجمه الأستاذ ماهر البطوطي، إضافة إلى دراساته ورواياته المؤلفة، تدرك أنك أمام شخصية أدبية غير عادية.
ومن ترجماته أجد بين يدي كتابًا كان قد أهداه ليّ بعنوان "الفن الروائي" لديفيد لودج، شعرت أنه أهم كتاب نقدي تعليمي قرأته حتى الآن في فن الرواية؛ وذلك لقدرة "لودج" - المتمكن من أفكاره - على توضيحها ببساطة، وتكثيفها بشدة، تحت مفهوم "المختصر المفيد"، في كتاب عدد صفحاته 256 من القطع الكبير، صادر عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة.
والكتاب النوعي هذا يوضح قدرة البطوطي أيضًا على الترجمة الواضحة الدقيقة المختصرة المفيدة، فمن الضروري جمع التأليف الجيد مع الترجمة الجيدة، ليصدر كتاب جيد.
ومن قراءة أول أبواب هذا الكتاب المختص بمواصفات السرد الروائي - ولا أقول الفصول، ذلك لأن "الفصول" مرتبطة في ذهني بالفصول الأربعة، نتعرف تحت عنوان "البدايات" على قضايا كثيرة، أهمها: "متى تبدأ رواية من الروايات؟.. متى تنتهي بداية رواية ما؟.. ما الجملة الافتتاحية لرواية ما؟.. هل يضع الكاتب مخططًا للعمل المبدئي؟.
ونجد المؤلف قد وضع أمثلة على ذلك، موضحًا أن هنري جيمس قد وضع ملاحظات لروايته "أسلوب بوينتون" تكاد تقارب الرواية نفسها، حجمًا وأهمية، ص 9.
وعن "الجملة الافتتاحية الشهيرة" لرواية "فورد مادوكس فورد"، يقول "لودج" إنها حيلة واضحة لجذب اهتمام القارئ، حيث يبدأ الروائي بخطوة فلسفية، كقول ل. ب. هارتلي في روايته "الواسطة": "الماضي هو بلد أجنبي، إنهم يقومون بأشياء مختلفة هناك"، بينما تبدأ رواية جيمس جويس "مأتم فينيجان" في وسط الجملة: "نهر يجري عبر حواء وآدم، من انحراف الشاطئ إلى منحنى الخليج".
وفي الكتاب "أبواب" فنية نقدية كثيرة، مركزة ومكثفة، يستشف منها القارئ، وحتى الكاتب، مواصفات فن الرواية، ومنها نذكر باب "المؤلف المتطفل"، إذ يقول في صفحة 16 من الكتاب: "أبسط طريقة لرواية قصة، هي حكايتها بصوت الراوي بصفته "المؤلف المتطفل"، كما هو في القصص الشعبي "كان ياما كان في سالف العصر والأوان..."، ولكن في بداية القرن العشرين صار صوت "المؤلف المتطفل" غير مرغوب.
وفي باب "التشويق"، يقول لودج: الروايات ما هي إلا سرد يجذب اهتمام جمهوره، عن طريق إثارة الأسئلة، وليس هناك موقف أكثر توليدًا للتشويق من رجل معلق من أطراف أصابعه على سطح جرف هار، وذلك في رواية توماس هاردي "عينان زرقاوان".
ويوضح "لودج" أنه لا يمكن إطالة عنصر التشويق إلا بتأخير حل هذه المعضلات، أو تأخير الإجابة عن هذه الأسئلة ص21.
وتستمر أبواب الكتاب، وهي كثيرة، في توضيح ماهية "السرد الشفاهي"، وأسلوب "رواية الرسائل" التي كانت رائجة رواجًا كبيرًا في القرن الثامن عشر، مثل روايتيّ "صموئيل رتشاردسون" الطويلتين، و"باميلا" 1741، و"كلاريسا" 1747، حيث يمكن استخدام اليوميات في الرواية، وذلك من خلال أكثر من مراسل، وقد يعرض الحدث نفسه من "وجهات نظر مختلفة"، مثل روايات هنري جيمس.
وهناك روايات تعتمد على وضع "لغز" يحتاج إلى حل، مثل روايات "رد يادد كلبنج"، صفحة 37 من الكتاب.
وفي الكتاب باب يركز على "أسماء الشخصيات"، مثل أسلوب ديفيد لودج نفسه ص 43، كقوله: "وفتاة لم يتم تقديمها لك بعد.. فلنسمها (فيوليت).. لا، بل فيرونيكا، بل فيوليت.. إنه اسم غير شائع بين الفتيات الكاثوليكيات".
وفي باب آخر يوضح معنى "تيار الوعي" ويعطينا أمثلة من كتابات فرجينيا وولف، ويتحدث مستخدما أمثلة من جيمس جويس، عن كيفية كتابة "المونولوج الداخلي"، وعن "إزالة الألفة"، كما في روايات شارلوت برونتي، و"الإحساس بالمكان"، كما في روايات "مارتين إيميس"، واستخدام قوائم الأشياء فحوى الرواية، كما في روايات سكوت فتزجيرالد، وعن تقديم الشخصية الروائية، ويسطر لنا "لودج" في كتابه أمثلة من روايات كريستوفر إيشروود.
ويعرض لنا الكتاب كيف تكون المفاجأة في السرد الروائي، ويعطينا أمثلة من كتابات وليم ماكبيس ثاكري، وقضايا كثيرة أخرى في السرد الروائي يعرضها لنا "لودج".
وقد اختار لنا ماهر البطوطي كتاب "لودج" النادر بعناية ومعرفة خبير بالكتب، إذ أننا صرنا نصطدم بترجمات لمؤسسات ثقافية عربية حكومية تعرض لنا كمًا من الركام الثقافي غير القابل للاستفادة منه، أو الذي يطفئ في ذهن القارئ العربي جذوة القراءة، ويبعد عنه الفهم، ويشهر كتابًا غربيين مغمورين من أولئك الذين يصفقون للنهج الليبرالي الاستدماري الغربي الذي يبث سمومه على العرب، ويترجم بنقود العرب، ويغمر الأسواق العربية بأعداد قد تزيد على المائة ألف نسخة سرابية، يحسبها الظمآن ماء، ولا يتسع الوقت لذكر أمثلة قد يأتي تفصيلها في وقت آخر.
ولهذا تميز ماهر البطوطي، الأمين على ثقافة وطنه العربي، باختيار أفضل الكتب لترجمتها، وتقديمها بصحتها الجيدة، لتبني صحة عقول القراء والكتاب العرب بما ينفع الناس، لهذا السبب أحببت ماهر البطوطي، وكنت قد اشتريت واستلمت كتبًا من مصادر أخرى اكتشفت أنها إما تافهة، أو غاصة بالأخطاء النحوية والطباعية، أو أنها تسرب السم في الدسم.
قد تجد كثيرًا من الكتب النقدية تتحدث عن الزمن في الرواية، والطقس في الرواية، والقارئ في النص، والتكرار في السرد، والنثر المنمق، والتناص، والرواية التجريبية، والرواية الكوميدية، ورواية القهقهة الباكية، ورواية الواقعية السحرية، مثل روايات ميلان كونديرا، وغيرها وغيرها من الأساليب السردية الروائية، ولكنك لا تجد كل هذه الأساليب مكثفة وواضحة مع أمثلة عليها لكتاب مشهورين عالميًا كما في هذا الكتاب الذي أحسن ماهر البطوطي اختياره أولًا، وترجمته الدقيقة ثانيًا، وأحسن المجلس الأعلى للثقافة بإصداره بالقاهرة.
صبحي فحماوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.