د. مجدي الحسيني عليوة كان القطاع العام هو الدرع الواقية للمواطن المصري البسيط الذي يبحث عن أفضل السلع بأقل الأسعار، وقد كان القطاع العام المصري قبل تصفيته، أو بمعنى آخر خصخصته هو رمانة الميزان التي تقف حارسًا للسوق المصرية ضد انفلات الأسعار. أما بعد الخصخصة فقد انفرد القطاع الخاص بالسوق المصرية، ومن ثم بالموطن المصري، ودخل رجال الأعمال المصريون في حرب تكسير عظام مع الدولة؛ نتيجة إحساسهم باحتكار السوق، وانعدام المنافسة والرقابة، وحرص الدولة الزائد عليهم، وعلى مصالحهم لعدم وجود البديل الإستراتيجي. واليوم ومع اتجاه الدولة لاستعادة بعض مصانع القطاع العام المتوقفة كالحديد والصلب، ومصانع الغزل والنسيج، إلى جانب حرص الدولة على العودة إلى تصنيع بعض السلع الإستراتيجية؛ للحد من سيطرة رجال الأعمال عليها، وما يترتب على ذلك من أزمات. فإننا نقدم بعض النصائح التي نرجو أن تكون مفيدة وواضحة أمام المخططين ومتخذي القرار في الحكومة المصرية لتصحيح مسيرة القطاع العام المصري الجديد: 1- ضرورة نقل المصانع المزمع تطويرها إلى خارج الوادي الضيق إلى المدن الصناعية الجديدة، بجوار الموردين والخامات والطرق السريعة للمطارات والموانئ اللازمة للتصدير والتوزيع، وبعد تخصيص المساحات المناسبة للتوسعات المستقبلية لهذه المصانع، وبما يضمن مساكن ومدارس للعاملين وأسرهم إلى جانب المدارس الفنية المتخصصة بكل مصنع؛ ليتم تخريج الفنيين المهرة الذين تحتاجهم هذه المصانع لتسيير عجلة الإنتاج. 2- إعادة تنظيم وتخطيط المساحات التي كانت مخصصة للمصانع السابقة بالمدن القديمة، وبما يضمن لمواطني وأهالي هذه المدن المتطلبات الأساسية لساكني المدن الجديدة؛ لضمان استمرار هذه المدن في أداء رسالتها، وعدم تحولها لمدن أشباح نتيجة هجرة أهلها إلى المدن الجديدة. 3- مراعاة البعد البيئي والاجتماعي للمصانع الجديدة؛ بحيث تشمل أحدث الأجهزة المتوافقة مع اشتراطات البيئة، وكذلك توفير البعد الاجتماعي للعاملين من سكن ومواصلات وتعليم وأماكن للترفيه والتنزه. 4- ضرورة التركيز على نقل تكنولوجيا تصنيع معدات المصانع وقطع غيارها والتوسع في هذه العملية صناعيًا، للانتقال من مرحلة مستهلكي التكنولوجيا إلى مرحلة منتجي التكنولوجيا وحتى نحذو حذو الدول النامية التي سبقتنا اقتصاديًا، بعد استحداث أقسام بكليات الهندسة والمعاهد الصناعية لهذه التخصصات الضرورية. 5- تطبيق المعايير الدولية في الإدارة للمصانع الجديدة بما يضمن أعلى معايير للشفافية واختيار القيادات وإعداد الصف الثاني وتفعيل قواعد الاحترافية في الإدارة؛ بما يشمله من خطط إستراتيجية مع استخدام كروت الأداء المتوازنة للمتابعة اللحظية للأداء للمحافظة على المال العام، وتحقيق المستهدف بأقل مجهود وخسائر، وكل ذلك يتطلب تعديل برامج التعليم العالي بإضافة الأساليب الحديثة في الإدارة والتخطيط لجميع التخصصات، كما هو متبع بمعظم جامعات الخارج. كاتب المقال: أستاذ العلاج الطبيعي- جامعة الزقازيق- وباحث في التخطيط للتنمية