ضمن سلسلة المشروعات القومية الكبرى التى يفتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسى التى تم إنجازها خلال السنوات الثلاث ونصف السنة الماضية، افتتح الرئيس مشروع حقل ظهر العملاق ببورسعيد الذى يعد أكبر كشف غاز طبيعى فى مصر ومنطقة البحر المتوسط، الحقل يمثل إنجازا فريدا من نوعه مقارنة بالاكتشافات المماثلة على مستوى العالم حيث استغرق 28 شهرا، بدلا من 6 إلى 8 سنوات، بالإضافة إلى ضخامة استثماراته التى تبلغ 12 مليار دولار على مدار عمر المشروع، إضافة إلى حجم الاحتياطات 30 تريليون قدم مكعب، الإسراع فى تنمية الحقل كان له أهداف مهمة ومردود اقتصادى كبير إذ يسهم فى تلبية احتياجات السوق المحلى من الغاز، وسد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج، إذ يوفر 60 مليون دولار شهريا مع إنتاج المرحلة الحالية التى تبلغ 350 مليون قدم مكعب يوميا، الذى سيصل إلى مليار قدم مكعب غاز يوميا قبل منتصف عام 2018، يرتفع إلى 1.7 مليار قدم مكعب غاز يوميا بنهاية العام وباستكمال مراحل تنمية المشروع يصل الإنتاج إلى 2.7 مليار قدم مكعب غاز يوميا بنهاية عام 2019، ويمثل 50٪ من إنتاج مصر من الغاز، ليصل إجمالى الوفر 3 مليارات دولار مع نهاية العام الحالى، مصر ستعود من جديد إلى نادى الدول المصدرة للغاز بعد اكتمال إنتاج حقل ظهر، وتطوير باقى الحقول الاخرى ومنها أتول. أهمية حقل ظهر، فى أنه نموذج للعمل يعكس القدرة على سرعة وكفاءة الإنجاز للمشروعات القومية، كما انه يأتى ضمن افتتاح عدد من المشروعات القومية الكبرى، التى تم إنجازها فى وقت قياسى، من أجل مواجهة المشكلات الاقتصادية، وتجاوز تداعياتها بسرعة، بعد إضاعة سنوات طوال فى التعامل الجاد معها، أدى إلى تأخر مصر كثيرا، وأثر فى وضعها ومكانتها، كما أثر على مستويات الدخول والمعيشة، مصر كانت تقف على المستوى نفسه فى مؤشرات التنمية مع كوريا الجنوبية، مستوى دخل الفرد فى كوريا تضاعف 20 مرة، ليتجاوز 25 ألف دولار سنويا، مقابل 400 دولار للمواطن بمصر. قطاع البترول بمصر واجه تحديات كبيرة عقب ثورة 25 يناير، وبالتحديد خلال الفترة من 2011 إلى 2013، كان لها تأثير سلبى على الأداء الاقتصادى، المهندس طارق الملا وزير البترول، اعتبر أن أهم تلك التحديات توقف عقد اتفاقيات بترولية جديدة، إلى جانب تراكم مستحقات الشركات الأجانب لتصل إلى 3.6 مليار دولار، انعكست تأثيراتها على تباطؤ الاستثمارات فى أنشطة البحث والاستكشاف وانخفاض إنتاج حقول البترول والغاز، ما أدى إلى زيادة الفجوة بين العرض والطلب المحليين على الغاز وانخفاض إمدادات الغاز الطبيعى للمصانع ما أثر سلبا فى إنتاجها، وهكذا دخلنا فى دائرة مفرغة من الأزمات والاختناقات فى سوق المنتجات البترولية، ما لم يذكره الوزير، وأكده الرئيس السيسى هو ارتفاع فاتورة استيراد المنتجات البترولية لتصل إلى 1.2 مليار دولار شهريا ليتآكل احتياطى النقد الاجنبى للبلاد خلال فترة وجيزة. قد لا نحتاج كثيرا إلى التذكير بالأوضاع الاقتصادية الصعبة – من تباطؤ وانكماش فى النمو إذ سجل متوسط 2% طوال 4 سنوات مقابل معدل نمو سكانى بلغ 2.4% ما انعكس سلبا فى ارتفاع معدل البطالة لتصل إلى 12.6% – قد لانحتاج إلى جهد كبير للتذكير بالطوابير الطويلة للسيارات أمام محطات البنزين والانتظار بالساعات خلال تلك الفترة، وأن الميزان البترولى لمصر تحول إلى السالب منذ عام 2011. استعادة الاستقرار السياسى والأمنى، بعد ثورة 30 يونيه وانتخاب الرئيس السيسى، وعزمه على المضى قدما فى تنفيذ سياسات إصلاح جذرى للمشكلات الاقتصادية المتراكمة، دون مواءمة سياسية، قرار الرئيس فور توليه المسئولية بإعادة مشروع الموازنة العامة لعام 2014/2015 إلى الحكومة ورفض إقرارها إلا بعد تقليص عجز الموازنة، هذه الرسالة كافية بانتهاج سياسات مختلفة تسعى لمعالجة المشكلات المتراكمة والمزمنة التى تعوق انطلاق الاقتصاد، دعم الطاقة تفاقم ليصل إلى نحو 145 مليار جنيه، لا تستفيد منه الفئات الفقيرة بسوى نحو 7% فقط فى حين يستحوذ أغنى 20% بالمجتمع على 43% وفقا لبيانات صندوق النقد الدولى، إعادة هيكلة هذا الدعم كان مشكلة مزمنة، تحتاج إلى قرار جرىء تعطل طويلا إلى أن جاء السيسى فقرر أن يتصدى له ولكل المشكلات الاقتصادية الأخرى. دوائر المال والاستثمار العالمية التقطت الرسالة، خفض مستحقات الشركاء الأجانب نقطة تحول من 6.3 مليار دولار إلى نحو 1.5 مليار دولار حاليا، أسفر عن عقد اتفاقيات بترولية جديدة بلغت 83 اتفاقية نتيجتها زيادة الإنتاج والاحتياطى من خلال تكثيف أنشطة البحث والاستكشاف ما أسهم فى تحقيق عدة اكتشافات أهمها كشف ظهر، كما أسفر عن الإسراع فى تنمية حقول الغاز المكتشفة الجديدة مثل شمال الإسكندرية وأتول ونورس. بين السطور لقد كانت رسالة الرئيس التى وجهها خلال افتتاح حقل ظهر، مهمة لكل مصرى حريص على بناء الدولة وتقدمها.. لقد أضعنا سنوات طوالا وأهدرنا فرصا كثيرة، ما أدى إلى تراكم المشكلات.. مسيرة البناء والتقدم انطلقت وليس فى مقدور أحد أن يرجع عجلة التقدم إلى الخلف.