عندما تتحاور مع مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين فى مصر، تجد نفسك مضطرا لأن تشتبك معه أو بالعامية "تنكشه" لتستخرج أسخن ما فى جعبته من أسرار وحكايات، فقضايا الحوار كثيرة ومتشعبة وملفاته شائكة ومبعثرة، ويصمم على رأيه ولا يغير موقفه، وأنت أمامه لا تجد مفرا من أن تضع كل علامات الاستفهام المسموح منها وغير المسموح وعليك انتظار الإجابات التى يأتى معظمها مثل الطلقات، وعندما تعجز فى الحصول على إجابة صريحة، ستجدها أثناء كتابة الحوار تقفز فى وجهك من بين السطور. فى هذا الحوار، الذى تنشره "بوابة الأهرام" بالتزامن مع مجلة "الإعلام والعصر" الإماراتية التى تصدر مطلع كل شهر، تطرق مكرم لملف علاقته بالرئيس السابق حسنى مبارك، وأكد أنه كان له شرف السبق فى نقد نظامه، لكنه أيضا لم يخل نقده من بعض المحاسن التى وجدها الكاتب الكبير فى مبارك واعترف بها فى شجاعة، كما تطرق إلى قصة خطاب لم يكتبه ألقاه مبارك قبل تنحيه، مثمنا حرفيته العالية، ووقف كثيرا عند دوره كنقابى مخضرم وصحفى متميز عاصر ثلاثة رؤساء سابقين فى مصر واطلع على خفايا وكواليس صناعة القرار، ولأول مرة كشف مكرم واحدا من أسرار غضب مبارك منه على طائرة الرئاسة بسبب إيران، كما أجاب باستفاضة عن وضع الصحافة الخاصة ومستقبلها، وحكى قصصا من معاركه السياسية والمهنية المعقدة.. وإلى نص الحوار: ** لعب الإعلام الرسمى دورا سلبيا فى إسقاط نظام مبارك، وكان مكرم من القلائل الذين وجهوا انتقادات له فى وقت عزف كثيرون عن ذلك، هل كنت تستشعر خطورة الموقف ؟ - لم أكن الوحيد الذى كان ينتقد النظام السابق، بل هناك أسماء كثيرة انتقدته بقسوة وجرأة، مثل الكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة، ويثير سؤالك قضية غاية فى الأهمية وهى العلاقة بين السلطة والصحفي، وفى أحيان كثيرة تكون هذه العلاقة ملتبسة، فالأول يريد السيطرة على الثانى، حتى يحوله إلى بوق يتحدث باسمه، والثانى يسعى إلى جمع المعلومات ومعرفة كل ما يجرى فى الكواليس، وهذه العلاقة بها قدر من الصراع والتوتر والعطاء والشدة واللين والمجاذبة والتهديد، وعلى الصحفى أن يكون مؤمنا بأن مصداقيته ليس لدى الحاكم، لكن لدى الناس والقطاع العريض من الجمهور، وربما أكون استفدت جيدا من موجة الحرية الواسعة فى السنوات الأخيرة وحاولت أن استغلها فى توسيع مساحة النقد، فهذه فترة اتسمت بارتفاع درجة الحرية، إلى الحد الذى بلغ أن كانت بعض الصحف الحزبية والمستقلة تسب مبارك، وقامت الحركات السياسية التى ظهرت مثل "كفاية" بتحريك الشارع المصرى كل يوم تقريبا ووجهت انتقادات شديدة للرئيس السابق ونظامه، وما ساعدها على التأثير بقوة أن أدوات النظام كانت ضعيفة فى ملاحقة الاتهامات، ما أكد أن الحكم غير مستقر.