بعد مرور ثلاثة اسابيع على اطلاق آلية العطاءات اليومية للدولار يثور تساؤل مشروع وهو من حقق مكاسب من وراء ما حدث ومن خسر وما هو التقييم المبدئى لهذه الآلية الجديدة وما هى آثارها على الاقتصاد؟ السؤال يتداوله الآن مجتمع الاعمال بكثير من الغمز واللمز حول بعض شركات الصرافة الكبرى التى يملكها رجال اعمال حسبما يردد البعض تملك كميات كبيرة من الدولار وتحتفظ به وجمعته بأسعار منخفضة ثم استفادت بفارق الاسعار الكبير بعد اطلاق الآلية الجديدة وان ثمة معلومات تسربت الى بعض هذه الشركات حول اعتزام البنك المركزى الاقدام على خطوة من شأنها التحرير الجزئى لسعر الصرف. وبصرف النظر عما اذا كان ما يتردد فى السوق حقيقة ام نتاج تنافس تجارى فان السؤال يبقى مشروعا ومشرعا فى وجه الجميع لاسيما ان المواطن العادى بدأ يدفع ثمنا فوريا لارتفاع سعر صرف الدولار فى شكل موجة تضخم كاسحة بدأت تطول كل شىء تقريبا فى البلاد. على هذا الاساس يمكن القول ان جماعات المضاربين التى حركت ولاتزال السوق الموازية للدولار على مدى الاسابيع الماضية فقط فى مقدمة المستفيدين مما حدث ولم يمنع الفارق الكبير بين سعرى البيع والشراء من تنامى حركة المضاربات حتى اوصلت السعر الى مشارف الستة جنيهات وستين قرشا فى غضون ايام معدودة وهو السعر المرشح لمزيد من الارتفاع حسب خبراء الصرف فى الايام المقبلة بفضل طلب غير مبرر وكبير جدا على الدولار وبفضل ألاعيب المضاربين من ناحية ونتيجة توقف البنك المركزى مضطرا عن ضخ دولارات جديدة فى السوق. اما الحلقة الثانية من شبكة المستفيدين من ارتفاع سعر الدولار وحققت بالفعل مكاسب هائلة فى الايام الماضية فهم مجموعة قليلة للغاية من كبار المستوردين الذين كانوا قد استوردوا كميات هائلة من السلع قبل ارتفاع الدولار وتم تخزين هذه السلع بعد صدور القرارات الضريبية الاخيرة ثم تجميد هذه القرارات وبالتالى وجد هؤلاء فى تحرير سعر الصرف فرصتهم الكبرى لطرح بضائعهم المخزونة بالاسعار الجديدة ليحصدوا ارباحا فاحشة وغير مشروعة دون ان يحاسبهم احد فى ظل حالة الفوضى العارمة التى تجتاح السوق المصرية هذه الايام. اما ثالث المستفيدين مما حدث فهم اولئك المستثمرون من الاجانب فى البورصة المصرية الذين ارتفعت قيمة استثماراتهم فجأة دون ان يبذلوا جهودا اضافيا وهى زيادة دفترية فى قيمة الاصول التى يمتلكونها مقومة بالدولار وبالتالى اصبح العديد من الاصول المصرية الان فى حالة اغراء سعرى امام المستثمرين الاجانب نظرا لانخفاض قيمة الاصول المصرية المقومة بالجنيه امام الدولار ولاسيما العقارات والاراضى والشركات الخدمية وبالطبع الاسهم فى البورصة التى ربما تحظى بموجة هجوم جديدة من جانب المستثمرين الاجانب والصناديق الدولية فى الايام المقبلة انتهازا لفرصة انخفاض اسعارها. فى المقابل من خسر فى معركة الدولار؟ طابور الضحايا طويل للغاية بدءا من المواطن العادى الذى يكتوى بنار اسعار لا ترحم وانتهاء بالحكومة ذاتها حيث ارتفعت قيمة مديونيتها الخارجية مقومة بالجنيه وارتفعت فاتورة وارداتها على اعتبار أن الحكومة هى اكبر مستورد فى البلاد بفضل واردات القمح والمواد البترولية ومرورا بحلقات ضعيفة اخرى فى السوق من بينها بعض شركات القطاع الخاص التى تستورد المواد الخام التى تعتمد عليها فى عملها من الخارج. اذن الضحايا كثيرون ولكن الاخطر من ذلك هو الاقتصاد القومى الذى سيدفع الثمن غاليا لخطوة وان كانت ضرورية الا انها جاءت متأخرة للغاية وبالتالى فان تكلفتها فادحة. نعم الاقتصاد القومى سوف يتحمل الجزء الاكبر من فاتورة ارتفاع سعر الدولار وفى شكل موجة حادة من الركود التضخمى اى ارتفاع الاسعار وعدم قدرة الناس على الشراء فى ذات الوقت وهى موجة سوف تكون اثارها وخيمة على المدى البعيد الامر الذى يستلزم تحركا عاجلا لمواجهة هذه الموجة التى يمكن ان تدخل البلاد الى نفق عميق من التراجع الاقتصادى فى وقت نحن احوج ما نكون الى خطوة ايجابية ولو صغيرة الى الامام