حملت دراسة مصرفية حديثة السلطات النقدية في النظام السابق ممثلة في وزارة المالية والبنك المركزى مسئولية تحقيق ميزان دخل الاستثمار عجزًا قيمته 4.3 مليار دولار بنهاية مارس الماضى، بسبب تصرفاتهما الخاطئة التي ما زالت مستمرة حتى الآن. وقالت الدراسة، التي أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم، إن تلك التصرفات الخاطئة تضمنت السماح للاستثمارات الأجنبية قصيرة الأجل "الأموال الساخنة" بالاستثمار بأذون الخزانة التي وصلت لأقصى مستوياتها خلال سبتمبر 2010 بقيمة 64 مليار جنيه، موضحًة أن تلك الأرقام تم رصدها من السوق الأولية دون "الثانوية" في خطأ كبير يحول الدين المحلى الخارجى، ويؤثر على القرار السيادى لمصر، فضلاً عن تسببه بضغوط على الاحتياطيات الدولية لمصر من العملات الأجنبية وسعر صرف الجنيه المصرى. ولفتت إلى أن تلك التصرفات تضمنت أيضًا السماح للبنوك المصرية بإصدار سندات دولارية للاقتراض من السوق الخارجية وبعوائد غاية بالارتفاع، بخلاف إصدار الحكومة أيضا لسندات تم بيعها بالسوق الخارجية وبعوائد مرتفعة، مما شكل ضغطا على ميزان دخل الاستثمار وزاد وسيزيد من عجزه. وأشارت إلى زيادة إيداعات البنوك المصرية لدى نظيراتها بالخارج خلال شهور ديسمبر ويناير وفبراير ومارس بقيمة بلغت 5.5 مليار جنيه، ونظراً لانخفاض أسعار الفائدة بالخارج يعتبر ذلك عبئًا على معدل العوائد المتحصلة بميزان متحصلات دخل الاستثمار. وأوضحت الدراسة أن تلك التصرفات الخاطئة تسببت فى أن يصبح إجمالى مدفوعات ميزان دخل الاستثمار حتى نهاية الربع الثالث من العام المالى الحالى 4.6 مليار دولار، كما جعلت ميزان دخل الاستثمار يشكل عجزاً بقيمة 4.3 مليار دولار وبزيادة عن العجز المحقق خلال ذات الفترة من العام المالى السابق، بمقدار ملياري دولار، مما أدى لتحقيق ميزان المدفوعات المصرى لأضخم عجز فى تاريخ الاقتصاد المصرى. وبينت الدراسة أن عجز ميزان دخل الاستثمار موجود قبل ثورة 25 يناير، حيث بلغ بنهاية ديسمبر 2011 نحو 2.8 مليار دولار، مقابل 1.3 مليار دولار فى نهاية الشهر ذاته من 2010 الماضي، برغم تحقيقه فائضاً قبل عامين، ففى العام المالى 2006/2007 حقق فائضًا بلغ 1.2 مليار دولار وفي 2007/2008 سجل 1.4 مليار دولار، ونتيجة للأزمة المالية العالمية وتأثيرها السلبى على الفوائد المحصلة من استثمار فوائضنا المالية بالخارج، تراجع الفائض خلال عام ما بعد الأزمة 2008/2009 ليبلغ 154 مليون دولار، ليتحول بعدها الفائض لعجز بقيمة 4.3 مليار دولار خلال 2009/2010. ولفتت الدراسة إلى أن الميزان ظل على عجزه خلال العام المالى الحالى، حيث بلغت متحصلات دخل الاستثمار التى تتضمن عوائد الاستثمارات بالخارج سواء كانت مباشرة أو استثمارات بأوراق مالية أو على الودائع البنوك الخارجية حتى نهاية مارس الماضى ما قدره 296.4 مليون دولار، مقابل 4612.4 مليون دولار بنهاية الشهر ذاته من العام السابق. وأوضحت أن مدفوعات دخل الاستثمار تتمثل أهم بنودها بالفوائد المدفوعة على القروض والتسهيلات الخارجية وودائع غير المقيمين بجانب عوائد الاستثمارات الأجنبية المباشرة والاستثمارات بالأوراق المالية المحولة للخارج، مضيفًة أنه برغم الانخفاض المتتالى بصافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ بداية الأزمة العالمية وحتى الآن، فإن العجز الكبير قد تسببت فيه السلطات النقدية سواء كانت وزارة المالية أو البنك المركزى بتصرفاتهما سالفة الذكر.