مسألة ارتداء الحجاب من عدمه، وكونه فرضًا أم لا، هي أزلية ودائمًا ما تثير الجدل، وكثيرات وكثيرون كتبوا في هذه القضية واجتهدوا في تحليلاتها، الأمر الذي جعل تساؤلًا مطروحًا، لدى الكثيرات "هل يدخلني حجابي الجنة؟". ويبدو أن هذا التساؤل جاء نتيجة للتأثير الذي خلقه "الفيسبوك" حول تلك القضية، وأن أمرًا ما قد حدث وزلزل رسوخ فكرة ارتداء الحجاب لدى بعضهن؛ مما جعل كثيرات من الفتيات يلجأن ل"خلعه" في الفترة الأخيرة وبشكل ملحوظ للغاية، مع إعلانهن عن سعادتهن بهذا القرار. وتُجيب أخريات على هذا التساؤل "ليس الحجاب هو الشفيع للمرأة لدخولها الجنة، ولكن عملها الصالح وقلبها السليم وتقوى الله هي طريقها للجنة، ولكن يبقى العلم عند الله الذي تؤب إليه القلوب". وبمجرد أن طلت غادة جميل مقدمة - برنامج طهي - على الشاشة بدون حجابها، تعرضت لموجة عارمة من الانتقادات والهجوم غير المبررين، في الوقت الذي اتخذ فريق آخر موقف الدفاع عن موقفها بدعوى أنها "حرية شخصية"، كلا الطرفين كانا مبالغين في ردود فعلهما، ويبدو أن ذلك أصبح سمة خاصة خلقتها مواقع التواصل الاجتماعي في إطار "الهري" اليومي. وغادة ليست هي الحالة الأولى التي تخلت عن الحجاب فقامت الدنيا ولم تقعد، بل سبقتها في ذلك عبير صبري، وشاهيناز، بالإضافة إلى القيل والقال الذي لحق بسهير رمزي، وشهيرة؛ لتبرجهن بوضع الماكياج، وإخراج جزء من شعرهن خارج "الطرحة" أو استخدام الباروكة من قبل صابرين، وهالة فاخر، بالإضافة إلى الانتقاد السلبي بسبب استمرارهن في التمثيل عقب ارتداء الحجاب؛ مثلما فعلت حنان ترك. حالة من الارتباك عمومًا خلقتها قضية "الحجاب" على وسائل التواصل الاجتماعي الفترة الأخيرة، ومن قبل واقعة غادة جميل؛ وذلك من خلال مجموعات ينضم لها آلاف الأعضاء اتخذت كل مجموعة منهم خطًا، إما أنها تدافع أو تهاجم، وانقسم الأمر عند ثلاثة أطراف؛ طرف منهم يقول إن الحجاب ليس فريضة على المرأة المسلمة، وأنه صناعة وهابية وافدة إلينا مع المصريين القادمين من الخليج العربي، واستند هذا الفريق إلى اجتهادات كثيرة في هذا الشأن، تشير إلى أن الحجاب مجرد عادة اجتماعية، وأنها ليست طريقًا إلى الجنة، وأن أركان الإسلام خمسة ثابتة ومعروفة للجميع، وليست "قطعة القماش" التي تضعها المرأة على رأسها هي صك الغفران الذي يمحو ذنوبها. هذا الطرف أخذ على عاتقه رفض النقاب أيضًا، واعتبر أن مرتديات النقاب مبالغات في تصرفاتهن، وأنه أيضًا ليس فرضًا أو سنة؛ ودليل ذلك أن المنتقبة عند زيارتها للحرم الشريف أو عند الصلاة ترفع "البيشة"؛ وهي ما يغطي عينيها ووجهها، ويعتبر ذلك الطرف أن من ترتدي الحجاب رجعية، وأنها تأخذ من الدين الإسلامي قشوره، مؤكدين أن الفتيات والسيدات يجبرن على ارتداء الحجاب من أسرهن، وأن الأمهات والجدات في الخمسينيات والستينيات كن لا يرتدين الحجاب، بل كانت أزياؤهن عارية وقصيرة، وبرغم ذلك كنَّ يسرنَّ في الشارع بأمان، في مقابل ارتداء السيدات والفتيات الحجاب والنقاب في وقتنا هذا، ويتعرضنَّ للتحرش الجنسي والاغتصاب. وطرف ثان يدافع عن ارتداء الحجاب والنقاب بكل ما أوتي من قوة، ويستند أيضًا إلى اجتهادات كثيرة في هذا الشأن، ويؤكد أن الحجاب فرض في الأديان السماوية الثلاث؛ ودليل ذلك أن الراهبات في المسيحية يضعن على رؤوسهن غطاء، وكذلك عند دخول الكنيسة تضع السيدات على رأسهن ما يشبه الحجاب احترامًا لوقار المكان، وكذلك في اليهودية وعند دخول المعبد، ترتدي النساء غطاءً للرأس، ويدعم هذا الفريق ارتداء الحجاب بقوة، ويحاول نشره قدر الإمكان، بدعوته لسيدات وفتيات لارتدائه وتجميل الفكرة في رؤوسهن قدر الإمكان، رابطين دخول الجنة بارتداء الحجاب، ولا ينسون جمل "حجابي عفتي"، "نقابي جنتي".. وهكذا، ويرى هذا الفريق غرابة واندهاشًا في "المباركات" التي تعقب حالة تخلي واحدة عن حجابها. وهناك طرف ثالث لا يعير الأمر اهتمامًا، بعضهم يرتدي الحجاب، وآخرون لا يرتدونه، ولكنهم لا ينكرونه، وهذا الفريق ينأى بنفسه عن المهاترات والدخول في سجال على مواقع التواصل الاجتماعي، فتقول إحداهن "أرتدي الحجاب فلو كان فرضًا فأنا قد رضيت الله، وإن كان ليس كذلك فإنه لن يضرني في شيء".