ليس سرا أن السبب الأساسي لاشتعال الأزمة بين مصر وليبيا ملفان رئيسيان يتعلقان ببقايا نظام القذافي الموجود في مصر بأجسادهم وأموالهم واستثماراتهم, ثم باتهام رسمي ليبي بايواء القاهرة ثورة مضادة عبر بث احدي الفضائيات من النايل سات.. وفيما نجحت زيارة رئيس الوزراء الليبي علي زيدان للقاهرة الي حد كبير في حسم العديد من الملفات والمشكلات المعلقة وعلي رأسها الوعود التي قدمها المسئول الليبي باتخاذ الاجراءات نحو تسهيل دخول شاحنات البضائع المصرية بقيت قضية الكنيسة المصرية في ليبيا هي الأزمة أو المشكلة الملتهبة جراء ما شهدته من تطورات وتداعيات. وتشير المعلومات التي حصل عليها الاقتصادي عن اشتعال بركان غضب الليبيين حيال ما اعتبروه نشاط تبشيري للكنيسة المصرية في أراضيهم سبق لهم أن شكوا منه وطالبوا بتدخل الدولة والحكومة لوضع حد له. وكان وزير الخارجية محمد كامل عمرو قد أجري سلسلة اتصالات مع نظيره الليبي أثمرت عن حل مشكلة المحتجزين من أبناء الكنيسة فيما أدانت الخارجية الليبية ما تعرضت له من اعتداءات ووعدت مصر بموافاتها بنتائج التحقيقات التي جرت بشأنها, وفقا لطلب القاهرة. وعلي صعيد زيارة رئيس الوزراء الليبي للقاهرة التي تمت خلال الأيام القليلة الماضية ووفقا لنائب مساعد وزير الخارجية لشئون ليبيا والمغرب العربي السفير د. يوسف الشرقاوي فقد أثمرت هذه الزيارة وما شهدته من مباحثات عن اتفاق علي عقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري في القاهرة. كما أبلغ المسئول الليبي القاهرة ترحيب بلاده باقتراح لوزارة الخارجية المصرية يقضي باقامة منطقة تجارة حرة علي الحدود بهدف تنمية هذه المنطقة والنهوض بها علي الجانبين, وتوفير فرص عمل لأبنائها بعد أن عانت من التهميش والبطالة والفقر علي مدي العقود الماضية من جانب نظامي حكم مبارك والقذافي. وفي شأن القضايا الخلافية التي ربما كانت وراء تفجير هذه الأزمة سواء ما يتعلق ببقايا نظام القذافي واستثماراتهم, وكذا قضية البث الفضائي الذي تعتبره الحكومة الليبية أو النظام الجديد القائم بها معارضة للثورة أو ثورة مضادة تنطلق من الأراضي المصرية قال السفير الشرقاوي إنه فيما يتعلق بالقضية الأولي' بقايا نظام القذافي' فانه تم حسمها تماما خلال زيارة رئيس المجلس الوطني الليبي محمد المقريف للقاهرة والاتفاق علي أن يتولي النائبان العامان في مصر وليبيا هذه القضية, وفقا للقواعد القانونية التي تحكم هذه المسألة وقد وافق الليبيون علي ذلك. وفي شأن ما أثير عن البث الفضائي المعارض للثورة الليبية قال السفير د. يوسف الشرقاوي إننا أبلغناهم باستحالة أن تسمح مصر بمثل هذا النشاط من أراضيها, وأن القناة التي يدعي علي مصر أنها تصدر من أراضيها من الممكن أن يكون ترددها اقترب من التردد المصري, وهي في كل الأحوال لا تصدر عن القمر المصري' نايل سات', وقد اقتنعوا بذلك أيضا. ويكشف السفير الشرقاوي عن أن المرحلة المقبلة ستشهد تحركا نوعيا علي جميع المستويات الرسمية والشعبية لمعالجة كل أوجه القصور التي وقعت خلال الفترة الماضية. ومن بين هذه الخطوات والاجراءات يكشف عن اقتراح تقدم به الي الجانب الليبي لانشاء منطقة تجارة حرة علي جانبي الحدود يقول إنها ستسهم في تنمية هذه المناطق وتوفير فرص عمل لساكنيها بعد أن ظلت مهمشة طوال العقود الماضية من جانب نظامي الحكم هنا وهناك. ويقول السفير د. يوسف الشرقاوي إن اتصالات تجري أيضا لعقد اللجنة العليا المشتركة التي يترأسها رئيسا الوزراء بالبلدين قريبا, ويشير في هذا الصدد أيضا الي تشكيل وفد شعبي يضم أعضاء من مجلس الشوري والمجتمع المدني برئاسة وكيل المجلس ورئيس كتلة الأغلبية به علي فتح الباب سوف يقوم بزيارة الي ليبيا في اطار ما يعرف بالدبلوماسية الشعبية للتواصل مع الأشقاء بها وفتح حوار من شأنه تعزيز وتعميق العلاقات باعتبارها ذات الخصوصية بالنظر الي التداخل الديموجرافي بين الشعبين عبر عقود طويلة.. وقال إن الجانب الليبي رحب بفكرة اقامة منطقة تجارة حرة علي الحدود ووعد بدراستها والرد علي الاقتراح المصري في أقرب وقت ممكن, كما أن مصر من جانبها مهتمة بالاستثمارات في ليبيا, ولديها شركات تعمل هناك لم تتعرض هي أو أي من أفراد الجالية' التي تقدر بمليون ونصف مليون' لأي مضايقات برغم ما جري في شأن موضوع تأشيرة الدخول وملابساتها. ونوه بأن الجانب الليبي طرح فكرة انشاء قنصلية في السلوم لتسهيل منح تأشيرات الدخول للمصريين, غير أنه لفت الي أن هذا الاقتراح مازال محلا للدراسة من جانب القاهرة ولم ترد عليه بعد.. ويشدد نائب مساعد وزير الخارجية علي أن جميع المصريين العاملين في ليبيا يلقون معاملة طيبة, ولا توجد أي اجراءات جماعية ممنهجة ضدهم بالترحيل أو التعقب, وأن أي مشكلات تكون في الغالب فردية ومن ثم لا يتعين التهوين او التهويل من هذه القضية. ويؤكد السفير د. يوسف الشرقاوي أنه من المقرر أن تعقد اللجنة العليا اجتماعها خلال شهر مارس الجاري أو في النصف الأول من شهر إبريل برئاسة رئيسي وزراء البلدين, علما بأن هذه اللجنة لم تعقد منذ عام2009. وقال إنه تم الاتفاق أيضا خلال المباحثات مع رئيس الوزراء الليبي د. علي زيدان علي عقد اللجان القطاعية القنصلية والأمنية, لبحث جميع الموضوعات التي تتعلق بتنقلات الأفراد وموضوع التأشيرة بدرجة أساسية مشيرا الي أن مصر بدورها فرضت تأشيرة دخول علي الليبيين من قبيل مبدأ المعاملة بالمثل, وبرغم ذلك فانهم يلقون معاملة طيبة ولا يتعرضون لأي مضايقات. وكشف السفير الشرقاوي عن ترتيبات قال إنها تجري لزيارة وفد من كبريات الشركات المصرية في مجال التشييد والبناء الي ليبيا لبحث المساهمة في تنفيذ مشروعات هناك وفقا لطلب الجانب الليبي, لافتا الي أن من بين هذه الشركات المقاولين العرب والسويدي وغيرها. ولفت الي أن اقتراح الجانب الليبي اقامة قنصلية في السلوم محل دراسة من جانبنا نافيا وجود أي تحفظات عليه, كما أن اقتراح مصر بانشاء منطقة اقتصادية لتنمية مناطق جانبي الحدود لاقي ترحيبا من الطرف الآخر ووعد بالرد عليه وموافاة مصر بمقترحات من شأنها أن تسهم في تعزيز هذه الفكرة*