متي تبدأ امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني 2025 بالمنيا؟    نمو مبيعات التجزئة في الصين بنسبة 5.1% خلال الشهر الماضي    مواعيد مباريات اليوم الإثنين والقنوات الناقلة.. ليفربول يصطدم ب برايتون    الأهلي يحدد موعد إعلان تنصيب ريفيرو مديراً فنياً للفريق    الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة    إسرائيل تواصل تصعيدها.. استشهاد 171 فلسطينيا في قطاع غزة    طقس اليوم: حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 32    الجرافات الإسرائيلية تهدم سور المستشفى الإندونيسي في قطاع غزة    سعر الدولار أمام الجنيه الإثنين 19-5-2025 في البنوك    المجلس الرئاسي في ليبيا يشكل لجنة هدنة بدعم أممي    تفاصيل حرائق مروعة اندلعت فى إسرائيل وسر توقف حركة القطارات    الأغنام والماعز.. أسعار الأضاحي 2025 في أسواق الشرقية (فيديو)    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 19-5-2025 مع بداية التعاملات    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    بعد فرز الأصوات.. رئيس بلدية بوخارست دان يفوز بانتخابات الرئاسة    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    اليوم.. الرئيس السيسي يلتقي نظيره اللبناني    شيرينجهام: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    بتهمة فعل فاضح، حجز حمادة عزو مشجع مالية كفر الزيات    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    الخارجية التركية: توسيع إسرائيل لهجماتها في غزة يظهر عدم رغبتها بالسلام الدائم    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم أعلى كوبري الفنجري    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    تقرير التنمية في مصر: توصيات بالاستثمار في التعليم والصحة وإعداد خارطة طريق لإصلاح الحوكمة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب السياسات المالية الصحيحة‮ ‬يعمق الركود الاقتصادى

منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية فى‮ ‬2008‮ ‬أخذت البنوك المركزية على عاتقها محاولات الاصلاح وانتشال الاقتصاد العالمى من كبوته باستخدام سياسات نقدية كان من أبرز أدواتها خفض أسعار الفائدة أو برامج التيسير الكمى التى شاع استخدامها فى الآونة الأخيرة فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى واليابان،‮ ‬إلا أن هذه السياسات المنفردة التى طبقتها البنوك المركزية بعيدا عن مشاركة الحكومات بسياسات مالية متناغمة من زيادة الانفاق العام أو الحد من الضرائب،‮ ‬تجمعهما رؤية اقتصادية متكاملة لتحقيق الازدهار الاقتصادى،‮ ‬لم تؤت أكلها بل بدأت بوادر تدعو للقلق على الاقتصاد العالمى فى الظهور فى الحقبة الماضية،‮ ‬كذلك لم‮ ‬يخلف عام‮ ‬2016‮ ‬هذه العادة بل جددتها الأسابيع القليلة المنقضية منه باقتدار شديد من تراكم للمديونيات التى تكبل الأسواق الناشئة،‮ ‬إلى نمو متباطئ،‮ ‬وانخفاض لقيم العملات المختلفة متزامنة مع ارتفاع معدلات التضخم،‮
‬وباتت الصين صاحبة ثانى أكبر اقتصاد على مستوى العالم مصدر إزعاج وقلق،‮ ‬فهى الدولة التى إذا ما ضعف نموها الاقتصادى سوف تضعف معها اقتصادات كثير من دول الأسواق الناشئة،‮ ‬بل‮ ‬يعد نشاطها ونموها فى المرحلة الراهنة ضربا من العمل البطولي،‮ وعلى الجانب الآخر هناك الولايات المتحدة الأمريكية بمؤشرات قوية للسوق العقارى وسوق للعمل‮ ‬ينبض بإضافة وظائف جديدة كل شهر،‮ ‬ومع ذلك تظهر علامات للركود هنا وهناك،‮ ‬فلقد توقف النمو الاقتصادى فى الربع الأول من عام‮ ‬2015،‮ ‬وانخفضت أرباح الشركات،‮ ‬كما وضع بنك الاحتياطى الفيدرالي‮ ‬والبنوك إجراءات مقيدة وصارمة لمنح الائتمان للشركات الكبيرة كما أظهرت المؤشرات الخاصة بالنشاط الصناعى وغير الصناعى انخفاضا فى‮ ‬يناير الماضى وللشهر الرابع على التوالي‮.‬
وتشير مجلة الإيكونومست إلى انعكاس القلق على أسواق المال حيث انخفضت مؤشرات الأسهم وخاصة أسهم‮ ‬البنوك التى فقدت‮ ‬16٪‮ ‬من قيمتها منذ بداية العام،‮ ‬فالاقتصاد الامريكى ليس بالقوة الكافية لتنشيط الاقتصاد العالمي،‮ ‬والمحاذير لا تتعلق بالمؤشرات السلبية فقط وإنما بالخيارات المتاحة أمام الساسة للتعامل مع الوضع المتهاوى،‮ ‬حيث تقترب معدلات الفائدة القصيرة الأجل من الصفر فى معظم الدول الغنية‮. ‬وفى الحقيقة فإن الأمل فى إضفاء بعض من الحيوية على الأسواق من خلال برامج التيسير الكمى‮ - ‬شراء البنك المركزى لسندات الحكومة‮- ‬محدود للغاية‮. ‬أما فيما‮ ‬يتعلق بمعدلات الفائدة على المدى الطويل فهى حقيقة منخفضة كما أن دورة أخرى من إجراءات التيسير الكمى لن تؤدى إلى حفز إجمالى الطلب على السلع والخدمات بصورة كبيرة‮. ‬بينما‮ ‬يرى المستثمرون أن سياسة التمويل عبر الحوافز المالية كالحد من الضرائب وزيادة الإنفاق العام قد تكون مناسبة للقضاء على الركود ولكنها قد ترفع من معدلات المديونية إلى آفاق‮ ‬يصعب السيطرة عليها هذه المرة خاصة أن الدين العام ارتفع فى أمريكا من‮ ‬64٪‮ ‬من إجمالى الناتج المحلى فى عام‮ ‬2008‮ ‬إلى نحو‮ ‬104٪‮ ‬عام‮ ‬2015،‮ ‬وفى منطقة اليورو ارتفع من‮ ‬66٪‮ ‬إلى‮ ‬93٪،‮ ‬أما فى اليابان فقد قفز أخيرا‮ ‬إلى‮ ‬237٪‮ ‬من نحو‮ ‬176٪‮ ‬وهى كلها معدلات مرتفعة جدا‮.‬
والحق أن سياسة التيسير الكمى التى ضخت الأموال بقوة فى هذه الاقتصادات،‮ ‬بهدف زيادة التضخم‮ ‬وزيادة حجم ميزانياتها،‮ ‬قد تسببت‮ ‬فى رفع نسبة الأصول‮ - ‬السندات‮ - ‬إلى إجمالى الناتج المحلى فقط‮ ‬لدى بنك اليابان ليسجل‮ ‬77٪،‮ ‬بينما سجل التضخم أقل من‮ ‬2٪‮ ‬وهو الهدف المحدد من قبل البنك‮. ‬ومن ناحية أخرى فإن انخفاض معدلات البطالة إلى معدلات ما قبل الأزمة لم‮ ‬يؤد إلى نمو إنتاجية هؤلاء إلا بشكل طفيف للغاية مما‮ ‬يحد من إمكانية زيادة الأجور والرواتب وبالتالى تنخفض الحصيلة الضريبية التى‮ ‬يمكن أن تسهم فى تمويل مديونيات الحكومات‮.‬
ومن المرجح أن نعزو هذا التدهور للأدوات‮ ‬غير المجربة التى استعانت بها البنوك المركزية للتعامل مع الركود السابق‮. ‬ويعلق محمد العريان أحد اشهر الاقتصاديين فى العالم،‮ ‬فى كتابه المعنون ب”اللعبة الوحيدة فى المدينة‮” ‬بأن هذا الدور للبنوك المركزية قد أملى عليهم بسبب عدم تفاعل الحكومات‮ ‬على الوجه الصحيح مع الازمة الاقتصادية ولذلك بات لزاما على البنوك المركزية شراء الوقت حتى‮ ‬يتناغم النظام السياسى فى منظومة واحدة تواجه التحديات،‮ ‬وهذا لم‮ ‬يحدث،‮ ‬فالحكومات لم تضع سياسات اقتصادية تتكامل مع القدر النزير من برامج التيسير النقدى حتى تظهر النتائج‮. ‬وهى سياسات كانت تتطلب من الحكومة قرارات قد تفضل التهرب منها مثل إعادة الهيكلة الاقتصادية وإزالة الامتيازات الراسخة أو زيادة الانفاق لسد العجز‮.‬
ويمكن أن تنقسم قائمة الاصلاح الاقتصادى إلى قسمين رئيسيين‮: ‬الأول هو أن تقوم البنوك المركزية بالتعامل مباشرة مع معدلات التضخم والنمو‮ ‬أى إحداث صدمة لاقتصاداتها من خلال ضخ الأموال‮. ‬الثانى هو إجراءات مالية مرنة وإصلاحات هيكلية تتكامل مع هذه المحفزات على المدى القصير وتحافظ على‮ ‬نتائجها الإيجابية على المدى البعيد وتعمل على استدامة التعافي،‮ ‬وجميع هذه الإجراءات‮ ‬يجب أن تتكامل مع جهود مماثلة فى الدول الأخرى‮.‬
- الإيجابيات والسلبيات للسياسات النقدية
ولنبدأ بالسياسات النقدية،‮ ‬ففى الأزمة‮ ‬يستطيع بنك الاحتياطى الفيدرالى شراء الأوراق التجارية التى تصدرها البنوك والشركات أو الأسهم العقارية،‮ ‬كما أن البنوك تستطيع شراء قائمة أخرى من الأصول بما فى ذلك سندات العائد المرتفع أو الأسهم أو حتى المبانى كحل أخير فى حالة انهيار الأسواق المالية‮.‬
والمعروف أكاديميا أن هذه المشتريات سوف تولد معدلات التضخم التى تحتاجها البنوك المركزية بسبب طباعة البنك المركزى للنقد الذى تمول منه المشتريات،‮ ‬وبسبب عملية الشراء التى تسبب ندرة المعروض وارتفاع سعره،‮ ‬أما الوجه الآخر للعملية برمتها،‮ ‬كما أشارت تجارب التيسير الكمي،‮ ‬فهو أنها تؤدى إلى تشوه الأسعار واضطراب أسواق العملة،‮ ‬ورفع أسعار الأسهم وإغراق الأسواق الناشئة بالأموال الرخيصة وإثارة دوامات من الديون التى تضر باقتصادات‮ ‬الدول الغنية‮.‬
وفيما‮ ‬يتعلق بالسياسات النقدية التى تم تبنيها فى أوروبا،‮ ‬فإن تحديد البنك المركزى لمعدلات فائدة منخفضة على الإيداعات التى تعمل بمثابة الحد الأدنى لمعدلات الفائدة عموما فى أسواق المال،‮ ‬أدى إلى انخفاض معدلات فائدة الاقتراض،‮ ‬حتى إنه فى ألمانيا تحولت عائدات السندات الحكومية حتى‮ ‬8‮ ‬سنوات إلى النطاق السلبي‮.‬
وعلى الرغم من تبنى البنوك المركزية سياسة خفض أسعار الفائدة فإن هذه السياسة لم تحفز الإنفاق أو حتى الاقتراض،‮ ‬حيث تميز حجم الائتمان بالضعف،‮ ‬مما اضطر البنوك المركزية التعامل مباشرة مع هذه المعضلة،‮ ‬فعلى سبيل المثال اشترط بنك انجلترا على البنوك منح قطاع الشركات والقطاع العائلى مزيدا من القروض حتى تستطيع القطاعات الحصول على تمويل أرخص وذلك بموجب برنامج الإقراض الذى وضعه البنك المركزى فى عام‮ ‬2012،‮ ‬كذلك تعاملت البنوك المركزية الأوروبية من هذا المنطلق فى محاولة لحث البنوك على مزيد من الإقراض،‮ ‬ولكن جميع هذه المحاولات لم تلق الإقبال أو ربما النجاح الكافي‮.‬
أما فى اليابان فقد تعمل السياسات النقدية‮ ‬غير التقليدية بطريقة أفضل،‮ ‬حيث فرض بنك اليابان فى الشهر الماضى رسوما تصل إلى‮ ‬0.‬1٪‮ ‬على جزء من الاحتياطى الذى تودعه البنوك التجارية لديه،‮ ‬وبالقطع لم تظهر النتائج المترتبة على هذا القرار إلى الآن‮.‬
وهناك بديل آخر وهو شطب أو إلغاء جزء من السندات السيادية التى تشتريها البنوك المركزية،‮ ‬ظاهريا بغرض الحد من الدين العام ولكن هذا الإجراء له جانب سلبى مثل فكرة الأموال الملقاة على رءوس المواطنين بواسطة طائرة هليكوبتر حيث إنها تؤدى من الناحية التقنية إلى إفلاس البنك المركزى حيث‮ ‬يزداد جانب الالتزامات على جانب الأصول‮ (‬السندات‮)‬،‮ ‬وإن كان هذا الأمر لا‮ ‬يدعو للقلق ذلك لأن البنوك المركزية مدعمة من قبل الخزانة العامة للدولة أو وزارة المالية،‮ ‬ويكون القلق الأكبر بسبب عدم معرفتنا بالنتائج المترتبة على مثل هذا الأجراء،‮ ‬فقد ترتبك أسواق السندات بسبب ضغوط تضخمية ترفع معها العوائد إلى عنان السماء،‮ ‬أو على العكس التضحية بكل هذا حيث تبدأ البنوك المركزية فى طباعة سندات جديدة لامتصاص الأموال الزائدة فى السوق‮.‬
- زيادة الرواتب والتضخم
وفيما‮ ‬يتعلق بالدول التى تعانى انكماشا،‮ ‬فمن الضرورى أن تكون الحلول أكثر حسما،‮ ‬ويقترح كل من أوليفير بلانشارد وأدم بوزن فى معهد بيترسون للاقتصاد الدولى أن بلدا مثل اليابان سوف‮ ‬يستفيد من سياسة خاصة بالأجور حيث تفرض الدولة زيادة الرواتب بنحو‮ ‬يتراوح بين‮ ‬5‮ ‬إلى‮ ‬10٪‮ ‬مما‮ ‬يدفع الأسعار إلى الارتفاع التى تؤثر بدورها على زيادة الأجور وبذلك تنتهى حالة الركود،‮ ‬ولكن مثل هذه الفكرة تواجه نقدا حادا حيث قد‮ ‬يوافق بنك اليابان على زيادة معدل التضخم مما‮ ‬يؤدى إلى اعتراض مالكى السندات،‮ ‬ولكن وكما‮ ‬يشير الباحثان فإن سنوات الانكماش العديدة التى ضربت الاقتصاد اليابانى قد أغنت وأثرت أصحاب السندات على حساب دافعى الضرائب ولذلك فإن عملية تبادل المواقع لن تضر كثيرا،‮ ‬بينما تكمن المشكلة الحقيقية فى الاقتصادات المفتوحة مثل الولايات المتحدة الأمريكية التى تواجه فيها الشركات منافسة شرسة من خارج البلاد أيضا ويستطيع مالكو السندات البحث عن أسواق أخرى‮ ‬يستثمرون أموالهم فيها‮.‬
ومن الجدير بالذكر أن هناك مؤيدين ومعارضين لفكرة تحديد الأجور والرواتب التى تم تبنيها فى سبعينيات القرن الماضى بهدف الحد من التضخم،‮ ‬حيث‮ ‬يؤكد المعارضون تحايل أصحاب الأعمال والمديرين على هذه السياسات والالتفاف حولها،‮ ‬أما المؤيدون لهذه السياسات فيؤكدون أن زيادة الرواتب تعنى فى المقام الأول زيادة المصروفات والتكلفة التى ستمررها الشركات للمستهلك فى صورة زيادة سعر المنتج النهائى مما‮ ‬يرفع نسبة التضخم فى نهاية الأمر‮. ‬
- زيادة الانفاق العام وخفض الضرائب
إن البديل عن تعاون الخزانة والبنوك المركزية أو تحديد الحكومات لزيادة الأجور‮ ‬يتلخص فى الجانب الآخر من القائمة أى التعامل مباشرة مع انخفاض الطلب بسياسة مالية واضحة المعالم،‮ ‬حيث تعد سياسة زيادة الإنفاق العام أو الحد من الضرائب هى السياسة الأكثر فاعلية وإن كان لها عواقب على المستويين السياسى والاقتصادى،‮ ‬فالسياسة المالية مختلفة بطبيعتها عن السياسة النقدية،‮ ‬ففى الأوقات العادية‮ ‬يمكن رفع أو خفض معدل الفائدة بما‮ ‬يوافق مراحل صعود وهبوط دورة التجارة،‮ ‬والسياسة الضرائبية أقل مرونة ولكنها‮ ‬يمكن أن تستجيب بإدخال بعض التعديلات والتغييرات أو عكسها إذا تطلب الأمر،‮ ‬ولكن خطط الانفاق الحكومى على البنية التحتية على سبيل المثال تختلف بعض الشيء من حيث رءوس الأموال المطلوبة والتخطيط وعملية التنفيذ والمتابعة بما تحتاجه من وقت وجهد وارادة سياسية مما‮ ‬يجعلها‮ ‬غير مرنة،‮ ‬ونفس الشيء‮ ‬يمكننا قوله على الأجور والمعاشات التى لا‮ ‬يمكن التراجع عن زيادتها حالما تم البدء فى هذه العملية،‮ ‬بمعنى آخر لا‮ ‬يمكن تخفيض الرواتب مرة أخرى بعد زيادتها‮. ‬
وبناء على ما تقدم،‮ ‬فإن تخفيض الضرائب هو الأداة الأفضل لحفز الطلب سريعا،‮ ‬ويمكن تصميم هذه التخفيضات والتسهيلات الضريبية للفئات الأقل دخلا التى تكون أكثر رغبة فى الاستفادة منها،‮ ‬وعموما فإن الضرائب‮ ‬يجب ألا تؤثر على قرارات الشراء والإنتاج والخيار الأفضل هو الاعتماد على مؤشرات السوق،‮ ‬ولكن فى وقت الركود‮ ‬يتم تعليق هذا التفضيل حيث إن الركود‮ ‬يؤثر على قرارات الشراء الاختيارية،‮ ‬ولذلك فإن التخفيضات الضرائبية المؤقتة على السلع المعمرة مثل السيارات وأجهزة المطبخ والتلفزيون وما شابهه‮ ‬يكون مجديا،‮ ‬وهو حل أفضل كثيرا من إجراء تخفيضات صغيرة على سائر السلع‮.‬
كذلك‮ ‬يمكن تصميم النظام الضريبى لحفز الاقتصاد وبناء على ذلك فإن النظام الضريبى الأمثل لا بد أن‮ ‬يكون بسيطا وتصاعديا‮ ‬يتحمل فيه الأغنياء العبء الأكبر،‮ ‬كذلك‮ ‬يجب ألا تؤثر الضرائب على اختيارات تتعلق بكمية العمل أو ما‮ ‬يجب أن‮ ‬يتم انتاجه واستهلاكه‮. ‬وعموما فإن الاقتراب من هذه المبادئ عند تصميم النظام الضريبى‮ ‬يحفز النمو الاقتصادى وميزانيات الحكومة على المدى الطويل‮.‬
وهناك طرق مفيدة لزيادة الإنفاق العام والجارى فى أوقات الركود الاقتصادى مثلما حدث فى الدانمارك واستراليا التى تدير أنظمة وبرامج تمولها الدولة لإعادة تأهيل من فقدوا وظائفهم وأعمالهم،‮ ‬والحق أن أوروبا وبعد نزوح الالاف من اللاجئين إليها خاصة فى سوريا لفى أشد الحاجة إلى مثل هذه البرامج‮.‬
ومع ذلك‮ ‬يظل الانفاق العام على البنية التحتية من أهم الأدوات المالية وأكثرها فعالية لحفز الاقتصاد والتأثير على إجمالى الناتج المحلى على نحو‮ ‬يختلف عن أداة خفض الضرائب على الواردات،‮ ‬وعلى الرغم من فوائد الانفاق على البنية التحتية التى تحفز انشطة اقتصادية اخرى بجوارها،‮ ‬فإن مقدرة الحكومة على استخدام هذه الأداة خاصة فى أوقات الركود تكون محدودة بل إن الحكومات عادة ما تلجأ فى مثل هذه الأزمات إلى الحد من الإنفاق العام وتوفير النفقات والمصروفات واجراءات تقشف أكثر حدة من تلك التى‮ ‬يتم عادة الإعلان عنها‮.‬
وعلى الجانب الآخر هناك أمثلة لزيادة الانفاق العام على البنية التحتية مثلما حدث فى الصين وآلاسكا عند انشاء العديد من الطرق السريعة وغير المطروقة التى‮ ‬يستخدمها عدد قليل من أفراد الشعب حيث تميل بعض الحكومات إلى اختيار مشاريع ذات فورة وبريق سياسى ولكن بدون احتياج حقيقى ولعل هذا المنطق‮ ‬يبرر حقبا من الإنفاق العام فى اليابان الذى لم‮ ‬يفلح فى حفز اقتصادها‮.‬
وفى النهاية فإن الاختيار الأدق لمجموعة السياسات المالية والنقدية تختلف من دولة إلى دولة تبعا للأزمة أو المشكلة الاقتصادية التى تواجهها،‮ ‬فالدولة التى تعانى من الركود وانخفاض الانتاج والأسعار تحتاج إلى رد فعل‮ ‬يختلف عن تلك الدولة التى تعانى من صدمة اقتصادية كالصين،‮ ‬ويكون من الحكمة العمل على إدماج قدر من برامج التيسير النقدى مع إصلاح النظام الضريبى وإنفاق الأموال العامة على تحسين البنية التحتية مما‮ ‬يشجع القطاع الخاص ويطمئنه‮ ‬على الطلب على منتجاته فى المستقبل القريب والبعيد‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.