أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025    وزير العمل يلتقي السفير السعودي في القاهرة لتعزيز آليات تنقل الأيدي العاملة    مقتل جندي إسرائيل في هجوم جنوب غزة    ترامب يصل كوريا الجنوبية    عاجل- لجنة دولية توثق 16 ألف دليل على جرائم إسرائيل في غزة    موعد مباراة الأهلي وبتروجيت والقنوات الناقلة بث مباشر    الأهلي و3 محترفين.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    عاجل- فئات مسموح لها زيارة المتحف المصري الكبير مجانا بعد الافتتاح الرسمي    المركزي للمحاسبات: الإرادة السياسية والرقابة المؤسسية والإعلام ركائز النزاهة الوطنية    «الإنتوساي» يؤكد على تطوير الأدوات الرقابية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي    مكافحة التطرف والإرهاب    إدراج شوارع بطنطا ضمن خطة توصيل المرافق استجابة لطلبات النائب حازم الجندى    عاجل- الوزراء: بدء التوقيت الشتوي في مصر الجمعة الأخيرة من شهر أكتوبر    ارتفاع معدل التضخم في أستراليا بأكثر من التوقعات    اليوم.. الأهلى يتحدى بتروجت من أجل "صدارة" الدوري    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    حالة المرور اليوم، كثافات متقطعة على المحاور والميادين بالقاهرة والجيزة    طقس اليوم في مصر.. أجواء خريفية وحرارة معتدلة نهارًا على أغلب الأنحاء    بسبب ماس كهربائي.. حريق هائل داخل مصنع سجاد بالمحلة    وزيرة التنمية المحلية تعتمد حركة المحليات بالمحافظات.. تعيين ونقل164 قيادة    عاجل- 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة يشاركون في افتتاح المتحف المصري الكبير    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    ننشر الأخبار المتوقعة ليوم الأربعاء 29 أكتوبر    18 قتيلا فى غرق مركب مهاجرين قبالة ليبيا    والد ضحايا جريمة الهرم: زوجتى على خلق والحقيقة ستظهر قريبا.. صور    «خطأ عفوي.. والمشكلة اتحلت».. مرتجي يكشف كواليس أزمة وقفة عمال الأهلي    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 29 كتوبر    حقيقة وجود تذاكر لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 29-10-2025 بعد الانخفاض الأخير    مصابة بالتهاب الكبد وكورونا، طوارئ صحية بولاية أمريكية بعد هروب قرود مختبرات (فيديو)    خلاف أطفال يتحول إلى كارثة.. سيدتان تشعلان النار في منزل بعزبة الثلثمائة بالفيوم    طائرات مسيرة أوكرانية تستهدف مستودع وقود في منطقة أوليانوفسك الروسية    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    جواهر تعود بحلم جديد.. تعاون فني لافت مع إيهاب عبد اللطيف في "فارس أحلامي" يكشف ملامح مرحلة مختلفة    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    أحمد عيد عبدالملك: الأهلي يمتلك 3 فرق جاهزة للمنافسة وزيزو مستواه متراجع    أوكرانيا و"الناتو" يبحثان مبادرة التعاون في مجال الأسلحة    «زي النهارده».. العدوان الثلاثي على مصر 29 أكتوبر 1956    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    شروط وظائف المدارس المصرية الألمانية 2026-2027 وأماكنها.. قدّم الآن    بين الألم والأمل.. رحلة المذيعات مع السرطان.. ربى حبشى تودّع المشاهدين لتبدأ معركتها مع المرض.. أسماء مصطفى رحلت وبقى الأثر.. لينا شاكر وهدى شديد واجهتا الألم بالصبر.. وشجاعة سارة سيدنر ألهمت الجميع    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    منتخب الناشئين يهزم المغرب ويواجه إسبانيا في نصف نهائي مونديال اليد    ضبط أطنان من اللحوم المفرومة مجهولة المصدر بالخانكة    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    الدوري الإيطالي، ميلان يسقط في فخ التعادل 1-1 أمام مضيفه أتالانتا (صور)    نائب الرئيس الأمريكي: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة صامد وسيستمر    شمس البارودى: الليل موحش ويدخل الحزن بدون حبيبى حسن يوسف    "كتاب مصر" يناقش ديوان "مش كل أحلام البنات وردي" للشاعرة ياسمين خيري    تزيد حدة الألم.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى التهاب المفاصل    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    الحظ المالي والمهني في صفك.. حظ برج القوس اليوم 29 أكتوبر    بمكونات منزلية.. طرق فعالة للتخلص من الروائح الكريهة في الحمام    لمسة كلب أعادت لها الحياة.. معجزة إيقاظ امرأة من غيبوبة بعد 3 سكتات قلبية    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أداء السلطة بين عصرين‮
نشر في الأهرام الاقتصادي يوم 15 - 05 - 2016

الذين عاشوا ما‮ ‬يقرب من عقدين أو أكثر خلال العصر الملكى ثم واصلوا الحياة خلال العصر الجمهورى تعلموا أن‮ ‬يحمدوا الله على نعمة الحياة والعصر الملكى حتى لو كانوا خلاله من المعارضين أو الرافضين‮. ‬وإذا ما بدأنا بمستوى التعليم فى ذلك العصر فإننا نؤكد أنه كان ممتازا بكل المقاييس،‮ ‬وعصريا،‮ ‬أما المدارس فلا‮ ‬يمكن أن نحلم بوجود مثلها لا الآن ولا بعد عقود،‮ ‬وأعنى المدارس الحكومية.
فمدرسة الزقازيق الابتدائية الأميرية التى بدأت الدراسة بها بعد مرحلة رياض الأطفال لم‮ ‬يكن من الممكن الالتحاق بها إلا بعد امتحان قبول‮ ‬يتضمن الإملاء والحساب‮ (‬جمع وطرح وقسمة وضرب‮) ‬أى أن التلميذ الذى‮ ‬يرغب فى الالتحاق بمثل هذه المدرسة الحكومية عليه أن‮ ‬ينجح فى هذا الامتحان أولا‮. ‬
‬وببساطة‮ ‬يمكن القول إن بعض خريجى الجامعات الآن لا‮ ‬يجيدون أولا‮ ‬يمكنهم النجاح فى امتحان للإملاء،‮ ‬هذه المدر سة كانت تضم قسما للداخلية،‮ ‬استضاف تلاميذ من اليمن والسعودية والسودان زاملونا طوال سنوات دراستنا‮. ‬
‬وكان اليوم الدراسى‮ ‬يبدأ فى الساعة الثامنة صباحا ويستمر حتى الخامسة مساء،‮ ‬وخلال فسحة الساعة العاشرة صباحا نتناول جميعا وجبة إفطار مكونة من‮ «‬سندوتشين‮» ‬وفاكهة،‮ ‬أما فى الفسحة التى تبدأ بعد الحصة الخامسة،‮ ‬فالكل‮ ‬يتناول وجبة ساخنة فى مطعم المدرسة الأنيق تتكون من خضار ولحم وأرز وفاكهة وسلطة‮. ‬
وفى البداية نتعلم على أيدى المدرسين كيفية استخدام أدوات المائدة‮. ‬
وبجانب المبنى المكون من ثلاثة أدوار دورين للفصول ودور للقسم الداخلى‮ - ‬هناك المعامل ومنها معمل لفلاحة البساتين ومعمل آخر للكيمياء وصالة كبيرة للأشغال اليديوية من بينها صناعة السجاد الصوف والرسم على الخشب،‮ ‬أما الملاعب فتضم ملعبا لكرة القدم وآخر للسلة وثالثا للكرة الطائرة ورابعا لكرة الريشة وحديقة من عدة أفدنة لدراسة فلاحة البساتين وأنواع الزهور،‮ ‬ومسجد متوسط الحجم وبجواره كشك مخصص للكانتين‮. ‬وكان الحاج فريد مدرس الحساب المسئول عن الكانتين‮ ‬يختار مجموعة التلاميذ الذين‮ ‬يتحملون مسئولية إدارة الكانتين من الألف للياء‮. ‬
وكانت هناك أنشطة متنوعة لا بد أن‮ ‬يشارك فيها الجميع منها الرسم والخطابة والتمثيل والرياضة والقسم المخصوص‮ (‬رياضة‮) ‬والموسيقى‮. ‬
وكانت بالمدرسة حديقة متسعة لأنواع مختلفة من الطيور‮. ‬
أما مدرسة الزقازيق الثانونية التى انتقلت إليها بعد انتهاء الدراسة بالمرحلة الابتدائية فكانت تضم إستادا لكرة القدم لا مجرد ملعب وصالة جيمانزيوم وملعبا للجمباز وملعبا للهوكى وملعبين للتنس بجانب ملاعب لكرة السلة والطائرة وحماما للسباحة‮. ‬
وإذا ما تحدثنا عن المدرسين،‮ ‬فيجب أن أقل أن مثل هذا النوع قد اختفى تماما فهؤلاء الرجال قد كرسوا حياتهم لتعليم الأبناء التلاميذ‮ -‬وإذا ما لاحظ أحدهم أن مستوى البعض‮ ‬يحتاج إلى المزيد من العناية،‮ ‬فإنهم‮ ‬يقومون بالشرح لهم بعد انتهاء اليوم الدراسى مجانا ودون توقع أى مقابل‮. ‬ومثل هذه العناية كانت متاحة لكل من‮ ‬يحتاج إليها أو من‮ ‬يطلبها من أجل التفوق‮. ‬
وفى مجال النظافة،‮ ‬فقد فازت القاهرة بالمركز الأول بين عواصم أوروبا ودول البحر المتوسط عام‮ ‬1925 ‬وكانت الأكثر نظافة وأناقة‮. ‬
‮ ‬ولِمَ‮ ‬لا والعمل من أجل هذا الهدف‮ ‬يشمل الجميع؟‮! ‬فقد كانت البلدية تغسل شوارعها بالماء والصابون كل‮ ‬يوم ابتداء من منتصف الليل وحتى الخامسة صباحا،‮ ‬كما‮ ‬يتم رش شوارعها بالماء مرتين‮ ‬يوميا مرة فى الصباح والثانية عصرا‮. ‬
واختارت منظمة دولية حى مصر الجديدة كثانى أجمل الأحياء فى العالم عام‮ ‬1950 ‬بعد حى فى مدينة كييف‮. ‬
وإذا ما تحدثنا عن الاقتصاد فإننا نقول إن الجنيه المصرى كان عملة محترمة جدا و قوية،‮ ‬فخلال زيارة لألمانيا فى بداية النصف الثانى من خمسينيات القرن الماضى حصلت على‮ ‬12 ‬ماركا‮ ‬غربيا مقابل الجنيه‮. ‬
وكان الغطاء الذهبى للعملة المصرية عام 1952 - 61.5 ‬مليون جنيه،‮ ‬ويمثل‮ 33% ‬من النقد المتداول‮. ‬وكان حجم النقد المتداول‮ ‬185 ‬مليون جنيه‮ -‬ارتفع ليصبح عام‮ ‬1985 ‬سبعة آلاف مليون جنيه،‮ ‬ثم واصل القفز بعد ذلك بصورة متوالية‮. ‬أما الديون فى عام‮ 2591 فبلغت‮ ‬58‮ ‬مليونا والمبلغ‮ ‬كله دين داخلى،‮ ‬وفى عام‮ ‬5891 ‬وصل حجم الدين إلى‮ ‬31 ‬مليار دولار،‮ ‬ومنذ ذلك التاريخ ارتفع الرقم إلى فئات المليارات ديونا داخلية وخارجية‮.‬
وفى ذلك العصر الملكى،‮ ‬كانت إنجلترا مدينة لمصر بمبلغ‮ ‬500 ‬مليون جنيه إسترلينى‮. ‬
وتحولت مصر بعد ذلك من دولة دائنة إلى دولة مدينة تتفاقم ديونها عاما بعد عام‮. ‬
ولمن عاش جزءا من هذا العصر أو سمع عنه،‮ ‬فلا بد أنه علم أن مصر استعانت بقوة عاملة من اليونان وإيطاليا ومن معظم جزر البحر المتوسط،‮ ‬وقد تشكلت جاليات رائعة من هذه الجنسيات أسهمت فى زيادة الإنتاج وسدت نقصا فى مجالات كثيرة وفى تدريب عشرات الآلاف من الحرفيين‮.‬
والسؤال المحير‮: ‬كيف تمكنت السلطة قبل عام‮ ‬1952‮ ‬من تحقيق هذه الإنجازات؟
كيف وفرت فعليا تعليما متميزا؟ وفرصا للعمل للمواطنين ولغيرهم من الأجانب؟ وكيف حافظت على قوة الجنيه؟ وكيف وفرت المساكن لكل طالب سكنا؟ بل إن المعروض من المساكن الحالية كان أكثر من حجم الطلب‮.‬
وكيف أدارت الاقتصاد وحافظت على وتيرة نمو الناتج القومى بالرغم من حربين عالميتين وبدء الصراع العسكرى المصرى‮ - ‬الإسرائيلى عام‮ ‬1948؟‮!‬.
لقد كان الاقتصاد زراعيا وإن كانت هناك صناعة بدأت تشق طريقها خاصة فى مجال صناعة السكر والأسمنت وبعض الصناعات الغذائية وأثناء وبعد معركة‮ ‬1948 ‬اقتحم أحمد باشا عبود مجال الصناعة الحديثة وأنشأ مصنع سيرفا بعد أن تبينت مصر على ضوء المعركة أنها فى حاجة شديدة إلى مثل هذه الصناعات‮.‬
هذه المصانع بعد الاستيلاء عليها حملت اسم المصانع الحربية وكانت البداية لتطور وتوسع هذه الصناعة فيما بعد‮.‬
المهم أننا أبناء هذا الجيل الذى عاش جزءا من العهد الملكى كنا نفكر ونستخدم المنطق كما علمنا أساتذتنا فنستنتج أن المستقبل سيكون أفضل من الحاضر مثلما كان حاضرنا الذى عشناه أفضل من الماضى الذى عاشه جيل الآباء‮.‬
ولما عشنا عقود العصر الجمهورى كانت حسرتنا واسعة النطاق وعميقة كالأخاديد؛ فالتعليم مثلا بدأ فى الانهيار الذى لم‮ ‬يتوقف أبدا‮.‬
المهم أن الكل على علم بهذه الحقيقة ولكن أحدا لم‮ ‬يتحرك بجدية وفاعلية وشجاعة لوقف هذا الانهيار‮.‬
مئات بل الآلاف لا بل عشرات الآلاف من البيانات والتصريحات الصحفية عن خطط وبرامج التطوير ويتوقف الأمر عند هذا الحد‮.‬
وإذا مات تحدثنا عن النظافة فإن المقارنة‮ ‬يمكن أن تساعدنا جميعا على تبين حجم المشكلة فمن العاصمة الأنظف والأكثر أناقة مقارنة بالعواصم والمدن الأوروبية إلى واحدة من المدن التى تقبع فى القاع فيما‮ ‬يتعلق بمستوى النظافة‮.‬
ماذا جرى؟‮!‬.
ولماذا الاستمرار فى حالة العجز الحالية؟‮!‬.
وهل المشكلة أكبر من قدرة السلطة على الحل مثلها فى ذلك مثل محنة التعليم وأزمة الإسكان وقضية الجنيه المسكين،‮ ‬وقضايا المواصلات والمرور والرياضة والحفاظ على الحريات والمجتمع المدنى‮.‬
كيف نجحت السلطة حتى عام‮ ‬1952 ‬فى هذه المجالات التى أشرت إليها؟ وكيف لم تتمكن السلطة على امتداد أكثر من ستة عقود من التغلب على مشاكل التعليم والنظافة والإسكان والجنيه والمرور والمواصلات والرياضة والمجتمع المدنى والحريات‮.‬
والحديث عما عشناه خلال العصرين الملكى والجمهورى لم‮ ‬ينسنا أن مصر تعيش حاليا أو منذ‮ ‬يوليو‮ ‬2014 ‬عصرا من الإنجازات الكبرى‮ ‬غير المسبوقة فى مجالات الطاقة والزراعة والطرق وإنشاء وتنمية الموانى البحرية بالإضافة الى ازدواج الممر الملاحى لقناة السويس ومشاريع الاستزراع السمكى وجبل الجلالة وغيرها‮.‬
وتظل هذه المشاريع العملاقة أحد أهم الإنجازات التى عرفتها مصر،‮ ‬ولكن تظل المشاكل المزمنة مثل التعليم والنظافة وغيرها تبحث عن حل‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.