أبدى مثقفون مخاوفهم من صعود الإخوان والتيارات السلفية إلى البرلمان في ظل وجود مؤشرات تشير إلى ذلك في نتائج الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المقرر إعلان نتائجها النهائية صباح الغد. ورأى مثقفون أن بعض هذه المخاوف له ما يبرره مع إصرار الإسلاميين على عدم إعلان موقف نهائي بشأن قضية حرية التعبير الأدبي والفني فيما تبدو مخاوف أخرى مبالغ فيها بسبب " توتر " تاريخي بين المبدعين والإسلاميين يستند على تاريخ من عدم الثقة بين الطرفين. رأى الكاتب أيمن الصياد، رئيس تحرير مجلة وجهات نظر، أن تخوفات البعض من صعود الإخوان وفوزهم في الانتخابات البرلمانية بعضه مبرر وبعضه مبالغ فيه وبعضه يتحمل مسئوليته النخبة التي روجت له، ولكن علي الرغم من كل ذلك فيجب أن نمضي إلي الأمام ولا نقف أمام تلك التخوفات احترامًا لاختيار المجتمع أياً كان، وثانياً من أجل أن يتحمل التيار الذي له الغلبة في البرلمان مهمة إزالة تلك المخاوف لدي المجتمع. ونبه رئيس تحرير وجهات نظر إلي أن البرلمان الحالي منزوع الصلاحيات ويجب انتزاع صلاحياته من المجلس العسكري الذي سلب البرلمان حقه في محاسبة الحكومة وسحب الثقة منها بحسب الإعلان الدستوي الصادر عنه ووفقًا لتصريحات ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري عشية الانتخابات. وقال الصياد كان يفترض أن يشكل البرلمان الحكومة ولكن حسب القواعد الدستورية نحن نعيش في ظل نظام رئاسي يختار فيه رئيس الجمهورية من يشكل الحكومة، ولا تشكله الأغلبية النيابية ، ولفت الى أن المعركة المقبلة هي معركة انتزاع صلاحيات البرلمان وهي معركة لا يجب أن نترك لها الإخوان أو البرلمان فقط، فعلي كل ليبرالي وسياسي موضوعي أن يدافع عن حق البرلمان في إنتزاع صلاحياته، وليس الوقوف ضده نكاية في فصيل سياسي سواء كان الإخوان أو غيره. وقال الروائي جمال الغيطاني لست متفاجئاً بهذه النتائج لأنها متوقعة، وتؤكد أن ما أراد الإخوان أن يصدروه من خلاف مع باقي التيارات الدينية ليس صحيحًا، لأن هناك أكثر من يد تتجه نحو الدولة الدينية لكنها تلتقي في النهاية. ورأي صاحب " الزيني بركات " أن مصر تدخل علي فترة مظلمة من تاريخها، إذا وصل الإخوان لمجلس الشعب ومن بعده الحكم، وستكون أسوأ المراحل علي الشعب المصري، الذي فرحنا بخروجه في مجموعات حاشدة للتصويت وقال: هناك من عمل علي توجيه هذه المجموعات لاختيار هذه التيارات، وهذا يتفق مع ما قاله لي نجيب محفوظ بأن الشعب المصري يريد أن يجرب الحكم الديني، لذا أنا متوقع فترة من أصعب الفترات التي ستمر بها مصر في وجودهم كأغلبية. ورأي د. علي مبروك أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة أن مخاوف من الإسلاميين لها ما يبررها ولكن الصعود له أيضاً له ما يبرره، معتبرًا أن صعود الإخوان هو بمثابة انتقام من المرحلة السابقة التي لم يعرف فيها الشعب من الدولة سوي القمع المقرون بالاستبداد وقال مبروك إنه إذا اعتبرنا أن ما حدث ليس فشلًا لنظام ولكن فشل لمشروع دولة فإن الإسلاميين يتقدمون الآن لوراثة هذا المشروع، كما أن الناس أصبحت مستعدة لقبول الإسلاميين علي اعتبار أن أخلاقياتهم يمكن أن تمنعهم من الفساد حتي وإن استبدوا. ووجد مبروك تبريرًا لمخاوف من صعودهم في أن خطاب التيارات الإسلامية خطاب غاية في الانغلاق وحتي أكثر الخطابات رونقاً ممثلة في خطاب الإخوان، لا يختلف عن خطاب السلفيين، إلا في مستوي الشكل فهو خطاب مأزوم، وما يبدو منه أنهم ينوون إقحام الدين كأداة لإعادة هيكلة المجال الشخصي والشأن الخاص، وهو ما يعني استبداداً غير مسبوق سيطالنا بشكل مباشر بعد أن كان يطالنا من بعيد، فإعادة هيكلة المجال الشخصي يعني وجود هيئة تراقب تصرفات وسلوكيات الشخص لنصبح في موضع تلصص دائم ولا توجد نزعة قمعية أكثر من هذا. وأشار الشاعر عبد المنعم رمضان المخاوف تحاوطنا من قبل إعلان النتيجة وليس بسبب الإخوان لكنه مجلس دون صلاحيات، أما بالنسبة للتيارات الدينية فتسائل رمضان عن سبب إنتهاء الربيع العربي بوصول التيارات الدينية للسلطة وقال هل هي مصادفة، مثل حزب النهضة في تونس والإخوان في مصر حتي في انتخابات المجلس الأخيرة بالمغرب، والمجلس الانتقالي الليبي يغلب عليه الطابع الديني. فما هذا الفعل الإجمالي بالمنطقة، وهي ليست عدوى، لكن من الواضح أن الشعب العربي يأس من الحداثة والعلمانيين والليبراليين، لكن هناك احتمالًا أن تكون هناك تدخلات لتغيير مسار الثورات العربية من أمريكا وأعوانها في الخليج العربي والسعودية ولعبوا دورًا خفيًا، فأري أن هناك يدًا قذرة تحرك الأمور ولا أعرف هل ما أراه سوء ظن توارثه اليسار. وقال الناقد والفنان التشكيلي عز الدين نجيب، إن المخاوف لدينا منذ أن شكلوا جزءًا من الرأي العام، كما أن تهديداتهم بالنسبة للثقافة والفن يمكن الآن تتحول من التهديد إلي حيز التنفيذ، هذا أمام ضعف القوى الثورية خاصة في مجال الفنون الجميلة، ونعرف موقفهم من فن النحت الذي ظهر بأكثر من قضية منها موقفهم من تمثال حوريات البحر بالإسكندرية، ولا نعرف موقفهم بالنسبة للسياحة الأثرية وأعمال الفن الجداري، كل هذه مخاوف تشغنا الآن، ولم نسمع منهم تطمينًا بخصوص حرية التعبير وموقفهم من التنمية الثقافية.