تتعرض السلطة الفلسطينية مجددًا لسلسلة من الضغوط الخارجية وخاصة من جانب إسرائيل والولايات المتحدة حيث لم يرق للدولة العبرية الإنجازات التى يحققها الرئيس محمود عباس "أبومازن" والتى كان أبرزها التوجه للأمم المتحدة لنيل الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 وأيضا مسعاه الحالى للحصول على عضوية كاملة فى منظمة اليونسكو، حيث يثار جدل حاليًا حول حل السلطة الفلسطينية. ولم تكتف إسرائيل بمسابقتها للزمن لإفشال كل المساعى الرامية إلى قيام دولة فلسطين، بل اتجهت إلى أبعد من ذلك حيث هدد وزير خارجيتها أفيجدور ليبرمان باغتيال أبومازن ووصفه بأنه "معيق لعملية السلام"، فيما تواصل تل أبيب الاستيطان وترفض التعاطى مع الرباعية الدولية وتتحدى قرارات الشرعية الدولية. فالدولة العبرية لا تريد للسلطة الفلسطينية أن تقوى وتنافسها على كل الأصعدة الدولية بل تريدها ضعيفة هشة، تسير وفق أهوائها وتكون خاضعة لها، وجاءت تحركات أبومازن الدولية والمتواصلة منذ سنوات بما لا تشتهى إسرائيل، وهو ما جعلها تحاول بكل السبل لكسره حيث سعت لإبرام صفقة التبادل فى وقت باتت تتصاعد فيه شعبيته على المستوى المحلى والعالمى. كما تحاول إسرائيل أن تحدث انقسامًا داخل أبناء الشعب الفلسطينى تارة بصفقة التبادل وتارة أخرى بالإعلان عبر وسائل إعلامها أن أبومازن عرض على أعضاء اللجنة المركزية لفتح وثورى الحركة موضوع حل السلطة، إلا أن المسئولين الفلسطينيين خرجوا ونفوا هذه الشائعات. وتعقيبًا على مساعى إسرائيل بإضعاف السلطة الفلسطينية، حذر دوف فايسجلاس، المفاوض الإسرائيلى السابق، من أن هذا الإضعاف سيؤثر بشكل سلبى على أمن إسرائيل، داعيًا نتنياهو لتقديم التنازلات للرئيس أبومازن مثل إطلاق سراح أسرى كبادرة حسن نية، وانتقد فايسجلاس سياسة إسرائيل الحالية تجاه السلطة، قائلا إن هذه الحكومة تنتهج سياسة غبية وخطيرة لإضعاف السلطة المعتدلة التى تحاول الحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية فى الأممالمتحدة. وعلى الرغم من الانتقادات الداخلية التى تواجهها السلطة الوطنية منذ انتفاضة الأقصى فى سبتمبر 2000 نتيجة فشلها فى توفير الحماية للشعب الفلسطينى من الممارسات القمعية الإسرائيلية والتى تصاعدت حدتها عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 إلا أن العديد من المحللين يستبعدون حلها فى الوقت الراهن. فمن جهته، قال المحلل والكاتب الفلسطينى باسم برهوم، لموفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط "استبعد حل السلطة لسبب بسيط وهو أنها بحد ذاتها هى إنجاز ومكسب وطنى ونواة للدولة القادمة، فحل السلطة يعد هدفًا إسرائيليًا من أجل تمرير سياستها التوسعية والإبقاء على الاحتلال، وقرار حل السلطة بيد منظمة التحرير لأنها صاحبة الصلاحية والمرجعية، وأنا لا أعتقد أنها تفكر فى ذلك الأمر". وأشار إلى أنه على الرغم من أن الحالة الفلسطينية تمر بمنعطفات خطيرة إلا أنه لا توجد أي جهة تسعى لحل السلطة، والمنطقة كلها تعيش حالة انتظار للمتغيرات الإقليمية والدولية والتى تجرى بشكل متسارع لترتيب الأوراق، ونحن أيضا يجب أن نرتب أوراقنا الداخلية على صعيد منظمة التحرير والوحدة وحركة فتح وتعزيز صمود الشعب الفلسطينى بأى ثمن كان". بدوره، قال المحلل السياسى الفلسطينى زكريا القاق (نائب رئيس جامعة القدس) إن قضية حل السلطة ترددت خلال ال20 عامًا الماضية ومنذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات حيث طالب المعارضة والمفكرون والأكاديميون بحلها..معتبرًا أن إعادة التهديدات بحلها يعتبر نوعًا من التهديد التكتيكى للفت الانتباه فقط. وأشار القاق إلى أن هناك فريقين أحدهما يرى أن السلطة باتت لا تجاوب طموحات الشعب الفلسطينى الوطنية كما أن وجودها أعفى الاحتلال من الكثير من المسئوليات أمام المجتمع الدولى إضافة إلى أن 20 عامًا من المفاوضات جرت دون جدوى، كما أنها لم تحل مشكلة اللاجئين والقدس والربط بين غزة والضفة، أما الفريق الثانى فيرى فى استمرارية السلطة ضرورة حياتية خاصة أن 1.5 مليون موظف يعتمدون على رواتب السلطة كما أن معظمهم يقترضون من البنوك وحلها سيؤدى لانهيار البنوك وحدوث حالة من الفوضى لا يمكن السيطرة عليها. ومن جانبه، أفاد الدكتور مخيمر أبوسعدة أستاذ العلوم السياسية فى جامعة الأزهر الفلسطينية بأن هناك مجموعة من المبررات التى تجعل القيادة الوطنية تعيد النظر فى مستقبل السلطة منها انسداد العملية السياسية واستمرار الاستيطان والتهديد الأمريكى بوقف المساعدات، وأضاف أن هناك ضغوطًا شعبية على الرئيس أبومازن بأن هذا الوضع غير مقبول، وهو أن تكون السلطة بدون سيادة وأن تواصل التنسيق الأمنى مع إسرائيل، مؤكدًا أن هذه المحددات والمبررات استدعت أن يكون هناك إعادة لتقييم أوضاع السلطة. واستبعد حل السلطة مرة واحدة، معربًا عن اعتقاده بأن هناك خطوات ستلجأ إليها القيادة الفلسطينية قبل الوصول إلى ذلك منها المقاطعة الاقتصادية الشاملة لإسرائيل، تحييد التنسيق الأمنى مع الدولة العبرية، الاستمرار فى المعركة الدبلوماسية فى الأممالمتحدة. ورأى أبوسعدة أنه فى حالة عدم تشكيل هذه الخطوات ضغطًا على إسرائيل لتغيير سياستها ومواصلتها للاستيطان فإن هذا سيجعل من الصعب على السلطة أن تستمر، مشيرًا إلى أن السلطة كانت محددة بفترة زمنية وهى من 1993 وحتى 1999 حسب اتفاقية أوسلو إلا أن إسرائيل حولتها إلى حالة أبدية فى الوقت الذى ينظر إليها الفلسطينيون بأنها مؤقتة ونواة للدولة القادمة. وتطرق للحديث عن أن السلطة تعتبر مصلحة فلسطينية إسرائيلية أمريكية، قائلًا على الصعيد الفلسطينى هناك آلاف من الموظفين يستفيدون من المرتبات الحكومية كما أن هناك بعض الشخصيات الفلسطينية ارتبط وجودها بالسلطة، أما على الصعيد الإسرائيلى وفقًا لأبوسعدة فإن الدولة العبرية مستفيدة من وجود السلطة للتنسيق الأمنى ومنع الاعتداءات ضد المستوطنين..وتستفيد أمريكا من وجودها لأن ذلك يساعد على ضمان الاستقرار فى المنطقة وبالتالى الحفاظ على مصالحها.