بين مطرقة الحصار والقصف العربي للسياسات القطرية وسندان الوفاء بالتحالفات الإقليمية مع الأطراف غير العربية والتنظيمات الجهادية والشيعية سقطت الدوحة بين خيارين. خيارات الدوحة انحصرت في رفع الراية البيضاء والعودة إلى الحظيرة العربية وإما انتهاج نظرية الفرار إلى الأمام واللجوء إلى المواجهة وجعل التحالفات المشبوهة لقطر فوق الطاولة بدلا من كونها تحالفات استخباراتية شهد بها على نفسه تميم مؤخرا وهو ماترتب عليه عقاب عربي بمقاطعة سياسية واقتصادية. وتعليقًا على ذلك يقول الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، إنه من المتوقع أن تبادر الدول العربية التي قامت بقطع العلاقات مع الدوحة بعرض الأمر على الجامعة العربية، مشيرًا إلى أن مجموعة الدول سوف تحاول الحصول على دعم عربي لقرارها. وأوضح فهمي خلال تصريح خاص ل"بوابة الأهرام"، أن ما سوف يدفع الدول العربية إلى هذا القرار التوجه التصعيدي للدوحة، منوهًا إلى أن من المتوقع أن تنضم دول عربية أخرى لقرار مقاطعة قطر بسبب سياساتها. وأشار فهمي إلى أن الخطاب القطري في ردود الفعل الأولية للحكومة القطرية يكشف عن توجه تصعيدي واتباع نظرية الفرار إلى الأمام بمواصلة الضغوط على الدول العربية وعدم الانصياع للإرادة الخليجية، مشددًا على أن هذا القرار سوف يترتب رعليه مزيد من التصعيد واشتعال الأزمة. وعن أشكال التصعيد القطري قال فهمي: "الدخول في تحالفات بشكل أقوى والانخراط في السياسات الإيرانية ومحاولة الضغط على الدول الخليجية وذلك بمواصلة سياساتها، بل وزيادة الدعم المالي للجماعات الشيعية في الخليج العربي". وأضاف فهمي أنه من غير المستبعد في إطار نظرية الفرار إلى الامام القطرية أن تقوم الدوحة بإعلان انسحابها من مجلس التعاون الخليجي والضغط على دول أخرى لاتخاذ نفس الموقف بغرض تفتيت المجلس بغية إثبات قدرتها على التأثير وقوتها في الصمود . ونوه إلى أنه من المتوقع أيضًا أن تواصل قطر سياسات الشريك المخالف بل الشريك المخرب وذلك بدعم التنظيمات الإرهابية في مناطق التوتر العربي. وتابع: "كما أن قطر ستواصل ضغطها على مصر بمزيد من الدعم للإخوان بالإضافة لدعم التنظيمات الجهادية في ليبيا والتي تشكل تهديد للأمن القومي المصري"، مشيرًا إلى أن الدول العربية ستتعامل مع هذه الأزمة بشكل مختلف عن الطريقة التي تعاملت بها في أزمة 2014. وأكد أستاذ العلوم السياسية أنه من غير المرجح أن يتدخل الحليف الأمريكي لدعم قطر والقيام بغطاء سياسي لدورها نظرًا لأن الممارسات القطرية تتعارض مع التوجهات الجديدة للإدارة الأمريكية في مكافحة الإرهاب، موضحًا أن واشنطن لن تقوم بمغامرة تخسر بها مصر والسعودية والإمارات مقابل الحفاظ على الدور القطري. واختتم فهمي تصريحاته بالقول: "كما أنه من المستبعد وجود أي مبادرات إقليمية لاحتواء الأزمة"، مشددًا على أن الدول الخليجية تختلف في تعاملها مع الأزمة هذه المرة عن أزمة 2014 وأنه سترفض محاولة البعض التدخل في ترتيب الأوضاع الداخلية للأسرة الخليجية. وفي هذا السياق يشكل الاقتصاد دورًا أساسيًا في فرض السياسات وتحقيق الإملاءات وإعلاء قدرة صاحب الكلمة العليا في توجيه سياسات المنطقة وعن الدور الاقتصادي في هذه الأزمة يقول الدكتور عبدالخالق فاروق الخبير الاقتصادي المعروف إن قطر بقرار المقاطعة العربية أصبحت تحت حصار اقتصادي غير مسبوق. وأشار إلى أن قطر ليس أمامها سوى خيارين الأول هو رفع الراية البيضاء والانصياع للإدارة العربية والعمل تحت راية مجلس التعاون الخليجي. وأكمل: الخيار الثاني متمثل في نظرية الفرار للأمام واللجوء للمواجهة وإبرام تحالفات اقتصادية مع كل من إيران واسرائيل وتركيا للتغلب على الحصار الاقتصادي العربي. وأوضح فاروق في تصريح خاص ل"بوابة الاهرام" أن قطر لديها مصالح اقتصادية مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر بشكل أقل متمثلة في نشاطات مصرفية وشركات عقارية وانابيب خاصة بالغاز الطبيعي. وأضاف: الدول العربية تمتلك الضغط على قطر من خلال وقف حركة هذه الاستثمارات الأمر الذي سيترتب عليه خسائر غير مسبوقة لقطر. وأوضح أن الآثار الجانبية لقرارات المجموعة العربية سوف تكون محدودة ومقصورة على أنابيب الغاز التي قد تضرر منها الإمارات. وأعرب فاروق عن اعتقاده بأن المجموعة العربية سوف تلجأ إلى آلية الضغط الاقتصادي إذا لم ترتدع قطر وصممت على المواجهة. واستبعد أن يكون للتدخلات الدولية متمثلة في أمريكا أو الإقليمية متمثلة في تركيا أي تأثير على قرار المجموعة العربية بالمقاطعة القطرية موضحا أن تلك الضغوط في مجملها قد تسفر عن حدوث خلاف داخل العائلة الحاكمة القطرية. واختتم بالقول: الدول الخليجية أكثر من غيرها ودون غيرها صاحبة التأثير على المواقف القطرية لارتباط الدوحة مع تلك الدول بمصالح اقتصادية بمئات المليارات، مشيرًا إلى أن الجانب القطري من المؤكد أنه يفعل هذه النقطة ولذلك سوف يحاول أن يحتوي الأزمة.