للشهر السادس على التوالي.. الصين تضيف أطنانا من الذهب إلى احتياطياتها    الرئيس السيسى يؤكد اهتمام مصر الراسخ بتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع اليونان    «التعليم العالي» يبحث مع وزير خارجية القمر المتحدة التعاون الأكاديمي والبحثي بين البلدين    بعد أسبوعين.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الأول الثانوي بالقاهرة    جوتي ساخرًا من برشلونة: أبتلعوا الأهداف مثل كل عام    محمد منصور: هدفنا في "مسار" تمثيل مصر في كأس العالم لأندية السيدات    الأرصاد الجوية تكشف حالة طقس الغد    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    بيلعب بمسدس والده فقتل صديقه بالخطأ.. التصريح بدفن ضحية لعب الأطفال بكفر الشيخ    بعد تجاوز أزمته الرقابية.. هل نجح فيلم استنساخ في الجذب الجماهيري؟    طلعت مصطفى: 70 مليار جنيه مبيعات يوم واحد بالمرحلة الثانية من مشروع " ساوث مد"    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    القومي للمرأة ينظم ورشة عمل تفاعلية لخريجات برنامج المرأة تقود    قرار هام من الحكومة بشأن الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    موعد انضمام أحمد سمير لجهاز الزمالك    مارتينيز لاعب برشلونة ينفي قيامه بالبصق على أتشيربي    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    عمر طلعت مصطفى: العمل الاحترافي يجذب 400 ألف سائح جولف لمصر سنويًا    الرياضية: مدرب فولام يوافق على تدريب الهلال    الجبهة الوطنية يختار 6 أمناء مساعدين للحزب بشمال سيناء    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    بسبب الفلوس.. إصابة شخصين في مشاجرة بالوراق    مصرع شخصين في حريق نشب داخل مركز صيانة سيارات بالهرم    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    البورصة تخسر 25 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    القائمة الكاملة لجوائز مهرجان أسوان لأفلام المرأة 2025 (صور)    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    منها «السرطان».. 5 أبراج تجيد الطبخ بالفطرة وتبتكر وصفات جديدة بكل شغف    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    شيرين عبد الوهاب تحرر محضرا بقسم البساتين ضد مدير صفحاتها    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    منتج "سيد الناس" يرد على الانتقادات: "كل الناس كانت بتصرخ في المسلسل"    مجلس الوزراء يستعرض التقرير النصف سنوي حول أداء الهيئة العامة للرعاية الصحية    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    مجدي البدوي: عمال مصر رجال المرحلة.. والتحديات لا تُحسم إلا بسواعدهم    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    إصابة ضباط وجنود إسرائيليين في كمين محكم نفذته المقاومة داخل رفح الفلسطينية    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكرم محمد أحمد
هذه حكاية خطاب التنحي الذي لم أكتبه

عندما تتحاور مع مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين تجد نفسك مضطرا لأن تشتبك معه أو بالعامية تنكشه لتستخرج أسخن ما في جعبته من أسرار وحكايات‏,‏ فقضايا الحوار كثيرة ومتشعبة وملفاته شائكة ومبعثرة‏,
‏ ويصمم علي رأيه ولايغير موقفه‏,‏ وأنت أمامه لاتجد مفرا من أن تضع كل علامات الاستفهام المسموح منها وغير المسموح وعليك انتظار الاجابات التي يأتي معظمها مثل الطلقات‏,‏ وعندما تعجز في الحصول علي إجابة صريحة‏,‏ ستجدها أثناء كتابة الحوار تقفز في وجهك من بين السطور‏.‏ في هذا الحوار الذي تنشره الأهرام المسائي بالتزامن مع مجلة الاعلام والعصر الإماراتية التي تصدر مطلع كل شهر‏,‏ تطرق مكرم لملف علاقته بالرئيس السابق حسني مبارك‏,‏ وأكد أنه كان له شرف السبق في نقد نظامه‏,‏ لكنه ايضا لم يخل نقده من بعض المحاسن التي وجدها الكاتب الكبير في مبارك وأعترف بها في شجاعة‏,‏ كما تطرق إلي قصة خطاب لم يكتبه ألقاه مبارك قبل تنحيه‏,‏ مثمنا حرفيته العالية‏,‏ ووقف كثيرا عند دوره كنقابي مخضرم وصحفي متميز عاصر ثلاثة رؤساء سابقين في مصر وأطلع علي خفايا وكواليس صناعة القرار‏,‏ ولأول مرة كشف مكرم واحدا من أسرار غضب مبارك منه علي طائرة الرئاسة بسبب إيران‏,‏ كما أجاب باستفاضة عن وضع الصحافة الخاصة ومستقبلها‏,‏ وحكي قصصا من معاركه باستفاضة عن وضع الصحافة الخاصة ومستقبلها‏,‏ وحكي قصصا من معاركه السياسية والمهنية المعقدة‏..‏ وإلي نص الحوار‏:‏
‏*‏ لعب الإعلام الرسمي دورا سلبيا في اسقاط نظام مبارك‏,‏ وكان مكرم من القلائل الذين وجهوا انتقادات له في وقت عزف كثيرون عن ذلك‏,‏ هل كنت تستشعر خطورة الموقف؟
‏**‏ لم أكن الوحيد الذي كان ينتقد النظام السابق‏,‏ بل هناك اسماء كثيرة انتقدته بقسوة وجرأة‏,‏ مثل الكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة‏,‏ ويثير سؤالك قضية غاية في الأهمية وهي العلاقة بين السلطة والصحفي‏,‏ وفي أحيان كثيرة تكون هذه العلاقة ملتبسة‏,‏ فالأول يريد السيطرة علي الثاني‏,‏ حتي يحوله إلي بوق يتحدث باسمه‏,‏ والثاني يسعي إلي جمع المعلومات ومعرفة كل مايجري في الكواليس‏,‏ وهذه العلاقة بها قدر من الصراع والتوتر والعطاء والشدة واللين والمجاذبة والتهديد‏,‏ وعلي الصحفي أن يكون مؤمنا بأن مصداقيته ليس لدي الحاكم‏,‏ لكن لدي الناس والقطاع العريض من الجمهور‏.‏
الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد خلال الحوار‏:‏
الطريق إلي الهاوية
‏**‏ ألم يع نظام مبارك الدرس جيدا ويدرك أن الأمور تسير إلي الهاوية؟
‏*‏ كان نظام مبارك مثل الذي يضع غمامة علي عينيه وأنا أشبهه بأبطال التراجيديا اليونانية‏,‏ لايريد أن يفهم بصورة صحيحة ولايريد يسمع لمعني الانتقادات التي توجه إليه‏,‏ مع أنه كان يمضي في بحار شديدة الاضطراب وسط غضب متصاعد من الشباب وفي وقت غاب فيه العدل‏,‏ وقد حذرنا وتكلمنا عن فساد العلاقة بين السلطة والثروة ونبهنا إلي التناقض في وجود رجل اعمال مثل أحمد عز يتولي مسئولية التنظيم داخل الحزب الوطني وتسند ايضا إليه رئاسة لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب‏(‏ البرلمان‏),‏ وقلنا مرارا ان السفينة تتجه نحو الغرق‏,‏ لكن هناك من أوعزوا للنظام بأنه ليس هناك طلب علي الديمقراطية‏,‏ وهنا أحمل المثقفين مسئولية تاريخية لأنهم ساهموا في تزييف الوعي‏,‏ خاصة أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني الذين تجاهلوا الغضب وأعتبروه فقاعات سوف تتلاشي وتعاملوا مع المشكلات المزمنة بالقطاعي‏,‏ وصمم الموجودون في الدائرة المحيطة بالرئيس السابق علي توصيل ما كان يريد أن يسمعه فقط‏,‏ وهم مخطئون لأن الطلب علي الديمقراطية تزايد ووصل إلي نقطة يصعب التراجع عنها‏,‏ كما أن مبارك نفسه أختلف‏,‏ ففي سنواته الأولي كان وطنيا ومع العدالة الاجتماعية وفتح الباب للرأسمالية الوطنية وحارب الإرهاب لأعوام طويلة‏,‏ لكنه للأسف في سنواته الأخيرة أصبح رهينة لقضية التوريث التي جعلته يضل الطريق الصحيح‏.‏
‏**‏ احتفظت بمسافة بعيدة عن مبارك‏,‏ ألم يغضبه ذلك ويغضب من حوله؟
‏*‏ هناك من أرادوا التخلص مني بسبب حرصي علي الاحتفاظ بهذه المسافة لصالح كتاباتي النقدية‏,‏ لكنهم فشلوا في تحقيق ذلك بسهولة‏,‏ لأنني راجل عايش علي باب الله لا يوجد بي عوار أو بطحة علي رأسي ولا أمتلك سوي راتبي الضئيل من مؤسسة دار الهلال أو نظير كتاباتي في الأهرام ولم تكن لي تطلعات مادية نهمة وأخترت هذا الطريق وأنا لست نادما عليه مع أني كنت عايش علي أعصابي‏,‏ في حين هناك من رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الادارات كان يقبض بالملايين من المؤسسات القومية‏,‏ وعلي عكس مايتصور البع لم تكن علاقتي بنظام مبارك جيدة‏,‏ وهناك من شككوا داخله في نيتي ووضعوا العقبات أمامي‏,‏ حتي في انتخابات نقابة الصحفيين الأخيرة‏,‏ تصور البعض انني مرشح الحزب الوطني والحقيقة هي أن دخولي هذه المعركة جاء علي الرغم من رفض قيادات الوطني‏.‏
‏**‏ كلامك يوحي بأن نظام مبارك كله كان شرا‏,‏ اذن لماذا كنت قريبا منه في وقت من الأوقات؟
‏*‏ لا لا نظام مبارك لم يكن عبارة عن مجموعة من الأشرار‏,‏ ويجب عدم التعامل معه كتلة واحدة‏,‏ فقد كان فيه بعض الوطنيين‏,‏ وعلينا محاسبة كل من أخطأ أو ارتكب جريمة‏,‏ خاصة من كانوا في الصف الأول في الحزب الوطني‏,‏ والأمر يتطلب شيئا من الرشد والعقل
‏**‏ اذن أنت ترفض الدعوات الحالية لاقصاء رموز الوطني وتطهير الصحافة والقضاء؟
‏*‏ أرفضها بالطبع وأكرر علي أهمية محاسبة المخطئين‏,‏ وتجب الاستفادة من تجربة بول بريمر الحاكم العسكري الأمريكي في العراق‏,‏ عندما صمم علي اجتثات البعث وحدث ماحدث من خراب ودمار‏.‏ قصة خطاب لم أكتبه
‏**‏ ماهي قصتك مع الخطاب العاطفي لمبارك وأذيع يوم‏1‏ فبراير الماضي؟
‏*‏ راجت معلومات مغلوطة انني كاتب هذا الخطاب البليغ‏,‏ والحقيقة غير ذلك تماما‏,‏ وربما تكون المصادفة هي التي جعلت البعض يصدق انني الذي كتبته‏,‏ ففي ذلك اليوم طلبني التليفزيون المصري للتعليق علي خطاب مبارك المنتظر‏,‏ وبحكم خبرتي ومعرفتي بهذا البلد كما أعرف كف يدي وأتابع شئونه متابعة دقيقة وألم بما يدور في الكواليس توقعت مايمكن أن يقوله مبارك في أجواء أقل مايقال عنها أنها مشحونة جدا‏,‏ وصدقت توقعاتي تماما‏,‏ لذلك ذهب البعض إلي الترويج لفكرة كتابتي لهذا الخطاب المؤثر والذي قلب الكثير من الموازين السياسية لصالح مبارك‏,‏ فالرأي العام الناقم عليه والغاضب منه تحول إلي متعاطف معه ومشفق عليه وتغير مزاجه‏,‏ وأنا أشهد بالحرفية العالية لكاتب هذا الخطاب التاريخي الذي يجب تدريسه لطلبة الاعلام وتعميمه علي السياسيين‏,‏ ولولا هجوم البغال والحمير والجمال والأحصنة لكسب مبارك هذه الجولة‏,‏ لكن أغبياء الحزب الوطني حرموه من هذا النصر ووقعت صدمات في ميدان التحرير عرفت ب موقعة الجمل راح ضحيتها عشرات من المواطنين‏.‏
‏**‏ لكن معروف أنك واحد من الصحفيين الذين كانوا يكتبون خطابات مبارك؟
‏*‏ توقفت عن كتابة خطابات مبارك منذ حوالي عشر سنوات‏,‏ وكذلك توقفت عن الاتصال به‏,‏ ليس ترفعا أو تعففا لأنه من مصلحتي أن تكون لي قنوات مع مؤسسات الحكم‏,‏ لكن في هذه الفترة كنت أشعر بأن مبارك تم حجبه وراء أسوار عالية وان كثيرين لا يرغبون في أن يسمع صوت الحقيقة وأستطيع أن أزعم انني في فترات كثيرة كنت صوت الحقيقة في أذن الرئيس السابق ولم أقل له في يوم ما كذبا أو نفاقا‏,‏ كنت حريصا علي مكاشفته بكل ما يجري وبأدب وفي رصانة مع حفظ المقامات‏,‏ وسألت مبارك مالم يسأله أحد في مصر‏,‏ وفي السنوات الأخيرة عزف عن الكلام معي‏,‏ وكان يمضي شهورا حتي يهاتفني‏,‏ وفي احدي المرات وصل الخلاف إلي درجة شديدة الحساسية وعلي رؤوس الاشهاد‏,‏ مثل عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق وعمر سليمان رئيس المخابرات ونائب رئيس الجمهورية السابق والكاتب إبراهيم نافع ومحفوظ الانصاري لأن الحوار تم في طائرة الرئيس وفي العلن‏.‏
‏**‏ حوار علي طائرة الرئاسة
‏**‏ ماهي طبيعة الخلاف الذي حدث بين مكرم الصحفي ومبارك الرئيس وعلي رؤوس الاشهاد؟
‏*‏ لا‏,‏ ليس مبارك هو الذي تخلص من حكاية الصحفي الأوحد‏,‏ فقد سبقه أنور السادات‏,‏ بعد العلاقة الوطيدة التي كانت بين محمد حسنين هيكل وجمال عبد الناصر‏,‏ وهي قصة وانتهت ولها ظروفها التاريخية والسياسية‏,‏ حيث وصلت إلي حد ان هيكل تمكن من الاطلاع علي وثائق دقيقة‏,‏ بعدها أدرك السادات ومن بعده مبارك أن الصحفي من الواجب الا يعرف كثيرا‏,‏ وبشكل عام كل رئيس يحب أن يجذب إليه أصحاب الأقلام والمثقفين‏,‏ والفارق بين السادات ومبارك‏,‏ أن الأول لم يحسن التعامل مع المثقفين وحدثت أزمة أدت إلي قطيعة في أواخر عهده‏,‏ وظل السادات متضررا من علاقته بالمثقفين‏,‏ خاصة اليسار منهم لأنهم في نظره وقفوا إلي جوار عبد الناصر بينما تخلوا عنه ولم يناصروه في معركة السلام‏,‏ الأمر الذي دفع السادات لأن يشجع الاخوان المسلمين والجماعات الإسلامية علي العمل لمواجهة اليساريين‏,‏ حتي كبر الإرهاب وأصبح وحشا في يوم من الأيام وازدادت عملية السيطرة عليه صعوبة‏,‏ اما مبارك فكان يجيد التعامل مع المثقفين دون الاستجابة لمطالبهم تماما‏,‏ وكان لايثق في الصحفيين ويري عدم جدوي في الاعتماد علي صحفي واحد‏,‏ وكان لديه قناعة أن المهنة تغلب علي صاحبها‏.‏
‏**‏ لماذا لم تكن علاقتك علي مايرام مع صفوت الشريف الذي كان يملك الكثير من مفاتيح عالم الصحافة في مصر؟
‏*‏ معروف انني لم أكن من رجالات الشريف الذي كان رئيسا للمجلس الأعلي للصحافة‏,‏ وقلت له أعرف أنك لاتحبني ولا أستطيع أن أزعم اني أحبك‏,‏ وكان هذا الموقف في منتهي الصراحة من جانبي‏,‏ عندما أبلغني قبل إجراء انتخابات نقابة الصحفيين الماضية أي قبل حوالي عامين برغبة مبارك في أن أترشح علي منصب النقيب‏,‏ وحاولت الاعتذار لكن صفوت الح علي لاقناعي وقال ان مبارك يشعر أن الموقف خطير وأنا الوحيد القادر علي لم الشمل وجمع الصحفيين‏,‏ فقلت له‏(‏ صفوت‏)‏ النظام في خصام مع الأجيال الجديدة من الصحفيين‏,‏ لأن حقوقهم مهدرة في النقابة وفي مؤسساتهم الصحفية ولاتوجد حرية في العمل وهناك قيود كبيرة علي اداء المهنة‏,‏ وحددت مجموعة من الطلبات لترشحي وبعد فترة من التردد عادوا‏(‏ يقصد صفوت وقيادات أخري في الحزب الوطني‏)‏ ووافقوا علي طلباتي ثم حاولوا التملص ولم يوافقوا علي الاستجابة الا تحت ضغوط معينة‏,‏ أنا ونقابة الصحفيين
‏**‏ تركت نقابة الصحفيين في ظرف صعب وانت رئيسها‏,‏ الا يعد ذلك تخليا عن واجبك النقابي؟
‏*‏ بكل وضوح أقول أديت واجبي علي أكمل وجه وأظن أن الصحفيين حصلوا علي مكاسب كبيرة لأنفسهم ولنقابتهم طوال فترة خدمتي في العمل النقابي‏,‏ وحافظت علي وحدة وتماسك نقابة الصحفيين وعصمتها من اضرار الهجوم الذي كان يشنه البعض عليها ولم أسمح لأحد بأن يخدش كرامة أي صحفي‏,‏ لكن هناك مجموعة ولأسباب انتخابية ارادت اختلاق مشاكل معي‏.‏
‏**‏ انت متهم بمحاربة الصحف الخاصة‏,‏ بالرغم من نجاحها في منافسة صحف قومية كبيرة؟
‏*‏ غير صحيح مايتردد حول هذا الموضوع‏,‏ وأقول انني دعمتها وأري أن مستقبلها واعد‏,‏ يكفي أن أحد رؤساء تحرير صحيفة خاصة كان عامل فيها جدع ويشتم كل الناس ثم يتصل بي ويقول‏:‏ اذا لم تقف إلي جواري سأذهب في ستين داهية
‏**‏ من هو هذا الصحفي؟
لا أريد الكشف عن اسمه الآن‏,‏ لكن مجرد اشارتي بهذه الطريقة سيعرف نفسه‏,‏ كان يكتب مقالات ساخنة ويتصل بي في اليوم نفسه طلبا للمساعدة والوقوف بجواره‏,‏ مؤكدا انه تورط مع فلان وفلان ويستحثني بقوة علي مساعدته‏,‏ وقد أعترف إبراهيم عيسي رئيس تحرير صحيفة الدستور الأسبق ورئيس تحرير جريدة التحرير حاليا عندما ذهبت إلي المحكمة للشهادة إلي جواره‏,‏ بانني أدليت شهادة تاريخية لنقيب صحفيين وانني وقفت إلي جوار حرية الصحافة ورفضت اغراءات السلطة‏,‏ وأقولها بصراحة لولا موقفي من صحفيي الدستور لما تحسن وضعهم المادي‏,‏ فقد عادوا إلي صحيفتهم وتم تعيينهم‏,‏ اما الذين زايدوا وتصوروا أن هذه معركة فتح القدس كادوا يضيعوا القضية ولو سمعت كلامهم لكان هؤلاء الصحفيون مشردين وما وجدوا قوت يومهم‏.‏
‏**‏ كيف تري مستقبل الصحافة الخاصة؟
‏*‏ فتحت أبواب الحرية واعادت المنافسة لهذه المهنة وبدونها سوف تلفظ المهنة أنفاسها‏,‏ وأعتقد أن المنافسة الآن واضحة وشديدة‏,‏ فالأهرام العريق ينافس بضراوة صحيفتين خاصتين‏(‏ المصري اليوم والشروق وأصبحت هذه النوعية من الصحف تخربش وعندها هدف رئيسي هو ان تتجاوز الأهرام في التوزيع والتأثير‏.‏
‏**‏ البعض يري أن وضع الصحافة في مصر يتراجع؟
‏*‏ علي العكس‏,‏ وضع الصحافة يتقدم بشكل ملحوظ وهناك كثير من الصحفيين الشباب غاية في الروعة والابداع‏,‏ ربما يكونون مستعجلين بعض الشئ غير أنهم جيدون عموما‏,‏ نعم هناك انتشار لبعض أمراض المهنة جاءت مع الثورة‏,‏ منها عدم تدقيق الخبر والاعتماد علي الشائعة وصياغتها كأنها خبر‏,‏ والبعض يطلق احكاما مطلقة ونهائية دون تحري الدقة والحقيقة‏,‏ وأنا اسميها أمراض زحام المهنة‏,‏ وعندما تستقر الاحوال سوف تربح الصحافة المصرية‏,‏ ورغم عيوبها هي الآن أكثر صحافات العالم العربي حرية وانطلاقة وأشدها قسوة في النقد وهي صحافة تحفظ الاختلاف وتعلي من منهج الرأي والرأي الآخر وهي ايضا ولادة فكل يوم يلمع فيه صحفيون جدد هم مكسب لصحافة أكثر حيوية واشراقة من صحافة عبد الناصر والسادات ومبارك‏.‏
‏**‏ لكن البعض يخشي من سيطرة رجال الأعمال علي الإعلام في مصر؟
‏*‏ اقبال رجال الأعمال علي امتلاك صحف وفضائيات مفهوم‏,‏ لأن الاعلام هو صانع الرأي العام‏,‏ ومن حقهم دخول هذا المجال‏,‏ علي اعتبار أنهم شركاء في التنمية‏,‏ والمشكلة ان بعض رجال الأعمال يريدون السيطرة علي أشياء كثيرة‏,‏ والمشكلة الأخري أن لديهم نزوعا إلي معاقبة الصحافة علي دورها في فضح عدد من رجال الأعمال‏,‏ وأتمني ان يرتقي رجال الأعمال بمواقفهم تجاه الصحافة لأن وجود صحافة حرة مستقلة في صالحهم‏,‏ وأنا أحذر من سيطرة رأس المال علي الصحافة‏,‏ وتقديري أن مايظهر علي السطح من علامات فوضي سوف ينضبط مع المنافسة‏,‏ لأن السوق والعرض والطلب كفيل بأن يصلح نفسه بنفسه‏.‏
‏**‏ بماذا تفسر تزايد اقبال الفضائيات علي الصحفيين كمقدمي برامج ومحللين؟
‏*‏ هذا مفيد ويؤكد أن الصحفيين المصريين علي درجة عالية من المهارة والحرفية‏,‏ حيث لديهم أفق واسعة من المعلومات والمعرفة‏.‏
‏**‏ الا تخشي من تأثير الفضائيات والصحافة الالكترونية علي الورقية؟
‏*‏ سوف تظل الصحافة الورقية مؤثرة في العالم العربي ومحافظة علي وجودها لسنوات طويلة قادمة‏,‏ ولها رونقها واحترامها وقدرها وقداستها‏,‏ وهذا لا يقلل من الدور الكبير الذي تلعبه الفضائيات والدور الواعد للصحافة الالكترونية‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.