قبل إبداء الرأى فى مشروع البنوك الجديد هناك عدة نقاط لابد من الإشارة إليها: 1- إن مشروع القانون المعروض للنقاش ما هو إلا مسودة أولى سوف تعقبها مسودات أخرى منقحة بعد عرضها للنقاش المستفيض على جهات عديدة ذات صلة واختصاص، من أبرزها اتحاد البنوك المصرية وخبراء المال والاقتصاد الممارسون والأكاديميون. 2- إن المسودة النهائية لمشروع القانون سوف يتم عرضها على مجلس الدولة لصياغة مواد القانون صياغة قانونية مع ضمان عدم وجود عوار بها. 3- إن المسودة النهائية لمشروع القانون تعرض على أعضاء البرلمان فى إطار ممارسته مهامه التشريعية لمناقشة مواده مناقشة مستفيضة سواء من قبل أعضاء اللجنة الاقتصادية أو فى إطار جلساته العلنية لكى يعرض كل عضو فى البرلمان رأيه مهما كانت توجهاته. 4- أما الزعم بأن طارق عامر المحافظ الحالى للبنك المركزى قام بتكريس سلطاته وبتشديد قبضته على الجهاز المصرفى، وأن هناك نية مبيتة لتصفية حسابات قديمة مع عدد من رموز ورؤساء مجالس إدارة البنوك المصرية، فهذا الزعم من الصعب قبوله فى ضوء أن فترة تولى طارق عامر منصبه كمحافظ للبنك المركزى مقيدة بفترتين لن تزيد بأى حال من الأحوال على 8 سنوات، كما أنه رغم الحصانة التى يتمتع بها فإنه ليس بعيدا عن استبعاده من منصبه حال إخلاله بواجباته وتعريض أمن مصر الاقتصادى للخطر. 5- إن سن قانون جديد للبنك المركزى والبنوك والنقد يأتى فى إطار إصلاح البنية التشريعية فى ظل برنامج مصر الوطنى للإصلاح الاقتصادى وليس إملاءات من قبل صندوق النقد الدولى. لقد أصبح سن قانون جديد للمصارف ضرورة ملحة خاصة بعد مرور نحو 15 عاما على سريان القانون الحالى 88 لسنة 2003، فترة حرجة حدثت خلالها تطورات مالية عميقة كان أهمها حدوث الأزمة المالية العالمية بنهاية 2008 التى مازال الاقتصاد العالمى يرزح تحت تبعاتها السلبية. بعد الإشارة لما جاء بعاليه، فإنه يمكن أن نبرز أهم ملامح ما جاءت به المسودة الأولى لمشروع القانون للتعرف على ما هو جديد فى مواده بخصوص تعزيز استقلالية البنك المركزى وتناغم سياساته مع سياسات الحكومة وضمان تحقيق الاستقرار المالى والاقتصادى. يضم القانون 170 مادة موزعة على ستة أبواب، جاءت أهم التعديلات التى أثارت جدلا كثيرا من قبل المختصين فى البابين الأول “البنك المركزى” والثانى “نطاق الرقابة والإشراف على البنوك والشركات والجهات المخاطرة بالقانون” التى ضمت 139مادة. وفيما يلى أهم ملامح المسودة الأولى لمشروع القانون: أولا- تعزيز استقلالية البنك المركزى بإيجاد علاقة مباشرة مع تبعيته لرئيس الجمهورية، حيث تنص ديباجة صدر مشروع القانون على أن يصدر رئيس الجمهورية اللائحة التنفيذية بناء على اقتراح مجلس إدارة البنك المركزى فى غضون سنة على خلاف القانون الحالى رقم 88 لسنة 2003 الذى يتطلب أن يعرضها رئيس مجلس الوزراء على رئيس الجمهورية بناء على اقتراح مجلس إدارة البنك المركزى وفى غضون 6 أشهر، أما المدة الزمنية الأطول لإصدار اللائحة التنفيذية فهى تتفق مع الفترة الانتقالية لتوفيق الأوضاع المقررة بمشروع هذا القانون. ثانيا- كذلك تعزز المادتان 1، 3، استقلاله وقدرات البنك المركزى باعتباره شخصا اعتباريا ذا طبيعة خاصة يتبع رئيس الجمهورية، لكن الجديد فى المادة يتعلق بالنص على أنه يتمتع بالاستقلال الفنى والمالى والإدارى دون تدخل من أى جهة، كما يجب أخذ رأيه فى القوانين ذات الصلة بعمله. زيادة الحد الأدنى لرأسماله من 8 مليارات جنيه إلى 14 مليار جنيه فى ضوء ما طرأ من انخفاض فى قيمة الجنيه بعد تحرير سعر صرفه منذ 3 نوفمبر 2017. كما أنه تحوط أمام حدوث أى انخفاض فى رأسماله عن الحد الأدنى بتغطية هذا النقص من وزارة المالية خلال شهر. ثالثا- ضرورة إزالة اللبس الموجود فى المادتين 6 و13 حيث تنص المادة 6 على أن يكون للمحافظ نائب أو أكثر (فى القانون الحالى اثنان) بينما فى المادة 13 تنص على أن اجتماع مجلس المركزى لا يكون صحيحا إلا بحضور أغلبية أعضائه على أن يكون من بينهم المحافظ أو اثنان من نوابه. - - فى العدد القادم نناقش التعديلات وأهدافها ومقارنتها بقوانين البنوك فى الدول الأخرى.